المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ان لـم يـنـزل الـســوق فـهـو إذن ســيـطلـع



الجبل
15-01-2006, Sun 7:12 PM
لي صديق عرف بنباهته ، وحبه للفكاهة ، وميله الى المرح والضحك أكثر من الجدية والالتزام المطلق .

ان ضاقت بي الساعات ، وجدتُني ودونما تخطيط أو تفكير ، مقبلا اليه أفرغ في صدره الرحب هموم نهاري الطويل ، ورواسب ساعاتي الصعبة .

حمل لي منذ فترة قولا نقله عن الالمانية ، فيه طرافة وفيه صدق وحقيقة .

قال :" في البورصة يا أخي كل شيء يمكن ان يكون ممكنا

وكل شيء يمكن ان يكون مستحيلا "ثم أضاف :

" أكتب هذا القول على موقعكم لعله يحمل إفادة لقرائك " .

شكرته وكتبته .

بالامس زرت صديقي المرح ، فإذا هو يحمل لي قولا جديدا اقتطعه
من مجلة ألمانية وصمم ان يهديه إلي ليكسب بذلك شرف المشاركة
في تحرير موقعنا .

أعجبني الخبر كل الاعجاب ، ولكنني عبت على صديقي تفسيره
السطحي للمعنى العميق الذي احتواه القول فهو مدفوعا
بمزاجه الهزلي المرح لم ير فيه الا نكتة لا يسع المرء الا ان يبتسم
أو يقهقه لسماعها .

ترجم صديقي الخبر بقوله : "البورصة هي سهلة الفهم ، قليلة التعقيد
بحيث أن ظاهرتها توجز بكلمتين اثنتين .

إذا لم تتجه نزولا فلا بد أن تتجه صعودا ".

أخذت الورقة من يد صاحبي وقرأت ما ورد فيها ، فإذا ما يلي :

Junge , die Boerse ist so einfach , wenn sie runter nicht mehr geht , dann geht sie rauf .

هي وصية كان يرددها بورصي قديم على مسامع تلامذته .

قرأت الخبر فتكشّف لي للتو، أنّ صديقي الذي أحب وأقدر قد أساء الفهم
هذه المرة ، فلا بد لي من تصحيح ما أورده .

في القول الوارد بالالمانية عبرة عميقة ، ووصية ذكية ، وإشارة فطينة
من رجل صارعته الايام وصارعها ، وهو لا يزال بها إلى أن صرعها .

في القول ، أيها الأخوة الأكارم ، كلّ ما يجب أن يتعلمه كلّ من شاء
ولوج هذا الباب السحري الفسيح .

في القول حكمة عارف ، وخبرة متمرس ، وخلاصة تجربة
واختصار سنوات كرّ وفرّ ، بين أسعار ترتفع وأخرى تنخفض .

في القول يا إخواني ذكاء المعلم المجرب المحنك ذكاء تولته الأيام بعنايتها ،وتولاه السوق بقسوته فاذا به يستحيل حدسا واذا الحدس
لا ينفك يتطور ويتشكل الى أن استقر غريزة علمية مبسّطة مختصرة
بهذه الكلمات القليلات .

إستغرب صديقي مواجهتي له هذه المرة ، واستنبأ عنها :

كيف تقرأ الخبر انت ؟

قلت : أقرأه في ما رمى اليه ، لا في ما قاله .

قال : وإلامَ رمى ؟ أفصح بربك .

قلت : ان توقفت البورصة عن التراجع فلا بد لها ان تعاود الارتفاع .

قال : أترى فرقا في المعنى ؟

قلت : الفرق واسع والشرخ شاسع ، بين ما رأيتَ وما رأيتُ .

رأيتَ نكتة ، ورأيتُ عبرة .

رأيتَ ما يدعو الى الضحك ، ورأيتُ ما يدعو الى التأمل والبحث
والاستنتاج المفيد .

ان توقفت البورصة عن التراجع ، انما عنى بها صاحبنا الالماني :

ان لم تعد قادرة على التراجع .

حقا ان الطريق المتجهة جنوبا بحسب تعبير أهل البورصة لهي سهلة السلوك
غير متعبة ، ولكننا نعرف لحظات تسأم فيها البورصة التراجع ، بحيث أنها تعاود النظر الى الاعالي ، ويعنّ لها من جديد ان تعاود تسلّق المنحدرات التي سبق لها وتدحرجت عليها .

هناك لحظات يلحظها البورصي العتيق ، اذ يرقب عين البورصة بعينه الثاقبة ، فاذا هي تخطو الخطوة نزولا ، ثم تلتفت الى الوراء لتتحسر
على ما كانت فيه من عزّ وجاه ، هناك في الاعالي على رؤوس القمم .

فيدرك بما علمته اياه الايام ان البورصة تحضر لهجوم مضاد متسلحة بكل ما جمعته من مشاعر تلجّ بها صدور المتعاملين فيعدّ هو أيضا العدة ويساند البورصة في كرّها ، بعد ان رافقها في فرّها ، وها هو يربح مرتين .

اجل يا صاحبي .ان قائل هذا القول ، انما اختصر بكلمات عصارة سنوات وسنوات من الخبرة والتعلّم ، فلا تستخفّنّ أبدا في ما قال .

وما يقال عن البورصة عندما تحنّ الى معاودة تسلّق القمم
انما يقال عنها ايضا عندما ينهكها تسللّق التلال فاذا بعينها تحنّ
الى مروج الوديان الخضراء واذا بها ترقب السهل من الاعالي وتقول في نفسها :

ها أنا أمضيت الصيف على جبال لبنان ، فلنعد الآن الى المشتى ،
هربا من لسعة كانون .

ويسمع البورصي العتيق همسها باذنه الحساسة المرهفة ، فيستوقفها ، ويستعطفها ، أن احمليني معك أيتها الأمّ الحنون .

وإذا هي معجبة بذكائه ، مقدرة لفطنته ، مكبرة لدقة ملاحظته ، مثمّنة لسرعة انتباهه ، اذا هي ، تحنّ عليه دون سائر الخلق ، فتومئ له أن يرافقها ، ويا لها من ساعة ، ويا لها من إيماءة !

أجل يا صاحبي .إحتوى هذا القول سرّ الأسرار، وخلاصة الأخبار فلا تستهيننّ به ، إذ في فهمك له مخزون هائل ، لا بدّ أن يؤهلك لما أنت ساع إليه ومقدم عليه .


منقول من احد المنتديات وكنت احتفظ به ونسيت من الكاتب او المنتدى المنقول منه

الجبل
15-01-2006, Sun 11:41 PM
الظاهر ان الاخوان لا يطلعون على مثل هذه المواضيع

الولهان
15-01-2006, Sun 11:58 PM
اخي الجبل ان ماخاب ظني هذا موضوع قديم ل ابو عمر..