سيف الخيال
12-11-2002, Tue 10:18 PM
الامير سلطان بن سلمان يحول "السياحة" الى "نفط":
بدأنا سنوات "العناية المركزة".. والسياحة املنا القادم
20 مليار ريال تنتظر المملكة عام 2020, هذه المليارات السنوية لن تكون نتاج حقول او صناعة نفطية, وانما مردود ثروة سياحية كبيرة تقود قاطرة الاقتصاد السعودي في النظام الدولي السياحي الذي بدأ يتشكل في الافق.
وحتى لا نفاجأ بهذا النظام الذي ستكون له الكلمة العليا في الاقتصاد العالمي وتدوير رأس المال. تأتي المبادرة الوطنية التي يتبناها صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان امين عام الهيئة العليا للسياحة بالتعامل مع السياحة السعودية من منظور (نفطي) يدر على البلاد المليارات. وذلك عبر استراتيجية مدروسة تشارك فيها وزارات عدة, هدفها استقطاب رؤوس الاموال المهاجرة واستيعاب 45 مليون سائح. وخلق فرص توظيف الملايين من الشباب السعودي.. هذه الاهداف وغيرها كانت محور الحديث الهام الذي اجراه التلفزيون السعودي مع سمو الامير سلطان بن سلمان واجاب فيه عن التساؤلات الآتية:
السياحة ليست ترفاً
* الى اي مدى سموكم متفائل حيال العائد المادي وفرص التوظيف المترتبة على الاستثمار السياحي المتنامي بالمملكة?
** السياحة اليوم ليست قضية ترف, او اختيار, وحتى مسمى (سياحي) قد لا ينطبق على ما تقوم به المملكة من بناء قطاع اقتصادي جديد, وصناعة جديدة على غرار الصناعات البترولية والصناعات التحويلية والكيميائية والزراعية وغيرها من الصناعات الكبيرة. والسياحة قطاع كبير وقائم وان كان مشتتاً في كل مكان وصلاحياته تمتد الى كل انسان ومؤسسة, هو قطاع متفرق وغير مركز من ناحية تنميته المستقبلية.
مع ذلك انا متفائل ان شاء الله من المردود المادي والاجتماعي للاستثمار في هذا القطاع, ومبعث تفاؤلي ينطلق اولا من رعاية الدولة ودعمها للتطوير السياحي, وثانياً من الاجراءات التي اتخذت لتأكيد هذه الدعاية. حيث صدر نظام تأسيس الهيئة العليا للسياحة, ومن ضمن ما صدر في النظام ان جعل قطاعات السياحة قطاعات اقتصادية منتجه.
يستطرد سمو الامير قائلا: عندما تشرفت بامانة الهيئة اولى الخطوات التي بدأنا فيها هي ان ننظر ونخطط للمستقبل. واليوم اقرأ من الجريدة ان ولي العهد يقول وبالخط العريض.. يجب ان نخطط للتنمية الاقتصادية تخطيطاً دقيقا.. وامتد الاهتمام بهذه التقنية الى مجلس الشورى ووسائل الاعلام التي تتحدث عن التخطيط طويل الاجل.
قبل فترة - والحديث ممتد لسمو الامير - شاركت في المؤتمر الاقتصادي للمملكة عام 2020م, وسمعت عن اهمية النظر للمستقبل, وان وقت التخطيط السريع والقرارات غير المدروسة لاجل ارضاء الجمهور من المؤسسات الحكومية وغيرها قد (ولى) الناس الآن اصبحوا لا يتحركون الا من خلال خطة محكمة وتخطيط شامل, خاصة في مجال السياحة التي تعد صناعة قديمة هامة جدا, هذا الى جانب كونها صناعة ثقافية, وصناعة بنية تحتية.
السياحة (النفطية)
* ما هي ملامح هذه الصناعة الجديدة?
** السياحة اليوم تعتبر اكبر قطاع مالي في العالم, ونحن نسميها من القطاعات النفطية, وهي اكبر موظفة للايدي العاملة في العالم, وما احوجنا اليوم في المملكة لايجاد خصوصية فيها.
فوق كل هذا السياحة تعد من اهم الصادرات والمملكة العربية السعودية تصدر ثلاثة اشياء اساسية: النفط, ورؤوس الاموال, والسياح.
ونحن نريد ان نصدر النفط, ولا نريد ان نصدر رؤوس الاموال والسياح.
الخطة الوطنية تم اعدادها خلال عامين, واتخذت كافة الاجراءات من اجل اشراك المواطن في هذا البناء.
ويكفي للدلالة على جدية هذه الخطة انها استعرضت ما يقرب من 500 دراسة في المرحلة الاولى فقط انتهت الى ان السياحة من اهم الصناعات في العالم, والتي بامكانها ان تستقطب رأس المال ونظراً لان هذه الصناعة تحتاج الى بنية تحتية تقدر بنحو 50 الف غرفة فندقية جديدة في المملكة.
فضلا عن الحاجة لتوفير 75 الف شقة مفروشة لاستيعاب الطلب على السياحة في المملكة, يصبح من الاهمية الاشارة الى ضرورة استقطاب رأس المال, وبخاصة رأس المال الوطني المستثمر خارج المملكة.
يلخص سمو الامير كلامه في هذه الجزئية الهامة, بأن تنمية السياحة في المملكة مجدية اقتصادياً, والتفاؤل هنا لا يأتي من فراغ, فالاستراتيجية التي عرضت في مجلس ادارة الهيئة العليا للسياحة خلال اجتماعه الاخير بمدينة جدة, وبوجود صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز واصحاب المعالي الوزراء واعضاء المجلس تؤكد ذلك. ويكفي ان نقرأ المؤشرات التي تتحدث عن 45 مليون سائح متوقع من خارج وداخل المملكة.
السائح السعودي
* ما هو موقع السائح السعودي من هذه الصناعة?
** هناك شركات ودول تستهدف السائح السعودي, وتدخل ميزانياتها عشرات الملايين من الدولارات خلال اشهر الصيف فقط بجذبها للسائح والمستهلك السعودي الذي يعد من اهم خمسة سياح في العالم, والذي يعتقد ان السياحة قاصرة على مجرد الاتفاق في مشاريع ذات صلة مباشرة بالنشاط, فهو (مخطئ).
اليوم فرنسا تعد اكبر بلد سياحي في العالم حيث يأتيها 70 مليون سائح كل عام. والعبرة هنا كيف تسوق للسياحة. في فرنسا تشارك مؤسسة (البيت الفرنسي) الدولة في عملية التسويق. وهذه المؤسسة تشمل ما لا يقل عن 300 مؤسسة تجارية كبرى من منتجي العطور والخبز والازياء.
من هنا يمكن القول ان هناك دولا قائمة على السياحة ودول تتأثر بالسياحة من خلال انخفاض معدلات التدفق لاسباب ارهابية وغيرها.
اتخاذ القرار
* ما هو الشيء الملموس ياسمو الامير?
** ليت احد يأتي عندنا في الهيئة ليرى وتيرة العمل بنفسه, فعندما تأسست الهيئة لم يكن هناك مؤسسة حكومية. كان الوضع صعباً جدا في بداية التأسيس, واتذكر انه في السنة الاولى قابلت من 300 الى 400 شخص لتدريبهم, واليوم تحولت الهيئة الى مؤسسة الكترونية تضم مجموعة متخصصة وحاصلة على تدريبات دقيقة, وكان هناك قرار حكيم تم رفعه لرئيس مجلس الادارة, وهو اننا يجب ان نمر على المرحلة الاساسية, وهي دورة ستة اشهر حتى اعرف - كأمين عام - ما هي امكانيات المملكة ووضعها السياحي, وطبيعة المعوقات المختلفة وسبل تذليلها. ومجلس ادارة الهيئة العليا للسياحة يعتبر شراكة بأثنى عشر وزيراً, اضافة الى الامين العام وممثلي القطاع الخاص. ايضا المجلس الاستشاري للهيئة يضم 20 شخصاً من مختلف القطاعات, وتعودنا ان نشركهم في عملية اتخاذ القرار بشفافية عالية جدا. وكل قرار تم اتخاذه يمرر على جميع المستفيدين.
قضايا متداخلة تأتي الى الهيئة السياحية فنجد وكأنها مجمع وزارات من جميع الاختصاصات. كيف تجعل هذه الاختصاصات تتداخل في مسار يؤدي الى نتيجة واضحة وايجابية? نحن قمنا بكل المفاوضات مع الوزارات المختلفة فيما يتعلق بالصلاحيات والتداخلات, وما يتعلق بهيكلة السياحة الوطنية, واستفدنا من تجربة 40 دولة. استفدنا من تجارب الدول الفاشلة والناجحة. قمنا بالشغل الصعب في البداية والان هي عملية ضغط الزر.
يضيف سمو الامير قائلا: انا كطيار تعلمت سواء في الطيران المدني او في القوات الجوية, لا تجد طيار اليوم تقول له بسرعة اركب الطيارة واذهب, بل تقول له اين يذهب, والطيارة هل سليمة ام لا? وهل فيها بنزين ام لا?
كان لي لقاء مع سمو سيدي ولي العهد الكريم بتوجيه من سمو سيدي (سلطان) وعرض علي سمو ولي العهد في بداية الهيئة وقال ما هو توجهكم? اعتقد ان اللقاء كان يوم جمعة, فجلست وكان عندي الكمبيوتر الصغير, وكان اللقاء مقرراً بربع ساعة ولكنه استمر اكثر من ساعة ونصف, عرضت خلالها محاور الاستراتيجية, وكان يناقش كل كبيرة وصغيرة, ومهتما بقضية خصخصة الوظيفة, واستقطاب الاستثمارات. اتذكر انه قال لي كلمة وهي نفس الكلمة التي سمعتها من سمو سيدي الامير سلطان بن عبدالعزيز قال: يابني لا تستعجلوا هذه القضية شائكة وضخمة جدا, ومحور اقتصادي هام. خذوا وقتا وادرسوا الامور بدقة وعندما تصدر قرارات نستطيع كلنا ان نؤيدها. وهذا التوجيه هو في الواقع توجيه حكيم جدا يرسم سياسة المملكة لما يجب في المستقبل.
مكانة المملكة
* اين نصنف انفسنا بين الدول السياحية.. وهل يؤهلنا هذا التصنيف للانضمام الى منظمة السياحة العالمية?
** اولاً: انضمام المملكة للسياحة العالمية كان بطلب من المنظمة, وكان وزير الاردن السابق من اكثر الاصدقاء والمهتمين جدا بدور المملكة وانضمامها للمنظمة العالمية بسبب ثقل المملكة السياسي والديني. وكان للمملكة دور في ان اصبحت اللغة العربية لغة رسمية بالمنظمة العالمية. ثم ان المملكة استضافت قبل شهر مؤتمر وزراء السياحة في الدول الاسلامية, ولم يكن ذلك بطلب من المملكة. وصدرت عنه قرارات مهمة جدا, وتوجد برامج شراكة بين الدول لتنفيذها في العام القادم والعام الذي يليه.
المملكة في الواقع طلب منها ان تنظم المؤتمر من ايران, وماليزيا, واعتقد مصر والاردن ومنظمة المؤتمر الاسلامي, اجتمعوا كلهم ودعوني وجلست معهم, وقالوا نرجوكم اعملوا مؤتمرا (السعودية هي مهوى الافئدة وبلدنا كلنا).
برامج مشتركة
* التوصيات التي توصلتم اليها سمو الامير في نهاية المؤتمر كلها تصب في مصلحة السياحة على المستوى المحلي ومستوى الدول الاسلامية.. لماذا?
** الشعوب الاسلامية اليوم تحتاج للتقارب, ومع انها من اكثر شعوب الدنيا غنى في الثقافة والتراث التاريخي, الا اننا كمسلمين, لا نعرف ثقافتنا وتاريخنا قدر معرفتنا ثقافة وتاريخ الآخر. وما احوجنا كمسلمين اليوم لفتح نافذة جديدة على الجانب المشرق في حضارتنا.
سئلت ذات مرة من احد الاخوان: هل تهتمون بالسياحة الاجنبية? فكان جوابي ان الدراسات والمسوحات المستمرة التي قامت بها الاجهزة المختصة بالمملكة, وهي دراسات اقتصادية بحتة لم يكن للقرار السياسي موقع فيها, تبين من هذه المسوحات التي شملت اراء السعوديين الذين يذهبون خارج المملكة, ان اهم قطاع سياحي يجب ان نركز عليه هو السياحة الوطنية.
لذلك عندما سئلت انا من هو السائح الاجنبي الذي تركزون عليه, قلت السائح السعودي, وهذا ايضا ينطبق على المستثمر من هو المستثمر الاجنبي الذي تركزون عليه?
هو المستثمر السعودي من هنا جاءت قرارات المؤتمر حاسمة,وتعمل الآن المملكة وسوريا, والاردن على انتاج برامج متخصصة تتصل بالمعلومات الالكترونية للمواقع السياحية في العالم الاسلامي, واستطلاع المواقع التراثية والثقافية في العالم الاسلامي ومعرفة كيفية تربيطها ضمن برامج سياحية مشتركة.
مسح ميداني
* ماذا عن المواقع التي تم مسحها ميدانيا.. هل يمكن تصنيفها من حيث اهميتها السياحية?
**بذلت جهود كبيرة من قبل سمو وزير الداخلية وامراء المناطق, مسحنا خلالها 13 منطقة, وتم تصنيف 10 الاف موقع, بما في ذلك المنشآت السياحية ادرجت ضمن قاعدة معلومات جغرافية الكترونية لاول مرة في المملكة, ولكل موقع 180 معلومة مدعومة بالصور.
هناك 50 منطقة اساسية نعتقد انها يجب ان تنمى سياحياً على اربع مراحل خلال الاعوام القادمة ومن المنتظر ان يصل التصنيف في المرحلة الثانية التي بدأنا فيها حوالي 800 موقع.
التحديات
* ما هي طبيعة التحديات التي تواجهها الهيئة في تنفيذ استراتيجيتها?
** السياحة, صناعة اقتصادية, واجتماعية, وثقافية, ومن ثم فهي تواجه ضغوطا من ثلاثة محاور, لذا نجد صلاحيات هذه الصناعة متداخلة مع كثير من المؤسسات, من هنا يأتي العمل مع الشركاء وكل المعنيين لاحداث نمو حقيقي في السياحة. والهيئة سيكون لها شركاء في انحاء المملكة ليس فروع, انما شركاء كما ارادت الدولة من المناطق نفسها, يعني حكومات المناطق نفسها, ومن القطاع الخاص.
وفي هذا الصدد, يربط سمو الامير (سلطان) نهضة السياحة بعزيمة ابناء المملكة في المحافظات والمراكز والقرى, معتبراً ان البناء المنشود يحتاج لخمس سنوات قادمة ويطلق سمو الامير على هذه السنوات (فترة العناية المركزة) يتحول دور الهيئة العليا للسياحة بعدها الى دور شريك قائد, وصولاً الى الدور الطبيعي للهيئة خلال العشر سنوات القادمة.
ويضيف امين عام الهيئة العليا للسياحة قائلا: لقد وضعنا بذور هذه الاستراتيجية الوطنية والتي سوف يقرها مجلس الوزراء ان شاء الله وهي بذور انسحاب الهيئة العليا للسياحة من قيادة هذا القطاع بحيث لا تكون تابعة من قرار فردي, لذلك كلما اسرعنا في ان نتيح للشركاء لان ينطلقوا بقوة وحزم, كالقطاع الخاص ونسهل له كل الاجراءات النظامية والمالية, كلما اسرعنا في تطوير هذه الصناعة التي لا يمكن ان ننطلق الا من قاعدة التنمية الاقتصادية.
السياحة الدينية
* ما موقف الهيئة من مصطلح السياحة الدينية?
** نحن لا نؤمن بشيء اسمه سياحة دينية, وقد اعلنت ذلك عدة مرات, لان هذا المصطلح يستخدم للدول التي فيها اماكن للقبور والاضرحة والكنائس, والتي تعتبر سوقا كبيرا لاستقطاب الناس لها, والمملكة العربية السعودية شرفها الله بالحرمين الشريفين وهي تعتز بذلك, وبها دور للعبادة من مساجد واماكن دينية, ولا تعتبر هذا كله من مسئوليات الهيئة العليا للسياحة, فهناك وزارة الشئون الاسلامية ووزارات اخرى مختصة تقوم بواجبها تجاه هذه الاماكن. وكمشتغلين بالسياحة يقتصر اهتمامنا بتنظيم احوال قاصدي العمرة, والاتفاق شبه منته في هذا على مستوى مجلس الادارة ووزارة الحج, ولا نقول ان السياحة الدينية شيء قائم بالممكة ولا يمكن ان يكون قائماً.
فرص وظيفية
* الى اي مدى يمكن ان تصمد السياحة الداخلية امام اغراءات السياحة الخارجية?
** اذا تم تطوير السياحة بهيكلة مدروسة يمكن ان يتحقق هذا الصمود. نحن نتكلم عن الاستقرار الوطني والحد من خروج الاموال, لكن السياحة ليست مهمة فقط بهذا الجانب فهناك الاف الملايين تخرج كل عام. لكن الجانب الاهم يتجسد في الفرص التي نفقدها في تكوين صناعات تخدم السياحة من جراء خروج المواطنين. لذا نناقش اليوم مع صندوق تنمية الموارد البشرية ووزارة العمل برنامجاً متكاملاً للسنوات الخمس القادمة ويتم تنفيذه خلال شهرين ان شاء الله لدعم الصناعات الصغيرة التي تمثل عماد اقتصاديات الدول مثل امريكا التي يعتمد معظم اقتصادها على الضرائب من الصناعات الصغيرة. ونحن في المملكة لا نتكلم عن ضرائب, بل عن فرص وظيفية من خلال هذه الصناعات.
هنا يلخص سمو الامير سلطان بن سلمان رؤية الهيئة في ان المملكة في حاجة الى صناعات تستوعب الايدي العاملة. ومن ثم فالموضوع كما يصفه في (العناية المركزة) لايجاد الفرص الوظيفية لملايين المواطنين باعتبارها قضية امن وطني.
المهرجانات
* هل نجحت المهرجانات الصيفية الداخلية في تحقيق اهدافها? ام انها مهرجانات للفقراء وذوي الدخل المحدود?
** لا اعتقد انها مهرجانات لفئة معينة من الناس, وهي تجربة نمر بها, لا يعني انها ناجحة او فاشلة فلا نعرف مقاييسها الى الآن, ونعمل الآن مع وزارة التخطيط لدمج قطاع السياحة, كقطاع خدمي, في الاقتصاد الوطني وقياس الاثر الاقتصادي من السياحة على الاقتصاد الوطني, وتجربة المهرجانات يجب الا ينظر لها على انها سياحة, وانما اداة من ادواتها.
معاهد السياحة
* ذكرتم ان السياحة سوف توفر فرصا وظيفية ما بين مليون وخمسمائة الف الى مليون وثلاثمائة الف وظيفة خلال العشرين سنة تقريبا? هل توجد بنية تحتية لتجهيز هذه الاعداد, من كليات ومعاهد?
** عقدنا اجتماعات عدة بخصوص هذه المسألة مع المعنيين من الاتحاد المهني والفني وصندوق الموارد البشرية, ونحن في حاجة خلال العشرين عام القادمة لاكثر من 40 معهدا تدريبيا للسياحة, كما انه مطلوب اعادة تأهيل وتدريب حملة الشهادات الجامعية الذين تخرجوا من الجامعات قبل سنوات ولم يحصلوا على فرصة عمل بعد.
تغيير اللوائح
* هل يواكب هذا التطور تغييراً في لوائح وموارد الاستقطاب السياحي مستقبلا?
** كتبنا تقريرا هاماً عن معوقات الاستثمار وارسلناه الى مجموعة من الاقتصاديين ورجال الاعمال. ومعوقات الاستثمار ليست قاصرة على الاجراءات التي تعمل الدولة حاليا على تذليلها, بالتعاون مع المجلس الاقتصادي الاعلى, وهيئة الاستثمار, وانما تمتد الى الجانب الاجتماعي والاستقرار للاستثمارات السياحية.
ومن اهم الاشياء التي يجب ان نهتم بها ايضا, السياحة الاسرية حيث افادت دراسات الصيف الماضي ان كل السعوديين الذين خرجوا من المملكة للسياحة, كانوا عبارة عن اسر ملتزمة بدينها وتقاليدها وعاداتها, وعرفنا ان لديهم رغبة في ان يقضوا وقتهم في جو منضبط, وهذا يشير الى ان الضوابط قد تكون عامل نجاح للسياحة بالمملكة, وكثير من السياح الاجانب اعربوا عن اعجابهم بالالتزام السياحي بالمملكة. وعادوا مرة اخرى الى السعودية ومعهم اقاربهم لمعايشة الجو الروحاني للمسلمين اثناء اداء الصلوات. وان كان هذا لا يعني ان قضية الضبط الاجتماعي واساءة بعض الفئات للأخرين, لا تشكل عبئاً على الاجهزة المختصة, فهناك مسئولية ضخمة لجعل عملية الاحتكاك للصالح العام وتوعية المواطنين باهمية السياحة.
السياحة المدرسية
* أليس هناك مجال للسياحة الموسمية, في الشتاء, والاعياد, والربيع, والجنادية?
** الهيئة العامة للسياحة تحركت في هذه المسألة من منظور انها ليست قضية تعليم فقط, وفعلا صدر امر بدعم سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز ومن معالي وزير المعارف بتنظيم الاجازات وجعلها قضية وطنية اقتصادية اجتماعية وتعليمية.
كما صدر قرار من سمو ولي العهد بتكليف الهيئة العليا للسياحة بدراسة الاجازات المدرسية, وقد تشاورت في هذا الامر مع معالي وزير المعارف, وهو رجل مستنير, وسوف نبدأ هذا العام باستراتيجية مع الوزارة ووضع برنامج مع بعض الشركات لسياحة المدارس, ونولي اهتماما خاصا بهذا الجانب, خاصة وان شبابنا يعرف مواقع فرنسا ولا يعرف بلده التي يصنفها الخبراء الدوليين بانها مؤهلة لتكون سياحية من الطراز الاول وليس من الطراز الرابع.
بدأنا سنوات "العناية المركزة".. والسياحة املنا القادم
20 مليار ريال تنتظر المملكة عام 2020, هذه المليارات السنوية لن تكون نتاج حقول او صناعة نفطية, وانما مردود ثروة سياحية كبيرة تقود قاطرة الاقتصاد السعودي في النظام الدولي السياحي الذي بدأ يتشكل في الافق.
وحتى لا نفاجأ بهذا النظام الذي ستكون له الكلمة العليا في الاقتصاد العالمي وتدوير رأس المال. تأتي المبادرة الوطنية التي يتبناها صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان امين عام الهيئة العليا للسياحة بالتعامل مع السياحة السعودية من منظور (نفطي) يدر على البلاد المليارات. وذلك عبر استراتيجية مدروسة تشارك فيها وزارات عدة, هدفها استقطاب رؤوس الاموال المهاجرة واستيعاب 45 مليون سائح. وخلق فرص توظيف الملايين من الشباب السعودي.. هذه الاهداف وغيرها كانت محور الحديث الهام الذي اجراه التلفزيون السعودي مع سمو الامير سلطان بن سلمان واجاب فيه عن التساؤلات الآتية:
السياحة ليست ترفاً
* الى اي مدى سموكم متفائل حيال العائد المادي وفرص التوظيف المترتبة على الاستثمار السياحي المتنامي بالمملكة?
** السياحة اليوم ليست قضية ترف, او اختيار, وحتى مسمى (سياحي) قد لا ينطبق على ما تقوم به المملكة من بناء قطاع اقتصادي جديد, وصناعة جديدة على غرار الصناعات البترولية والصناعات التحويلية والكيميائية والزراعية وغيرها من الصناعات الكبيرة. والسياحة قطاع كبير وقائم وان كان مشتتاً في كل مكان وصلاحياته تمتد الى كل انسان ومؤسسة, هو قطاع متفرق وغير مركز من ناحية تنميته المستقبلية.
مع ذلك انا متفائل ان شاء الله من المردود المادي والاجتماعي للاستثمار في هذا القطاع, ومبعث تفاؤلي ينطلق اولا من رعاية الدولة ودعمها للتطوير السياحي, وثانياً من الاجراءات التي اتخذت لتأكيد هذه الدعاية. حيث صدر نظام تأسيس الهيئة العليا للسياحة, ومن ضمن ما صدر في النظام ان جعل قطاعات السياحة قطاعات اقتصادية منتجه.
يستطرد سمو الامير قائلا: عندما تشرفت بامانة الهيئة اولى الخطوات التي بدأنا فيها هي ان ننظر ونخطط للمستقبل. واليوم اقرأ من الجريدة ان ولي العهد يقول وبالخط العريض.. يجب ان نخطط للتنمية الاقتصادية تخطيطاً دقيقا.. وامتد الاهتمام بهذه التقنية الى مجلس الشورى ووسائل الاعلام التي تتحدث عن التخطيط طويل الاجل.
قبل فترة - والحديث ممتد لسمو الامير - شاركت في المؤتمر الاقتصادي للمملكة عام 2020م, وسمعت عن اهمية النظر للمستقبل, وان وقت التخطيط السريع والقرارات غير المدروسة لاجل ارضاء الجمهور من المؤسسات الحكومية وغيرها قد (ولى) الناس الآن اصبحوا لا يتحركون الا من خلال خطة محكمة وتخطيط شامل, خاصة في مجال السياحة التي تعد صناعة قديمة هامة جدا, هذا الى جانب كونها صناعة ثقافية, وصناعة بنية تحتية.
السياحة (النفطية)
* ما هي ملامح هذه الصناعة الجديدة?
** السياحة اليوم تعتبر اكبر قطاع مالي في العالم, ونحن نسميها من القطاعات النفطية, وهي اكبر موظفة للايدي العاملة في العالم, وما احوجنا اليوم في المملكة لايجاد خصوصية فيها.
فوق كل هذا السياحة تعد من اهم الصادرات والمملكة العربية السعودية تصدر ثلاثة اشياء اساسية: النفط, ورؤوس الاموال, والسياح.
ونحن نريد ان نصدر النفط, ولا نريد ان نصدر رؤوس الاموال والسياح.
الخطة الوطنية تم اعدادها خلال عامين, واتخذت كافة الاجراءات من اجل اشراك المواطن في هذا البناء.
ويكفي للدلالة على جدية هذه الخطة انها استعرضت ما يقرب من 500 دراسة في المرحلة الاولى فقط انتهت الى ان السياحة من اهم الصناعات في العالم, والتي بامكانها ان تستقطب رأس المال ونظراً لان هذه الصناعة تحتاج الى بنية تحتية تقدر بنحو 50 الف غرفة فندقية جديدة في المملكة.
فضلا عن الحاجة لتوفير 75 الف شقة مفروشة لاستيعاب الطلب على السياحة في المملكة, يصبح من الاهمية الاشارة الى ضرورة استقطاب رأس المال, وبخاصة رأس المال الوطني المستثمر خارج المملكة.
يلخص سمو الامير كلامه في هذه الجزئية الهامة, بأن تنمية السياحة في المملكة مجدية اقتصادياً, والتفاؤل هنا لا يأتي من فراغ, فالاستراتيجية التي عرضت في مجلس ادارة الهيئة العليا للسياحة خلال اجتماعه الاخير بمدينة جدة, وبوجود صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز واصحاب المعالي الوزراء واعضاء المجلس تؤكد ذلك. ويكفي ان نقرأ المؤشرات التي تتحدث عن 45 مليون سائح متوقع من خارج وداخل المملكة.
السائح السعودي
* ما هو موقع السائح السعودي من هذه الصناعة?
** هناك شركات ودول تستهدف السائح السعودي, وتدخل ميزانياتها عشرات الملايين من الدولارات خلال اشهر الصيف فقط بجذبها للسائح والمستهلك السعودي الذي يعد من اهم خمسة سياح في العالم, والذي يعتقد ان السياحة قاصرة على مجرد الاتفاق في مشاريع ذات صلة مباشرة بالنشاط, فهو (مخطئ).
اليوم فرنسا تعد اكبر بلد سياحي في العالم حيث يأتيها 70 مليون سائح كل عام. والعبرة هنا كيف تسوق للسياحة. في فرنسا تشارك مؤسسة (البيت الفرنسي) الدولة في عملية التسويق. وهذه المؤسسة تشمل ما لا يقل عن 300 مؤسسة تجارية كبرى من منتجي العطور والخبز والازياء.
من هنا يمكن القول ان هناك دولا قائمة على السياحة ودول تتأثر بالسياحة من خلال انخفاض معدلات التدفق لاسباب ارهابية وغيرها.
اتخاذ القرار
* ما هو الشيء الملموس ياسمو الامير?
** ليت احد يأتي عندنا في الهيئة ليرى وتيرة العمل بنفسه, فعندما تأسست الهيئة لم يكن هناك مؤسسة حكومية. كان الوضع صعباً جدا في بداية التأسيس, واتذكر انه في السنة الاولى قابلت من 300 الى 400 شخص لتدريبهم, واليوم تحولت الهيئة الى مؤسسة الكترونية تضم مجموعة متخصصة وحاصلة على تدريبات دقيقة, وكان هناك قرار حكيم تم رفعه لرئيس مجلس الادارة, وهو اننا يجب ان نمر على المرحلة الاساسية, وهي دورة ستة اشهر حتى اعرف - كأمين عام - ما هي امكانيات المملكة ووضعها السياحي, وطبيعة المعوقات المختلفة وسبل تذليلها. ومجلس ادارة الهيئة العليا للسياحة يعتبر شراكة بأثنى عشر وزيراً, اضافة الى الامين العام وممثلي القطاع الخاص. ايضا المجلس الاستشاري للهيئة يضم 20 شخصاً من مختلف القطاعات, وتعودنا ان نشركهم في عملية اتخاذ القرار بشفافية عالية جدا. وكل قرار تم اتخاذه يمرر على جميع المستفيدين.
قضايا متداخلة تأتي الى الهيئة السياحية فنجد وكأنها مجمع وزارات من جميع الاختصاصات. كيف تجعل هذه الاختصاصات تتداخل في مسار يؤدي الى نتيجة واضحة وايجابية? نحن قمنا بكل المفاوضات مع الوزارات المختلفة فيما يتعلق بالصلاحيات والتداخلات, وما يتعلق بهيكلة السياحة الوطنية, واستفدنا من تجربة 40 دولة. استفدنا من تجارب الدول الفاشلة والناجحة. قمنا بالشغل الصعب في البداية والان هي عملية ضغط الزر.
يضيف سمو الامير قائلا: انا كطيار تعلمت سواء في الطيران المدني او في القوات الجوية, لا تجد طيار اليوم تقول له بسرعة اركب الطيارة واذهب, بل تقول له اين يذهب, والطيارة هل سليمة ام لا? وهل فيها بنزين ام لا?
كان لي لقاء مع سمو سيدي ولي العهد الكريم بتوجيه من سمو سيدي (سلطان) وعرض علي سمو ولي العهد في بداية الهيئة وقال ما هو توجهكم? اعتقد ان اللقاء كان يوم جمعة, فجلست وكان عندي الكمبيوتر الصغير, وكان اللقاء مقرراً بربع ساعة ولكنه استمر اكثر من ساعة ونصف, عرضت خلالها محاور الاستراتيجية, وكان يناقش كل كبيرة وصغيرة, ومهتما بقضية خصخصة الوظيفة, واستقطاب الاستثمارات. اتذكر انه قال لي كلمة وهي نفس الكلمة التي سمعتها من سمو سيدي الامير سلطان بن عبدالعزيز قال: يابني لا تستعجلوا هذه القضية شائكة وضخمة جدا, ومحور اقتصادي هام. خذوا وقتا وادرسوا الامور بدقة وعندما تصدر قرارات نستطيع كلنا ان نؤيدها. وهذا التوجيه هو في الواقع توجيه حكيم جدا يرسم سياسة المملكة لما يجب في المستقبل.
مكانة المملكة
* اين نصنف انفسنا بين الدول السياحية.. وهل يؤهلنا هذا التصنيف للانضمام الى منظمة السياحة العالمية?
** اولاً: انضمام المملكة للسياحة العالمية كان بطلب من المنظمة, وكان وزير الاردن السابق من اكثر الاصدقاء والمهتمين جدا بدور المملكة وانضمامها للمنظمة العالمية بسبب ثقل المملكة السياسي والديني. وكان للمملكة دور في ان اصبحت اللغة العربية لغة رسمية بالمنظمة العالمية. ثم ان المملكة استضافت قبل شهر مؤتمر وزراء السياحة في الدول الاسلامية, ولم يكن ذلك بطلب من المملكة. وصدرت عنه قرارات مهمة جدا, وتوجد برامج شراكة بين الدول لتنفيذها في العام القادم والعام الذي يليه.
المملكة في الواقع طلب منها ان تنظم المؤتمر من ايران, وماليزيا, واعتقد مصر والاردن ومنظمة المؤتمر الاسلامي, اجتمعوا كلهم ودعوني وجلست معهم, وقالوا نرجوكم اعملوا مؤتمرا (السعودية هي مهوى الافئدة وبلدنا كلنا).
برامج مشتركة
* التوصيات التي توصلتم اليها سمو الامير في نهاية المؤتمر كلها تصب في مصلحة السياحة على المستوى المحلي ومستوى الدول الاسلامية.. لماذا?
** الشعوب الاسلامية اليوم تحتاج للتقارب, ومع انها من اكثر شعوب الدنيا غنى في الثقافة والتراث التاريخي, الا اننا كمسلمين, لا نعرف ثقافتنا وتاريخنا قدر معرفتنا ثقافة وتاريخ الآخر. وما احوجنا كمسلمين اليوم لفتح نافذة جديدة على الجانب المشرق في حضارتنا.
سئلت ذات مرة من احد الاخوان: هل تهتمون بالسياحة الاجنبية? فكان جوابي ان الدراسات والمسوحات المستمرة التي قامت بها الاجهزة المختصة بالمملكة, وهي دراسات اقتصادية بحتة لم يكن للقرار السياسي موقع فيها, تبين من هذه المسوحات التي شملت اراء السعوديين الذين يذهبون خارج المملكة, ان اهم قطاع سياحي يجب ان نركز عليه هو السياحة الوطنية.
لذلك عندما سئلت انا من هو السائح الاجنبي الذي تركزون عليه, قلت السائح السعودي, وهذا ايضا ينطبق على المستثمر من هو المستثمر الاجنبي الذي تركزون عليه?
هو المستثمر السعودي من هنا جاءت قرارات المؤتمر حاسمة,وتعمل الآن المملكة وسوريا, والاردن على انتاج برامج متخصصة تتصل بالمعلومات الالكترونية للمواقع السياحية في العالم الاسلامي, واستطلاع المواقع التراثية والثقافية في العالم الاسلامي ومعرفة كيفية تربيطها ضمن برامج سياحية مشتركة.
مسح ميداني
* ماذا عن المواقع التي تم مسحها ميدانيا.. هل يمكن تصنيفها من حيث اهميتها السياحية?
**بذلت جهود كبيرة من قبل سمو وزير الداخلية وامراء المناطق, مسحنا خلالها 13 منطقة, وتم تصنيف 10 الاف موقع, بما في ذلك المنشآت السياحية ادرجت ضمن قاعدة معلومات جغرافية الكترونية لاول مرة في المملكة, ولكل موقع 180 معلومة مدعومة بالصور.
هناك 50 منطقة اساسية نعتقد انها يجب ان تنمى سياحياً على اربع مراحل خلال الاعوام القادمة ومن المنتظر ان يصل التصنيف في المرحلة الثانية التي بدأنا فيها حوالي 800 موقع.
التحديات
* ما هي طبيعة التحديات التي تواجهها الهيئة في تنفيذ استراتيجيتها?
** السياحة, صناعة اقتصادية, واجتماعية, وثقافية, ومن ثم فهي تواجه ضغوطا من ثلاثة محاور, لذا نجد صلاحيات هذه الصناعة متداخلة مع كثير من المؤسسات, من هنا يأتي العمل مع الشركاء وكل المعنيين لاحداث نمو حقيقي في السياحة. والهيئة سيكون لها شركاء في انحاء المملكة ليس فروع, انما شركاء كما ارادت الدولة من المناطق نفسها, يعني حكومات المناطق نفسها, ومن القطاع الخاص.
وفي هذا الصدد, يربط سمو الامير (سلطان) نهضة السياحة بعزيمة ابناء المملكة في المحافظات والمراكز والقرى, معتبراً ان البناء المنشود يحتاج لخمس سنوات قادمة ويطلق سمو الامير على هذه السنوات (فترة العناية المركزة) يتحول دور الهيئة العليا للسياحة بعدها الى دور شريك قائد, وصولاً الى الدور الطبيعي للهيئة خلال العشر سنوات القادمة.
ويضيف امين عام الهيئة العليا للسياحة قائلا: لقد وضعنا بذور هذه الاستراتيجية الوطنية والتي سوف يقرها مجلس الوزراء ان شاء الله وهي بذور انسحاب الهيئة العليا للسياحة من قيادة هذا القطاع بحيث لا تكون تابعة من قرار فردي, لذلك كلما اسرعنا في ان نتيح للشركاء لان ينطلقوا بقوة وحزم, كالقطاع الخاص ونسهل له كل الاجراءات النظامية والمالية, كلما اسرعنا في تطوير هذه الصناعة التي لا يمكن ان ننطلق الا من قاعدة التنمية الاقتصادية.
السياحة الدينية
* ما موقف الهيئة من مصطلح السياحة الدينية?
** نحن لا نؤمن بشيء اسمه سياحة دينية, وقد اعلنت ذلك عدة مرات, لان هذا المصطلح يستخدم للدول التي فيها اماكن للقبور والاضرحة والكنائس, والتي تعتبر سوقا كبيرا لاستقطاب الناس لها, والمملكة العربية السعودية شرفها الله بالحرمين الشريفين وهي تعتز بذلك, وبها دور للعبادة من مساجد واماكن دينية, ولا تعتبر هذا كله من مسئوليات الهيئة العليا للسياحة, فهناك وزارة الشئون الاسلامية ووزارات اخرى مختصة تقوم بواجبها تجاه هذه الاماكن. وكمشتغلين بالسياحة يقتصر اهتمامنا بتنظيم احوال قاصدي العمرة, والاتفاق شبه منته في هذا على مستوى مجلس الادارة ووزارة الحج, ولا نقول ان السياحة الدينية شيء قائم بالممكة ولا يمكن ان يكون قائماً.
فرص وظيفية
* الى اي مدى يمكن ان تصمد السياحة الداخلية امام اغراءات السياحة الخارجية?
** اذا تم تطوير السياحة بهيكلة مدروسة يمكن ان يتحقق هذا الصمود. نحن نتكلم عن الاستقرار الوطني والحد من خروج الاموال, لكن السياحة ليست مهمة فقط بهذا الجانب فهناك الاف الملايين تخرج كل عام. لكن الجانب الاهم يتجسد في الفرص التي نفقدها في تكوين صناعات تخدم السياحة من جراء خروج المواطنين. لذا نناقش اليوم مع صندوق تنمية الموارد البشرية ووزارة العمل برنامجاً متكاملاً للسنوات الخمس القادمة ويتم تنفيذه خلال شهرين ان شاء الله لدعم الصناعات الصغيرة التي تمثل عماد اقتصاديات الدول مثل امريكا التي يعتمد معظم اقتصادها على الضرائب من الصناعات الصغيرة. ونحن في المملكة لا نتكلم عن ضرائب, بل عن فرص وظيفية من خلال هذه الصناعات.
هنا يلخص سمو الامير سلطان بن سلمان رؤية الهيئة في ان المملكة في حاجة الى صناعات تستوعب الايدي العاملة. ومن ثم فالموضوع كما يصفه في (العناية المركزة) لايجاد الفرص الوظيفية لملايين المواطنين باعتبارها قضية امن وطني.
المهرجانات
* هل نجحت المهرجانات الصيفية الداخلية في تحقيق اهدافها? ام انها مهرجانات للفقراء وذوي الدخل المحدود?
** لا اعتقد انها مهرجانات لفئة معينة من الناس, وهي تجربة نمر بها, لا يعني انها ناجحة او فاشلة فلا نعرف مقاييسها الى الآن, ونعمل الآن مع وزارة التخطيط لدمج قطاع السياحة, كقطاع خدمي, في الاقتصاد الوطني وقياس الاثر الاقتصادي من السياحة على الاقتصاد الوطني, وتجربة المهرجانات يجب الا ينظر لها على انها سياحة, وانما اداة من ادواتها.
معاهد السياحة
* ذكرتم ان السياحة سوف توفر فرصا وظيفية ما بين مليون وخمسمائة الف الى مليون وثلاثمائة الف وظيفة خلال العشرين سنة تقريبا? هل توجد بنية تحتية لتجهيز هذه الاعداد, من كليات ومعاهد?
** عقدنا اجتماعات عدة بخصوص هذه المسألة مع المعنيين من الاتحاد المهني والفني وصندوق الموارد البشرية, ونحن في حاجة خلال العشرين عام القادمة لاكثر من 40 معهدا تدريبيا للسياحة, كما انه مطلوب اعادة تأهيل وتدريب حملة الشهادات الجامعية الذين تخرجوا من الجامعات قبل سنوات ولم يحصلوا على فرصة عمل بعد.
تغيير اللوائح
* هل يواكب هذا التطور تغييراً في لوائح وموارد الاستقطاب السياحي مستقبلا?
** كتبنا تقريرا هاماً عن معوقات الاستثمار وارسلناه الى مجموعة من الاقتصاديين ورجال الاعمال. ومعوقات الاستثمار ليست قاصرة على الاجراءات التي تعمل الدولة حاليا على تذليلها, بالتعاون مع المجلس الاقتصادي الاعلى, وهيئة الاستثمار, وانما تمتد الى الجانب الاجتماعي والاستقرار للاستثمارات السياحية.
ومن اهم الاشياء التي يجب ان نهتم بها ايضا, السياحة الاسرية حيث افادت دراسات الصيف الماضي ان كل السعوديين الذين خرجوا من المملكة للسياحة, كانوا عبارة عن اسر ملتزمة بدينها وتقاليدها وعاداتها, وعرفنا ان لديهم رغبة في ان يقضوا وقتهم في جو منضبط, وهذا يشير الى ان الضوابط قد تكون عامل نجاح للسياحة بالمملكة, وكثير من السياح الاجانب اعربوا عن اعجابهم بالالتزام السياحي بالمملكة. وعادوا مرة اخرى الى السعودية ومعهم اقاربهم لمعايشة الجو الروحاني للمسلمين اثناء اداء الصلوات. وان كان هذا لا يعني ان قضية الضبط الاجتماعي واساءة بعض الفئات للأخرين, لا تشكل عبئاً على الاجهزة المختصة, فهناك مسئولية ضخمة لجعل عملية الاحتكاك للصالح العام وتوعية المواطنين باهمية السياحة.
السياحة المدرسية
* أليس هناك مجال للسياحة الموسمية, في الشتاء, والاعياد, والربيع, والجنادية?
** الهيئة العامة للسياحة تحركت في هذه المسألة من منظور انها ليست قضية تعليم فقط, وفعلا صدر امر بدعم سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز ومن معالي وزير المعارف بتنظيم الاجازات وجعلها قضية وطنية اقتصادية اجتماعية وتعليمية.
كما صدر قرار من سمو ولي العهد بتكليف الهيئة العليا للسياحة بدراسة الاجازات المدرسية, وقد تشاورت في هذا الامر مع معالي وزير المعارف, وهو رجل مستنير, وسوف نبدأ هذا العام باستراتيجية مع الوزارة ووضع برنامج مع بعض الشركات لسياحة المدارس, ونولي اهتماما خاصا بهذا الجانب, خاصة وان شبابنا يعرف مواقع فرنسا ولا يعرف بلده التي يصنفها الخبراء الدوليين بانها مؤهلة لتكون سياحية من الطراز الاول وليس من الطراز الرابع.