المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 - 2006



ABO HAMDAN
07-12-2005, Wed 3:05 AM
التقرير الاقتصادي الخليجي
2005 – 2006
(1)






أصدر مركز الخليج للدراسات التابع لدار الخليج للصحافة والطباعة والنشر “التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 2006” تحت عنوان “اتفاقيات التجارة الحرة لدول الخليج” وتضمن استهلالاً حول مدى قدرة لاقتصادات الخليجية على التعامل مع الفوائض النفطية، واشتمل على عدة محاور حول التطورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وأسواق النفط، وارتفاعها، وهواجس الخوف التي تهيمن على الأسواق، والنفط والفيدرالية. كما تناول التقرير الذي يقع في 217 صفحة من القطع المتوسط اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لدول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وآثارها المتوقعة على اقتصادات دول مجلس التعاون، وبحث كذلك أوضاع التجارة البينية لهذه الدول وخصائصها وتطوراتها.
وأفرد التقرير ملفات خاصة لكل من اقتصادات العراق واليمن وإيران. ونبدأ من اليوم نشر التقرير على حلقات يومية. في مستهل التقرير استعرض د. عبدالرزاق الفارس الاقتصادات الخليجية من حيث قدرتها على التعامل مع الفوائض النفطية، نورد نصها فيما يلي:
تتشابه الظروف التي تمر بها دول مجلس التعاون في هذه الأيام بدرجة كبيرة مع التطورات التي حدثت خلال النصف الثاني من السبعينات والنصف الأول من الثمانينات من القرن الماضي. فقد شهدت هذه الدول انتعاشاً اقتصادياً كبيراً كان حافزه الأول الارتفاع الهائل في أسعار النفط. وفي تلك المرحلة كان الارتفاع في أسعار النفط قياسياً، إذ ارتفعت الأسعار من مستويات متدنية جداً بقيت كذلك لفترة طويلة من الزمن (لأكثر من عقدين)، إلى مستويات غير مشهودة أو متوقعة، حيث ارتفعت الأسعار من متوسط 2،20 دولار للبرميل قبل اكتوبر/تشرين الأول عام 1973 إلى متوسط 14 دولاراً للبرميل في مطلع عام 1974. وشهدت الأسعار بعد ذلك تصحيحات طفيفة في السنوات التالية قبل أن تشهد قفزة أخرى منذ عام ،1979 حيث بلغ متوسط أسعار نفوط أوبك حوالي 32 34 دولاراً للبرميل، وبلغت أسعار بعض النفط الخفيف مستوى 40 دولاراً للبرميل.
وفي المرحلة الحالية، فإن الأسعار تشهد طفرة مماثلة، وإن كانت تفوق الأولى بالقيم الاسمية على الأقل. وبعد أن سجلت الأسعار الفورية لسلة أوبك مستويات متدنية عام ،1999 كان متوسطها السنوي 17،5 دولار للبرميل، فإنها شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بدءاً من عام 2003 إذ وصل المتوسط السنوي لأسعار سلة أوبك لذلك العام 28،2 دولار للبرميل، وبلغت في عام 2004 متوسطاً قدره 36 دولاراً للبرميل. وبدءاً من يناير/كانون الثاني 2005 فإن أسعار النفط لم تنخفض عن 40 دولاراً للبرميل، وفي اغسطس/آب من العام ذاته تجاوزت 60 دولاراً للبرميل، وقاربت بعد ذلك مستويات 70 دولاراً للبرميل قبل أن تبدأ بالانخفاض التدريجي.
في كلا الفترتين، استغلت دول المجلس تلك الفرصة الذهبية في القيام ببرامج انفاق اقتصادي واجتماعي لتعزيز البنية الأساسية وصيانتها وتدعيم الإدارة العامة، وفي الفترة الأولى تم التركيز على توسيع مظلة الخدمات والتأمينات الاجتماعية، بينما في المرحلة الثانية كان التركيز على تسديد الديون الداخلية والخارجية، وتدعيم الاحتياطيات المالية والتأكيد على الاستمرار في سياسات الاصلاح الاقتصادي.
موجات تضخمية
وفي كلا الفترتين، أدت سياسات الانفاق العام، وتسرب السيولة إلى النظام المصرفي المحلي، وارتفاع مستويات الأجور إلى موجات تضخمية عالية شارفت على تهديد الانجازات في مجال النمو الاقتصادي، والاستقرار وتوزيع الدخل. ففي الفترة الأولى أدت إلى فورة في أسعار العقارات في معظم دول المجلس، وعلى وجه الخصوص في الكويت ودولة الإمارات والسعودية، تحولت فيها هذه الأسعار إلى فقاعة سرعان ما انفجرت مخلفة وراءها أوجهاً عديدة من الديون المعدومة والإعسار والخسائر المادية للقطاع الخاص والأفراد مما قاد إلى دخول تلك الدول في مرحلة ركود اقتصادي لم يدم طويلاً بسبب الارتفاع الثاني لأسعار النفط عام 1979. وفي الفترة الثانية فإن العوامل ذاتها أدت إلى موجات تضخم عالية في العديد من دول المجلس وبالذات قطر والإمارات والبحرين، وإلى تدفق الاستثمارات والمضاربات إلى أسواق العقارات والأسهم، حتى بلغت مستويات تنذر بعواقب غير حميدة.
فروق جوهرية
إلا أن الفترتين (منتصف السبعينات إلى منتصف الثمانينات) و(الفترة 2003 2006) تتباينان فيما بينهما في أوجه أخرى مهمة. ارتبط الارتفاع الأول في أسعار النفط (1973 1979) بتطورات سياسية بارزة في تاريخ المنطقة كان من نتائجها سيطرة الدول المنتجة للنفط على مقدرات صناعتها النفطية وإنهاء نفوذ الشركات المتعددة الجنسية (الأخوات السبع) التي هيمنت على كافة أوجه الصناعة النفطية في هذه الدول لفترة طويلة من الوقت ومواجهة مع الدول الصناعية التي كانت المستهلك الرئيسي للنفط والداعم الأساسي ل “إسرائيل”. بداية المرحلة الثانية (2003) شهدت عودة الاستعمار الأجنبي للمنطقة بأبشع صورة، وذلك بالاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق، وانتهاء أو اختفاء العديد من أوجه الصراع في المنطقة، واختلال موازين القوى لمصلحة الدول الصناعية و”إسرائيل” في المرحلة الحالية على الأقل.
استقلال القرار
وجه الاختلال الآخر، هو أنه في المرحلة الأولى كان هناك تركيز كبير على أهمية استقلال القرارات النفطية باعتبارها أحد أوجه السيادة الوطنية على الموارد الطبيعية، ولذا كانت قرارات الانتاج والتصدير تخضع لتلك الاعتبارات وحدها، مما دفع الدول الصناعية لإجراء تغييرات هيكلية عميقة في أنماط استهلاكات لتتوافق مع هذه التطورات الجديدة. في المرحلة الحالية أصبحت القرارات المتعلقة بمستويات الانتاج وجهات التصدير تخضع لاعتبارات السوق وقوانين الطلب والعرض على أحسن تقدير. ولذا أصبح مطلوباً من الدول المنتجة والمصدرة للنفط، ومنها دول مجلس التعاون، إنتاج النفط بأقصى طاقة ممكنة، وضخ استثمارات هائلة لبناء طاقات انتاج جديدة لتلبية نهم الدول المستهلكة، ومن دون أدنى اعتبار للعوامل الفنية وقدرة آبار النفط على مواصلة هذا الاستنزاف من دون تأثير في تكوينها الجيولوجي في المدى الطويل.
في الفترة الأولى كانت الدول الخليجية تتسابق في وضع خطط وطنية للمحافظة على الثروة الناضبة والإعلان عن سياساتها في مجال المحافظة على الاحتياطي النفطي لخدمة متطلبات التنمية الآنية وحقوق الأجيال المقبلة. في المرحلة الحالية أصحبت هذه الدول تتسابق في الاعلان عن نيتها في ضخ النفط عند الطاقات القصوى للإنتاج، بل وفي اتخاذ الخطوات اللازمة لتوسيع هذه الطاقات لضخ مزيد من النفط من دون اعتبار للعمر المفترض للاحتياطي أو لحقوق الأجيال المستقبلية.
وبجانب التطورات في السوق النفطي، استمرت الاقتصادات الخليجية تتأثر على نحو ملحوظ بالتطورات الاقتصادية العالمية. وبالرغم من التباطؤ الاقتصادي المعتدل الذي تشهده منطقة اليورو، فإن الاقتصاد العالمي ظل يتأثر على نحو قوي بالانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين وبدرجة محدودة في اليابان. وكانت معدلات نمو الاقتصاد العالمي في عام 2004 هي الأعلى خلال هذا العقد من القرن الواحد والعشرين 5،1%، وتقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى ان معدلات النمو ستستمر مرتفعة في عامي 2005 و،2006 وإن كانت دون المستويات المحققة في العام الذي قبله. معدلات النمو لهذين العامين تبلغ متوسطاً قدره 4،3%، وإن كان ذلك سيكون عرضة للتعديلات، وذلك بسبب المخاطر المتصلة بأسواق المال والارتفاع المستمر في أسعار الفائدة لمحاولة تقييد موجات التضخم التي تشهدها الولايات المتحدة والصين.
معدلات النمو
وشهدت منطقتا الشرق الأوسط وشمال افريقيا معدلات نمو اقتصادي خلال السنوات الأربع الماضية تفوق المتوسط العالمي والمستويات التي حققتها الولايات المتحدة، وإن كانت تقل نوعاً ما عن المستويات التي حققها العديد من الدول النامية، وخاصة في شرقي آسيا، وفي دول مجلس التعاون. وان أعلى معدلات النمو الاقتصادي في عام 2004 كانت تلك التي حققتها قطر 9،3% ثم دولة الإمارات 8،5 ثم الكويت 7،2%، أما في عام 2005 فإنه من المتوقع ان تأتي البحرين في المقدمة من حيث معدلات النمو 7،1%، تليها السعودية 6،0% ثم الإمارات 5،6%، فقطر 5،5%.
تحسن الموازنات العامة
وبجانب حفز معدلات النمو الاقتصادي، فقد كان لارتفاع قيمة الإيرادات النفطية تأثيرات إيجابية أخرى في الاقتصادات الخليجية، ومن هذه الايجابيات الآثار في الموازنة العامة. فبعد العجز المتواصل في الموازنة في العديد من دول المجلس فإنه بدءاً من عام 2003 شهدت هذه الدول تحسناً ملحوظاً في الفارق بين الإيرادات والمصروفات، ساعد على تعزيزها التحسن المستمر في أسعار النفط، وعدم انجرار دول المجلس في دورات من الانفاق العام العشوائي. وقد ساعدت هذه الإيرادات النفطية بعض دول الخليج على التخلص من ديونها المحلية (السعودية) أو الخارجية (قطر، عمان، البحرين)، كما ساعدت دولاً على بناء احتياطيات مالية كبيرة (الكويت ودولة الإمارات). وحتى في حالة انخفاض أسعار النفط في المرحلة المقبلة، فإنه من غير المتوقع أن ترجع دول الخليج لحالة العجز المزمن في الموازنة العامة في المستقبل المنظور.
ومن الآثار الايجابية الأخرى لارتفاع العائدات النفطية، التحسن في الميزان التجاري وميزان المدفوعات. لدول الخليج مجتمعة، حيث حقق الميزان التجاري فائضاً قدره 129،4 مليار دولار عام 2004 وحولي 160 مليار دولار عام 2005.
تحديات المستقبل
وخلال المرحلة المقبلة، فإن عدداً من التحديات الكبيرة لا يزال يواجه دول مجلس التعاون. التحدي الأول هو إصلاحات سوق العمل المطلوبة والتي ينبغي أن تركز على إصلاح الخلل في التركيبة السكانية وما تمثله القوى العاملة الوافدة من تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية خطرة وخاصة في ظل الاهتمام الدولي بقضية المهاجرين، وبدء تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق المهاجرين وأفراد أسرهم بدءاً من عام 2003. إلا أن التحدي الأكبر في هذا المجال هو قضية البطالة بين أبناء دول مجلس التعاون والتي أصبحت تتفاقم يوماً بعد يوم بسبب نظم التعليم التي لا تواكب التطورات الاقتصادية، وتدني الأجور في القطاع الخاص بسبب سياسات الهجرة المتساهلة. وقد ألقى التقرير الاقتصادي الخليجي السابق (2004-2005) الضوء على هذه المعضلة بدرجة واضحة، ولذا فإن هذا ليس مجال الإعادة هنا.
والتحدي الثاني الذي يواجه دول المجلس هو التعامل مع الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات وأسعار الأسهم في أسواق المال. وكما أسلفنا، فإن تدفق الايرادات النفطية، وتوافر السيولة في المصارف المحلية، وعودة رأس المال الخليجي من الخارج بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، قد أدت الى ارتفاع كبير في أسعار الأراضي والعقارات المخصصة للأغراض السكنية أو التجارية وقد كانت هذه الظاهرة عامة شملت جميع دول المجلس، وإن كانت بدرجات متفاوتة. إلا أن التطور الأكثر خطورة هو الارتفاع غير المعهود في أسواق الأسهم مما أصبح ينذر بالمخاطر بحدوث فقاعة الأسهم التي ستكون لها آثار مدمرة في النظام المصرفي. ونظراً لأنه لا توجد إحصاءات دقيقة وموثوق بها عن تطورات أسواق العقارات في دول المجلس، فسنركز هنا على التطورات التي حدثت في أسواق المال الخليجية.
السيولة وأسواق المال
وخلال العام الماضي (الربع الثاني لعام 2004 الى الربع الثاني لعام 2005) ارتفعت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في أسواق المال في دول مجلس التعاون بحوالي مرتين ونصف المرة (من 379،4 مليار دولار الى 932 مليار دولار)، ولا يعكس هذا الارتفاع زيادة كبيرة في عدد الشركات المدرجة (حيث ازداد عددها بمقدار 54 شركة جديدة)، وإنما يعكس زيادة في السيولة التي ضخت في هذه الأسواق والتي انعكست أيضاً في ارتفاع حجم التداول الذي ازداد من 162،2 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2004 الى 376،8 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2005. وازداد عدد الأسهم المتداولة بمقدار الضعف تقريباً (من حوالي 13 مليار سهم لحوالي 26 مليار سهم).
ولا شك أن جانباً من هذا الازدهار في أسواق المال الخليجية يعكس نجاح الشركات المساهمة وقدرتها على الاستفادة من فترة الانتعاش الاقتصادي التي تمر بها المنطقة، كما تعكس نجاحها في التوسع في أعمالها في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية. وارتفاع أسعار الأسهم لهذه الشركات يعكس أيضاً روح التفاؤل التي تسود المنطقة بعد ارتفاع أسعار النفط ومحافظتها على هذا الارتفاع لفترة طويلة نسبياً، والتفاؤل بقدرة الاقتصاد العالمي على تجاوز مراحل الخطر ودخوله لمرحلة انتعاش جديدة، وكذلك وجود علامات على دخول منطقة الخليج لمرحلة استقرار نسبي بعد إقرار الدستور العراقي وإجراء الانتخابات البرلمانية.
إلا أنه مما لا شك فيه أيضاً أن جانباً مهماً من ارتفاع أسعار الأسهم يعود لنشاط المضاربة الذي احتدت وتيرته في الفترة الأخيرة، ووجود سيولة كبيرة، سواء تولدت من الفائض النفطي أو من الأموال الراجعة من الخارج، ولا تجد هذه الأموال أوجه استثمار في المدى القصير سوى في القطاعين العقاري والمالي، ناهيك عن إقبال العديد من دول الخليج على فتح أسواقها المالية للاستثمار الأجنبي والسماح لأبناء مجلس التعاون الآخرين أو للأجانب المقيمين بتملك الأسهم بشروط أو من دون قيود.
وخلال الفترة الأخيرة برزت علامات عديدة على أن أنشطة المضاربة قد بلغت بعض حدودها القصوى مما قد ينذر بحركات تصحيحية قد يكون بعضها كبيراً. ومن تلك المؤشرات ارتفاع أسعار بعض الأسهم لمستويات لا تبررها القواعد الاقتصادية، وانخفاض معدل العائد للأسهم مما يلغي كل المبررات الاقتصادية للاستثمار السليم، عدا عن أن جزءاً كبيراً من أرباح الشركات المساهمة أصبح يأتي من المضاربة في أسواق المال، مما يجعل أي حركة تصحيحية مستقبلية ستبدو وكأنها كرة ثلج ستنعكس آثارها على جميع الشركات المدرجة في هذه الأسواق.
وبإمكان دول الخليج اتباع سياسة الانتظار والمراقبة وربما التفرج والتي ستكون نتائجها الحتمية خسائر هائلة للأفراد والشركات ولربما تعرض النظام المصرفي لأزمات كبيرة تتمثل في الخسائر والديون المعدومة وفقدان الثقة في الاقتصاد المحلي، وبإمكان حكومات هذه الدول التداخل المتدرج والفاعل من خلال أدوات السياسة النقدية والإجراءات الإدارية التي تحد من الإقراض لأغراض المضاربة وفروض قواعد الشفافية والإفصاح الكامل للشركات المساهمة لكي يكون المستثمرون على علم تام بتطورات السوق وتقلباته.
أما التحدي الثالث الذي يواجه دول مجلس التعاون مجتمعة هو اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية مع الولايات المتحدة. وهذا التحدي يتجلى في أوجه عديدة من أهمها: أن هذه المفاوضات، وبناء على إصرار الولايات المتحدة، تتم مع الدول الأعضاء فرادى ولا تتم بصورة جماعية. وسيتيح هذا الترتيب للولايات المتحدة تحقيق إنجازات عديدة لن تتمكن دول الخليج من تحقيق نتائج شبيهة بها وذلك لرفض مبدأ المفاوضات الجماعية. وبناء على إصرار الولايات المتحدة أيضاً، فإن هذه الاتفاقيات ستمنح الولايات المتحدة مزايا تفضيلية لم تقدم دول الخليج على منحها لبعضها وفقاً لاتفاقيات التعاون الاقتصادي والسوق الخليجية المشتركة. وبعض ترتيبات هذه الاتفاقيات، والتي منها إلغاء التعرفة الجمركية بين بعض الدول والولايات المتحدة، ستخلق تحديات حقيقية لترتيبات السوق الخليجية المشتركة وتوحيد التعرفة الجمركية بين دول المجلس، ومن ثم على كل الترتيبات المستقبلية لتقدم مسيرة مجلس التعاون. وأخيراً فإنه وبناء على الدور الفاعل للكونجرس الأمريكي في إقرار هذه الاتفاقيات، فإن دول المجلس ستكون أمام ضغوط للقبول ببعض الشروط الأمريكية التي ربما ستخل بأوضاعها الداخلية (حقوق العمال المهاجرين، ومعايير العمل.. الخ) أو بارتباطاتها العربية، وخاصة في ما يتعلق بالمقاطعة الاقتصادية ل “اسرائيل”.
وبغض النظر عن الشكوك حول المكاسب الحقيقية التي ستحصل عليها دول المجلس التي ستقوم بالتوقيع على هذه الاتفاقيات، فإنه مما لا شك فيه أن هذه الاتفاقيات ستشكل تحدياً حقيقياً وربما هو الأول من نوعه على المستوى الاقتصادي، لمسيرة المجلس ومدى إمكانية استمراره في المستقبل المنظور. ونظراً لأهمية هذا التحدي، فقد تم اختيار قضية اتفاقيات التجارة الحرة كموضوع رئيسي لهذا التقرير.

ABO HAMDAN
07-12-2005, Wed 3:07 AM
التقرير الاقتصادي الخليجي
2005 - 2006 ( 2)


أصدر مركز الخليج للدراسات التابع لدار الخليج للصحافة والطباعة والنشر “التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 2006” تحت عنوان “اتفاقيات التجارة الحرة لدول الخليج” وتضمن استهلالاً حول مدى قدرة الاقتصادات الخليجية على التعامل مع الفوائض النفطية، واشتمل على عدة محاور حول التطورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وأسواق النفط، وارتفاعها، وهواجس الخوف التي تهيمن على الأسواق، والنفط والفيدرالية. كما تناول التقرير الذي يقع في 217 صفحة من القطع المتوسط اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لدول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وآثارها المتوقعة في اقتصادات دول مجلس التعاون، وبحث كذلك أوضاع التجارة البينية لهذه الدول وخصائصها وتطوراتها. وأفرد التقرير ملفات خاصة لكل من اقتصادات العراق واليمن وإيران. ويستعرض د. معاوية العوض في هذه الحلقة التطورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون بشكل عام، ثم يعرج على وضع كل دولة منها على حدة.
زيادة السيولة أنعشت أسواق الأسهم بشكل غير مسبوق
ارتفاع أسعار النفط زاد من تكلفة الواردات ومعدلات التضخم
استمرت أسعار النفط عند معدلاتها العالية في عام 2005 حيث بلغ متوسط سعر برميل برنت خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2005 حوالي 49 دولاراً، كما أن السعر تخطى 60 دولاراً في أواخر شهر يونيو (حزيران)، وبلغ حاجز 70 دولاراً في سبتمبر/ أيلول. ويعود الارتفاع الكبير في أسعار النفط بالدرجة الأولى لارتفاع الطلب على النفط بسبب النمو العالمي والنمو الكبير في استهلاك النفط خصوصاً في الصين والهند والولايات المتحدة. وساعد على ارتفاع أسعار النفط الأخبار التي ترددت عن أن الدول المنتجة للنفط تعمل عند مستوياتها القصوى مما يوحي بأن سوق النفط سيواجه عجزاً في المستقبل القريب بحيث لا يمكن سده بوقت قصير، ولذلك زاد البعض من طلباتهم من النفط لتجنب هذه الاحتمالات. ومن المتوقع أن تنخفض أسعار النفط خلال عام 2006 ولكنها يمكن أن تستمر عند مستويات عالية نسبياً مما يدعم النمو الاقتصادي الخليجي سواءً في القطاعات النفطية أو غير النفطية التي تعتمد بشكل كبير على فوائض الأموال التي يقدمها القطاع النفطي.
ويقدر النمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2004 بحوالي 51% وقد ساعد النمو الاقتصادي الكبير في الصين الذي قاده التوسع الكبير في صادراتها وكذلك الأداء الاقتصادي الجيد في الدول النامية وكذلك في الولايات المتحدة واليابان وروسيا على تعزيز النمو الاقتصادي العالمي وخاصة في النصف الأول من عام 2004. ولكن ارتفاع أسعار النفط إضافة لاستمرار ارتفاع أسعار اليورو وبداية ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية أبطأت من التوسع في النمو الاقتصادي العالمي في النصف الثاني من عام 2004 والنصف الأول من عام 2005. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي العالمي حوالي 3.4% في عام 2005 والمعدل ذاته في عام 2006. وربما نشهد خلال هذه الفترة تغيراً في النمط السائد في السابق، حيث اعتاد الاقتصاد العالمي على أن تحدد الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان نمط النمو والأوضاع الاقتصادية العالمية، إذ يعتقد الكثير من الاقتصاديين أن الأداء الاقتصادي القوي من جانب الدول النامية خلال هذه الفترة ساعد بشكل ملحوظ على تحسن الأوضاع الاقتصادية في الدول الصناعية وفي العالم بشكل عام. وبالرغم من التوقع باستمرار الأداء الاقتصادي القوي خلال عام 2005 للدول النامية إلا أنه يقدر أن ينخفض النمو الاقتصادي الحقيقي في هذه الدول من حوالي من 3.7% في عام 2004 إلى حوالي 4.6% في عام ،2005 و1.6% في عام 2006.
أداء خليجي جيد
وبالنسبة لدول الخليج فقد تمتعت بأداء اقتصادي جيد خلال عام 2004 واستمر هذا الأداء خلال عام 2005 حيث يتوقع أن يبلغ معدل النمو الحقيقي في إجمالي الناتج المحلي للمنطقة حوالي 4.5 في المائة، ينخفض بعدها بشكل طفيف إلى 5% عام 2006. ويعود السبب الأساسي لهذا النمو الاقتصادي إلى ارتفاع أسعار النفط وكذلك بسبب تطور الأداء الاقتصادي في قطاعات أخرى ومن أهمها الصناعات التحويلية والعقارات والخدمات المالية وذلك نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي الذي شجع الاستثمار الخاص في هذه القطاعات. ولكن على الرغم من الارتفاع الكبير في أسعار النفط فإن ضعف الدولار إضافة لارتفاع أسعار السلع والخدمات والزيادة السكانية الكبيرة في هذه الدول فإن الزيادة الحقيقية في متوسط دخل الفرد وفي الدخل الحقيقي الكلي ربما تظل أدنى من مثيلاتها في الثمانينات حينما شهدت المنطقة موجة مشابهة في ارتفاع أسعار النفط.
وباستثناء سلطنة عمان فإن النمو الاقتصادي الحقيقي في كل دولة من دول مجلس التعاون قد فاق النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام خلال الفترة من عام 2002 حتى هذا العام. وخلال عام 2004 يلاحظ التراجع في النمو الاقتصادي مقارنة بعام 2003 في كل دول المجلس عدا قطر، ولكن هذه المعدلات تظل قوية بالمقياس العالمي. وقد بلغ أعلى معدل للنمو في قطر حيث سجل 3.9% تليه الإمارات والكويت بمعدلي نمو 5.8% و2.7% على التوالي، بينما سجلت سلطنة عمان أدنى معدل للنمو بلغ 5.4%. ومن المتوقع خلال عام 2005 أن تزيد معدلات النمو الاقتصادي عن مثيلاتها في عام 2004 في بعض دول المجلس (البحرين والسعودية)، بينما تشهد الدول الأخرى تباطؤاً اقتصادياً.
حصة الفرد
وبالنسبة لحصة الفرد من الناتج المحلي فإنه من الملاحظ الارتفاع الكبير لهذه الحصة في قطر خلال عام 2004 حيث تخطت 000.40 دولار أمريكي مما يضع قطر في أعلى سلم دخل الفرد في العالم. أما في الإمارات فقد بلغ متوسط دخل الفرد حوالي 20861 سنوياً وفي الكويت 18148 خلال العام نفسه. ومن المتوقع أن ترتفع حصة الفرد من الناتج المحلي في عام 2005 في كل من البحرين وقطر والسعودية وأن تنخفض هذه الحصة في كل من الإمارات وعمان والكويت وذلك بحسب توقعات الناتج المحلي والزيادة في سكان هذه الدول.
ولا تزال الجهود تبذل بشكل متفاوت في سبيل تعزيز التنوع في الإنتاج في دول مجلس التعاون الخليجي ومن الواضح أن التركيز الأكبر يصب على صناعات البتروكيماويات والبلاستيك حيث تقدر بعض المصادر بأن المنتجات البتروكيماوية ستتخطى 40 مليون طن بنهاية عام 2005 وأن تصل قيمة الاستثمارات فيها إلى أكثر من 40 مليار دولار في عام 2010 مرتفعة من حوالي 37 مليار دولار بنهاية عام 2002.
زيادة البطالة
وازدادت مشكلة البطالة بين المواطنين حدة في دول مجلس التعاون الخليجي مع أنها جميعاً تحاول بشكل أو بآخر وضع بعض القوانين التي تضمن توطين بعض الوظائف فيها. إلا أن هذه الدول مستمرة وبشكل كبير باستيراد العمالة الوافدة، وخاصة الرخيصة في القطاع الخاص الذي يعتمد بشكل رئيسي على الإنتاج كثيف العمالة. ومن الملاحظ أن نسب صغار السن من إجمالي السكان بين المواطنين كبيرة حالياً في هذه البلدان مما يوحي بأن مشكلة البطالة ستتفاقم بشكل كبير في المستقبل إن لم يجد لها المشرعون حلاً ملائماً. وتلاحظ مشكلة البطالة في كل من السعودية والبحرين وسلطنة عمان بشكل أكبر من بقية دول مجلس التعاون حيث تقدر معدلات البطالة في السعودية بحوالي 10% حسب بعض التصريحات الرسمية وفي البحرين بحوالي 20% وفي سلطنة عمان من 10% إلى 20%.
تكلفة الواردات
وبارتفاع أسعار النفط خلال عامي 2004 و2005 وتوقع استمرار ضعف الدولار الأمريكي بسبب العجز التجاري والعجز في الميزانية الحكومية الأمريكية فإن تكلفة الواردات الخليجية من السلع الأجنبية أصبحت أكبر، مما زاد من معدلات التضخم في هذه الدول. وتضع هذه الحقائق إشارات استفهام حول معدلات التضخم الرسمية التي تنشرها دول الخليج مثل 5.0% في السعودية و9.1% في الكويت و3% في الإمارات. ويمكن القول إن المعدل المعقول هو ما نشرته غرفة التجارة والصناعة في قطر عن التضخم الذي بلغ 5.9%. ولذلك فإنه يعتقد بأن معدلات التضخم في دول مجلس التعاون الأخرى على الأغلب أكبر من الأرقام المنشورة، ذلك أنها تشهد، مثل قطر، ارتفاعاً في الطلب على العقارات وعلى السلع والخدمات وارتفاعاً بأسعار الواردات من السلع الأجنبية بسبب ضعف الدولار الأمريكي الذي ترتبط بها كل عملات دول المجلس.
وتعد دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر حرية في المجال الاقتصادي في الوطن العربي إلا أن درجات هذه الحرية تختلف من بلد إلى آخر. فاعتماداً على مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2005 الذي أصدرته مؤسسة هيرتيج بالتعاون مع جريدة وول ستريت الأمريكية فإن البحرين تتمتع بأعلى مستوى من الحرية الاقتصادية بين هذه الدول حيث سجلت معدل 1.2 مما يضع البحرين في عداد العشرين دولة الأولى في العالم الأكثر حرية في المجال الاقتصادي. وحسب هذا المؤشر فإن مستوى الحرية يرتفع كلما اقترب الرقم من الصفر ويعتمد هذا المؤشر على قياس درجة التدخل الحكومي في الاقتصاد والسياسات المالية والنقدية والاستثمار الأجنبي والبنوك وحقوق الملكية والأجور والأسعار والتجارة والقوانين التجارية والسوق غير الرسمي. وتعد الإمارات الدولة الثانية في مجال الحرية الاقتصادية في عام 2005 ضمن دول المجلس بمعدل 7.2 تتبعها الكويت بمعدل 8.2 ثم عمان بمعدل 8.2 والسعودية بمعدل 0.3 وأخيراً قطر بمعدل 1.3. ويعد التدخل الحكومي في الاقتصاد من أكثر العوامل التي تقلل من درجة الحرية الاقتصادية في دول المجلس تتبعها القوانين التي تحدد حقوق الملكية والاستثمار الأجنبي (عدا حالة البحرين) ومن ثم القوانين الاقتصادية والتجارة الخارجية. وخاصة في قطر والسعودية.
وأخيراً فإن ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات السابقة وحتى الآن زاد بشكل كبير من السيولة المالية في دول مجلس التعاون مما أدى لانتعاش كبير وغير مسبوق في أسواق الأسهم. ولكن هذا الانتعاش ربما يرتبط بفقاعات استثمارية ناتجة عن الفائض في السيولة، ويخشى أنه يفوق الأداء المالي والإنتاجي للشركات الخاصة في هذه الدول، ومن المحتمل أن تختفي هذه الفقاعات بانخفاض أسعار النفط في المستقبل.
الإمارات: جذب الاستثمارات
استفاد الاقتصاد الإماراتي من ارتفاع أسعار النفط خلال عامي 2004 و2005 حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي الحقيقي حوالي 5.8% خلال عام 2004 ومن المتوقع أن ينخفض إلى حوالي 6.5% خلال عام 2005. ولا يتوقف النمو الاقتصادي القوي على قطاع النفط فقط بل إنه يمتد إلى كافة القطاعات في الاقتصاد وخاصة في قطاع العقارات الذي استفاد بشكل كبير من السيولة التي سببتها أسعار النفط المرتفعة. وكذلك تعزز النمو الاقتصادي بسبب قوة الطلب على السلع والخدمات والتي من المفترض أن ترتفع بشكل أكبر بسبب رفع أجور العاملين في المؤسسات الحكومية. وبالتطورات الكبيرة التي شهدتها دولة الإمارات في السنوات القليلة الماضية فإنها أصبحت حالياً الاقتصاد الثاني في الوطن العربي بعد السعودية متخطية دولاً كبيرة بحجم السكان مثل مصر.
ومن المتوقع أن تستمر جهود التنويع الاقتصادي للإنتاج في جذب الاستثمارات الأجنبية وخاصة في قطاعات الغاز والسياحة والخدمات المالية والتكنولوجيا العالية ، وفي الإنفاق الكبير على قطاع الإنشاءات مما يدعم النمو الاقتصادي في المستقبل القريب. وكذلك فإن هناك بعض المؤشرات التي تدل على أن الحكومة ستتوسع في السماح للأجانب بالتملك وكذلك فإن متطلبات منظمة التجارة الدولية ستستدعي من الحكومة بحلول منتصف العام المقبل تطوير العديد من القوانين التجارية ومنها احتكار استيراد وتوزيع السلع من قبل مورد مواطن واحد. كما أنه من المتوقع أن تتابع حكومة أبو ظبي جهودها في خصخصة بعض المنشآت غير النفطية وقد قامت بتخصيص بعض المؤسسات والشركات العامة خلال العام المنصرم بحيث قومت أسهمها بأسعار متدنية جداً وتم حصر الاكتتاب على هذه الأسهم على المواطنين فقط كخطة من قبل الحكومة لتحويل جزء من الثروة الوطنية لهم.
العوائد الحكومية
ويمكن أن تكون العوائد الحكومية خلال عام 2005 الأعلى منذ تأسيس الدولة بسبب زيادة أسعار وإنتاج النفط. حيث بلغت أكثر من 92 مليار درهم في عام 2004 ويتوقع أن تزيد عن 100 مليار درهم في عام 2005. مع زيادة في النفقات الحكومية بشكل كبير أيضاً بسبب الزيادة في النفقات الرأسمالية وكذلك بسبب زيادة الرواتب في المؤسسات الحكومية.
وشهدت الإمارات ارتفاعاً كبيراً في أجور وأسعار المساكن وأسعار الكثير من السلع والخدمات وخاصة بعد زيادة الرواتب والأجور في القطاع العام، ولذلك يتوقع أن يتجاوز التضخم 10% مع أن التقديرات الرسمية تشير إلى فقط حوالي 6.5%. وبسبب ارتفاع أجور الشقق السكنية فإن ذلك وضع ضغطاً على القطاع الخاص لزيادة الأجور ونظراً لارتفاع أجور المكاتب التجارية أيضاً فإن هذه الشركات تحول قسماً هاماً من الزيادة في التكاليف إلى المستهلك عن طريق زيادة أسعار السلع والخدمات. وبسبب ربط الدرهم بالدولار فإنه يصعب على الحكومة استخدام أدوات نقدية لتحجيم التضخم الناشئ. فالبنك المركزي يتبع البنك الفيدرالي الأمريكي في تحديد أسعار الفائدة على الودائع مثلما فعل في مارس (آذار) حينما زاد سعر الفائدة على الودائع إلى 75.2 بعد زيادة مماثلة في الولايات المتحدة. وقرار المصرف المركزي بزيادة سعر الفائدة دون زيادة مماثلة في الولايات المتحدة يمكن أن يؤثر في الزيادة الكبيرة في القروض التي تشهدها الإمارات منذ العام الماضي وكذلك في الاستثمارات الكبيرة التي توجهت نحو سوق العقارات ونحو شراء الأسهم بسبب ضعف أسعار الفوائد على الودائع. وبسبب هذا الربط الوثيق للدرهم بالدولار الأمريكي فإن استمرار ضعف الدولار إضافة لزيادة الأسعار التي تشهدها الإمارات مؤخراً يمكن أن توثر سلباً في القوة الشرائية للدرهم الإماراتي.
أرقام قياسية
وحققت عوائد الصادرات أرقاماً قياسية في تاريخ الإمارات خلال العامين السابقين مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط العالمية حيث ارتفعت من 8.60 مليار دولار عام 2003 إلى حوالي 7.74 مليار دولار خلال عام 2004. ومن المتوقع أن تبلغ عوائد النفط خلال عام 2005 أكثر من 83 مليار دولار بسبب الاستمرار في ارتفاع أسعار النفط العالمية وزيادة صادرات النفط خلال هذه السنة، حيث من المتوقع أن تفوق قيمة صادرات النفط لوحدها 35 مليار دولار. ومع أنه من المتوقع أن تشهد أسعار النفط تراجعاً خلال عام ،2006 إلا أنه ليس من المتوقع أن تنخفض عوائد الصادرات بشكل كبير وذلك بسبب قوة الصادرات غير النفطية وإعادة التصدير. وبسبب هذا النمو في صناعة إعادة التصدير والتوسع الكبير في الإنشاءات وكذلك زيادة الطلب على السلع الرأسمالية والاستهلاكية بسبب زيادة السكان فإنه من المتوقع أن تصل قيمة الواردات إلى أكثر من 50 مليار دولار في عام 2005 وإلى أكثر من 55 مليار دولار ذلك خلال عام 2006. ولذلك فإنه من المتوقع أن يزيد الفائض التجاري إلى أكثر من 30 مليار دولار خلال عام 2005 بعد أن بلغ حوالي 25 ملياراً خلال عام 2004.
تقديرات البطالة
وبالنسبة لمعدلات البطالة بين المواطنين فإن تصريحات المسؤولين متضاربة حولها ولكن وزير العمل قد صرح مؤخراً بأن هذا المعدل قد يتراوح ما بين 10% إلى 11% من قوة العمل الوطنية، وهذا التقدير يفوق التقديرات السابقة للمسؤولين في الإمارات. أما بالنسبة لخطط تطبيق نظام الحصص الوظيفية للمواطنين في قطاعات المصارف وشركات التأمين والشركات التجارية التي يفوق عدد العمالة فيها عن خمسين والتي أقرها مجلس الوزراء في السنوات السابقة فإنه حسب بيانات هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية “تنمية”، الجهة المكلفة بالإشراف على متابعة تطبيق هذا النظام، لم يلتزم سوى سبعة مصارف من إجمالي 47 مصرفاً بنهاية عام 2004 بنسبة الزيادة السنوية في توظيف المواطنين وهي 4%. إلا أن عدد المواطنين المشتغلين في المصارف بنهاية عام 2004 شكل أكثر من 25% من إجمالي الموظفين في المصارف ويعد هذا بحد ذاته مؤشراً إيجابياً بشأن التوطين مقارنة بالقطاعات الخاصة الأخرى. أما بالنسبة لشركات التأمين والشركات التجارية فلا تزال نسب التوطين فيها متواضعة حيث بلغت حولي 5.3% و1% بنهاية عام 2004 على التوالي.
البحرين: نمو متواصل
شهد الاقتصاد البحريني نمواً قوياً خلال عام 2004 حيث بلغ حوالي 4.5% ومن المتوقع أن يزداد هذا المعدل إلى حوالي 1.7% خلال عام 2005. وإضافة لأسعار النفط المرتفعة فقد ساعد التوسع العمراني إضافة للإنفاق الحكومي الكبير على دعم النمو الاقتصادي خلال هذه المرحلة. وتستمر الحكومة في محاولاتها لتنويع مصادر الدخل في المملكة باستقطاب الاستثمار الخليجي والأجنبي لقطاعات تكنولوجيا المعلومات والتعليم والصحة.
وبعد أن تمتعت البحرين بفائض في الميزانية الحكومية يقدر بحوالي 8.2% من الناتج المحلي فإنه من المتوقع أن ينخفض هذا الفائض إلى حوالي 2% من الناتج المحلي في عام 2005 وذلك بسبب توقف السعودية عن إمداد البحرين بحوالي 000.50 برميل من النفط يومياً منذ منتصف عام ،2004 وعدم التوقع في خفض الإنفاق الحكومي خلال هذه الفترة.
وبزيادة أسعار وصادرات النفط والصادرات الأخرى فإنه من المتوقع أن تزيد قيمة الصادرات البحرينية من حوالي 3.8 مليار دولار في عام 2004 إلى حوالي 3.9 مليار دولار بنهاية عام 2005. وأيضاً بسبب المشاريع الكبيرة التي تقوم بها الحكومة والتوسع العمراني الذي تشهده المملكة فإنه من المتوقع أيضاً أن تزيد قيمة الواردات من حوالي 6 مليارات دولار في عام 2004 إلى حوالي 8.6 مليار في عام 2005 مما يوسع الفائض التجاري في عام 2005 إلى حوالي 5.2 مليار دولار.
السعودية: إدارة مالية قوية
بلغ معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي في السعودية حسب التصريحات الرسمية حوالي 2.5% خلال عام 2004 بسبب ارتفاع أسعار النفط وصادرات السعودية منه والذي أدى بدوره لارتفاع معدلات النمو في القطاعات غير النفطية أيضاً. ارتفاعات أسعار وإنتاج النفط استمرت خلال عام 2005 بشكل أكبر من العام الماضي وقد ارتفع إنتاج النفط إلى حوالي 4.9 مليون برميل يومياً خلال شهر مارس/ آذار من هذه العام مرتفعاً من حوالي 9 ملايين برميل في المتوسط خلال عام ،2004 ووصل الإنتاج إلى 10 ملايين بنهاية العام 2005. ومن المتوقع أن يرتفع النمو الاقتصادي الحقيقي خلال عام 2005 إلى حوالي 8.5%. ربما لا يستمر هذا السيناريو خلال عام 2006 حيث إنه من المتوقع أن تنخفض أسعار النفط، ولكن لا توجد هنالك أية إشارة لانخفاض إنتاج النفط وهذا سيؤدي إلى انخفاض في معدل النمو الاقتصادي مقارنة بعامي 2004 و2005 ولكن هذا النمو الاقتصادي الحقيقي سيبقى قوياً بحدود 7.4% وخاصة باستمرار الارتفاع في الطلب على السلع والخدمات في السوق السعودي وتدفق الاستثمارات الأجنبية إليه.
ويمكن القول إن الإدارة المالية السعودية قد تطورت بشكل كبير منذ عام 2000 على الرغم من الضغط السياسي الذي يقف عائقاً أمام تخفيض الخدمات الاجتماعية والدعم المقدم لبعض السلع والخدمات. فمنذ ذلك العام تمتعت الميزانية السعودية بفائض بعد سنوات عديدة من العجز بدأ في عام 1983 وقدر متوسط العجز فيها بأكثر من 12% من الناتج المحلي سنوياً وكان سبباً رئيسياً في اتساع حجم الدين السعودي الداخلي والخارجي. ومن المتوقع أن يبلغ الفائض في الميزانية السعودية لعام 2005 حوالي 112 مليار ريال مرتفعاً عن فائض قدره 98 مليار ريال عام 2004. وعلى الرغم من ارتفاع الإنفاق الرأسمالي وزيادة الضغط السكاني الذي يستدعي إنفاقاً أكبر إلا أن الزيادة الكبيرة المتوقعة في الدخل الحكومي نتيجة ارتفاع الدخل من النفط خلال هذه السنة رفعت التوقعات بحجم الفائض في الميزانية. ويساعد الفائض في الميزانية السعودية على تقليل آثار التقلبات في أسعار النفط إلا أن الاعتماد الكبير على النفط سيبقى الأكثر تحريكاً للتقلبات في الأوضاع الاقتصادية في السعودية لسنوات عديدة.
وساعدت أسعار الفائدة المنخفضة على زيادة النشاط في سوق الأسهم السعودية، إلا أن بداية ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية تشير إلى أن الارتفاع المرافق في أسعار الفائدة في السعودية قد تؤثر في الاقتصاد السعودي وبشكل خاص في قناة الاستثمار وخاصة بسبب المستوى المرتفع للدين السعودي الداخلي والخارجي. وقد شهدت أسعار الودائع لثلاثة أشهر ارتفاعاً من حوالي 1.1% في بداية عام 2004 إلى حوالي 8.2% في الأشهر الأولى لعام 2005 تابعة لارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مع بعض التعديلات الملائمة لأوضاع الاقتصاد السعودي.
الفائض التجاري





وبالنسبة للقطاع الخارجي زادت قيمة الصادرات السعودية إلى حوالي 130 مليار دولار في عام 2005 مرتفعة من حوالي 107 مليارات دولار في عام 2004 وأدت إلى زيادة الفائض التجاري للسعودية إلى أكثر من 87 مليار دولار بعد أن بلغ حوالي 5.67 مليار دولار في عام 2004. ومن المتوقع أن ينخفض هذا الفائض في عام 2006 إلى حوالي 70 مليار دولار نتيجة التوقع بانخفاض قيمة الصادرات وزيادة الواردات السعودية وخاصة للسلع الرأسمالية.
سوق العمل
ولا تزال مشكلة البطالة تمثل التحدي الأكبر للسلطات السعودية إذ يدخل سوق العمل سنوياً أكثر من 000.100 سعودي يجب توفير فرص العمل المناسبة لهم ويمكن لهذه الأعداد أن تزيد في المستقبل ذلك أن السعوديين في الفئة الفتية للأعمار التي تقل عن 15 سنة يشكلون حوالي 40% من السكان. وتختلف تقديرات البطالة في السعودية حتى ضمن المؤسسات الرسمية بينما تقدرها بعض المصادر غير الرسمية ما بين 10% إلى 20%. وتقدر وزارة الاقتصاد معدل البطالة بحوالي 7.9% أو أكثر قليلاً من 000.300 عاطل عن العمل تشكل الإناث منهم حوالي الثلث. إلا أن مجموعة سامبا المالية تقدر معدل البطالة في عام 2005 بحوالي 8.8% بينما يقدر وزير العمل السعودي البطالة بنهاية عام 2004 بحوالي 000.180 اعتماداً على سجلات العاطلين المسجلين في مراكز العمل الموزعة في السعودية. إلا أن هذه المكاتب تحوي سجلات الذكور فقط ولم يتم فتح مراكز العمل للإناث بعد.
سلطنة عمان: ارتفاع الدخل
على الرغم من انخفاض إنتاج النفط في سلطنة عمان إلا أن ارتفاع أسعار النفط خلال عامي 2004 و2005 فاقت في تأثيرها انخفاض الإنتاج مما زاد في قيمة الصادرات العمانية من النفط وهذا بالتالي دعم النمو الاقتصادي الحقيقي ليبلغ 5.4% في عام 2004 ومن المتوقع أن ينخفض إلى حوالي 8.3% خلال عام 2005. ولكن من المتوقع أن تتغير هذه الصورة من النمو الاقتصادي الضعيف في عام 2006 حينما يزداد انتاج الغاز السائل بحوالي 50% مما سيقلل من تأثير إنتاج النفط على النمو الاقتصادي وبالتالي فإنه من المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي الحقيقي حوالي 2.6%.
تنويع الإنتاج
وقد استمرت الحكومة العمانية في جهودها الحثيثة نحو تنويع الإنتاج الاقتصادي خاصة بعد الصعوبات التي واجهتها، وما زالت، في إنتاج النفط. وتتطلع الحكومة العمانية بشكل رئيسي نحو توسيع إنتاجها من الغاز الطبيعي خلال السنوات المقبلة حيث انها تمتلك مخزونات من الغاز الطبيعي تفوق بكثير مخزوناتها من النفط والتي لا يقدر لها الاستمرار لأكثر من عشرين سنة، كما أن تكلفة استخراج النفط في السلطنة تفوق التكلفة في دول مجلس التعاون الأخرى مما يجعلها أكثر تأثراً بانخفاض أسعار النفط. وكذلك فإنها تقوم بمفاوضات مع مستثمرين أجانب لإنشاء مصانع في صناعات البتروكيماويات والألمنيوم والأسمدة وكذلك في تطوير قطاعي الخدمات والسياحة. إضافة إلى ذلك فإن الحكومة العمانية تحاول جذب القطاع الخاص نحو الاستثمار في المشاريع الكبيرة مثل مشاريع الطاقة والاتصالات وتدعم هذه الجهود في التنويع الاقتصادي بخصخصة بعض مؤسسات القطاع العام حيث انها في سبيلها نحو خصخصة شركة الاتصالات الوحيدة وكذلك نحو خصخصة جزء من قطاع الطاقة الحكومي ومشاريع تحلية المياه.
ومستفيداً من ارتفاع أسعار النفط فقد ارتفع الدخل الحكومي في عام 2004 ليصل إلى أكثر من 11 مليار دولار على الرغم من انخفاض إنتاج السلطنة من النفط، ومن المتوقع أن يستمر هذه الارتفاع في الدخل خلال عام 2005 ليصل إلى حوالي 12 مليار دولار. أما بالنسبة للنفقات الحكومية فقد ارتفعت إلى حوالي 5.9 مليار دولار خلال عام 2004 ومن المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 10 مليارات دولار خلال عام 2005 بسبب الحاجة إلى النفقات الرأسمالية. وبذلك فإن الميزانية الحكومية في عمان تستمر في تسجيل فائض بدأ منذ عام 2000 وهذا الفائض يساعد السلطنة على تقليل ديونها الداخلية.
إضافة إلى ذلك فإنه من المتوقع أن يسجل عام 2005 أعلى قيمة للصادرات في تاريخ السلطنة حيث انه من المتوقع أن يقترب من 15 مليار دولار مرتفعاً من حوالي 13 مليار دولار في عام 2004. شهدت الواردات ارتفاعاً كبيراً خلال عام 2004 وهذا الارتفاع يستمر في عام 2005 بسبب الخطوات التي تتخذها السلطنة نحو التصنيع مما يتطلب استيراد العديد من السلع الرأسمالية وكذلك بسبب ارتفاع الطلب على السلع المختلفة. وبالرغم من ارتفاع قيمة الواردات فإن السلطنة قد حققت فائضاً تجارياً بلغ أكثر من 5 مليارات دولار في عام 2004 ومن المتوقع أن يرتفع إلى أكثر من 6 مليارات دولار في عام 2005.
البطالة أيضاً
ولا تزال البطالة تشكل مشكلة هامة في السلطنة على الرغم من الجهود الكبيرة التي قامت بها الحكومة في التوطين والتدريب وتوعية الشباب العماني إذ يقدر معدل البطالة ما بين 10% إلى 20% من قوة العمل العمانية.
قطر: الأغنى عالمياً
شهد الاقتصاد القطري نمواً قوياً خلال عام 2004 ومن المتوقع أن ينخفض هذا النمو في عام 2005 ويعاود الارتفاع في عام 2006 مما يجعل قطر الدولة الأغنى في العالم بقياس حصة الفرد من الناتج المحلي والذي تخطى 000.40 دولار في عام 2004. ويعود الانتعاش الكبير في الاقتصاد القطري إلى التطورات الهامة في قطاع الغاز مدعوماً بارتفاع أسعار وإنتاج النفط الخام. وقد بلغ معدل النمو الاقتصادي الحقيقي في قطر خلال عام 2004 حوالي 3.9%. وساعد على قوة النمو الاقتصادي خلال هاتين السنتين المشاريع البنيوية والصناعية الكبيرة التي تقوم فيها الدولة على الرغم من أن الحكومة تقوم باستخدام قسم هام من عوائد النفط لدفع الديون الخارجية الكبيرة والتي تقدر بحوالي 18 مليار دولار خلال عام 2004 التي من المتوقع أن تزيد على 21 مليار دولار في عام 2005. وبتوسع مشاريع إنتاج الغاز السائل مجتمعة مع استمرار بناء المشاريع الكبيرة فإنه من المتوقع أن يزداد النمو الاقتصادي الحقيقي بشكل أكبر خلال عام 2006 ليصل إلى 1.7%.
وستظل السياسة الاقتصادية القطرية لسنوات عديدة مرتكزة على التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط وخاصة بالتوجه نحو الاعتماد على الغاز الطبيعي السائل وتوسيع الصناعات البتروكيماوية والتي يقدر لها أن تكلف حوالي 75 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة. وتسعى قطر لأن تكون من أكبر المنتجين للغاز السائل في العالم بحلول عام 2012 بإنتاج يبلغ حوالي 77 مليون طن متري في السنة حيث إنها تمتلك ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم.
فائض كبير
ورغم النفقات الكبيرة التي تقوم بها الحكومة لتمويل المشاريع البنيوية والصناعية فإن قوة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره أدت إلى ارتفاع الفائض في الميزانية الحكومية بشكل كبير خلال عام 2004 والذي من المتوقع أن يزداد خلال عام 2005. وقد اقتربت الموارد الحكومية من 11 مليار دولار خلال عام 2004 بينما بلغت النفقات الحكومية حوالي 8.7 مليار دولار وبالتالي بلغ الفائض أكثر من 3 مليارات دولار. في عام 500g من المتوقع أن ترتفع الإيرادات والنفقات الحكومية إلى 13 مليار دولار و9.8 مليار دولار على التوالي مما يحقق فائضاً حكومياً بأكثر من 4 مليارات دولار. وعلى الرغم من التوقع بانخفاض أسعار النفط في عام 2006 إلا أن التوسع في إنتاج الغاز القطري سيقلل من تأثير الانخفاض في أسعار النفط مما سيقلل التأثير في الإيرادات الحكومية ولكن من المتوقع أن يزيد الإنفاق مما سيقلل من حجم الفائض في الميزانية الحكومية مقارنة بعامي 2004 و2005.
وفي القطاع الخارجي فقد بلغت قيمة الصادرات القطرية أكثر من 17 مليار دولار في عام 2004 ومن المتوقع أن ترتفع إلى حوالي 5.21 مليار دولار في عام 2005 مستفيدة من ارتفاع قيمة الصادرات النفطية إلى 5.10 مليار دولار أو ما يشكل حوالي 49% من إجمالي الصادرات. ومن المتوقع أن تحافظ الصادرات القطرية على مستواها خلال عام 2006 على الرغم من التوقع بانخفاض أسعار النفط وذلك بسبب التوسع في إنتاج الغاز السائل. أما الواردات القطرية فمن المتوقع أن تزداد في عام 2005 لتقترب من 6 مليارات دولار بسبب التوسع في الطلب المحلي على السلع الرأسمالية والصناعية بعد أن بلغت أقل من 5 مليارات دولار في عام 2004. التوسع في الوارادات القطرية سيستمر في عام 2006 ليقترب من حوالي 5.6 مليار دولار. وبالتالي فإنه من المتوقع أن يتوسع الفائض التجاري القطري من حوالي 12 مليار دولار في عام 2004 إلى مابين 15 إلى 5.15 مليار دولار في عامي 2005 و2006.
الكويت: انخفاض متوقع
على الرغم من الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال عام 2005 إلا أنه من المتوقع أن ينخفض النمو في الناتج المحلي من حوالي 2.7% في عام 2004 إلى حوالي 2.3% في عام 2005. ويعود السبب في الارتفاع الكبير لمعدل النمو الاقتصادي في عام 2004 إلى القفزة الهامة في إنتاج النفط الذي ارتفع من حوالي من 17.2 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال عام 2003 إلى حوالي 34.2 مليون برميل يومياً في المتوسط في عام 2004. أما في عام 2005 فمن المتوقع أن يزداد النمو في إنتاج النفط بشكل أقل بكثير من النمو الذي شهده العام السابق حيث يمكن أن تبلغ الزيادة في متوسط إنتاج النفط اليومي حوالي 000.50 برميل مقارنة بعام 2004.
وتسعى الحكومة ضمن سياستها الاقتصادية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل الوطني بعيداً عن النفط الخام. فمن جهة تدرس الحكومة إمكانية تخفيض الضرائب على الشركات الأجنبية من 55% إلى 30% لتشجيع الاستثمار الأجنبي. ومن جهة أخرى تسعى الحكومة إلى تخفيض سيطرة القطاع العام على بعض النشاطات الاقتصادية مثل قطاع الطيران المدني وتجارة النفط ليتسنى للقطاع الخاص توجيه استثماراته إليها. ويتمثل الدخل الأعلى غير النفطي في الكويت من عوائد استثماراتها في الخارج وهي تساعد على استقرار الوضع الاقتصادي حين تزداد التقلبات في أسعار النفط.
ومع أن الموازنة التي قدمتها الحكومة تبين عجزاً بحوالي 8.7 مليار دولار إلا أنه من المتوقع أن يبلغ الفائض الفعلي في الميزانية الحكومية لعام 2005 أكثر من 5 مليارات دولار بسبب ارتفاع عوائد النفط والتوقع بارتفاع عوائد الاستثمارات الكويتية في الخارج بسبب ارتفاع أسعار الفائدة الذي يمكن أن تشهده الولايات المتحدة. ويعد هذا الرقم أقل بشكل هامشي من الفائض الذي تمتعت به الكويت خلال عام 2004 على الرغم من التوقع بارتفاع العوائد الحكومية في عام 2005 إلى أكثر من 41 مليار دولار مقارنة بحوالي 37 مليار دولار في عام 2004. ويتوقع أن يزداد الإنفاق الحكومي في عام 2005 بأكثر من 11% مقارنة بعام 2004 ليبلغ أكثر من 35 مليار دولار، وتعود هذه الزيادة بشكل جزئي إلى بداية العديد من المشاريع الرأسمالية. ويمكن أن تستمر الزيادة في الإنفاق الحكومي خلال عام 2006 مما سيقلص الفائض في الميزانية، خاصة إذا انخفضت أسعار النفط. ولكن عوائد الاستثمارات الكويتية في الخارج يمكن أن تقلل من أثر انخفاض النفط.
وتعاني دولة الكويت كبقية دول مجلس التعاون الخليجي من البطالة بين مواطنينها إذ يقدر أعداد العاطلين عن العمل في عام 2004 بحوالي 000.14.
قوة اقتصادية.. ولكن!
شهدت الحالة الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال هذه الفترة انتعاشاً كبيراً بسبب ارتفاع أسعار النفط متصاحبة مع زيادة في صادرات هذه الدول منه. الا أنه على الرغم من قوة الأوضاع الاقتصادية في هذه الدول فإن جهود تنويع الإنتاج الاقتصادي بعيداً عن النفط لا تزال متأخرة عن الخطط التي يتم وضعها بين الحين والآخر. ونظراً لأن عائدات النفط تشكل المصدر الأكبر والأهم لموارد هذه الدول فإن المستقبل الاقتصادي لها سيظل عرضة لخطر الانخفاض الحاد في أسعار النفط وذلك لأن جهود التنويع الاقتصادي ارتبطت حتى الآن بشكل كبير بقطاع النفط والعوائد المادية المتقلبة التي يدرها هذا القطاع بحسب الأوضاع الاقتصادية العالمية التي تؤثر بشكل كبير في أسعار وإنتاج النفط. ويشكل ارتفاع الدخل الناتج عن النفط خلال هذه السنوات فرصة كبيرة لهذه الدول لتوجيه الفوائض المرتفعة من أجل دعم وتسريع جهود التنويع الاقتصادي وتحسين المناخ الاستثماري للمستثمر الخليجي والأجنبي على حد سواء. وكذلك فإنه حتى تستطيع دول الخليج أن تعزز وجودها الاقتصادي في قطاعات غير النفط ومشتقاته يجب عليها أن تقوم بالخطوات اللازمة لزيادة قدرتها التنافسية في قطاعات أخرى وخاصة بدعم القطاع الخاص ليقود الريادة في هذا الاتجاه. كما أنه يجب تقليص وزيادة فاعلية وإنتاجية مؤسسات القطاع العام لخدمة أغراض التنويع الاقتصادي وزيادة فاعلية إدارة السياسات الاقتصادية الكلية في هذه الدول. وكذلك من الضروري إعادة صياغة القوانين التي تتعلق بالملكية الأجنبية في هذه البلدان بما يلائم استقطاب أكبر للاستثمارات الأجنبية وخاصة في القطاعات الحيوية في دعم جهود التنويع الاقتصادي.
ولا تزال مشكلة البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي من المشكلات الهامة التي يجب معالجتها بحلول متوسطة وطويلة الأجل قبل أن تتفاقم بشكل كبير. ومع أن نظم الحصص الوظيفية التي تتبعها هذه الدول قد تقدم حلولاً جزئية في المدى القصير إلا أنه من غير المتوقع أن تنجح هذه الخطط في المديين المتوسط والطويل ولابد من اتباع خطوات اقتصادية أكثر ارتباطاً بأوضاع ومستقبل السوق الخليجي وتعتمد على تهيئة الاقتصاد لخلق الوظائف المناسبة للمواطن الخليجي وهذا يشكل التحدي الرئيسي الذي تواجهه هذه الدول فيما يتعلق بأوضاع العمالة الوطنية. إضافة إلى ذلك فإنه من الضروري أن تقوم هذه الدول باتباع الإجراءات التي تطور من عرض العمل بين مواطنيها وذلك بتطوير نظم التعليم والتدريب الوطنية وكذلك بتطوير الطلب على العمل بتشجيع الاستثمارات التي تعتمد على العمالة المؤهلة وكذلك بتحسين ظروف الاستثمار لتشجيع قيام العديد من المشاريع الجديدة.

ABO HAMDAN
17-12-2005, Sat 1:35 PM
التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 - 2006

(3)







عطش الاقتصاد العالمي للطاقة يبقي على الأسعار العالية للنفط


أصدر مركز الخليج للدراسات التابع لدار الخليج للصحافة والطباعة والنشر “التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 2006” تحت عنوان “اتفاقيات التجارة الحرة لدول الخليج” وتضمن استهلالاً حول مدى قدرة الاقتصادات الخليجية على التعامل مع الفوائض النفطية، واشتمل على عدة محاور حول التطورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وأسواق النفط، وارتفاعها، وهواجس الخوف التي تهيمن على الأسواق، والنفط والفيدرالية.

كما تناول التقرير الذي يقع في 217 صفحة من القطع المتوسط اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لدول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وآثارها المتوقعة في اقتصادات دول مجلس التعاون، وبحث كذلك أوضاع التجارة البينية لهذه الدول وخصائصها وتطوراتها.

وأفرد التقرير ملفات خاصة لكل من اقتصادات العراق واليمن وإيران.

وفي هذه الحلقة يتناول الدكتور وليد خدوري اسواق النفط بشكل مفصل، من حيث زيادة الطلب، والخوف من شح الامدادات، وارتفاع الأسعار.



رفع طاقات التكرير هو الحل لإعادة التوازن إلى الأسواق
الاضطرابات السياسية والأعاصير عززت من مخاوف شح الإمدادات
يعتبر عام 2005 مفصلاً مهماً في تاريخ صناعة النفط العالمية. فقد ارتفعت أسعار النفط الخام إلى مستويات قياسية فاقت 70 دولاراً للبرميل الواحد، أو زيادة نحو 50 في المائة عما كانت عليه في أواخر العام الماضي. ويعزى السبب في ذلك، من ناحية، إلى الزيادة المستمرة في الطلب العالمي على النفط في الدول الصناعية الكبرى (الولايات المتحدة والصين)، والنمو الاقتصادي المتصاعد في الدول النامية. ومن ناحية أخرى، هناك التخوف الذي طغى على الأسواق منذ بداية العام حول احتمال شح الإمدادات، وبالذات في الربع الرابع من العام. وعزز هذه المخاوف الاضطرابات السياسية في بعض الدول المنتجة، والحرائق والعطل الذي أصاب المصافي الأمريكية في فترات متلاحقة، وأخيراً الدمار الذي لحق بصناعة النفط الأمريكية نتيجة إعصار كاترينا في نهاية شهر آب (أغسطس).

وتدل معظم المؤشرات المتوفرة حالياً إلى احتمال استمرار بقاء الأسعار على مستويات عالية الى حين توفر السعة اللازمة لدى المصافي العالمية في تكرير المنتجات البترولية المطلوبة، وبالذات النفوط الثقيلة العالية الحموضة والتي تشكل الجزء الأكبر من النفوط الجديدة، أو انخفاض الطلب على النفط الخام نتيجة الارتفاع السريع في مستوى الأسعار وآثاره السلبية في النمو الاقتصادي العالمي.

وبرزت في عام 2005 ظاهرتان جديدتان غير مألوفتين في الصناعة النفطية العالمية. فالمفروض أن ينخفض الطلب على النفط بعد سنتين من الأسعار العالية، لكن الذي حدث خلال هذا العام هو غير ذلك. فاستمر الطلب في الارتفاع، وللسنة الثانية، وعلى الرغم من الأسعار القياسية. كما أنه كان من المفروض أن تستقطب الأسعار العالية، والتي استمرت لمدة سنتين، الاستثمارات المالية اللازمة لتطوير طاقة إنتاجية نفطية جديدة أو طاقات بديلة ينتج عنها فائض في الأسواق يؤدي تدريجياً إلى انخفاض الأسعار. لكن هذا لم يحصل. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة شل، ثالث أكبر شركة نفط في العالم، في نيسان (أبريل) الماضي أنها استطاعت تعويض نصف ما أنتجته فقط خلال ،2004 على عكس ما كان يحدث سابقاً عندما كانت الشركات تعوض كامل إنتاجها خلال العام المنصرم. ولم تكن نتائج الشركات النفطية الأخرى أحسن بكثير من نتائج شركة شل.

ارتفاع أسعار النفط

تميزت ظاهرة ارتفاع أسعار النفط الخام خلال عام 2005 بعامل أساسي، ألا وهو اقتناع معظم المسؤولين في الدول المستهلكة والمنتجة أن السبب وراء هذه الزيادة هو ارتفاع الطلب، والاهتمام المتزايد بالمنتجات القليلة الكبريت، وليس نقص إمدادات النفط الخام عموماً.

فبعد سنوات من قوانين بيئية شديدة ومتعددة في الدول الصناعية الغربية، شرعت الهند هذا العام أنظمةً تتطلب خفض مادة الكبريت في البنزين وزيت الغاز (الغاز أويل) من 1000 و2500 جزء من المليون إلى ،500 وكذلك في الصين من 800 و2000 إلى 500. والمشكلة هي أنه لا تتوافر في مصافي هذين البلدين الكبيرين الإمكانات لتنفيذ هذه القوانين البيئية.

وهناك أيضاً الطلب المتزايد على الوقود في الصين. فعلى سبيل المثال، استوردت المنطقة الساحلية من شرق الصين التي تضم شانغهاي وشاندونغ خمسة ملايين طن من زيت الوقود (الفيول أويل) في ،2004 أو زيادة 100 في المائة عن ،2003 وتحتاج هذه المنطقة إلى 50.4 مليون طن إضافية في 2005. ومعظم هذا الوقود سيستعمل لتوليد المحركات التي استوردت لتوليد الكهرباء بسبب عجز الشبكة الوطنية في البلاد عن سد العجز الحاصل نتيجة ارتفاع مستوى المعيشة والاستهلاك المتزايد للكهرباء في الآونة الأخيرة. وفي مجال الطيران، استعمل 120 مليون نسمة الطائرات في الصين في ،2004 بزيادة مقدارها 38 في المائة عن ،2003 ويتوقع ان يرتفع المعدل في 2005 نحو 15 في المائة.

لقد وفت الدول المنتجة بوعودها في تزويد الأسواق بما تحتاجه من نفط خام، رغم الارتفاع المستمر في الطلب. إلا أن الخوف الذي لازم الأسواق النفطية والمالية طوال العام، والذي استغله الكثير من المضاربين وصناديق الاستثمار لتحقيق أرباح خيالية، هو تصور وجود شح في الإمدادات. وبالفعل حدث شح في المنتجات البترولية في الولايات المتحدة في أوائل شهر ايلول (سبتمبر) بسبب الدمار الذي تركه إعصار كاترينا في الحقول النفطية الوسطى والشرقية في خليج المكسيك ومصافي التكرير في ولاية لويزيانا.

النمو العالمي

ويعود السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار النفط إلى نحو 70 دولاراً إلى النمو المستمر للاقتصاد العالمي والذي لم يؤثر فيه بشكل كبير الارتفاع المستمر في الأسعار حتى كتابة هذه السطور. ويعود السبب في ذلك إلى النمو الكبير الذي حصل في الاقتصاد العالمي خلال العقود الماضية، والدور البارز لقطاع الخدمات والتقنية، ومن ثم النسبة الأقل لحجم النفط في مجمل الاقتصاد العالمي. كما يفسر هذه الظاهرة نمو حجم الإنتاج والصادرات للسلع الاستثمارية والاستهلاكية في التجارة العالمية ومن ثم عدم بروز ظاهرة التضخم على الصعيد الاقتصادي العالمي نتيجة أسعار النفط العالية. وهناك الكثير من الأدلة على أهمية هذه المؤشرات.

فعلى سبيل المثال، تشير أرقام إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية إلى أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة ارتفع 2 في المائة خلال الربع الثاني، مقارنة بالربع الأول من عام 2005. والأهم من ذلك، أن استهلاك البنزين في الولايات المتحدة في شهر حزيران (يونيو) وصل إلى 48.9 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى له في تاريخه. وقد ارتفع مستوى الاستهلاك هذا في حين وصلت أسعار البنزين إلى نحو 15.2 دولار للجالون، وارتفعت لاحقاً في نهاية فصل الصيف إلى فوق 3 دولارات للجالون في بعض الولايات، وهو رقم قياسي بالنسبة للولايات المتحدة، يقارن بنحو دولار واحد للجالون قبل ثلاث سنوات. كما أن معدل استيراد النفط الخام وصل إلى 5.10 مليون برميل يومياً، أي نصف مجموع الاستهلاك الأميركي البالغ 21 مليون برميل يومياً. لكن أكثر ما يثير القلق في الأوساط النفطية العالمية استمرار تشغيل المصافي الأمريكية بمعدلات تفوق 95 في المائة من طاقتها القصوى، وهذا يعني أنها لا يمكن أن تستمر على هذه الوتيرة دون توقع حوادث صناعية وأعطال وحرائق بين فترة وأخرى. وعندما تحدث هذه الحوادث الصناعية، ترتفع الأسعار خوفاً من شح الإمدادات.

لكن السؤال المهم هنا هو: لماذا هذا الارتفاع في الأسعار ما دام هناك توازن في ميزان العرض والطلب؟ ولماذا هذا الارتفاع في الاسعار في حين ان مستوى المخزون التجاري في الولايات المتحدة (أكثر دولة مستهلكة للنفط في العالم) قد ارتفع في شهر شباط (فبراير) 2005 إلى أعلى مستوى له في هذا العقد، وأن هناك نحو 300 مليون برميل نفط خام و300 مليون برميل منتجات بترولية، أي معدل شهرين من الواردات الأمريكية. كما أن هناك في مجمل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الدول الصناعية الغربية واليابان) أكثر من 50.2 بليون برميل من المخزون التجاري، ناهيك عن الكمية المتوفرة في المخزون الاستراتيجي الأمريكي والتي وصلت إلى حدودها المرسومة لها وهي 700 مليون برميل.

ادعاءات

لقد سادت في السنوات الأخيرة، وبالذات في السنتين الماضيتين، ادعاءات كثيرة مفادها أن الإنتاج النفطي قد وصل إلى قمته، وأن الاحتياطات المتبقية لا تفي بالزيادات الجديدة المتوقعة في الطلب. وادعى أصحاب هذه المدرسة، وأبرزهم المستشار المالي الأمريكي مات سيمنز، أن احتياطي النفط السعودي قد وصل إلى قمته في الإنتاج، وهكذا الأمر في بقية الدول المنتجة. ويذهب سيمنز إلى القول انه ما دامت الولايات المتحدة وبقية دول العالم الصناعي معتمدة بصورة أساسية على الطاقة الإنتاجية في المملكة العربية السعودية وبقية دول أوبك، فمن الأجدى على هذه الدول أن تفصح بشفافية اكثر عن حجم الاحتياطي المتوفر لديها وعن خطط تطوير حقولها النفطية. وجواب الرياض وبقية عواصم دول أوبك هو أن هذه معلومات صناعية وتجارية لا تفصح عنها الدول السيادية أو الشركات النفطية، ومن ثم فإن دول أوبك غير ملزمة بالكشف عن أرقام الاحتياطي المتوفر لديها.

وتضيف الدول المنتجة، أنها قد استجابت بسرعة وبمصداقية في كل الأزمات التي حدثت خلال السنوات الماضية، وبالذات عند إضراب العمال في فنزويلا والانقطاع شبه التام للامدادات من هناك في نهاية 2002 وبداية ،2003 ونقصان الصادرات من نيجيريا في أوائل 2003 بسبب الصراع الاثني والقبلي، وتوقف الإنتاج العراقي لشهور عديدة بعد الاحتلال الأمريكي في ربيع 2003.

كما أن الدول الأعضاء في منظمة أوبك بدأت بزيادة الانتاج تدريجياً منذ أوائل عام ،2004 عندما تبين حجم ارتفاع الطلب في الصين، وغضت النظر فعلياً عن اتفاقية الانتاج المعلن عنها في حينه في اوبك، ولبت حاجات السوق من النفط الخام. ولكن المشكلة، كما رددت مراراً وتكراراً خلال عام ،2005 هي نقص سعة المصافي، وبالذات المتخصصة منها في النفوط الثقيلة ذات الحموضة العالية، ومن ثم زيادة الاسعار.

وما زاد الطين بلة في هذا الوقت الحرج بالذات الدمار الذي خلفه إعصار كاترينا في أواخر شهر آب (أغسطس) في ولاية لويزيانا الأميركية وإغلاق نحو 50.1 مليون برميل من الطاقة التكريرية لنحو أسبوع من الزمن، ومن ثم استمرار إغلاق طاقة تكريرية في أربع مصافٍ بسعة 880 ألف برميل يومين لمدة شهرين على الأقل، أو حتى أكثر. هذا ناهيك عن إغلاق نحو مليون برميل يومياً من سعة المصافي في ولاية تكساس لمدة أسبوعين من الزمن، وحتى أكثر، في منتصف شهر أيلول (سبتمبر).

أسباب

ويوجه المراقبون أصابع الاتهام لمنظمة أوبك لعدم استطاعتها زيادة الطاقة الإنتاجية في دولها الأعضاء إلى أكثر من 30 مليون برميل يومياً منذ منتصف السبعينات. ويتبين للوهلة الأولى أن دول أوبك لم تضف أي طاقة جديدة خلال العقود الماضية. ولكن السبب في عدم زيادة مجمل هذه الطاقة يعود لسببين رئيسيين.

أولاً: هو فقدان الطاقة الانتاجية في العديد من الدول نتيجة خراب ودمار الحروب والمقاطعة الأمريكية والدولية والنزاعات السياسية الداخلية ومن ثم لم يتم بناء طاقة إنتاجية إضافية، بل تقلصت الطاقة الانتاجية إلى نصف أو ثلث ما كانت عليه قبل عقود، في عدد من الدول الاعضاء. وهناك أمثلة العراق (من 8.3 مليون برميل يومياً في 1979 إلى 2.2 مليون برميل يومياً في 2005) وإيران (من 6 ملايين برميل يومياً في 1978 إلى 4 ملايين برميل يومياً في 2005) وليبيا (من 3 ملايين برميل يومياً في 1970 إلى 6.1 مليون برميل يومياً في 2005) وفنزويلا (من 1.3 مليون برميل يومياً في 2002 إلى 6.2 مليون برميل يومياً في 2005) ونيجيريا (إخفاقها في الوصول إلى طاقة إنتاجية بمستوى 3 ملايين برميل يومياً في منتصف هذا العقد كما كان مخطط له واستقرارها حالياً على مستوى 6.2 مليون برميل يومياً).

ثانياً: ان بقية الدول الاعضاء في منظمة أوبك قد بنت طاقة انتاجية جديدة وأضافت إلى منشآتها الأرضية ومعداتها التصديرية، إلا أنه وصل الأمر بهذه الدول بعد انهيار الأسعار في 1986 ومن ثم 1998 أنه كان لدى منظمة أوبك نحو 5 ملايين برميل يومياً من الطاقة الانتاجية الفائضة. ولم تجد هذه الدول أي حافز مالي او استراتيجي يدفعها الى صرف المليارات من الدولارات على تشييد طاقة انتاجية فائضة وعاطلة وباهظة الثمن. ولم تساعد الدول الصناعية المستهلكة للنفط في هذا الأمر، إذ أنها رفضت التعاون مع الدول المنتجة والمساعدة في ضمان الطلب وزيادته، كما هي تطالب باستمرار الدول المنتجة في ضمان الإمدادات وارتفاعها.

وما فاقم الأمور في هذا المجال هو ترديد الدول الصناعية الغربية، وبالذات الولايات المتحدة، في كل مناسبة ممكنة أن الاستراتيجية الطاقوية الأساسية للدول الصناعية هي فك الاعتماد عن نفوط دول الخليج والبحث عن مصادر نفطية جديدة وطاقوية اخرى. وكان آخر مثال على هذا ما تردد من خطب معادية لدول أوبك أثناء مؤتمر الحزب الديمقراطي في بوسطن في صيف 2004.

إن التركيز على فرضية عدم الاعتماد على إمدادات نفوط الخليج شوه التفكير الاستراتيجي للدول الصناعية وألقى الكثير من الشك والظلال على السياسات الطاقوية التي تم تبنيها.

فعلى سبيل المثال، لم تأخذ هذه الدول بشيء من الجدية الزيادة الهائلة في الطلب على النفط خلال السنتين الماضيتين، ولا الحيز الضئيل لدول النفط في الاقتصاد العالمي ومن ثم تأثيره في التضخم، وبالذات في فترة انتعاش الصادرات من الدول ذات الاستهلاك الأوسع للنفط مثل الصين والولايات المتحدة. كما غضت هذه الدول النظر عن بعض الأخطار الحقيقية لأمن الإمدادات النفطية، وبالذات الأعاصير في خليج المكسيك حيث تكمن 25 في المائة من سعة المصافي الأمريكية، والدمار الذي من الممكن أن يحصل نتيجة هذه الرياح العاتية الموسمية، وآثارها في الأسعار في الولايات المتحدة وبقية دول العالم، وبالذات في الوقت الذي فيه شح في سعة المصافي كما حصل في خريف 2005.

سياسة واضحة

ورغم هذه الظواهر، ورغم الاتهامات المتكررة، كانت سياسة جميع دول الأوبك، دون استثناء، واضحة في هذه الفترات، ألا وهي تزويد الأسواق بما تحتاجه من النفط الخام. ولم يختلف الوضع في 2005. وبالفعل، فقد وصل إنتاج الدول الاعضاء إلى نحو 28 - 30 مليون برميل يومياً منذ بداية العام.

وفي الاجتماع الوزاري نصف السنوي في اصفهان في شهر آذار (مارس) اتخذ اعضاء المنظمة قراراً ، بضغوط امريكية شبه علنية، بزيادة الانتاج من أجل تهدئة مخاوف الأسواق من شح في الإمدادات في نهاية العام، رغم قناعة معظم الوزراء بعدم الحاجة إلى ذلك في حينه.

ولكن اتضح بعد ذلك أن قرار اصفهان كانت له أبعاد اخرى. فقد قررت المنظمة، وبالذات السعودية ذات الحجم الأكبر على الساحة النفطية، تزويد مستودعات التخزين في الدول المستهلكة بالنفوط الخام اللازمة منذ وقت مبكر وعدم الانتظار إلى الربع الرابع من العام حيث يرتفع الطلب على النفط. والغرض من هذا الإجراء توفير النفط الخام مبكراً وفي مستودعات التخزين القريبة من الدول الصناعية وإطلاقه بسرعة إلى أماكن الاستهلاك في حال الحاجة إليه. ولكن رغم هذه الخطوة التطمينية، استمرت الاسعار في الارتفاع وذلك بسبب الزيادة المستمرة في الطلب على النفط.

وتشكل خطوة أوبك هذه نقلة نوعية في طريقة اتخاذ القرارات في المنظمة.

ففي الأعوام الماضية، وبالذات في عام ،2004 عكست قرارات أوبك إلى حد كبير الأرقام والتوقعات التي كانت تصدر عن وكالة الطاقة الدولية. وفحوى التقارير والدراسات التي صدرت في حينه أشارت إلى انخفاض الاعتماد على نفط أوبك، وزيادة الإنتاج من الدول غير الاعضاء في المنظمة، وانخفاض معدل نمو الطلب العالمي على النفط. وعليه، وبناء على هذه الفرضيات، اتخذ مجلس وزراء المنظمة سلسلة من القرارات التي تعكس هذه التوقعات السلبية والمتشائمة، وبالذات في الربع الأول من العام الماضي.

بمعنى آخر لم تزد أوبك رسمياً في اتفاقية نظام الحصص وجدول الإنتاج في مطلع عام 2004 على رغم ارتفاع الأسعار تخوفاً من تقلص الطلب المستقبلي. ولكن الذي حصل بالفعل أن الكثير من الدول رفعت من مستوى إنتاجها بناء على زيادة الطلب الفعلي في حينه، رغم التنبؤات المتشائمة.

شبح جاكرتا

ومما زاد من مخاوف الدول الأعضاء شبح “جاكرتا”، إشارة إلى اجتماع المجلس الوزاري للمنظمة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1997 في العاصمة الإندونيسية عندما قررت أوبك زيادة الإنتاج على رغم بدء مسلسل الأزمة الاقتصادية في آسيا مما أدى إلى انهيار أسعار النفط إلى ما دون 10 دولارات للبرميل.

إن قرار أوبك زيادة الإنتاج في أصفهان على الرغم من توازن العرض والطلب، وعلى الرغم من المخزون التجاري على مستواه في عام ،2004 يعود بالدرجة الأولى إلى تحملها مسؤولية عدم حدوث نقصان في الإمدادات النفطية في الأسواق العالمية، وبالذات التخوف من زيادة الطلب على العرض في نهاية عام ،2005 واحتمال ارتفاع الأسعار إلى مستويات عالية تؤذي الاقتصاد العالمي، وبالذات دول العالم الثالث.

وفي الاجتماع الوزاري الاستثنائي التالي لمنظمة أوبك في حزيران (يونيو) ،2005 استطاعت المنظمة إيصال رسالة مقنعة للعالم أن المشكلة في ارتفاع أسعار النفط هي قلة عدد المصافي لتكرير النفط الخام وليس نقص الإمدادات. لكن الرسالة الأخرى التي وصلت إلى الرأي العام هي أن الطاقة الإنتاجية المتوفرة لدى أقطار أوبك في الوقت الراهن قد اضمحلت، وأن أي قرار لزيادة الإنتاج فوق مستوى 28 مليون برميل للدول العشر الأعضاء (باستثناء العراق الذي هو خارج نظام الحصص) يعتبر “خطوة رمزية” لا أكثر ولا أقل. وتكررت الرسالة نفسها في اجتماع وزراء المنظمة في شهر أيلول (سبتمبر) عندما قرر المجلس الوزاري الاستغناء عن نظام الحصص لمدة ثلاثة شهور من أجل تلبية الطلب في الأسواق العالمية بعد إعصار كاترينا، رغم أن نظام الحصص توقف العمل به فعلياً منذ أوائل عام 2004.

وتوصلت الأسواق إلى استنتاج في ظل المعطيات المتوفرة، من نمو اقتصادي مستمر، ووصول الطاقة الانتاجية إلى الحالة القصوى، والتوقعات بزيادة الطلب في الربع الرابع من العام، وبلوغ المصافي حدها التكريري الأقصى، أن الأسعار ستبقى مرتفعة خلال عام 2005. وهيمن السؤال عند المراقبين والرأي العام الذي أخذ يشتكي تدريجياً ولكن بهمسات تكاد تكون مسموعة: ما هي الحدود القصوى للأسعار؟ هل هي 100 دولار للبرميل؟ وافترض معظم المراقبين، وبالذات في النصف الثاني من العام، أن الأسعار لن تنخفض عن مستوى 50 دولاراً للبرميل الواحد.



هاجس الخوف

هيمن نوعان من الخوف على الأسواق خلال عام 2005 مما كان لهما أثرهما في زيادة الأسعار.

الأول: مفاده أن الطاقة الإنتاجية الفعلية المتوفرة لدى دول الأوبك في الوقت الحاضر قد نفدت ولا يتوفر إلا نحو 50.1 مليون برميل يومياً لدى السعودية وأقل من ذلك بكثير لدى الإمارات والكويت. أما بقية الدول، فلا طاقة إنتاجية فائضة لديها. والأنكى من ذلك، أن الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى السعودية هي من النوع الثقيل والحامض، بينما تحتاج الأسواق نفطاً خفيفاً وقليل الحموضة.

الثاني: هو الخطاب الذي طالما يردده المسؤولون في الدول المنتجة هو أنه حتى لو توفر النفط الخام، فلا توجد المصافي الكافية المتخصصة والمتطورة التي تستطيع معالجة النفوط الثقيلة والحامضة المتبقية هذه الأيام. وما يشهد على ذلك هو أنه تتم تلبية حاجة الشركات من طلبات لكميات إضافية من النفوط ولم نسمع عن شكاوى من الشركات في رفض حاجتها من النفط الخام.

دفعت هذه المناظرات العلنية على صفحات النشرات البترولية المتخصصة المضاربين وصناديق الاستثمار إلى ولوج سوق النفط من خلال شراء البراميل الورقية والاستثمار في الأسواق الآجلة. ويشتري ويبيع هؤلاء المضاربون براميل النفط الورقية من أجل الربح المالي البحت، من دون أي مسؤولية في الاستثمار في الصناعة. فهؤلاء يدخلون ويخرجون من الأسواق المالية النفطية بين لحظة وأخرى اعتماداً على الأرباح التي يمكن أن يجنوها من هذه العمليات. والمشكلة هنا أنه عندما يرون أن من الممكن جني أرباح أكثر من التلاعب في سوق النفط، بدلاً من الأسهم والسندات، مثلاً، كما هو الوضع في ،2005 يهجمون كالقطعان على هذا السوق، وبهجومهم الجماعي يدفعون الأسعار إلى الأعلى من دون أي عوامل أساسية اقتصادية لذلك. وقد درت هذه الاستثمارات الضخمة، والتي تقدر بتريليون دولار، ارباحاً مجزية على أصحابها، وبالذات في وقت كانت فيه أسواق الأسهم والسندات في حال من الركود في العديد من أسواق الدول الصناعية. إلا أنه مع تعاظم الأموال المستثمرة في الأسواق الآجلة، وارتفاع الطلب الحقيقي والورقي على النفط، اندفعت أسعار النفط إلى الأعلى أكثر فأكثر غير آبهة بعوامل العرض والطلب.

وما ساعد على تراكم هذه الظاهرة ونموها هو عدم ظهور آثار سيئة لارتفاع الأسعار في الاقتصاد العالمي لفترة طويلة، وعدم بروز شكاوى حقيقية من قبل المستهلكين بشكل قيام المظاهرات والاحتجاجات والضغوط الخارجية. ويعزى سبب رئيسي وراء ظاهرة السكوت هذه، والتي سيطرت على الموقف إلى أن لحق الدمار بساحل لويزيانا في أواخر شهر آب (أغسطس)، إلى المعرفة التامة للدول الصناعية الغربية أن الدول النفطية تنتج بكامل طاقتها ولا تحجب برميلاً إضافياً في حال الحاجة إليه عن الأسواق.

إلا أن مخاوف الأسواق الأخرى بقيت ملقية ظلالها على أسعار النفط، وهي عوامل حقيقية وليست وهمية.

فالخوف من نشوب اضطرابات سياسية في الدول المنتجة قد تغلق الطاقة الإنتاجية المتوفرة هنا أو هناك في ظل ميزان العرض والطلب الدقيق. وهذه حقيقة واقعة لا يمكن نكرانها، وبالذات مع النقصان الانتاجي الفعلي الحاصل في العراق، وهيمنة الملف النووي الايراني على العلاقات بين إيران من ناحية وأوروبا والولايات المتحدة من ناحية أخرى، والاضطرابات الإثنية والقبلية في نيجيريا، والصراع المتصاعد بين حكومة هيوغو شافيز في فنزويلا وواشنطن.

اعصار كاترينا

وتأكدت أسوأ مخاوف الأسواق بشكل غير متوقع في نهاية آب (أغسطس) نتيجة الدمار الذي خلفه إعصار كاترينا. لقد سبب هذا الإعصار مشاكل مؤقتة وهيكلية في صناعة النفط العالمية خلال عام 2005.

فهو من ناحية، بالإضافة إلى إعصار ريتا في النصف الثاني من شهر ايلول (سبتمبر)، أغلق لأسبوعين على الأقل إنتاج نحو مليوني برميل من المنتجات النفطية، في وقت فيه شح عالمي لهذه المنتجات، بل نقص حقيقي في قسم منها. كما أغلقت الأعاصير، بسبب الفيضانات التي خلفتها والأضرار والعطل الذي حصل في المنشآت، بعض المصافي لأشهر عديدة. فسعة المصافي الأربع التي تم إغلاقها في لويزيانا، وهي بسعة 800 ألف برميل يومياً، تساوي تقريباً مجمل الطاقة التكريرية لدى دولة الكويت.

لقد كان ميزان العرض والطلب العالمي للمنتجات البترولية دقيقاً قبل كاترينا. واصبح حرجاً بل خطراً بعد الإعصار. ودخل العالم، لأول مرة، في أزمة شح منتجات بترولية، واضطرت الدول الاعضاء في وكالة الطاقة الدولية اللجوء إلى احتياطاتها النفطية والسحب من مخزون النفط الخام والمنتوجات البترولية لتعويض النقص في الولايات المتحدة والذي يقدر بنحو 40 مليون جالون يومياً من البنزين. واستطاعت هذه المساعدات حل الأزمة مرحلياً، إلا أن الخوف الآن هو من موجة برد قارس في نصف الكرة الشمالي، أو إعصار آخر، أو حريق في مصفاة مهمة، أو توقف الانتاج في إحدى الدول النفطية. وما يزيد الأمر خطورة هو النقص الذي حصل في إنتاج الغاز الطبيعي في خليج المكسيك خلال شهر أيلول (سبتمبر) أثناء إعصاري كاترينا وريتا حيث تم إغلاق نحو 8 بليون قدم مكعبة يومياً مما أحدث عجزاً في ميزان العرض والطلب الأمريكي على الغاز، ورفع بالأسعار إلى نحو 12 دولاراً لمليون وحدة حرارية، مقارنة بنحو 3 دولارات قبل سنوات قليلة.

وقد وعت الدول الصناعية للوضع الخطر الذي وصل إليه ميزان العرض والطلب العالمي واتخذت عدة خطوات لمعالجة الأمر، إلى جانب تزويد الولايات المتحدة بنحو 60 مليون برميل من النفط الخام والمنتوجات البترولية لمدة 30 يوماً، او ما معدله مليونا برميل يومياً. وهذه الكمية بالفعل هي أكثر مما تحتاجه الولايات المتحدة، وأكثر من النقص الذي حصل نتيجة لإعصار كاترينا، وأوسع من تهدئة مخاوف الأسواق. فالهدف من هذا البرنامج هو البدء بحملة عالمية لكسر شوكة الأسعار العالية. كما ضغط العديد من الحكومات الاوروبية، وبالذات فرنسا، على شركات النفط لتخفيض أسعار البنزين والديزل.

وطالب وزير المال البريطاني غوردن براون بهذا الخصوص في خطاب له في 12 أيلول (سبتمبر)، الدول المنتجة بزيادة الانتاج. ورد عليه وزير الطاقة القطري عبد الله العطية بأن الدول النفطية، منها قطر، مستعدة أن تستثمر في بناء مصافٍ جديدة في الدول الصناعية إذا فتح لها المجال لذلك. وكان وزير البترول السعودي علي النعيمي قد أعلن رسمياً في خطاب له في الولايات المتحدة قبل فترة عن استعداد المملكة بناء مصفاة في الولايات المتحدة. ولكن لم تحصل إي إجابات من مسؤولي الدول الصناعية على هذه الطلبات حتى الآن.

واعترف وزراء المال ومحافظو المصارف المركزية الاوروبية في اجتماع لهم في منتصف ايلول (سبتمبر)، ولأول مرة، أن المشكلة هي في عدم بناء مصافي التكرير طوال ربع قرن في الولايات المتحدة، أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم، وضرورة التعامل مع هذه الظاهرة بجدية، ناهيك عن انعدام شفافية معلومات الطاقة في الصين، ثاني أكبر دولة مستهلكة للنفط والطاقة في العالم.



النفط والفدرالية



شهد عام 2005 ظاهرتين جديدتين بخصوص طريقة اتخاذ القرار النفطي وتوزيع الثروات النفطية في البلاد العربية. ففي كانون الثاني (يناير) تم التوقيع على “بروتوكول تقاسم الثروة في الفترة الانتقالية التمهيدية والفترة الانتقالية” في السودان. ويعتبر هذا البروتوكول، والذي تم التوقيع عليه مبدئياً في نيافاشا في كينيا في كانون الثاني ،2004 أول وثيقة عربية من نوعها، يتم فيها تحديد السلطات والثروات النفطية بين العاصمة والأقاليم بهدف رسم السياسة البترولية واقتسام الثروة النفطية والتفاوض والاتفاق مع الشركات الدولية على الاستكشاف والانتاج.

وتبع هذا الاتفاق رسم مسودة الدستور العراقي والاستفتاء عليه في 15 تشرين الأول (أكتوبر) ،2005 والذي ينص على المشاركة الكلية للأقاليم والمحافظات في رسم السياسة النفطية وتخصيص نسب معينة من الثروة البترولية للأقاليم المنتجة وتلك التي تضررت اكثر من غيرها في عهد النظام السابق. كما ينص الدستور، وبطريقة غامضة، على أن جميع الصلاحيات التي لم تحدد في بنود الدستور لصالح الحكومة الفدرالية تعني أن هذه الصلاحيات ستكون من مهام الأقاليم.

تنبع هذه السياسة الجديدة، من ناحية، من تغيير ميزان القوى في الدول المنهكة بالحروب وضعف الحكومة المركزية واضطرارها إلى تقديم التنازلات من أجل الوصول إلى اتفاق شامل مع الثوار، كما هي الحال في السودان، أو في انهيار نظام بكامله، كما هو الوضع في العراق، وقيام حكم جديد بقوى سياسية جديدة تحاول أن تضع يدها على مصادر الثروة. وما ساعد على الإصرار في كلا الحالتين على طريقة جديدة واسلوب جديد في رسم السياسة النفطية وتوزيع الثروات هو الاستئثار الواضح الذي انفردت فيه العواصم في اتخاذ القرار واحتكار الريع النفطي على حساب المناطق خارج العاصمة، وبالذات تلك المناطق التي تشكل وجوداً سكانياً مختلفاً إثنيا أو قومياً أو دينياً أو طائفياً. وما ساعد في تأليب هذا الموضوع أيضاً النفوذ الأمريكي المتزايد في العملية السياسية في البلدين، أكان هذا من خلال الدور الرئيس في مفاوضات السودان، أو احتلال العراق والتحالف الاستراتيجي مع الأكراد والسياسي مع الأحزاب ******ة.

وبرزت منذ البداية بعض المشكلات أمام النظام الجديد، وفي البلدين. فقد وقعت الأطراف الإقليمية في السودان والعراق على اتفاقات وعقود مع شركات مغمورة للبدء بالاستكشاف والتنقيب عن النفط من دون علم الحكومة المركزية ومن دون إذنها، وفي حال السودان في مناطق كانت الخرطوم قد منحتها لأطراف ثالثة. وهذا الأمر، كما هو معروف في الصناعة النفطية العالمية، يخلق مشكلات قانونية متعددة نتيجتها الوحيدة تعطيل تنمية وتطوير الحقول وخسارة البلد المعني فرصاً مهمة.

ويكمن الخوف الأساسي في تمييع القرار النفطي وتشتيته ما بين العاصمة والأقاليم والمحافظات إلى الدور المتزايد للقبائل والأحزاب الإثنية والطائفية والدينية في الأقاليم، وإلى شيوع الفساد وغياب الإدارة الرشيدة، وفقدان المحاسبة والمساءلة - أكثر بكثير مما هو مفقود في العواصم. ويتخوف أن تنعكس هذه المخاوف على عرقلة وتأخير القرار النفطي وتطوير الحقول الجديدة إلى فترة غير معروفة، وإلى حين يتم فيه استقرار هذا النظام، في حال استقراره، مما يعني تأخير القرار النفطي وزيادة الطاقة الإنتاجية في الفترة التي فيها حاجة لتزويد الأسواق النفطية العالمية بكميات أكثر من النفط الخام. كما إن الخوف، وبالذات في ظل غياب التجربة والقوانين اللازمة المحلية، من ضياع القرار في بيروقراطيات العاصمة والإقليم والمحافظة، والنزاعات الإدارية فيما بينها، والخلافات على رسم الحدود الداخلية وإعطاء الأولوية اللازمة لهذا المشروع أو ذاك على أسس رشيدة وليس ذاتية.

















----

















التقرير الاقتصادي الخليجي ... 2005 - 2006
( 4 )





أصدر مركز الخليج للدراسات التابع لدار الخليج للصحافة والطباعة والنشر “التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 2006” تحت عنوان “اتفاقيات التجارة الحرة لدول الخليج” وتضمن استهلالاً حول مدى قدرة الاقتصادات الخليجية على التعامل مع الفوائض النفطية، واشتمل على عدة محاور حول التطورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وأسواق النفط، وارتفاعها، وهواجس الخوف التي تهيمن على الأسواق، والنفط والفيدرالية. كما تناول التقرير الذي يقع في 217 صفحة من القطع المتوسط اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لدول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وآثارها المتوقعة في اقتصادات دول مجلس التعاون، وبحث كذلك أوضاع التجارة البينية لهذه الدول وخصائصها وتطوراتها.
وأفرد التقرير ملفات خاصة لكل من اقتصادات العراق واليمن وإيران.
ويتناول الدكتور علي توفيق صادق في هذه الحلقة بالعرض والتحليل موضوع اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مع الولايات المتحدة الامريكية.
أهدافها تشجيع التجارة وتحريرها عبر المزيد من الإعفاءات الجمركية
انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الثانية التكتلات الدولية الهادفة إلى تقوية وتنمية العلاقات الاقتصادية بين أعضائها بهدف تحسين ظروف التنمية الاقتصادية فيها. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تعارض التكتلات الاقتصادية وتدعم الانفتاح الاقتصادي والتحرير التجاري في ظل سياسة وسيادة الأسواق من خلال مساندتها لنظام الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة ( الجات). ولقد وفرت الولايات المتحدة الأمريكية سوقا واسعة امام صادرات البلدان الأخرى من دون الإصرار على الحصول على معاملة مماثلة في علاقاتها التجارية. ففي الخمسينات والستينات من القرن العشرين كان الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي يقارب نصف الناتج العالمي، وكانت وارداتها ضئيلة نسبيا في حدود 5 - 3 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. وقد تغير هذا الوضع، واصبحت الولايات المتحدة الأمريكية مع نهاية الثمانينينات من القرن العشرين واحدة من عدة دول ثرية، حيث تحول وضع أمريكا من مركز الصدارة إلى مركز قريب من المساواة مع غيرها من الدول الثرية.
وفي الثمانينات من القرن العشرين بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تواجه مشكلة في ميزانها التجاري بسبب عجز صادراتها عن تغطية وارداتها، وظهر العجز في ميزانها التجاري، وفي حسابها الجاري أيضا. ويعزى تغير وضع الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقلص الأسواق الخارجية أمام السلع والخدمات الأمريكية بسبب التقدم التكنولوجي وانتشاره في العديد من دول العالم. فالثورة الزراعية قلصت الأسواق أمام الصادرات الزراعية الأمريكية، والسلع ذات التقنية العالية التي كانت تنتجها امريكا ولم تكن تنتجها الدول الأخرى أصبحت تنتج خارج أمريكا، الأمر الذي يشير إلى أن الأسواق الخارجية للسلع الأمريكية أصبحت تنافسية، كما أن أمريكا تحولت من مصدر للنفط إلى مستورد كبير له.
وفي ضوء ذلك أصبحت الأسواق الدولية للصادرات تنافسية، وفي الوقت نفسه أصبحت الحكومات تسير وتدير التجارة الخارجية. لذا ففلسفة السوق أو رفع اليد لم تعد معروفة، فالتجارة الدولية في السلع الزراعية والأنسجة والسيارات تخضع لترتيبات معينة. ففي المجموعة الأوروبية ارتفعت حصة الواردات الخاضعة لقيود غير جمركية من نحو 20 في المائة عام 1966 إلى نحو 53 في المائة عام ،1986 وفي اليابان من نحو 31 في المائة إلى نحو 42 في المائة، وفي أمريكا من نحو 36 في المائة إلى نحو 45 في المائة.
واتبعت الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف الثمانينات من القرن العشرين استراتيجية متعددة المسارات للمحافظة على مستوى التعاون الدولي. فقد استمرت نشطة في مفاوضات جولة الأوروغواي، التي بدأت في شهر سبتمبر/ أيلول ،1986 وانتهت بإنشاء منظمة التجارة العالمية عام ،1995 وأقامت مناطق تجارة حرة مع كندا عام ،1988 ومع “إسرائيل” عام ،1989 ومع كندا والمكسيك عام 1992. وفي يونيو/ حزيران عام 1990 أعلن الرئيس الأمريكي (جورج بوش الأب) عن مبادرة المشاريع للأمريكيتين الهادفة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول أمريكا اللاتينية في مجالات التجارة والاستثمار وتخفيف الديون الخارجية. في ظل هذه المبادرة وقعت 29 دولة إطار اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتلزم هذه الاتفاقيات الدول الموقعة بإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية في مواعيد محددة، وتوفير الوصول إلى الأسواق لتجارة الخدمات، وتوفير معايير للتعامل مع الاستثمارات بما في ذلك إزالة متطلبات المكون المحلي والأداء، واتخاذ الإجراءات لحماية حقوق الملكية الفكرية، وتقييد نشاطات الحكومة فيما يتعلق بالدعم والقيام بالتجارة واستخدام تقييد الصرف الأجنبي والرقابة. ووقعت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقيات تجارة حرة مع ثلاث دول عربية هي الأردن عام ،2000 والمغرب والبحرين عام 2004. وبدأت مفاوضات مع كل من الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان في شهر مارس/ آذار 2005 لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع كل منهما. وفي هذا الفصل نستعرض أولا، الاتفاقيات الثنائية وتشجيع التبادل التجاري من حيث الأهداف ومبادئ ارتكازها؛ ونستعرض ثانيا، العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية؛ ونبين ثالثاً الملامح الرئيسية لإطار اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية الأمريكية؛ ونناقش رابعاً الآثار المتوقعة لاتفاقيات التجارة الحرة الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية في اقتصادات دول مجلس التعاون؛ وننهي الفصل بملاحظات ختامية حول كيفية التخطيط للاستفادة القصوى من هذه الاتفاقيات.
أهداف الاتفاقيات الثنائية



"يتبع"

ABO HAMDAN
17-12-2005, Sat 1:39 PM
تشجيع التجارة البينية
تم إبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدان العربية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. وتطور محتوى هذه الاتفاقيات في السبعينات من القرن العشرين. فقد أصبحت تبرم لتنظيم جميع العلاقات الاقتصادية بين أطرافها، بما في ذلك التبادل التجاري فيما بينها. ولقد كثر عدد الاتفاقيات الثنائية الاقتصادية في السبعينات لأسباب يمكن إيجازها بالتالي:
* تتميز الاتفاقيات الثنائية بالمرونة وإمكانية مراعاة الظروف الخاصة بين طرفي الاتفاقية.
* في أعقاب تصحيح أسعار النفط عام 1973 وتزايد الفوائض النفطية لدى البلدان العربية المنتجة والمصدرة للنفط، اصبحت هذه البلدان العربية تفضل الاتفاقيات الثنائية كأداة لتنظيم علاقاتها الاقتصادية في ما بين بعضها بعضاً بسبب تشابه ظروفها ، وبين البلدان العربية الأخرى بمناسبة ما تحصل عليه هذه البلدان من قروض ومساعدات من البلدان العربية المنتجة والمصدرة للنفط.
ويذكر في هذا السياق أن دولة الإمارات أبرمت في عقد السبعينات من القرن العشرين العديد من الاتفاقيات الثنائية مع دول عربية، منها:
- اتفاقية للتعاون الاقتصادي مع حكومة الكويت (1973).
- اتفاقية اقتصادية مع الجمهورية التونسية (1974).
- اتفاقية تجارية واقتصادية مع حكومة الصومال (1974).
- اتفاقية تجارية واقتصادية وفنية مع حكومة الجمهورية العراقية (1977).
وعقدت دولة البحرين (مملكة البحرين الآن) أيضا العديد من الاتفاقيات الثنائية مع دول عربية، منها:
- الاتفاقية التجارية والاقتصادية مع المملكة الأردنية الهاشمية (1975).
- اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني مع تونس (1975)
- اتفاقية اقتصادية مع المملكة العربية السعودية (1975).
تجدر الملاحظة أن الاتفاقيات التي أبرت في عقد السبعينات من القرن الماضي لم تقتصر على التجارة فقط، بل شملت مجالات اقتصادية متنوعة مثل إقامة مشاريع مشتركة وإنسياب رؤوس الأموال.
ملتقى الحوار الاقتصادي
تم إنشاء ملتقى الحوار الاقتصادي
Economic Dialogue) بين الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس التعاون عام ،1985 ليكون الآلية الرئيسية التي يستخدمها مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة قضايا التجارة والاستثمار بينهما. وتعقد اجتماعات سنوية بالتناوب في واشنطن، العاصمة الأمريكية، وفي منطقة مجلس التعاون. يترأس الجانب الأمريكي وزارتا التجارة والخارجية. ويسعى هذا المنتدى الحكومي إلى استكشاف إجراءات لتعزيز وتوسيع العلاقات التجارية والاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون. ومنذ اجتماع حوار عام 1992 بدأ القطاع الخاص في طرفي الحوار يأخذ دورا في هذه الاجتماعات، و منذ شهر أيلول/ سبتمبر 1998 بدأت مشاركته تتسارع. ولقد شارك القطاع الخاص الأمريكي، ممثلا بمجلس الأعمال الأمريكي لدول الخليج، والقطاع الخاص الخليجي ، ممثلا بغرف التجارة الخليجية، في جميع اجتماعات الحوار الاقتصادي. ومما يذكر ان القطاع الخاص كون “حوار أعمال” منفصلا وطور برنامج عمل منفصلا كذلك. كما نظم القطاع الخاص أيضا مؤتمري أعمال في ابريل 1993 في واشنطن وفي مارس 1996 في البحرين.
المبادرة الأمريكية للتجارة الحرة
في شهر ايار/ مايو 2003 اقترح الرئيس الأمريكي، جورج بوش (الابن)، خطة لبلدان الشرق الأوسط هادفة إلى زيادة التجارة والاستثمار مع الولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الأخرى. وترتكز الخطة على العمل مع البلدان المحبة للسلام والراغبة في أن تصبح أعضاء في منظمة التجارة العالمية لتسريع انضمامها؛ وتشجيع هذه البلدان على تنفيذ برامج إصلاح محلية، بتطبيق حكم القانون، وحماية حقوق الملكية بما في ذلك الملكية الفكرية، وإحداث أساس للانفتاح والنمو الاقتصادي.
وتستخدم الولايات المتحدة الأمريكية
أدوات “إطار اتفاقيات التجارة والاستثمار”
TIFAs) (Trade and Investment Framework Agreements و”معاهدات الاستثمار الثنائية”
Bilateral Investment Treaties (BITs)، و”اتفاقيات تجارة حرة”(Free Trade Agreements (FTAs)) .
وعملت الولايات المتحدة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية، ولبنان، والجزائر واليمن لتأهيلها للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. ولها إطار اتفاقيات التجارة والاستثمار مع البحرين ومصر وتونس والجزائر والسعودية والكويت واليمن؛ ولها اتفاقيات تجارة حرة مع الأردن والمغرب والبحرين.
مؤشرات
يعتبر الاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاد في العالم حيث بلغت حصته من الناتج المحلي الإجمالي العالمي نحو 32% عامي 2003 و،2004 ويقدر أن يحافظ على هذه النسبة في عام ،2005 جدول رقم (1). ويقدر سكان الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 294 مليون نسمة ، وهو ما يعادل نحو 65.4 من سكان العالم البالغ حوالي 6341 مليون نسمة عام 2004. ويبلغ متوسط نصيب الفرد الأمريكي من الناتج المحلي الإجمالي نحو 39 الف دولار أمريكي مقابل نحو 5.5 الف دولار لمتوسط نصيب الفرد على مستوى العالم. وفي المقابل، فإن مجمل اقتصادات دول مجلس التعاون يستحوذ على نحو واحد في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ونحو نصف في المائة من سكان العالم، كما يبلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس نحو 12 الف دولار، جدول رقم (1). وبالنسبة للتجارة الخارجية الأمريكية، فقد بلغت الصادرات الأمريكية حوالي 6.10% والواردات الأمريكية 3.16% من صادرات وواردات العالم على التوالي في عام ،2004 بينما بلغت حصة كل من صادرات وواردات دول مجلس التعاون نحو 37.2% و49.1% من صادرات وواردات العالم عام 2003.
الوضع الخارجي للاقتصاد الأمريكي
ارتفعت نسبة التجارة السلعية الأمريكية (نسبة الصادرات والواردات السلعية إلى الناتج المحلي الإجمالي) من نحو 18% عام 2003 إلى نحو 20% عام 2004. وبإضافة نسبة تجارة الخدمات إلى نسبة تجارة السلع ترتفع نسبة التجارة من نحو 2.23% إلى 56.25% بين عامي 2003 و،2004 جدول رقم (2). وحقق الميزان التجاري عجزا بلغ نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2003 وارتفع الى نحو 8.5% عام 2004. وفي المقابل حقق ميزان تجارة الخدمات فائضا بلغ نحو 5.0% و4.0% من الناتج المحلي الإجمالي عامي 2003 و2004 على التوالي. وبلغ صافي الدخل من الخارج 3.33 بليون دولار و1.24 بليون دولار عامي 2003 و،2004 أما صافي التحويلات فقد بلغ -4.67 و-9.72 بليون دولار عامي 2003 و2004. وبذلك حقق ميزان الحساب الجاري عجزا بلغ 7.530 و9.665 بليون دولار للعامين المذكورين على التوالي، أي ما يعادل 8.4% و8.5% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
تجارة أمريكا مع الخليج
حقق الميزان التجاري الأمريكي عجزا مع دول مجلس التعاون خلال الفترة 2000-،2004 ويقدر ان يستمر العجز في عام ،2005 حيث بلغ نحو 9.3 بليون دولار بنهاية شهر نيسان / ابريل.
وعلى مستوى دول مجلس التعاون، فإن الميزان التجاري الأمريكي مع دولة الإمارات حقق فائضا خلال الفترة 2000-2004 ويقدر أن يستمر في عام 2005. وحقق الميزان التجاري الأمريكي فائضا مع البحرين في الفترة 2000-،2003 وحقق عجزا عام 2004 ويقدر ان يستمر العجز في عام 2005. ومعظم عجز الميزان التجاري الأمريكي مع دول مجلس التعاون ناجم عن العجز مع السعودية والكويت، وإلى حد اقل عمان. أما الميزان التجاري مع دولة قطر فقد حقق عجزا في الفترة 2000-،2002 وانقلب إلى فائض لاحقا، جدول رقم (4).
ومعظم الصادرات الأمريكية إلى دول مجلس التعاون تتجه نحو السعودية، فالإمارات العربية المتحدة؛ كما أن معظم واردات الولايات المتحدة الأمريكية من دول مجلس التعاون هي من السعودية والكويت، جدول رقم (5) ورقم (6)._











---------











التقرير الاقتصادي الخليجي...2005 - 2006
(5 )






أصدر مركز الخليج للدراسات -التابع لدار الخليج للصحافة والطباعة والنشر- “التقرير الاقتصادي الخليجي 2005-2006” تحت عنوان “اتفاقيات التجارة الحرة لدول الخليج” وتضمن استهلالاً حول مدى قدرة الاقتصادات الخليجية على التعامل مع الفوائض النفطية، واشتمل على عدة محاور حول التطورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وأسواق النفط، وارتفاعها، وهواجس الخوف التي تهيمن على الأسواق، والنفط والفيدرالية. كما تناول التقرير -الذي يقع في 217 صفحة من القطع المتوسط- اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لدول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وآثارها المتوقعة في اقتصادات دول مجلس التعاون، وبحث كذلك أوضاع التجارة البينية لهذه الدول وخصائصها وتطوراتها.
وأفرد التقرير ملفات خاصة لكل من اقتصادات العراق واليمن وإيران.
ويتناول الدكتور علي توفيق صادق في هذه الحلقة بالعرض والتحليل موضوع اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية، والذي بدأه الحلقة الماضية.
مطلوب مجموعات عمل متخصصة لدراسة الآثار الفعلية لتطبيق الاتفاقيات
تحقيق أكبر المكاسب منوط بالمفاوضين ومدى مهاراتهم
أبرمت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقيات تجارة حرة ثنائية مع بلدان كثيرة كما أشرنا إلى ذلك سابقا. وتتشابه هذه الاتفاقيات فيما بينها وإن اختلفت أطرافها الأخرى، وتتكون في معظمها من ديباجة او مقدمة وعدد من الفصول قد تصل إلى اثنين وعشرين فصلا، إضافة إلى عدد من الملاحق. وتغطي الفصول عادة الموضوعات التالية: أحكام تمهيدية وتعريفات؛ المعاملة الوطنية والوصول إلى الأسواق؛ الزراعة والتدابير الصحية وتدابير الصحة النباتية؛ المنسوجات والملابس؛ قواعد المنشأ؛ إدارة الجمارك؛ الحواجز التقنية أمام التجارة؛ التدابير الوقائية؛ مشتريات الحكومة؛ الاستثمار؛ الخدمات عبر الحدود؛ الخدمات المالية؛ الاتصالات السلكية والاسلكية؛ التجارة عبر الوسائل الإلكترونية؛ حقوق الملكية الفكرية؛ العمل؛ البيئة؛ الشفافية؛ إدارة الاتفاقية؛ تسوية المنازعات؛ الاستثناءات؛ والأحكام الختامية.
وتتألف اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية من ديباجة وواحد وعشرين فصلا تغطي الموضوعات المشار إليها أعلاه، باستثناء فصل الزراعة والتدابير الصحية وتدابير الصحة النباتية. وفي التالي نبرز الملامح الأساسية للموضوعات المشمولة في الاتفاقية:
- فتح أسواق الخدمات: يوفر الطرفان وصولا واسعا إلى الأسواق في مجال الخدمات، وسوف تعامل شركات الخدمات للطرف الآخر معاملة الشركات الوطنية أو شركات الدول الأولى بالرعاية. وتعتمد الاتفاقية بما يعرف بأسلوب “اللائحة السلبية”، أي أن الاتفاقية تغطي جميع القطاعات باستثناء النشاطات المبينة باللائحة.
- قطاعات الخدمات الأساسية المشمولة بالاتفاقية: الخدمات السمعية والبصرية، والبريد العاجل، والاتصالات عن بعد، وخدمات الكمبيوتر وما يرتبط بها، والتوزيع، والرعاية الصحية، والخدمات المرتبطة بالتعدين، والتشييد، والهندسة، والهندسة المعمارية. وتقدم الخدمات عبر الحدود بالوسائل الإلكترونية أو بإقامة وجود مادي في الدولة الأخرى.
- الخدمات المالية:
* يتمتع مقدمو الخدمات المالية الأمريكيون (المصارف وشركات التأمين والأوراق المالية) بحق إنشاء فروع وشركات تابعة لهم وبحق إنشاء مشاريع مشتركة في البحرين، ويتمتعون بفوائد الشفافية التنظيمية القوية، بما في ذلك الإشعار المسبق والملاحظات والموافقة على التصريح خلال مائة وعشرين يوما.
* تسمح البحرين للشركات التي تتخد من الولايات المتحدة الأمريكية مقرا لها ان تقدم خدمات للبحرينيين في مجالات، كالمعلومات المالية ومعالجة البيانات، والخدمات الاستشارية المالية.
* تسمح البحرين لمديري الموجودات الذين يتخذون من الولايات المتحدة الأمريكية مقرا لهم، بما في ذلك شركات التأمين، بإدارة محافظ مشاريع جماعية أقيمت في البحرين.
- التأمين الطبي والتأمين على الحياة:
* تفتح البحرين سوقها لتقديم خدمات التأمين الطبي والتأمين على الحياة عند سريان مفعول الاتفاقية، أما بالنسبة للتأمين غير التأمين على الحياة، سوف تسمح به البحرين بعد ستة أشهر من سريان مفعول الاتفاقية.
* تسمح البحرين للشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقرا لها بتقديم التأمين على أساس عابر الحدود (من خلال وسائل إلكترونية) للأسواق الرئيسة بما فيها إعادة التأمين والسمسرة لإعادة التأمين عند دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، والتأمين والسمسرة لتأمين المواصلات البرية والجوية والبحرية خلال سنة من موعد سريان مفعول الاتفاقية.
* التزمت البحرين بالموافقه على منتجات تأمين جديدة خلال ستين يوما من تاريخ تقديم طلب بذلك.
* وافقت البحرين على أن لا تميز ضد مقدمي التأمين الأمريكيين، خلال مراجعة أنظمتها وقوانينها الخاصة بالتأمين، وستسمح لمقدمي التأمين الموجودين بالاستمرار بمواصلة نشاطهم الحالي.
- سوق اتصالات مفتوحة وتنافسية:
* تلتزم كل من الحكومتين البحرينية والأمريكية بأن يتمتع مستخدمو شبكة الاتصالات بوصول معقول إلى الشبكة لا تمييز فيه، الأمر الذي يمنع الشركات المحلية من الحصول على أولوية في الوصول إلى شبكات الاتصالات.
* تملك شركات الهاتف الأمريكية الحق في الارتباط مع شركات احتكارية سابقة في البحرين بأسعار غير تمييزية ترتكز على التكلفة.
* تتمتع الشركات الأمريكية الساعية إلى بناء شبكات مادية في البحرين بالوصول إلى التسهيلات الرئيسة، مثل لوحات تحويل الهاتف ومحطات الكابلات البحرية.
* تستطيع الشركات الأمريكية استئجار مكونات من شبكات الاتصالات البحرينية بشروط لا تميز ضدها، وإعادة بيع خدمات الموردين البحرينيين لغرض بناء قاعدة زبائن.
- التجارة الإلكترونية: تجارة حرة في العصر الرقمي:
* تلتزم الحكومتان البحرينية والأمريكية بمعاملة غير متحيزة تجاه المنتجات الرقمية وتوافق على أن لا تفرض تعرفة جمركية على المنتجات الرقمية.
* بالنسبة للمنتجات الرقمية المحفوظة على وسائط صلبة، مثل الأقراص أو الاسطوانات والأفلام المدمجة، ستحدد التعرفة الجمركية على اساس قيمة الوسيط (مثلا القرص) لا على قيمة الفيلم او الموسيقا او البرامج الموجودة على الاسطوانة أو القرص.
* سوف تساعد الالتزامات الخاصة بالتجارة الإلكترونية على جعل البحرين قائدا في منطقة الخليج لتطوير التجارة الإلكترونية إلى حد ابعد.
- حقوق النشر: حماية حقوق النشر للأعمال في ظل اقتصاد رقمي:
* تضمن الاتفاقية أن يتمتع المؤلفون والملحنون وغيرهم من اصحاب حقوق النشر والتأليف وحدهم وبشكل حصري حق نشر أعمالهم على الإنترنت. وتضمن ايضا تمتع اصحاب حق النشر بالحقوق المتعلقة بنسخ أعمالهم المنشورة بشكل مؤقت على الكمبيوتر، وهذا أمر مهم لحماية الموسيقا وأفلام الفديو والبرامج والنصوص المكتوبة من التعرض للمشاركة غير المرخصة بها على نطاق واسع من خلال الإنترنت.
* تلتزم كل من الحكومتين البحرينية والأمريكية بحماية الأعمال المحفوظة حقوق التأليف والنشر لمدد طويلة (أي مدى حياة المؤلف ولسبعين سنة بعد وفاته)، وذلك اتساقا مع المعايير الأمريكية والتوجهات الدولية.
* تتضمن الاتفاقية بنودا قوية لمكافحة الالتفاف حولها، طالبة من الحكومتين منع التلاعب بالتكنولوجيات (مثل الشيفرات المزروعة في الأقراص) المصممة لمنع القرصنة والتوزيع غير المرخص عبر الإنترنت.
* تلتزم الحكومتان البحرينية والأمريكية باستخدام البرمجيات وبرامج الكمبيوتر المشروعة فقط، مجسدة بذلك مثالا إيجابيا للمستخدمين من القطاع الخاص.
* تستوجب الاتفاقية حماية إشارات الفضائيات الناقلة للبرامج المشفرة (بما في ذلك الإشارة نفسها والبرمجة) لمنع قرصنة البرامج التلفزيونية الفضائية.
* تحدد الاتفاقية واجبات تتعلق بمسؤولية مزودي خدمات الإنترنت، عاكسة بذلك التوازن الذي تم التوصل إليه في قانون حقوق النشر الرقمي الأمريكي للألفية بين نشاطات مزودي خدمات الإنترنت المشروعة وانتهاك حقوق النشر.
- براءات الاختراع وأسرار المهنة:
* يمكن تعديل شروط منح براءات الاختراع للتعويض عن تأخير مفرط في منح براءة الاختراع الأصلية، اتساقا مع ما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية.
* أسباب سحب أو إلغاء براءة اختراع محصورة في الأسباب نفسها التي تستدعي رفض منحها أساسا، الأمر الذي يحمي البراءات من السحب العشوائي.
* توفر الاتفاقية حماية لأنواع النباتات جديدة التطوير.
* سيتم حماية بيانات الاختبارات وأسرار المهنة المقدمة للحكومة لغرض الحصول على موافقتها على منتجات من الاستعمال التجاري غير العادل لمدة خمس سنوات بالنسبة للمستحضرات الصيدلية وعشر سنوات للمواد الكيماوية الزراعية.
* تضمن الاتفاقية بأن لا تمنح وكالات الحكومة المعنية بالموافقة، موافقتها على المستحضرات الصيدلية المنتهكة لبراءات الاختراع.
- العلامات التجارية: حماية فائقة في ظل العصر الرقمي:
* تتطلب الاتفاقية من الحكومتين البحرينية والأمريكية الاحتفاظ بنظام لحل المنازعات المتعلقة بالعلامات التجارية المستخدمة في أسماء مواقع الإنترنت، وهو أمر مهم لمنع احتلال مواقع من دون حق، بالنسبة لأسماء المواقع ذات القيمة العالية.
* تطبق الاتفاقية مبدأ “الأولوية في الزمن، الأولوية في الحق” على العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، بحيث يكون أول شخص يحصل على علامة تجارية أو مؤشر جغرافي هو الشخص الذي لديه الحق باستخدامها.
* يطلب من كل من الحكومتين البحرينية والأمريكية وضع إجراءات شفافة لتسجيل العلامات التجارية، شاملة المؤشرات الجغرافية، وتطوير نظام تسجيل ومحافظة على العلامات التجارية بواسطة الإنترنت، بالإضافة إلى قاعدة بيانات يمكن البحث فيها.
- حقوق الملكية الفكرية: عقوبات صارمة للقرصنة والتزوير
* تتطلب الاتفاقية من الحكومتين البحرينية والأمريكية تجريم قرصنة المستهلك الأخير لتوفير رادع قوي ضد القرصنة والتزوير.
* تلتزم الحكومتان البحرينية والأمريكية بأن يكون لدى كل منهما المحافظة على سلطة الاستيلاء على ومصادرة وإتلاف السلع المزورة او المنتجة دون ترخيص والمعدات المستخدمة لإنتاجها. وتطبق قوانين مكافحة القرصنة ضد السلع أثناء نقلها لردع منتهكي القانون من استخدام الموانئ الأمريكية أو البحرينية او مناطق التجارة الحرة للإتجار بسلع منتجة دون ترخيص. ويمكن اتخاذ إجراءات بحكم النصب في حالات قرصنة حدودية او جنائية، مما يوفر تطبيقا أكثر فاعلية.
* تفرض الاتفاقية دفع بدل أضرار فعلية وقانونية بناء على القانون البحريني لانتهاكات قوانين القرصنة، مما سيشكل رادعا للقرصنة. وبموجب هذه الشروط، قد يتم فرض غرامات مالية حتى في حالة عدم تمكن تحديد قيمة الضرر الاقتصادي الفعلي (قيمة البيع بالمفرق، الأرباح التي يجنيها المنتهكون).
- المبادئ الحكومية لصفقات الشراء:
* تشترط الاتفاقية أن لا يقوم المشترون الحكوميون البحرينيون بالتمييز ضد الشركات الأمريكية أو لمصلحة الشركات البحرينية، عندما تقوم الحكومة بصفقات شراء تفوق الحدود المالية المتفق عليها.
* يحصل المزودون الأمريكيون والبحرينيون على تأكيد أكبر كنتيجة للمبادئ القوية والشفافة الخاصة بإجراءات صفقات الشراء الحكومية، كاشتراط إشعار علني مسبق بعمليات الشراء وإجراءات مراجعة فعالة وفي الوقت المناسب.
* يجب على كل من الحكومتين الأمريكية والبحرينية الاحتفاظ بعقوبات جنائية وغيرها من العقوبات لفرضها في حالات الرشى في صفقات الشراء الحكومية.
- إجراءات جمركية شفافة ومبسطة:
* تشترط الاتفاقية الشفافية والكفاءة في إدارة الجمارك، بما في ذلك نشر القوانين والأنظمة على الإنترنت، والوضوح واليقين الإجرائي والعدالة.
* توافق الحكومتان على تبادل المعلومات لمكافحة شحن البضائع غير القانوني، وعلى إجراءات تعاونية جمركية خاصة لمنع الاحتيال في قطاع المنسوجات والملابس. وبالإضافة، تتطلب الاتفاقية إجراءات جمركية مصممة لتسهيل إنهاء سريع لمعاملات البضائع المشحونة بالبريد السريع.
* قوانين بلد المنشأ قوية ولكنها بسيطة تضمن استفادة السلع البحرينية والأمريكية من الاتفاقية. لقد صممت القوانين بحيث تكون سهلة التطبيق ومتسقة مع اتفاقيات التجارة الحرة الأمريكية الأخرى في المنطقة.
- الالتزامات والتعاون لحماية البيئة:
* تفي الاتفاقية تماما بالأهداف البيئية التي حددها الكونجرس الأمريكي. وتشكل الالتزامات المتعلقة بالبيئة جزءا من صلب النص للاتفاقية.
* سيطلب من الحكومتين تطبيق قوانينهما البيئية بفاعلية، وهذا الالتزام قابل للتطبيق من خلال اجراءات الاتفاقية الخاصة بتسوية النزاعات.
* تلتزم كل من الحكومتين بإنشاء مستويات عالية للحماية البيئية وبعدم إضعاف او تقليص القوانين البيئية لجذب التجارة او الاستثمار.
* وتشجع الاتفاقية أيضا على اتباع نهج شامل لحماية البيئة. وقد تم الجمع بين الضمانات الإجرائية التي تؤمن الإجراءات النزيهه والمنصفة والشفافة لإدارة وتطبيق قوانين البيئة وبين الشروط المعززة لآليات السوق الطوعية لحماية البيئة.
* تشمل المجالات التي تحظى بالأولوية تطوير وتطبيق قوانين البحرين الخاصة بالبيئة وقدرتها على إجراء تقديرات لتأثير المشاريع في البيئة.
- نشاطات تعاونية لحماية حقوق العمال:
* تفي الاتفاقية بشكل كامل بالأهداف العمالية التي حددها الكونغرس الأمريكي في قانون الأفضلية التجارية. وتشكل الالتزامات ذات العلاقة بالعمال جزءا من صلب النص للاتفاقية.
* تعيد كل من الحكومتين تأكيد التزاماتها كعضو في منظمة العمل الدولية، وتلتزم بالعمل على تأمين أن تكون قوانينها موفرة مستويات عمالية متسقة مع حقوق العمال المعترف بها دوليا. وتوضح الاتفاقية انه من غير الملائم إضعاف أو تقليص الحمايات العمالية المحلية لتشجيع التجارة أو الاستثمار.
* على كل من الحكومتين تطبيق قوانينها العمالية بفاعلية، وهذا الالتزام يطبق بواسطة إجراءات حل المنازعات الخاصة بالاتفاقية.
* تتطلب الضمانات الإجرائية في الاتفاقية من كل من الحكومتين تأمين وصول العمال وأصحاب العمل إلى محاكم نزيهة.. ومنصفة وشفافة.
* تشتمل الاتفاقية على آليات تعاونية لتعزيز احترام المبادئ المجسدة في إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في مكان العمل، والتقيد باتفاقية منظمة العمل الدولية 182 الخاصة بأسوأ أشكال عمالة الأطفال. وتوافق وزارتا العمل، والوكالات ذات العلاقة الأخرى، على وضع أولويات وتطوير نشاطات تعاونية محددة. وقد تشمل النشاطات التعاونية التالي:
* مناقشات حول التشريعات والممارسات والتطبيقات المرتبطة بالعناصر الأساسية لإعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في مكان العمل.
* تطوير برامج شبكات رعاية اجتماعية.
* مناقشة معاملة العمال غير المواطنين.
* تحسين أنظمة وإدارة وتطبيق قوانين العمل.
- صياغة شفافة للقوانين وحمايات إجرائية للتجار
* يتعين على كل من الحكومتين نشر قوانينها وأنظمتها التي تحكم التجارة، ونشر الأنظمة المقترحة قبل تبنيها وتوفير فرصة للشعب للتعليق وإبداء الملاحظات عليها.
* تلتزم كل من الحكومتين بتطبيق إجراءات نزيهة.. في القضايا الإدارية التي تشمل قضايا تجارية تؤثر بشكل مباشر في الشركات من البلد الآخر.
* يتعين على كل دولة أن تؤمن بأن التجار من البلد الآخر يحصلون على مراجعة سريعة ومنصفة للقرارات الإدارية النهائية التي تؤثر في مصالحهم.
- الالتزامات بمكافحة الرشى:
* تفرض الاتفاقية على كل من الحكومتين حظر الرشوة، بما في ذلك رشوة المسؤولين الأجانب، ووضع عقوبات جنائية ملائمة لمعاقبة المخالفين.
* كما تلتزم كل من الحكومتين بتبني او وضع إجراءات لحماية المبلغين عن الانتهاكات.
- أدوات لتطبيق الاتفاقية التجارية:
* تخضع جميع الالتزامات الأساسية في الاتفاقية، بما فيها البنود الخاصة بالعمال والبيئة، للبنود الخاصة بحل المنازعات في الاتفاقية.
* وضعت هيئة حل النزاع معايير عالية من العلنية والشفافية.
* جلسات استماع مفتوحة أمام الجمهور.
* نشر التنسيبات القانونية التي تقدمها كل من الحكومتين.
* فرص متاحة أمام أطراف ثالثة لعرض آرائها.
* التأكيد على تعزيز الإذعان من خلال المشاورات والحلول المعززة للتجارة.
* تشتمل الاتفاقية على آليات تطبيق قوية، متضمنة القدرة على تعليق الامتيازات التجارية او وضع تقديرات نقدية.
- تنفيذ الالتزامات رفيعة المستوى:
* تقدم الولايات المتحدة الأمريكية معونة لمساعدة البحرين على تطبيق التزامات رفيعة المستوى تم الاتفاق عليها في المفاوضات في مجالات مثل:
- تعديل قوانين وأنظمة البحرين الحالية لتفي بالالتزامات المنصوص عليها في اتفاقية التجارة الحرة.
- توسيع روابط التجارة وتنمية الأعمال.
- استكشاف برامج إعادة تأهيل عمال قطاع النسيج للعمل في قطاعات أخرى.
- استكشاف فرص التعاون الثنائي والإقليمي في ضبط التبغ.
آثار متوقعة
أما عن الآثار المتوقعة لاتفاقيات التجارة الحرة الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية في اقتصادات دول مجلس التعاون، فيمكن سردها فيما يلي:
اقتصادات دول مجلس التعاون هي اقتصادات مفتوحة ترتكز على اقتصاد السوق، وتتسم بانخفاض التعرفة الجمركية حيث لا تزيد عن 5% على معظم الواردات السلعية. ونظرا لأن دول مجلس التعاون، هي أعضاء في منظمة التجارة العالمية فإنها تلتزم بما يتم الاتفاق عليه بشأن ترتيبات تجارة الخدمات “جاتس” إضافة إلى التزاماتها بشأن الاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة “الجات”. ومجمل اقتصاد دول مجلس التعاون صغير مقارنة بالاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي يشير إلى كبر السوق الأمريكي مقارنة بالسوق الخليجي.
ويذكر في هذا المجال ان أدبيات اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية غير متفقة على مدى ونوع الآثار الناجمة عنها في اقتصادات الأطراف المتعاقدة، وخصوصا إذا كان طرفا الاتفاقية على مستويات مختلفة من التنمية، او بين دول متقدمة ودول نامية. ولكن من المتفق عليه أن لاتفاقيات التجارة الحرة فوائد ملموسة. فالأسواق المفتوحة تعجل تدفق رأس المال، ونقل التكنولوجيا والمهارات الفنية والإدارية إليها. وإضافة الى ذلك، فإن إدخال أفضل الممارسات الدولية في الأعمال وفي التمويل الناجم عن مثل هذه الاتفاقيات له فوائد كبيرة في المدى الطويل.
وفي ضوء كبر السوق الأمريكي، والموقع الجغرافي لدول مجلس التعاون القريب من موطن احتياطي العمالة الكبير في قارة آسيا، ووفرة الطاقة ورأس المال المالي، فإنه يتوقع أن تجذب دول مجلس التعاون استثمارات أمريكية مباشرة لتتخذ منها مركز تصدير إلى جهات خارجية، من ضمنها السوق الأمريكي. كما يتوقع أن يتأثر الاقتصاد الخليجي بهذه الاتفاقيات لأنها تضع بعض القطاعات مثل الخدمات المالية والاتصالات السلكية واللاسلكية والتأمين والاستثمار وغيرها في حلبة المنافسة التي يتوقع أن تسهم في حفز المؤسسات المحلية القائمة على تبني أساليب حديثة وتكنولوجيات متقدمة لتوفير خدمات ذات نوعية عالية وبتكاليف تنافسية. وفي الوقت نفسه، فإن المؤسسات التي لا تتمكن من إنتاج سلعها وخدماتها بتكاليف تنافسية لن تتمكن من الاستمرار في السوق. وفي نهاية المطاف فإن المستفيد هو المستهلك.
ملاحظات ختامية
يحتاج تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية إلى مجموعات عمل متخصصة في جميع الموضوعات المشمولة في الاتفاقيات، إضافة إلى مجموعة عمل للتنسيق والمتابعة ودراسة الآثار الفعلية التي تنجم عن التطبيق، واقتراح سبل وسياسات تمكن دول مجلس التعاون من الاستفادة القصوى من الشراكة الأمريكية ومن أسواقها الواسعة والقادرة على استيعاب كميات كبيرة من الصادرات الخليجية. ونظرا لأن مملكة البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي وقعت اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة (حتى الآن يوليو/ تموز 2005)، ويتوقع أن تبرم كل من الإمارات وسلطنة عمان اتفاقية تجارة حرة ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية بحلول نهاية عام 2005. فإن من المهم أن تدرس دول مجلس التعاون تجربة البحرين في المفاوضات والاستفادة من تجربة الخبراء الذين فاوضوا الخبراء الأمريكيين، ومن الضروري أن تباشر دول المجلس بتكوين مجموعات عمل ووضع برامج تدريب لهم كل حسب مجال تخصصه حتى يكونوا على دراية بالقضايا التي تتم مناقشتها ومحاولة التعرف إلى آثارها وتحقيق أكبر مكاسب للاقتصادات الخليجية.

ABO HAMDAN
17-12-2005, Sat 1:41 PM
التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 - 2006
(6)





أصدر مركز الخليج للدراسات التابع لدار الخليج للصحافة والطباعة والنشر “التقرير الاقتصادي الخليجي 2005 2006” تحت عنوان “اتفاقيات التجارة الحرة لدول الخليج” وتضمن استهلالاً حول مدى قدرة الاقتصادات الخليجية على التعامل مع الفوائض النفطية، واشتمل على عدة محاور حول التطورات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وأسواق النفط، وارتفاعها، وهواجس الخوف التي تهيمن على الأسواق، والنفط والفيدرالية. كما تناول التقرير الذي يقع في 217 صفحة من القطع المتوسط اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لدول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وآثارها المتوقعة في اقتصادات دول مجلس التعاون، وبحث كذلك أوضاع التجارة البينية لهذه الدول وخصائصها وتطوراتها. وأفرد التقرير ملفات خاصة لكل من اقتصادات العراق واليمن وإيران. وفي هذه الحلقة يستعرض الدكتور نصري حرب أرقام التجارة البينية لدول مجلس التعاون الخليجي، راصداً أهم تطوراتها وملامحها.








التجارة بين دول مجلس التعاون خطوة على طريق الوحدة الاقتصادية



منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في عام ،1981 سعت الدول الأعضاء الى تحفيز التجارة البينية عن طريق إنشاء “منطقة التجارة الحرة لدول المجلس” التي دخلت حيز التنفيذ في شهر مارس/ آذار 1983 والتي استمرت حتى نهاية عام 2002 ليحل محلها “الاتحاد الجمركي لدول المجلس” في مطلع عام 2003 والذي تقضي بنوده ب:

توحيد التعرفة الجمركية تجاه العالم الخارجي.

توحيد الأنظمة والاجراءات الجمركية.

تحصيل الرسوم الجمركية عند نقطة دخول واحدة.

انتقال السلع بين دول المجلس دون قيود.

معاملة السلع المنتجة في دول المجلس الأخرى معاملة المنتجات الوطنية.

وبالرغم انه من المبكر جداً الحكم على نتائج الاتحاد، إلا انه لا يتوقع ان تكون نتائجه كبيرة على مستوى التبادل التجاري بين دول المجلس لسببين: أولهما قلة التنوع الانتاجي لهذه الدول التي تعتمد على النفط كسلعة التصدير الأساسية، وثانيهما ان السنوات الثلاث الأولى من الاتفاقية لا تلغي القيود بشكل كامل على التجارة البينية.

المحرك هو النفط

وبالرغم من كل محاولاتها في سبيل تنويع القاعدة الانتاجية، لا يزال القطاع النفطي هو المحرك الدافع لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، فصادراتها الاجمالية كانت وما زالت ترتفع مع ارتفاع أسعار الذهب الأسود وتنخفض مع انخفاضها، ويستتبع ذلك ارتفاع وانخفاض الدخل المحلي ومعه الواردات الكلية. وعلى عكس الصادرات، تتنوع الواردات لتشتمل على عدة أنواع من السلع. وطبعاً، يصاحب ارتفاع واردات دول المجلس من مختلف دول العالم، ارتفاع وارداتها من بعضها البعض وبالتالي صادراتها الى بعضها البعض.

ويبين الرسم البياني (1) تطور حجم الصادرات والواردات البينية لدول المجلس منذ عام 1980 وهي تظهر تقلبات في الثمانينات أعقبها انخفاض شديد في مطلع التسعينات مع انخفاض أسعار النفط (حيث وصل سعر برنت الى 16 دولاراً عام 1992) يليها ارتفاع مطرد منذ العام 1992. على العموم، يشير الرسم الى انه وبشكل عام ارتفعت قيمة الصادرات (وكذلك الواردات) من حوالي 4 مليارات دولار عام 1980 الى حوالي 10 مليارات دولار عام 2004. تجدر الاشارة الى ان قيمة الصادرات والواردات البينية لمجموعة من الدول تكون متقاربة لأن صادراتها لبعضها البعض هي عينها وارداتها من بعضها البعض. غير ان الأرقام تختلف لأن الواردات تحوي بالإضافة الى قيمة السلع، تكاليف الشحن والتأمين.

ونستعرض في الجدول (1) اجمالي الصادرات البينية الاجمالية والصادرات البينية لكل دولة بالنسبة المئوية حيث تشير أرقام الجدول الى ان صادرات دول المجلس البينية ارتفعت من 6،4 مليار دولار عام 1980 الى 11،1 مليار عام 2004. المصدّر الرئيسي في دول المجلس هي المملكة العربية السعودية التي هي الاقتصاد الأكبر في المجموعة والتي راوحت صادراتها البينية بين 40 و50% من اجمالي الصادرات.

ويمكن استخلاص النقاط التالية من الجدول (1):

أ تراجع حصة البحرين والكويت من نحو 17 20% من إجمالي الصادرات البينية في أول الثمانينات الى 3 7% في السنوات التالية. وفي المرحلة الحاضرة تعتبر الكويت أقل دول المجلس مشاركة في الصادرات البينية بنسبة لا تتجاوز 3% من اجمالي الصادرات البينية.

ب ارتفاع حجم الصادرات البينية العمانية لتحتل المرتبة الأولى في النصف الثاني من الثمانينات ثم انخفاضها لتصل الى نسبة 11% عام 2004.

ت الازدياد المطرد للصادرات الاماراتية من حوالي 10% في مطلع الثمانينات الى 30% عام 2000 ثم الى 26% عام 2004.

ث وأما الصادرات البينية القطرية فكانت وما زالت ضعيفة بالرغم من ارتفاع ملحوظ منذ عام 2000 ووصلت نسبة مشاركتها الى 8%.

وفي الجدول (2)، نستعرض إجمالي الواردات البينية بالنسبة المئوية من التجارة البينية حيث نرى كيف ان حجم الواردات ارتفع من 3،4 مليار دولار عام 1980 الى 10،01 مليار دولار عام 2004. ويمكن تسجيل الملاحظات التالية على الجدول (2):

أ إن الواردات تتوزع بشكل متساو بين مختلف دول المجلس أكثر مما هو عليه في حال الصادرات البينية.

ب انخفضت واردات البحرين من 60% من إجمالي الواردات في دول المجلس الى 22%.

ت ارتفعت واردات كل من الكويت وقطر من حوالي 2% الى 8 و12% من إجمالي الواردات البينية.

ث وأما عمان والإمارات فقد شهدت حصة كل منهما صعودا وهبوطا لتستقر واردات كل منهما عند حدود ال 20% في عام 2004.

تدل الارقام على أنه وبالرغم من تغير نسبة مشاركة دول المجلس في إجمالي الصادرات والواردات البينية بين صعود وهبوط، فإن قيمتها الكلية لم تنفك عن الازدياد حيث بلغ متوسط نمو الصادرات البينية 3،73% سنويا ومتوسط نمو الواردات البينية 4،66% سنويا. هل يمكن بالتالي ان نستنج من هذه الجداول والأرقام نموا في التجارة البينية ونجاح منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي في تحفيزها منذ مطلع الثمانينات؟ لا نستطيع الاجابة عن هذا السؤال من الحقائق الواردة أعلاه إنما يجب النظر الى التجارة البينية من عدة جهات أخرى للاجابة.

في الجدول (3)، احتسبنا الصادرات والواردات البينية كنسبة من إجمالي الصادرات والواردات لمجموعة دول المجلس مع كل دول العالم. ونلاحظ أنه بالرغم من إقامة منطقة التجارة الحرة والاتفاقية الجمركية، فإن الصادرات البينية نسبيا لم تتغير بشيء يذكر حيث انها كانت تساوي 3% من إجمالي الصادرات عام 1980 ووصلت الى 4،6% عام 2004. وأما ارتفاع النسبة في أواخر الثمانينات فيعود الى انخفاض اسعار النفط في تلك الفترة مما يخفض من وزن الصادرات النفطية في اجمالي الصادرات ويزيد بالتالي من وزن الصادرات البينية التي هي بمعظمها غير نفطية. وأما الواردات البينية فبقيت على حالها، لا بل تراجعت من 6،6% عام 1980 الى 6% عام 2004.

ولإلقاء مزيد من الضوء على التجارة البينية الخليجية، نقارن في الرسم البياني (2) بين تطور الصادرات البينية الخليجية بالنسبة لإجمالي الصادرات الخليجية والصادرات البينية لدول منطقة اليورو (دول اليورو: ألمانيا، اسبانيا، ايطاليا، ايرلندا، البرتغال، بلجيكا، فرنسا، فنلندا، لوكسمبورج، النمسا، هولندا واليونان) التي تشكل جزءا من الاتحاد الاوروبي. ولا نتعرض هنا للواردات البينية لأن اجمالي الصادرات البينية هو الوجه الآخر لإجمالي الصادرات البينية ولكي لا نتوسع في حجم التقرير. ونلاحظ في الرسم ان الصادرات البينية بين دول اليورو شهدت ارتفاعا مستمرا منذ تأسيس السوق الاوروبية المشتركة (اتفاقية روما) عام 1957. فقد ارتفعت نسبة الصادرات البينية الى الصادرات الكلية من 38% عام 1957 لتتجاوز ال 50% عام 1961. ومنذ العام ،1965 استقرت حول هذه النسبة. وأما دول المجلس فلم تتجاوز هذه النسبة 10% في أحسن الحالات. ومع ارتفاع اسعار النفط، تعود نسبة الصادرات البينية لتنخفض وتصل الى 4،6% عام 2004.

وتشير الأرقام الى ان متوسط ازدياد الصادرات البينية بين دول اليورو (بالأسعار الجارية) بلغت حوالي 12% منذ تأسيس السوق الأوروبية المشتركة مقابل 3،73% في دول المجلس.

من جهة اخرى، ومع ازدياد الناتج المحلي، تزداد الواردات كنتيجة طبيعية لازدياد الاستهلاك المحلي ويستتبع ذلك ازدياد الواردات البينية وبالتالي الصادرات البينية. بالتالي، نريد هنا الاجابة عن السؤال الآتي: هل ان ازدياد الصادرات البينية كما رأينا في الجدول (1) هو نتيجة لازدياد الناتج المحلي ام هو نتيجة الاتفاقيات المعقودة؟ نعمد في الرسم البياني (3) الى احتساب الصادرات البينية لدول المجلس بالنسبة لإجمالي ناتجها المحلي ونقارن تطور هذه النسبة منذ نشوء المجلس (تأسس المجلس عام 1981) مع مثيلتها في دول اليورو. نجد انه في حالة دول اليورو ارتفعت نسبة الصادرات البينية من حوالي 8% من إجمالي الناتج المحلي عام 1970 الى حوالي 16% عام 2003 أي انها ازدادت بنسبة الضعف.

وأما في دول المجلس، فإن هذه النسبة ارتفعت من 3% عام 1980 الى 4،6% فقط عام 2003. وأما ازدياد هذه النسبة الى حدود 9% في النصف الثاني من الثمانينات فيعود الى انخفاض قيمة الصادرات النفطية مما يرفع وزن الصادرات البينية التي هي بمعظمها غير نفطية. ولا يبدو من الرسم انه يوجد ثمة اتجاه تصاعدي واضح لحجم الصادرات نسبياً.

ولعل الامر الآخر الذي يجب التنبه اليه في الارقام الواردة في الجدولين (1 و2) هو ان احتساب حجم الصادرات والواردات يتم بالأسعار الجارية ولا يأخذ التضخم بعين الاعتبار ولو احتسبنا حجم الصادرات والواردات بالأسعار الثابتة لكانت الارقام أقل مما ورد في الجدول.

وتدل الارقام والبيانات التي عرضناها أعلاه على ان الاتفاقات الاقتصادية المعقودة بين دول المجلس لم تحقق كثيراً الآمال المرجوة منها، ان ضعف التنوع الاقتصادي وندرة الموارد البشرية وقلة الخبرة المحلية في الادارة الاقتصادية كلها عوامل تحد من القدرة على زيادة التبادل. ومن اللافت للنظر في الرسم البياني (2)، ان نسبة الصادرات بين دول اليورو كانت تفوق 38% قبل انشاء السوق الأوروبية ثم ارتفعت مع توطيد العلاقات التجارية، مما يعني ان ثمة ارضية قوية كانت موجودة لتفعيل العلاقات التجارية. في حين ان دول المجلس بدأت بنسبة صادرات بينية ضعيفة لم تتجاوز 5% ولم ترتفع كثيراً مع الاتفاقات التجارية وبالتالي فإن نقطة البداية أو الانطلاق غير موجودة أساساً لتفعيلها.



ويوضح الرسم البياني (4) مساهمة كل دولة في اجمالي الصادرات البينية في عام 2004 والتي بلغت حوالي 11 مليار دولار حيث يبدو أن الامارات والسعودية تصدران أكثر من 70% من اجمالي الصادرات البينية. وتعكس هذه الأرقام حجم المملكة العربية السعودية في الصادرات البينية كونها أكبر اقتصاديات المجلس وكذلك تعكس الدور الكبير نسبياً الذي تلعبه دولة الامارات بفضل ازدياد نشاطها التجارية وخاصة نشاط إعادة التصدير كما سنرى أدناه. كما نلاحظ الدور الضعيف الذي تلعبه الكويت في الصادرات البينية.

وفي الرسم البياني (5)، نبين مدى مساهمة كل دولة من المجلس بإجمالي الواردات البينية في عام 2004 والتي بلغت كذلك حوالي 11 مليار دولار. وبالرغم من أن البحرين والامارات تستوردان أكثر من 50% من الواردات البينية، فإن الرسم البياني يظهر أن التفاوت في الواردات أقل منه مما في حال الصادرات.

ومن المفارقات الممكن استنتاجها من الرسمين (4) و(5) هي ان البحرين التي هي من أقل الدول مشاركة في الصادرات البينية، تحتل المرتبة الأولى في الواردات البينية، فيما المملكة العربية السعودية التي هي أكبر المصدرين هي في ذات الوقت من أقل الدول مشاركة في الواردات البينية. بينما تشارك دولة الامارات بنسبة متوازية في الصادرات والواردات.

البحرين

يبين الشكلان البيانيان (6) و(7) تركيبة الصادرات والواردات البينية لمملكة البحرين عام ،2004 حيث نستنتج أن أكثر من 50% من صادرات المملكة البينية تتكون من السلع المصنعة فيما شكلت الآلات ووسائل النقل 17% من اجماليها. وأما بالنسبة للواردات البينية، فقد شكلت السلع المصنعة 41% والأطعمة 19% من اجماليها.

ويبين الجدول (4) صادرات وواردات مملكة البحرين بالتفصيل مع بيان نسبة مشاركة دول مجلس التعاون في هذه الحركة التجارية. نلاحظ بشكل عام، أن صادرات البحرين ازدادت من 3،4 مليار دولار عام 1995 الى 7،5 مليار دولار عام ،2004 أي انها ارتفعت بأكثر من الضعف في خلال هذه الفترة وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط. وبالرغم من ارتفاع صادرات المملكة من السلع الأخرى بالقيم المطلقة، فإن ارتفاع قيمة الصادرات النفطية بشكل كبير حجّم نسبياً الصادرات الأخرى.

فالمواد الكيميائية والتي شكلت 6،4% من اجمالي صادرات عام ،1995 انخفضت نسبتها الى 3،1% من اجمالي صادرات عام 2004 بالرغم من ارتفاع قيمتها المطلقة من 222 مليون دولار الى 230 مليون دولار. وأما السلع المصنعة (الصادرات الرئيسية بعد النفط) فقد انخفض اجمالي صادراتها من 1،1 مليار دولار عام 1995 الى 1 مليار عام 2004.

وعلى صعيد تجارة المملكة مع دول مجلس التعاون الأخرى، فبعد أن كانت حصة دول مجلس التعاون تساوي حوالي 50% من اجمالي صادراتها، انخفضت الى 40% عام 2000 ولم تتوفر بيانات عن عام 2004. وبالرغم من هذا الانخفاض، تبقى دول المجلس سوقاً رئيسياً للصادرات البحرينية.

وفيما يتعلق بتفاصيل الصادرات، نلاحظ ارتفاعا ملموساً في حصة دول مجلس التعاون من صادرات المملكة من السلع المصنعة (من 25% الى 37%) ونلاحظ كذلك في الجدول ارتفاعاً واضحاً في حصتها من معظم الفئات الأخرى كالمواد الخام التي ازدادت من 28% عام 1995 الى 43% عام 2004. وكذلك الأمر بالنسبة للمواد الكيميائية وآلات ووسائل النقل.

ولم ترتفع واردات البحرين من العالم بقدر ارتفاع صادراتها. فقد ازدادت هذه الواردات من 3،6 مليار دولار عام 1995 الى 6،5 مليار دولار عام 2004 أي بنسبة أقل من الضعف. ولعل أبرز ما تستورده المملكة هو النفط من المملكة العربية السعودية (37% من اجمالي واردات عام 2003) بأسعار خاصة لتعيد تصديره خاماً أو مكرراً الى دول أخرى. ولم تتوفر بيانات دقيقة عن حجم واردات البحرين من النفط من دول المجلس.

وارتفعت حصة دول مجلس التعاون من اجمالي واردات المملكة من 8،4% عام 1995 الى 9،5% عام ،2004 بالتفصيل، نلاحظ من الجدول ازدياداً مطرداً في اعتماد البحرين على دول مجلس التعاون الخليجي في تلبية احتياجاتها من مختلف السلع. ففي عام 1995 استوردت البحرين 15% من وارداتها من المواد الغذائية من هذه الدول مقابل 28% عام 2004. وكذلك استوردت المملكة 6% من حاجاتها من المواد الخام من دول المجلس عام 1995 مقابل 9% عام 2004. ونلاحظ في الجدول كذلك ازدياد مشاركة دول المجلس بين عامي 1995 و2004 بتزويد المملكة بالزيوت (من 11% الى 73%) والسلع المصنعة (من 24% الى 31%).

الكويت

لم تتوفر بيانات حركة التصدير والاستيراد بالتفاصيل لما بعد العام 2001. لذلك سنكتفي بتحليل بيانات الأعوام ،1995 ،2000 و2001.

ويبين الرسمان البيانيان (8) و(9) تركيبة الصادرات البينية الكويتية عام 2001 والواردات البينية الكويتية عام ،2000 حيث نستنتج أن صادرات الكويت البينية تتشكل أساساً من السلع المصنعة (25%)، آلات ووسائل نقل (24%) ومواد كيميائية (24%).

وأما بالنسبة للواردات البينية، فقد شكلت السلع المصنعة 38% والمواد الكيميائية 18% والأطعمة 19% من إجماليها.

وارتفعت صادرات الكويت من حوالي 13 مليار دولار عام 1995 الى 16 مليار دولار عام 2001 أي بما نسبته حوالي 25%. وتعتبر الكويت أقل دول مجلس التعاون تنويعاً في الصادرات حيث إن نسبة الصادرات النفطية تجاوزت ال 92% من إجمالي الصادرات وهي أعلى نسبة بين دول مجلس التعاون الأخرى. وشكلت الصادرات الى دول مجلس التعاون الباقية نسبة ضئيلة من إجمالي الصادرات لم تتجاوز ال 2% في عام 2001 مما يعني أن السوق الخليجي ليس سوقاً رئيسياً للكويت والسبب الظاهر من الأرقام هو قلة التنويع في الصادرات الكويتية.

وتكون المواد الكيميائية أهم الصادرات الكويتية بعد النفط. ورغم أن نسبتها في ازدياد منذ عام ،1995 فإنها لم تتجاوز 5% عام 2001.

وارتفعت حصة السوق الخليجي منها (المواد الكيميائية) من 6% عام 1995 الى 10% عام 2001. وأما قطاعات التبغ والسلع المصنعة والآلات والتي لم تتجاوز نسبتها (مجتمعة) 2،5% من إجمالي الصادرات، فإنها اعتمدت بشكل كبير على السوق الخليجي الذي استوعب أكثر من 50% منها.

وعلى الرغم من ازدياد الدخل القومي في دولة الكويت، فإن ذلك لم ينعكس بشكل واضح على حركة الواردات التي لم تتجاوز 8 مليارات دولار.

وغلبت الآلات ووسائل النقل على إجمالي الواردات الكويتية وشكلت نسبة تراوحت بين 14% (عام 1995) و37% (عام 2001). فيما تأتي السلع المصنعة في المرتبة الثانية بنسبة 17-18% من إجمالي الواردات.

وكان نصيب دول المجلس 18-19% من إجمالي الواردات من السلع المصنعة، و10-12% من فئة الأطعمة والحيوانات الحية. وأما المواد الكيميائية، فإنها بالرغم من ضآلة حجمها، فإن حصة دول المجلس منها تتجاوز 20%.

سلطنة عمان

يبين الرسمان البيانيان (10) و(11) تركيبة الصادرات والواردات البينية العمانية لعام ،2004 حيث نلاحظ ان الجزء الاكبر من الصادرات والواردات البينية العمانية تتشكل اساسا من الآلات ووسائل النقل (54% من الصادرات البينية و36% من الواردات البينية) والسلع المصنعة (13% من الصادرات البينية و26% من الواردات البينية).

وارتفع اجمالي الصادرات العمانية من نحو 6 مليارات دولار عام 1995 الى اكثر من 14 مليار دولار عام 2004 أي بنسبة اكبر من الضعف نتيجة ارتفاع اسعار النفط بشكل كبير بين عامي 1995 و2004.

واعتمدت السلطنة على دول المجلس الاخرى لتسويق نحو 10% من اجمالي صادراتها عام 1995 و9% عام 2004. وعلى الرغم من ارتفاع الصادرات غير النفطية بنسب عالية بين عامي 1995 و2004 (اكثر من 100% في الاطعمة والمواد الخام والزيوت والمواد الكيميائية)، فإن حصتها الاجمالية تضاءلت مع ارتفاع حصة النفط من 87% إلى 82%.

ولم يترافق هذا النمو في الصادرات غير النفطية مع نمو ملحوظ في حصة دول المجلس منها إلا في قطاع الآلات ووسائل النقل حيث كان لدول المجلس 49% من صادرات هذا القطاع عام 1995 ثم 62% عام 2004. ويأتي هذا القطاع في المرتبة الثانية من حجم الصادرات بعد النفط (8% 10%). وأما في القطاعات الأخرى، فقد شهدت حصة دول المجلس منها هبوطا واضحا، فبين عامي 1995 و،2004 انخفضت حصة قطاع الأطعمة من 70% إلى 28%، عام 2004 وقطاع المواد الخام من 87% إلى 75% عام 2004 وقطاع المواد الكيميائية من 85% الى 58%.

وتضاعفت الواردات الاجمالية في السلطنة من 4،2 مليار دولار عام 1995 الى 8،6 مليار عام 2004 نتيجة لازدياد الدخل القومي الناجم عن تحسن اسعار النفط. وتؤمن السوق الخليجية نحو 30% من واردات السلطنة.

وتعتمد عمان بشكل متزايد على سد حاجاتها من المواد الكيميائية على دول المجلس. فبعد ان زودت دول المجلس عمان ب 30% من وارداتها من هذه المواد عام ،1995 ارتفعت هذه النسبة الى 44% عام 2004 وكذلك الآلات ووسائل النقل التي ارتفعت حصة دول المجلس فيها من 11% عام 1995 الى 23% عام 2004. وأما السلع المصنعة، فإن 40% من واردات السلطنة منها يأتي من دول المجلس.

قطر

وفيما يتعلق بتركيبة الصادرات والواردات البينية لدولة قطر لعام ،2004 نلاحظ ان الجزء الاكبر من الصادرات البينية القطرية تتشكل اساسا من السلع المصنعة (50%) مواد كيميائية (24%) آلات ووسائل نقل (19%)، فيما شكلت السلع المصنعة 42% والاطعمة 13% وكل من المواد الكيميائية والآلات ووسائل النقل 13% من اجمالي الواردات البينية.

وتعتبر دولة قطر من اكثر دول مجلس التعاون نموا بفضل استغلال ثروتها الهائلة من الغاز الطبيعي حيث أدى ذلك الى ازدياد صادراتها الاجمالية من 3،5 مليار دولار عام 1995 الى 18،6 مليار دولار عام 2004 (جدول رقم7) كانت حصة النفط والغاز وما شابهها تفوق 80% وتأتي المواد الكيميائية في المرتبة الثانية من حيث الاهمية بعد صادرات الطاقة، لم تتوفر البيانات الكلية عن صادرات قطر الى باقي دول المجلس وخاصة صادرات الغاز، غير انه من الممكن الاستنتاج من جدول رقم (7) ان السوق الخليجي يستوعب اكثر من 90% من صادرات السلع المصنعة القطرية و71% من الآلات ووسائل النقل.

ومع نمو صادراتها وبالتالي دخلها القومي ارتفعت الواردات القطرية من العالم بحوالي الضعف بين عامي 1995 و2004 حيث شكلت الآلات ووسائل النقل حوالي 50% من اجمالي هذه الواردات ويزداد اعتماد قطر على دول المجلس لتلبية مستورداتها فقد ارتفعت مساهمة هذه الدول من 9% من اجمالي الواردات القطرية عام 1995 الى حوالي 17% عام 2004.

وازدادت حصة الواردات القطرية من دول المجلس بين عامي 1995 و2004 من اطعمة وحيوانات حية من 17% الى 36% ومن المواد الخام من 4% الى 13% ومن المواد الكيميائية من 25% الى 37% وكذلك السلع المصنعة من 13% الى 40%.

السعودية

لم تتوفر بيانات حركة التصدير بالتفاصيل لما بعد العام 2001 والاستيراد لما بعد العام 2003 لذلك سنكتفي بتحليل البيانات المتوافرة.

ونستنتج من تركيبة الصادرات البينية للمملكة العربية السعودية عام 2001 والواردات البينية للمملكة عام 2003 أن صادرات المملكة البينية تتشكل أساساً من السلع المصنعة 33%، مواد كيميائية 24%، أطعمة 17% وآلات ووسائل نقل 17%، فيما شكلت السلع المصنعة 41% والمواد الكيميائية 23% والأطعمة 21% من إجمالي الواردات البينية.

وتشكل الصادرات السعودية 45% من إجمالي الصادرات البينية عام 2004 وذلك كونها الدولة الكبرى بين دول المجلس كما رأينا في الرسم البياني 4 أعلاه وتليها دولة الإمارات بنسبة 27%. وأما على صعيد الواردات فتأتي المملكة في المرتبة الرابعة بعد البحرين والإمارات وعمان بنسبة مشاركة في الواردات البينية بنسبة 13% فقط.

ويتبين من الجدول 8 أن الصادرات البينية السعودية تساوي حوالي 3% من إجمالي صادرات عام 1995 و2،3% من إجمالي صادرات عام 2011. الصادرات البينية الرئيسية للمملكة هي المواد الكيميائية والسلع المصنعة، حيث يتجه حوالي 8% من إجمالي صادرات المملكة من الأولى نحو دول المجلس الأخرى و50% من الثانية. وأما الصادرات البينية من الآلات ووسائل النقل، فقد انخفضت نسبتها من 41% عام 1995 إلى 30% عام 2001.

وتبقى الواردات البينية السعودية ضعيفة بالرغم من ارتفاعها من 1،9% عام 1995 إلى 3،4% عام 2003. وأكثر السلع المستوردة من دول الخليج الأخرى هي السلع المصنعة والتي بلغت الواردات البينية من إجماليها حوالي 8% عام 2003. وأما واردات المواد الكيميائية البينية، فقد شكلت 7% من إجمالي واردات المملكة من هذه المواد.

الإمارات

لم تتوفر بيانات حركة التصدير والاستيراد بالتفاصيل لما بعد العام 2001 لذلك سنكتفي بتحليل البيانات المتوفرة حتى تلك الفترة.

ونلاحظ أن صادرات الإمارات تتنوع أكثر من غيرها من دول المجلس وتتشكل أساساً من آلات ووسائل نقل 29%، السلع المصنعة 23%، ومشروبات وتبغ 20% فيما شكلت السلع المصنعة 27% والمواد الكيميائية 21% والآلات ووسائل النقل 12% من إجمالي الواردات البينية.

وتعتبر دولة الإمارات إحدى أنشط دول المجلس على صعيد التجارة البينية، حيث إن حصتها من إجمالي الصادرات البينية كانت تساوي 27% في عام 2001 بينما شكلت وارداتها 23% من إجمالي الواردات البينية. ويشكل قطاع إعادة التصدير قطاعا مهما في التجارة الخارجية، ولهذا أفردنا له عمودين في الجدول 9.

غير أن الصادرات البينية الإماراتية لم تشكل سوى 5-6% من إجمالي صادرات الدولة والتي شكل النفط 76% من إجماليها عام 2000 و68% عام 2001 ولعل أحد أسباب انخفاض هذه النسبة بالنسبة لباقي دول المجلس هو ازدهار المناطق الحرة لا سيما في دبي. فقد بلغت قيمة السلع المعاد تصديرها من الإمارات حوالي 7 مليارات عام 2000 و8،5 مليار عام 2001.

وأما على صعيد التجارة البينية، فيبدو من الجدول 9 أن أهم صادرات الدولة هي السلع المصنعة التي وصلت حصة الصادرات البينية منها إلى 23% عام 2000 وإلى 14،5% عام 2001. وأما صادرات الآلات ووسائل النقل، فكانت حصة دول المجلس منها تساوي حوالي 15%. يجدر الانتباه هنا إلى أن أرقام الصادرات تتضمن أرقام السلع المعاد تصديرها من المناطق الحرة. وبالتالي لا تعكس أرقام الجدول 9 تنوعاً إنتاجياً يحصل داخل الدولة.

وشكلت الواردات البينية حوالي 4% من واردات دولة الامارات عام ،2000 ومن أبرز السلع التي تستوردها دولة الامارات المواد الكيميائية والتي بلغت حصة التجارة البينية منها 12،7% عام 2000 ثم السلع المصنعة التي كانت الواردات البينية تشكل 5،6% منها عام ،2000 وأما المواد الخام، فكان نصيب الواردات البينية منها يساوي 10% عام 2000.

وشكلت التجارة البينية حوالي 20% من حركة اعادة التصدير مما يعكس نجاحاً لهذه التجارة وأبرز السلع المعاد تصديرها الى دول المجلس هي السلع المصنعة والآلات ووسائل النقل حيث استوعبت سوق دول المجلس 17% من اجمالي صادرات الأولى و16% من الثانية عام 2001.







خاتمة

ان ضعف التجارة البينية الخليجية يحول دون الاستفادة الكلية من ارتفاع قيمة صادراتها النفطية. فعلى الرغم من ازدياد الطلب على الواردات، يبقى ضعف التنوع الانتاجي معيقا من الاستفادة من هذه المداخيل بشكل اكثر. فضعف التنوع يعني التوجه نحو الاسواق الخارجية لتلبية حاجات الاسواق المحلية مما يعني تسرب جزء كبير من المداخيل نحو الخارج.

وعلى الرغم من ان الصورة الظاهرية للارقام تعكس ازدياد التجارة البينية بشكل مطلق، فإن التدقيق فيها يوحي بانعدام مؤشرات زيادة التكامل التجاري للسلع ومحدودية التجارة البينية الخليجية. ان دول الخليج مازالت لا تعتمد على بعضها البعض كشركاء رئيسيين في التجارة الخارجية أو حتى في التجارة الاقليمية وفي سد حاجاتها السلعية (مع ضرورة الاشارة هنا الى ان كل الارقام تعكس التجارة البينية للسلع دون الخدمات). وهذه الارقام انما تعني ان على دول المجلس القيام بمزيد من الجهود والاجراءات لتنويع الانتاج السلعي عالية. وبالمقارنة مع دول منطقة اليورو، يمكن القول ان سعي دول المجلس لتشجيع التبادل بينها، لم يحقق النتائج المرجوة.

الأخطبوط
24-11-2006, Fri 3:31 AM
مشكور ويعطيك العافيـــــــــــــــــه