المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : د. طارق حسن كوشك : شكرا هيئة سوق المال.. ولكن ماذا عن بعض المتداولين



الرويلي
29-10-2005, Sat 2:40 AM
بعد الاتفاق بين هيئة سوق المال و مدينة الملك عبد العزيز للعلوم و التقنية تم حجب عدد من المنتديات الإلكترونية التي تعتقد هيئة سوق المال أنها تتميز بإستغلالها للطفرة الحالية في سوق الأسهم السعودية من خلال السماح لبعض كتاب الطفرة و محللي الغفلة بنشر الأخبار المفبركة و التوصيات المضللة التي تخدم بعض كبار المضاربين أو المستثمرين إما بمقابل مادي أو بدونه و إما بمقابل مادي أو بدونه.

و كنا قد لفتنا سابقا الى ضرورة تدخل هيئة سوق المال لوضع حد لمثل هؤلاء الكتاب و المحللين حيث اشرت في احد التقارير : "أطالب هيئة سوق المال الموقرة بضرورة التدخل لوضع ضوابط و إجراءات لمنع الكثير من محللي الطفرة و كتاب الغفلة الذين أنتشروا في المنتديات ليكتبوا ما شاء لهم دون وعي أو محاسبة ليضروا بذلك المستثمرين السعوديين. إن إستمرار مثل هؤلاء الكتاب يتطلب فعلا من الهيئة التدخل لوضع حد لهم حتى لا يتسببوا في إنهيار سوق الأسهم السعودية. في إعتقادي أن التوعية التي تتبناها الهيئة حاليا جدا مفيدة و لكن تأثيرها لن يكون كاملا ما لم ترافقها قرارات جريئة من الهيئة تزيل مسببات أي خلل في السوق".

هؤلاء الكتاب يشبهون الممرض الذي عمل لدى طبيب قلب أو جراح مخ و أعصاب لمدة عشر سنوات أكتسب فيها خبرة جيدة عن أنواع أمراض القلب أو المخ و الأعصاب ثم تجرأ بكتابة وصفة طبية لمريض قلب بناء على خبرته أو أجرى عملية لمريض في دماغه بحجة أنه قرأ الكثير من المراجع العلمية عن أمراض المخ و الأعصاب كما أن لديه خبرة في التعامل مع المرضى لمدة عشر سنوات.

إن كثيرا من كتاب المنتديات (و ليس جميعهم) مجهولو الإسم و الهوية و الخبرة و العلم قد أضلوا الناس و تسببوا في خسائر مادية مؤلمة ، لذلك أقول شكرا يا هيئة سوق المال على هذا القرار الشجاع الذي سيقوي من سوق الأسهم السعودية و سيساعد على إستمرارها .

لكن هذا التنسيق و القرار بحجب بعض المواقع ليس بكاف ، لأن مثل هذا القرار أو التنسيق حاسب الكاتب و لم ينظر إلى القارئ و منع القائل و لم يلتفت إلى السامع حيث أن الخطأ مشترك بينهما فلم يحاسب الأول و يترك الثاني؟

هذا الإندفاع الجماعي نحو البيع قد يكون ناتجا عن إشاعة مفادها أن رجلا مشهورا بتفسير الأحلام قد شاهد رؤيا مفادها أن السوق سينهار في يوم 20 رمضان . مثل هذه الإشاعة الغريبة لا يمكن أن تنشر لولا جهل ناقليها الذين على ما يبدو أن ليس لهم علاقة بالإقتصاد و لا حتى بمبادئه العلمية و هو ما يؤكد ضرورة وضع معايير و شروط يجب تطبيقها على كل من يريد المتاجرة بالأسهم أسوة بمن يريد المتاجرة في أي سلعة بالمملكة العربية السعودية. لأن إستمرار هذا الوضع مقلق جدا و لا يبشر بالخير أبدا فسوق تحكم تصرفات بعض منسوبيه مثل هذه الخزعبلات سيواجه مصيرا مؤلما جدا.

بمعنى اخريجب وضع معايير و شروط يجب أن تتوافر فيمن يريد المتاجرة في الأسهم (مثل حصوله على شهادة علمية متخصصة أو دورات تدريبية متعلقة بالأسهم) حتى نضمن وجود متداولين مؤهلين و مثقفين يستطيعون التفريق بين المحللين و الكتاب المتخصصين و محللي الطفرة و كتاب الغفلة.

فإن لم تفعل الهيئة ذلك فسوف يعتقد كثير من المتداولين البسطاء أن الهيئة حرمتهم من مصادر معلومات مهمة جدا و كتاب عظماء و محللين خبراء لذلك سيبحثون عنهم في كل مكان حتى لو اضطروا للذهاب إلى منازل هؤلاء العظماء في نظر الجهلاء ليستقوا المعلومة منهم.

إن مثل هؤلاء المتداولين غير المؤهلين يمكن تشبيههم بمن يذهب إلى مدعي البركة أو الدجال ليتعالج من صداع بحجة أن جني قد لمسه، ثم عندما لا يذهب الصداع لا يقول أنه أخطأ بعدم الذهاب إلى الطبيب المختص بل يقول أن هذا الدجال الذي ذهب إليه غير قادر فيبحث عن دجال آخر. إنني بجد أتمنى على الهيئة الموقرة أن تصدر مثل هذه الشروط و المعايير في القريب العاجل حتى نحمي سوقنا من بعض (و أقول بعض و ليس كل) المتداولين غير المؤهلين مثل ما حمينا سوقنا من محللي الطفرة و كتاب الغفلة. فبدون تهيئة المتداولين و خاصة صغارهم (من خلال الدورات التقيفية و التدريبية مثلا) فلن تكتمل الحلقة أبدا.


د. طارق حسن كوشك