المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التنظيم الإسلامي للتمويل والمداينات يحمي المجتمع من أزمات الائتمان



ABO HAMDAN
24-09-2005, Sat 9:12 PM
</FONT>
التنظيم الإسلامي للتمويل والمداينات يحمي المجتمع من أزمات الائتمان

أكد الخبير الاقتصادي المعروف الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أن التنظيم الإسلامي للتمويل والمداينات يحمي المجتمع من أزمات الائتمان. وقال د. عمر للمستثمرون : إن الإسلام يطلب دراسة سلوك العميل لضمان عدم المماطلة في سداد الديون. وأشار إلى أن الفقهاء اشترطوا في المشتري المدين أن يكون ثقة وموسرا، وذلك حماية لأموال الغير وحقوقهم وضمانا للوفاء بهذه الحقوق، وحدد عدة أسباب لأزمات الائتمان، منها التلاعب في الضمانات وسوء نية العميل الذي يقترض، وهو غير جاد في عملية السداد، ورهن البضائع لأكثر من بنك للحصول على اكثر من قرض في وقت واحد. وأوضح أن نشر القيم الإسلامية ضرورة لحماية أموال وحقوق الآخرين، لما فيها من ضوابط وقواعد تمنع وتحد من الممارسات غير الأخلاقية لبعض العملاء. وفيما يلي نص الحوار:من المشكلات التي تعيشها اقتصاديات دول عديدة حاليا، مشكلة الائتمان المصرفي، والتي تتلخص في زيادة نسبة تعثر عملاء المصارف في سداد ما عليهم من أموال حصلوا عليها من تلك المصارف، إضافة إلى هروب بعض العملاء للخارج بعد تصفية أعمالهم وتهريب أموالهم للخارج، فهل لنا أن نتعرف منكم على التفسير الإسلامي لأزمة الائتمان المصرفي؟ ـ لا يخفى على أحد أن الائتمان المصرفي يدور في إطار الحصول على التمويل من الآخرين لاستكمال ما يلزم من أموال للقيام بالأنشطة الاقتصادية. والائتمان المصرفي في النظام الإسلامي يقوم على مبدأ "الخراج بالضمان"، ومبدأ "الغنم بالغرم"، أي من يتحمل مخاطر استخدام المال يحصل على منافعه أو عوائد استثماره. وإذا كان الائتمان يدخل في إطار أساليب التمويل بشكل عام، بمعنى نقل القدرة التمويلية من ذوي الفائض إلى ذوي العجز المالي، فإن ذلك أمر مشروع، بل ومندوب إليه من باب التعاون على الخير، وإذا كان الائتمان يدخل في معناه الخاص في إطار المداينات التي تعرف فقها بأنها كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدا وأخرى الذمة، فإن المداينات مشروعة في الإسلام ويدرجها الفقهاء ضمن أعمال الخير والإحسان في المعاملة، والتيسير على الناس وتفريج كرباتهم، وهي أمور مندوب إليها.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نفس على مسلم كربة من كرب يوم الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة". وإذا كان الائتمان بالمعنى الأخص يدل على القرض فهو أمر مشروع ومندوب إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل قرض صدقة"، غير أن القرض المندوب إليه هنا هو القرض الحسن وليس القرض بفائدة ربوية محرمة. ولم تكتف الشريعة الإسلامية بالندب إلى التمويل والمداينات والقرض، وإنما نظمت ذلك بشكل يحقق المنفعة للطرفين ويضمن حق كل منها في عدالة وتوازن، كما أن التنظيم الإسلامي للتمويل بشكل عام والمداينات بشكل خاص قد ينهي عن الممارسات التي أدت إلى ظهور مشكلة الائتمان المصرفي. أسباب متنوعة في رأيكم.. ما هي أسباب حدوث أزمات الائتمان المصرفي؟ وما موقف الإسلام من تلك الأسباب؟ ـ هناك أسباب عديدة تؤدي إلى ظهور مشكلة الائتمان المصرفي، ويمكن تقسيمها إجمالا إلى نوعين من الأسباب، وهما الأسباب الشخصية والأسباب التنظيمية، ويقصد بالأسباب الشخصية الممارسات غير الأخلاقية التي يسلكها المتعاملون في الائتمان، سواء من مسئولي البنوك أو المقرضين والمعاونين لهم، ومن تلك الممارسات تقديم معلومات مضللة من طالبي الائتمان، وذلك بإحدى الصور التالية: - عدم الصدق والأمانة في المعلومات المقدمة من العميل، بأن يتضمن طلب الائتمان ما يفيد قدرة العميل على السداد، بينما الحقيقة غير ذلك، وهذا يدخل إسلاميا في باب الكذب والخيانة والغش والتدليس، وكلها أمور منهي عنها شرعا، بل إن الفقهاء نصوا بصراحة في باب القرض على انه "لا يحل للمقترض أن يظهر الغنى ويخفي الفاقة عند القرض"، وجاء أيضا في كتاب المغني لابن قدامة: "من أراد أن يستقرض فلابد أن يعلم من يسأله القرض بحاله ولا يغره بنفسه". - إخفاء المعلومات التي تظهر عدم قدرته على السداد، بالا يذكر الديون أو القروض الأخرى التي عليه، أو يغالي في قيمة الضمانات المقدمة منه، أو يرهن بضاعة في مخازنه لأكثر من بنك، وكل ذلك محرم شرعا، لأنه من باب التدليس. - عدم وجود الرغبة في السداد عند الاقتراض، وهذا من الممارسات التي شدد الإسلام على منعها، مؤكدا أن من يفعل ذلك يكون سارقا، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل يدين دينا وهو مجمع أن لا يوافيه، لقي الله سارقا"، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد إتلافها، أتلفه الله". - التواطؤ بين المقترض ومكاتب المحاسبة والاستشارات على اعتماد بيانات وقوائم مالية تتضمن معلوما حذر خبراء الاقتصاد من الخلل في القواعد والإجراءات التي تتبع عند اتخاذ قرار منح الائتمان للعميل، فما هي ملامح هذا الخلل، وما موقف الإسلام من ذلك؟ ـ الخلل في القواعد والإجراءات يمثل الأسباب التنظيمية لأزمة الائتمان المصرفي وقد رصدها الخبراء من واقع ما حدث في أزمة الائتمان المصرفي بالسوق المصرية، ومنها: - عدم كفاءة الاستعلام عن العملاء للتأكد من جدارتهم الائتمانية بما يعرض أموال البنك لمخاطر السداد، وهذا يدخل في باب التقصير في العمل من جانب مسئولي البنك وعدم أدائهم لمسئولياتهم، وهذا أمر ممنوع شرعا. - قصور دراسة الجدوى عن المشروعات المطلوب تمويلها والتلاعب في هذه الدراسة لإظهار أن المشروع سوف يحقق عائدا يمكن من سداد القرض، وقد يتم ذلك باللجوء إلى مكاتب غير خبيرة، وهو من باب التقصير في العمل، والتدليس، لأن مكتب الخبرة الذي يتصدى لدراسة الجدوى، وهو غير قادر على إتمامها بكفاءة شأنه شأن الأجير الذي يتعاقد على عمل لا يحسنه، وبالتالي فهو غاش ومدلس، كما يتم التواطؤ بين العميل ومكتب الخبرة على إظهار دراسة الجدوى غير الحقيقية، هو من باب شهادة الزور، وكلها أعمال محرمة شرعا. - قصور الدراسة الائتمانية عن حالة العميل، والتي تتضمن أربعة معايير، هي مدى السمعة الطيبة للعميل، وسلوكه في أداء ما عليه من التزامات ودرجة الملاءمة، ممثلة في صافي حقوقه الملكية التي تمثل الضمان العام للديون، ثم القدرة والكفاءة في نشاطه ومعدل الأرباح في نشاطه ومدى إمكانية سداده القروض من عائد استخدامه. - وأخيرا مدى تناسب الضمانات التي يقدمها للبنك لضمان استرداد حقه عند توقفه عن السداد، فإذا تمت هذه الدراسة بشكل سليم، فإنه سوف تقل درجة المخاطرة إلى حد كبير، وقد ثبت من رصد الأزمة الراهنة أن الدراسات الائتمانية التي تقوم بها بعض البنوك فيها قصور كبير. علاج الخلل كيف تعالج تعاليم الإسلام واجتهادات الفقهاء الخلل في القواعد والإجراءات التي تتبع عند اتخاذ قرار الائتمان؟ ـ لا شك في أن تعاليم الإسلام وقواعده وقيمه تضمن القضاء على أي خلل في أي مجال من المجالات إذا أحسنا تنفيذ تلك التعاليم والتمسك بتلك القيم، وفي هذا الإطار نجد أن الفقه الإسلامي سبق في إقرار القواعد والمعايير التي تحول دون حدوث أزمات الائتمان، ومن ذلك ما يلي: - جاء في البيع بالأجل وهو من صور الائتمان، ثم من واجبات الوكيل ـ ومثله إدارة البنك ـ التأكد من أن المشتري "ثقة وموسرا"، وجاء في القرض: "وأن لا يقرضها إلا لمليء يأمن جحده ومطله"، ومن هذين النصين يتضح شمولهما على معايير ثلاثة مهمة، وهي: - اشتراط كونه ثقة، وهذا يدل على ضرورة دراسة شخصية العميل لمعرفة سلوكه الائتماني في سداد ما عليه من التزامات من واقع الاستعلام عن معاملاته الائتمانية السابقة، كما أن اشتراط أمن الجاحد والمماطلة يدور في فلك التعرف على سلوكه الائتماني. - اشتراط اليسار والملاءة، وهذا يدل على معياري الملكية والكفاءة باعتبار أن صافي حقوق الملكية لطالب الائتمان تمثل الضمان العام وان اليسار لا يقصد به فقط حجم الملكية، وإنما يمتد إلى ضرورة التعرف على كيفية إدارته لهذه الملكية وكفاءته في تشغيلها، فالسفيه مثلا ليس أهلا للائتمان مهما كان حجم ثروته لعجزه عن إدارتها بطريقة سليمة. - جاء في الديون بشكل عام والقروض بوجه خاص انه على الوكيل الاحتياط ضد مخاطر الائتمان بكل الصور ومنها الرهن والكفيل وكتابته والإقرار به عند حاكم "توثيقه".