المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة مستقبلية لأداء الاقتصاد السعودي



ghenaim
22-09-2005, Thu 5:27 AM
قراءة مستقبلية لأداء الاقتصاد السعودي
طلعت زكي حافظ
22/09/2005
كشف عدد من التقارير والتحليلات الاقتصادية، أن الاقتصاد السعودي يشهــد منذ بدايــة العـام الجــاري 2005، وحتى نهاية النصف الأول من العام، أداء متميزا في جميع الاتجاهات وفي مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية، بما في ذلك الخدمية، الأمر الذي يتوقع له أن ينعكس وأن يسهم بشكل كبير في تحسن عدد كبير من المؤشرات والعوائد المالية والاقتصادية، حيث يتوقع على سبيل المثال لا الحصر، أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي، نموا يبلغ نحو 26 في المائة بالقيمة الاسمية، و65 في المائة بالمعيار الفعلي، كما يتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات النفطية هذا العام 398 مليار ريال، وأن تحقق الميزانية العامة للدولة فائضا يبلغ نحو 137 مليار ريال، الأمر الذي سيسهم بشكل فاعل في إحداث انتعاش اقتصادي كبير في المملكة العربية السعودية على المديين القصير والطويل.
ورجحت معظم تلك التقارير الأداء المتميز للاقتصاد السعودي، إلى عدد من العوامل، أتى في مقدمتها وعلى رأسها بطبيعة الحال، التحسن الكبير الذي طرأ على أسعار النفط العالمية هذا العام، حيث أشار أحد هذه التقارير إلى أن سعر الخام السعودي سيبلغ 45 دولاراً في المتوسط خلال هذا العام، أي ما يعادل 51 دولاراً للبرميل من خام غرب تكساس القياسي، هذا إضافة إلى أن متوسط إنتاج السعودية من النفط يتوقع له أن يصل إلى نحو 96 مليون برميل في اليوم.
بالرغم من الارتفاع الملحوظ التي شهدته أسعار النفط العالمية، والذي انعكس أثره الإيجابي بطبيعة الحال، وكما أسلفت، على الأداء العام للاقتصاد السعودي، إلا أن ذلك الارتفاع في الأسعار لم يكن هو وحده المسؤول عن التحسن في أداء الاقتصاد السعودي، حيث كان لمساهمة القطاع الخاص في نمو الناتج المحلي الإجمالي دور فاعل وكبير جدا، الذي يتوقع هو الآخر أن ينمو خلال هذا العام بنسبة 7 في المائة، بسبب ما توليه الحكومة من اهتمام وتقدم له من دعم مالي ومعنوي سخي باعتباره سيكون مسؤولاً مسؤولية مباشرة خلال الفترة المقبلة عن إدارة وقيادة دفة الاقتصاد السعودي، بحيث ينحصر دور الدولة في الإشراف والمراقبة والتنظيم لأداء الاقتصاد، وكما هو معمول به ومطبق في معظم دول العالم المتقدم.
القفزة الهائلة التي تحققت في حجم الاستثمارات خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أسهمت هي أيضا بشكل كبير في التحسن النوعي الذي شهده أداء الاقتصاد السعودي، ولا سيما أن حجم الاستثمارات تضاعف أكثر من 16 مرة في النصف الأول من العام نتيجة لضخ نحو 174 مليار دولار (654 مليار ريال)، مقابل 960 مليون دولار (36 مليار ريال) إجمالي الاستثمارات للأشهر الستة الأولى من العام الماضي.
النمو والوفرة في عرض النقود التي شهدها النظامان النقدي والمالي السعوديان خلال النصف الأول من هذا العام، دون أدني شك كان له أيضاً الأثر الإيجابي الكبير في التحسين من أداء الاقتصاد السعودي بشكل عام وأداء القطاع المصرفي بشكل خاص، بالذات فيما يتعلق بتوسع المصارف المحلية في عملياتها الإقراضية بشكل كبير، خاصة أن عرض النقود المتعارف عليه في علم الاقتصاد بـ (ن3)، شهد نموا وارتفاعا ملحوظاً، لم يشهده منذ نحو 25 عاما، حيث ارتفعت السيولة في نهاية أيار (مايو) 2005، لتصل إلى مستويات قياسية بلغت نحو 524 مليار ريال.
كنتيجة طبيعية لتحسن الاقتصاد السعودي، بما في ذلك أداء القطاع الخاص، فإنه يتوقع أن تشهد الصادرات السعودية غير النفطية خلال العام الجاري، نموا ملحوظاً بما نسبته ما بين 10 إلى 15 في المائة، لتصل في نهاية العام إلى نحو 62 مليار ريال، ولا سيما في ظل الدعم المالي الحكومي الأخير الذي حظي به برنامج تنمية الصادرات السعودية في الصندوق السعودي للتنمية.
أحد المؤشرات والدلالات على قوة أداء الاقتصاد السعودي هذا العام، الارتفاع الملحوظ الذي شهدته سوق الأسهم السعودية، التي ارتفعت بأكثر من عشرة آلاف نقطة، خلال الفترة الزمنية الماضية البسيطة، وشهدت نموا يقدر بنحو 85 في المائة، وتجاوزت قيمتها السوقية تقريباً ضعف قيمة الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت أكثر من 19 مليار ريال، وارتفع عدد المستثمرين في السوق من 47 ألف مستثمر قبل نحو ثلاث سنوات إلى أكثر من 1100 مليون مستثمر اليوم.
جميع هذه المؤشرات الإيجابية لأداء الاقتصاد السعودي خلال النصف الأول من العام الجاري وغيرها كثير، تؤكد أن الاقتصاد السعودي، سيشهد مرحلة طفرة اقتصادية مقبلة من جديد، ستستمر بإذن الله تعالي لسنوات عديدة مشابهة لتلك التي مرت بها البلاد في حقبة السبعينيات الميلادية، التي يتوقع لها أن تعمل وأن تسهم بشكل كبير في استمرارية نمو الاقتصاد المحلي بوتيرة منظمة ومنتظمة، ستعود بشمولية النفع على الوطن والمواطن على حد سواء، والله من وراء القصد.