المشاكس
19-09-2005, Mon 1:15 PM
يا وزير المالية ناقلاتهم ونقلنا تِسْعِينُهم وتِسْعُنا عَدْوُهم وحَبْوُنا
محمد عبد الله آل الشيخ
19/09/2005
قبل ثلاثة عقود من الزمن قررت القيادة السعودية آنذاك دخول عالم الصناعة والولوج إليه بقوة عبر بوابة قطاع الصناعات البتروكيماوية، ورغم التحديات القائمة حينها والمتمثلة في وجود دول كبرى وشركات عملاقة تسيطر على هذه الصناعة وتمتلك المال والخبرة اللازمتين لقيامها، ورغم الصيحات التي تعالت وقتها تحذر من عواقب هذه الخطوة وتصفها بأنها مغامرة بثروة هائلة ستنفق على إنشاء البنية التحتية لهذه الصناعة ناهيك عما سينفق على مشاريعها ثم تكون عاقبتها الفشل إلا أن ثمة أطرافاً خارجية كانت تراهن على فشل هذه الصناعة وسقوط المشروع الصناعي السعودي الحُلم. ورغم كل هذا ومع أن المسؤولين الاقتصاديين آنذاك كانوا يعلمون أن المنافسة في هذا القطاع ستكون قوية وستزداد بدخول منتجين جدد حلبة الصراع وطرحهم منتجاتهم في الأسواق العالمية، وأن المسألة متوقفة على العرض والطلب وأن الأسعار مرتبطة بهما إلا أنهم أدركوا برؤيتهم الثاقبة ونظرتهم الصائبة أن السعودية تمتلك فرصاً وعوامل نجاح أكبر من أي دولة أخرى لهذه الصناعة لكون السعودية منتجا كبيرا للنفط، الذي تعتمد الصناعات البتروكيماوية على مشتقاته الأولية. وهذا الوعي الاقتصادي هو ما كان يحتاج إليه المسؤولون عن قطاع النقل البحري ''شركة النقل البحري'' تخطيطا وتطويرا وإدارة، فهل يقبل منطق أو عقل وجود عجز وقصور هائلين بين صادراتنا وأسطولنا البحري؟ نستأجر يوميا عشرات السفن لنقل هذه الصادرات الهائلة والمتنوعة، تتقاسم شركات النقل العالمية أرباح هذا القطاع وتستفيد منه غاية الاستفادة ويذهب جزء من ثروتنا الوطنية أرباحا لهذه الشركات نتيجة جمود مسؤولي هذا القطاع وعدم نظرتهم للمستقبل البعيد وتحركهم لمواجهة النمو وتلبية الطلب المتزايد ورفضهم التوسع في بناء السفن، علما الأن فرص النجاح في قطاع النقل البحري أكبر وآكد من فرص النجاح في قطاع البتروكيماويات فهو لا يحتاج إلى دراسات..وهل يحتاج طلوع الشمس إلى دليل؟ بلد ينتج كما هائلا من الصادرات النفطية ويستعد ليكون لاعبا رئيسيا ومهما في قطاع البتروكيماويات والغاز ولديه صادرات أخرى ويستورد ملايين الأطنان من البضائع يوميا، لا شك أن العمل في قطاع سيتولى نقل هذه الصادرات سيكون مربحا بشكل كبير، علما أن شركة النقل البحري في بداياتها كانت تنظر للمستقبل وتستعد له فقد أنشئت عام 1979، وكان رأسمالها ضخما آنذاك، إذ يبلغ 500 مليون ريال وهو أكبر رأسمال شركة سعودية في تلك الفترة باستثناء ''سابك''، إدراكا من المسؤولين عن شركة النقل البحري وقتها أن قطاع النقل البحري يحتاج إلى استثمارات هائلة وكبيرة، لذا فقد تضاعف رأسمال النقل البحري ثلاث مرات وتمت زيادته من 500 مليون ريال إلى ملياري ريال. وبعد 23 عاما ورغم مرور فترة زمنية طويلة نمت فيها صادراتنا بشكل كبير وتنوعت وتضخمت، السؤال المطروح: هل واكب هذه الزيادة والنمو والتطور في الصادرات السعودية توسع ونمو وتطوير في قطاع النقل البحري وماذا فعلت شركة النقل البحري خلال 26 عاما؟ لقد ظلت تراوح مكانها ورأسمالها تآكل في فترة من الفترات ولم تطرأ عليه زيادة نهائيا وأسطولها ظل محدود السفن وبعضها متهالك سيخرج عن الخدمة بعد فترة. حين المقارنة تصدمنا المفاجأة ويصعقنا الواقع الذي يدعو للحسرة والألم ويطرح التساؤل ويستوجب التحقيق في الأسباب التي دعت إلى هذا الخلل والعجز والقصور في القطاع الحيوي والاستراتيجي، الذي يعتبر مفصلا مهما وخطيرا لاقتصاد أي دولة. إن واقع شركة النقل البحري يؤكد حقيقة ثابتة أن الدولة يجب أن تسارع برفع وصايتها عن هذه الشركة والتي تدار بطريقة اقتصادية تغلب عليها وتحكمها الأنظمة البيروقراطية والتي تحول دون المضي في المشاريع الكبيرة والتوسعات الضخمة لأنها تستوجب رفع رأسمال الشركة ووزارة المالية تقف حجر عثرة أمام مثل هذه الخطوات. ففي رمضان العام الماضي 1425هـ وفي أحد اجتماعات الشركة طرحت فكرة رفع رأسمال الشركة، لكن صندوق الاستثمارات العامة رفض الاقتراح ولا أدري كيف تعلن وزارة المالية عن وجود دراسة جادة لديها في طرح أسهم الدولة في الشركات المساهمة للبيع، وأنها تبحث الآلية وتدرس الكيفية التي تتم بها عملية الطرح، ثم ترفض وتحول دون رفع رأسمال شركة النقل البحري لسبب بسيط وهي أنها تريد المحافظة على حصتها لأن زيادة رأسمال الشركة عن طريق الاكتتاب ستحتم عليها دفع أموال وهي لن تفعل ذلك، مما يجعل حقها في الاكتتاب ينتقل إلى المساهمين ويزيد نسبتهم في الشركة على حساب حصة الدولة، الأمر الذي يقود إلى خفض نسبة ملكيتها في الشركة، علما أن هذا الخفض سيعوض بالنسبة للدولة بارتفاع قيمة السهم. إن الدولة تطالب القطاع الخاص بالمساهمة في مشاريع البنية التحتية وجميع القطاعات الحيوية والقطاع البحري أحدها وتطويره يحتاج إلى استثمارات ضخمة بمليارات الريالات. والقطاع الخاص سينهض بهذه المهمة ويتولاها بنفسه إذا أتيحت له الفرصة ومُكّن منها وهذا لن يتأتى إلا برفع رأسمال شركة النقل البحري عن طريق الاكتتاب وطرح علاوة إصدار مقابل هذه الأسهم وطرح الشركة الوطنية لنقل البتروكيماويات مما يوفر للشركة فرصة تاريخية لجمع أموال طائلة تقدر بمليارات الريالات تمكنها من سداد ديونها وتحويل فوائد هذه الديون أرباحا لصالح المساهمين والتعاقد على بناء سفن جديدة وعملاقة. ووزير المالية رجل اقتصاد يحيط علما ويسمع ويقرأ ويتابع تحركات الدول المجاورة وسعيها الحثيث إلى تطوير قطاعات الشحن البحري لديها ويعلم حجم الاستثمارات الهائلة التي تتطلبها عملية التطوير، وكم تدفع تلك الدول من مبالغ لتطوير هذه القطاعات، والمساهمون في هذه الشركة سيتولون هذه المهمة نيابة عن الدولة وسيوفرون الأموال اللازمة، علما أن وزير المالية والحق يُقال قبل ثلاثة أعوام أعلن أن الدولة ستدعم شركة النقل البحري إدراكا منها لأهمية هذا الدعم وضرورته وحاجة الشركة إليه. وكل ما تريده هذه الشركة الآن أن يتاح للمساهمين هذا الأمر، وأن يمكنوا منه، وأن تبادر الإدارة المسؤولة عن الشركة بسرعة التخطيط والتنفيذ، فالعالم يعدو في هذا المجال ونحن نحبو. قطر دولة صغيرة تصدر الغاز فقط بكميات ضخمة هي الأعلى عالميا، بينما إنتاجها النفطي محدودة مقارنة بنا ولا تملك ضخامة صادراتنا البتروكيماوية ووارداتها محدود بالنسبة لنا، ومع ذلك أعلنت عن تعاقدها لبناء 90 ناقلة غاز ستتسلمها في السنوات المقبلة، علما أن شركة ناقلات تمتلك 50 حاليا ونحن أكبر دولة مصدرة للنفط، 11 مليون برميل وعما قريب ستبلغ صادراتنا النفطية 15 مليون برميل يوميا، وستتضاعف صادراتنا البتروكيماوية في الأعوام المقبلة، علما أن صادراتنا توازي 76 في المائة من صادرات الخليج البتروكيماوية، وعما قريب سيكون الغاز السعودي في الأسواق العالمية. فما الناقل وما الجهة التي لديها قدرة واستعداد لنقل هذه الصادرات إلى الأسواق العالمية ويتناسب مع حجمها. لقد أنشأت السعودية مركزا لتنمية الصادرات وحرصت على وصول الصادرات السعودية إلى الأسواق الخارجية ودعمت هذا المركز بـ 15 مليارا، ولكن القطاع الذي سيحمل هذه الصادرات وينقلها ليس مؤهلا وليس قادرا ولا يملك أسطولا بحجمها.
ووزارة المالية تدرك الأثر الخطير للتحويلات المالية الخارجية على الاقتصاد وتسعى لتوطين الوظائف لأهميتها في الحد من التحويلات المالية، وهيئة الاستثمار تروج لمشاريع استثمارية سعودية في الخارج وتطالب المستثمرين بدخول السوق السعودية وتطرح أمامهم فرصا استثمارية ومن ضمنها قطاع النقل البحري، والخبراء الاقتصاديون يحذرون من تضخم بعض أسهم الشركات السعودية نظرا لحجم السيولة المالية الكبير وشركات خاسرة ترفع رأسمالها أكثر من مرة لتستفيد من هذه السيولة في مشاريع تعود عليها بالربح وقد لا يحتاج إليها الوطن بشكل كبير وليست مهمة للاقتصاد. وشركة النقل البحري أمامها خطة استراتيجية لتوطين قطاع النقل البحري وقصره على الشركات السعودية، وهو يحتاج إلى هذه الأموال الضخمة والاستثمار فيه يحتاج إليه الوطن ويستفيد منه المواطن وسيجني منه الجميع عوائد مجزية، الوطن ببقاء الأموال فيه والمواطن بدخوله مجالات استثمارية ناجحة وآمنة.
آمل من وزير المالية واجتماع شركة النقل البحري الذي سيعقد في 20 أيلول (سبتمبر) الجاري، أن يكون صوته منضماً إلى المطالبين بسرعة رفع رأسمال النقل البحري وبشكل كبير وهائل فكفانا تفريطا وكفانا كسلا. الإمارات، مصر، قطر، إيران، الجزائر، والكويت دول أنفقت أخيرا عشرات المليارات وتعاقدت على بناء سفن خاصة بها، علما أن صادراتها مجتمعة لا تبلغ نصف صادرات السعودية، بينما السعودية أسطولها النفطي لا يستطيع حمل ونقل صادراتها النفطية ليوم واحد. وتتحرك سفنها التي تحمل هذه الصادرات نحو الدول الخارجية في رحلة طويلة تمتد لثلاثة أشهر وخلال فترة غيابها تهيمن الشركات الأجنبية وتتفرد بسوق شحن النفط السعودي وما يُقال عن النفط يُقال عن البتروكيماويات وسيقُال عن الغاز مستقبلا ويُقال عن الواردات.
(أقول لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي يا إبن الشيخ فإدارة البحري إتخذت منهجها قاعدة " لا أسمع ، لآ أرى ، لآ أتكلم " )
محمد عبد الله آل الشيخ
19/09/2005
قبل ثلاثة عقود من الزمن قررت القيادة السعودية آنذاك دخول عالم الصناعة والولوج إليه بقوة عبر بوابة قطاع الصناعات البتروكيماوية، ورغم التحديات القائمة حينها والمتمثلة في وجود دول كبرى وشركات عملاقة تسيطر على هذه الصناعة وتمتلك المال والخبرة اللازمتين لقيامها، ورغم الصيحات التي تعالت وقتها تحذر من عواقب هذه الخطوة وتصفها بأنها مغامرة بثروة هائلة ستنفق على إنشاء البنية التحتية لهذه الصناعة ناهيك عما سينفق على مشاريعها ثم تكون عاقبتها الفشل إلا أن ثمة أطرافاً خارجية كانت تراهن على فشل هذه الصناعة وسقوط المشروع الصناعي السعودي الحُلم. ورغم كل هذا ومع أن المسؤولين الاقتصاديين آنذاك كانوا يعلمون أن المنافسة في هذا القطاع ستكون قوية وستزداد بدخول منتجين جدد حلبة الصراع وطرحهم منتجاتهم في الأسواق العالمية، وأن المسألة متوقفة على العرض والطلب وأن الأسعار مرتبطة بهما إلا أنهم أدركوا برؤيتهم الثاقبة ونظرتهم الصائبة أن السعودية تمتلك فرصاً وعوامل نجاح أكبر من أي دولة أخرى لهذه الصناعة لكون السعودية منتجا كبيرا للنفط، الذي تعتمد الصناعات البتروكيماوية على مشتقاته الأولية. وهذا الوعي الاقتصادي هو ما كان يحتاج إليه المسؤولون عن قطاع النقل البحري ''شركة النقل البحري'' تخطيطا وتطويرا وإدارة، فهل يقبل منطق أو عقل وجود عجز وقصور هائلين بين صادراتنا وأسطولنا البحري؟ نستأجر يوميا عشرات السفن لنقل هذه الصادرات الهائلة والمتنوعة، تتقاسم شركات النقل العالمية أرباح هذا القطاع وتستفيد منه غاية الاستفادة ويذهب جزء من ثروتنا الوطنية أرباحا لهذه الشركات نتيجة جمود مسؤولي هذا القطاع وعدم نظرتهم للمستقبل البعيد وتحركهم لمواجهة النمو وتلبية الطلب المتزايد ورفضهم التوسع في بناء السفن، علما الأن فرص النجاح في قطاع النقل البحري أكبر وآكد من فرص النجاح في قطاع البتروكيماويات فهو لا يحتاج إلى دراسات..وهل يحتاج طلوع الشمس إلى دليل؟ بلد ينتج كما هائلا من الصادرات النفطية ويستعد ليكون لاعبا رئيسيا ومهما في قطاع البتروكيماويات والغاز ولديه صادرات أخرى ويستورد ملايين الأطنان من البضائع يوميا، لا شك أن العمل في قطاع سيتولى نقل هذه الصادرات سيكون مربحا بشكل كبير، علما أن شركة النقل البحري في بداياتها كانت تنظر للمستقبل وتستعد له فقد أنشئت عام 1979، وكان رأسمالها ضخما آنذاك، إذ يبلغ 500 مليون ريال وهو أكبر رأسمال شركة سعودية في تلك الفترة باستثناء ''سابك''، إدراكا من المسؤولين عن شركة النقل البحري وقتها أن قطاع النقل البحري يحتاج إلى استثمارات هائلة وكبيرة، لذا فقد تضاعف رأسمال النقل البحري ثلاث مرات وتمت زيادته من 500 مليون ريال إلى ملياري ريال. وبعد 23 عاما ورغم مرور فترة زمنية طويلة نمت فيها صادراتنا بشكل كبير وتنوعت وتضخمت، السؤال المطروح: هل واكب هذه الزيادة والنمو والتطور في الصادرات السعودية توسع ونمو وتطوير في قطاع النقل البحري وماذا فعلت شركة النقل البحري خلال 26 عاما؟ لقد ظلت تراوح مكانها ورأسمالها تآكل في فترة من الفترات ولم تطرأ عليه زيادة نهائيا وأسطولها ظل محدود السفن وبعضها متهالك سيخرج عن الخدمة بعد فترة. حين المقارنة تصدمنا المفاجأة ويصعقنا الواقع الذي يدعو للحسرة والألم ويطرح التساؤل ويستوجب التحقيق في الأسباب التي دعت إلى هذا الخلل والعجز والقصور في القطاع الحيوي والاستراتيجي، الذي يعتبر مفصلا مهما وخطيرا لاقتصاد أي دولة. إن واقع شركة النقل البحري يؤكد حقيقة ثابتة أن الدولة يجب أن تسارع برفع وصايتها عن هذه الشركة والتي تدار بطريقة اقتصادية تغلب عليها وتحكمها الأنظمة البيروقراطية والتي تحول دون المضي في المشاريع الكبيرة والتوسعات الضخمة لأنها تستوجب رفع رأسمال الشركة ووزارة المالية تقف حجر عثرة أمام مثل هذه الخطوات. ففي رمضان العام الماضي 1425هـ وفي أحد اجتماعات الشركة طرحت فكرة رفع رأسمال الشركة، لكن صندوق الاستثمارات العامة رفض الاقتراح ولا أدري كيف تعلن وزارة المالية عن وجود دراسة جادة لديها في طرح أسهم الدولة في الشركات المساهمة للبيع، وأنها تبحث الآلية وتدرس الكيفية التي تتم بها عملية الطرح، ثم ترفض وتحول دون رفع رأسمال شركة النقل البحري لسبب بسيط وهي أنها تريد المحافظة على حصتها لأن زيادة رأسمال الشركة عن طريق الاكتتاب ستحتم عليها دفع أموال وهي لن تفعل ذلك، مما يجعل حقها في الاكتتاب ينتقل إلى المساهمين ويزيد نسبتهم في الشركة على حساب حصة الدولة، الأمر الذي يقود إلى خفض نسبة ملكيتها في الشركة، علما أن هذا الخفض سيعوض بالنسبة للدولة بارتفاع قيمة السهم. إن الدولة تطالب القطاع الخاص بالمساهمة في مشاريع البنية التحتية وجميع القطاعات الحيوية والقطاع البحري أحدها وتطويره يحتاج إلى استثمارات ضخمة بمليارات الريالات. والقطاع الخاص سينهض بهذه المهمة ويتولاها بنفسه إذا أتيحت له الفرصة ومُكّن منها وهذا لن يتأتى إلا برفع رأسمال شركة النقل البحري عن طريق الاكتتاب وطرح علاوة إصدار مقابل هذه الأسهم وطرح الشركة الوطنية لنقل البتروكيماويات مما يوفر للشركة فرصة تاريخية لجمع أموال طائلة تقدر بمليارات الريالات تمكنها من سداد ديونها وتحويل فوائد هذه الديون أرباحا لصالح المساهمين والتعاقد على بناء سفن جديدة وعملاقة. ووزير المالية رجل اقتصاد يحيط علما ويسمع ويقرأ ويتابع تحركات الدول المجاورة وسعيها الحثيث إلى تطوير قطاعات الشحن البحري لديها ويعلم حجم الاستثمارات الهائلة التي تتطلبها عملية التطوير، وكم تدفع تلك الدول من مبالغ لتطوير هذه القطاعات، والمساهمون في هذه الشركة سيتولون هذه المهمة نيابة عن الدولة وسيوفرون الأموال اللازمة، علما أن وزير المالية والحق يُقال قبل ثلاثة أعوام أعلن أن الدولة ستدعم شركة النقل البحري إدراكا منها لأهمية هذا الدعم وضرورته وحاجة الشركة إليه. وكل ما تريده هذه الشركة الآن أن يتاح للمساهمين هذا الأمر، وأن يمكنوا منه، وأن تبادر الإدارة المسؤولة عن الشركة بسرعة التخطيط والتنفيذ، فالعالم يعدو في هذا المجال ونحن نحبو. قطر دولة صغيرة تصدر الغاز فقط بكميات ضخمة هي الأعلى عالميا، بينما إنتاجها النفطي محدودة مقارنة بنا ولا تملك ضخامة صادراتنا البتروكيماوية ووارداتها محدود بالنسبة لنا، ومع ذلك أعلنت عن تعاقدها لبناء 90 ناقلة غاز ستتسلمها في السنوات المقبلة، علما أن شركة ناقلات تمتلك 50 حاليا ونحن أكبر دولة مصدرة للنفط، 11 مليون برميل وعما قريب ستبلغ صادراتنا النفطية 15 مليون برميل يوميا، وستتضاعف صادراتنا البتروكيماوية في الأعوام المقبلة، علما أن صادراتنا توازي 76 في المائة من صادرات الخليج البتروكيماوية، وعما قريب سيكون الغاز السعودي في الأسواق العالمية. فما الناقل وما الجهة التي لديها قدرة واستعداد لنقل هذه الصادرات إلى الأسواق العالمية ويتناسب مع حجمها. لقد أنشأت السعودية مركزا لتنمية الصادرات وحرصت على وصول الصادرات السعودية إلى الأسواق الخارجية ودعمت هذا المركز بـ 15 مليارا، ولكن القطاع الذي سيحمل هذه الصادرات وينقلها ليس مؤهلا وليس قادرا ولا يملك أسطولا بحجمها.
ووزارة المالية تدرك الأثر الخطير للتحويلات المالية الخارجية على الاقتصاد وتسعى لتوطين الوظائف لأهميتها في الحد من التحويلات المالية، وهيئة الاستثمار تروج لمشاريع استثمارية سعودية في الخارج وتطالب المستثمرين بدخول السوق السعودية وتطرح أمامهم فرصا استثمارية ومن ضمنها قطاع النقل البحري، والخبراء الاقتصاديون يحذرون من تضخم بعض أسهم الشركات السعودية نظرا لحجم السيولة المالية الكبير وشركات خاسرة ترفع رأسمالها أكثر من مرة لتستفيد من هذه السيولة في مشاريع تعود عليها بالربح وقد لا يحتاج إليها الوطن بشكل كبير وليست مهمة للاقتصاد. وشركة النقل البحري أمامها خطة استراتيجية لتوطين قطاع النقل البحري وقصره على الشركات السعودية، وهو يحتاج إلى هذه الأموال الضخمة والاستثمار فيه يحتاج إليه الوطن ويستفيد منه المواطن وسيجني منه الجميع عوائد مجزية، الوطن ببقاء الأموال فيه والمواطن بدخوله مجالات استثمارية ناجحة وآمنة.
آمل من وزير المالية واجتماع شركة النقل البحري الذي سيعقد في 20 أيلول (سبتمبر) الجاري، أن يكون صوته منضماً إلى المطالبين بسرعة رفع رأسمال النقل البحري وبشكل كبير وهائل فكفانا تفريطا وكفانا كسلا. الإمارات، مصر، قطر، إيران، الجزائر، والكويت دول أنفقت أخيرا عشرات المليارات وتعاقدت على بناء سفن خاصة بها، علما أن صادراتها مجتمعة لا تبلغ نصف صادرات السعودية، بينما السعودية أسطولها النفطي لا يستطيع حمل ونقل صادراتها النفطية ليوم واحد. وتتحرك سفنها التي تحمل هذه الصادرات نحو الدول الخارجية في رحلة طويلة تمتد لثلاثة أشهر وخلال فترة غيابها تهيمن الشركات الأجنبية وتتفرد بسوق شحن النفط السعودي وما يُقال عن النفط يُقال عن البتروكيماويات وسيقُال عن الغاز مستقبلا ويُقال عن الواردات.
(أقول لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي يا إبن الشيخ فإدارة البحري إتخذت منهجها قاعدة " لا أسمع ، لآ أرى ، لآ أتكلم " )