(نجـــد)
31-08-2005, Wed 2:09 AM
المصدر ( الشرق الاوسط )
أسعار النفط تقفز لمستويات قياسية جديدة مع توقف معظم انتاج النفط والغاز في خليج المكسيك
قفزت اسعار النفط الأميركي للعقود الآجلة الى مستوى قياسي مرتفع جديد امس، مع توقف معظم انتاج النفط والغاز في خليج المكسيك في أعقاب الاعصار كاترينا.
وصعد سعر الخام الخفيف للعقود تسليم اكتوبر (تشرين الاول) 3.65 دولار، الى 70.85 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى للاسعار منذ بدء تعاملات العقود الآجلة للنفط في بورصة نايمكس في عام 1983.
وفي بورصة البترول الدولية بلندن، قفز سعر خام القياس الاوروبي مزيج برنت لعقود اكتوبر 3.55 دولار الى 68.42 دولار للبرميل. وقفزت أسعار البنزين لعقود سبتمبر (ايلول) في نايمكس 28.96 سنت الى 2.37 دولار للغالون، وهو مستوى قياسي مرتفع جديد. وتراجعت اسعار النفط والبنزين قليلا في وقت لاحق من التعاملات.
وقالت هيئة إدارة المعادن الاميركية إن أكثر من 90 في المائة من عمليات انتاج النفط في خليج المكسيك توقفت كإجراء احتياطي، وهو ما أدى الى توقف انتاج 1.4 مليون برميل يوميا تمثل نحو 7 في المائة من الطلب المحلي الاميركي.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، امس ان من المرجح أن تظل أسعار النفط مرتفعة لفترة طويلة. ودعا الى إصلاح شامل لسياسات الطاقة في بلاده. واشار الى انه «من المحتمل أن تظل أسعار النفط مرتفعة لفترة طويلة. وتجديد سياستنا الخاصة بالطاقة أمر حيوي. وكان وزير المالية الفرنسي تيري بريتون قد قال أمس ان فرنسا ستضع ميزانية 2006 على أساس سعر متوسط للنفط يتراوح بين 50 و60 دولارا للبرميل ولكن أرقام الميزانية لم تكتمل بعد.
وكان القائم بأعمال الأمين العام لأوبك، عدنان شهاب الدين، قد قال في كلمة في ندوة الفريد بيرج عن الطاقة في أوسلو ان العوامل الاقتصادية الأساسية لا تبرر الاسعار القياسية الحالية للنفط، وان الأسعار قد تنخفض الى مستوى نحو 40 دولارا للبرميل كحد أدنى إذا سيطرت الأساسيات الاقتصادية لا الهواجس من نقص الإمدادات على أسواق النفط. كما حث شهاب الدين في كلمته المنتجين والمستهلكين معاً على العمل لتهدئة اسعار النفط وإلا واجهوا عواقب سيئة.
وأضاف «ما أن تصبح العوامل الأساسية في الصدارة سنشهد استقرار السوق. والحد الأدنى لسعر البرميل هو 40 دولارا لكن بوسعي أن أتوقع تراوحه بين 50 و55 دولارا.» ومضى «إجمالا سيواصل الانتاج من خارج اوبك النمو، وان كان بمعدل أبطأ ليصل الى مستوى مستقر بين 55 و57 مليون برميل يوميا بعد عام 2010». وذكر أن الزيادة من المنتجين المستقلين ستتراوح بين خمسة وسبعة ملايين برميل يوميا عن مستوى الانتاج عام 2004.
من جانبه، استبعد مايكل بوردايت، المحلل الرئيسي في وكالة معلومات الطاقة بوزارة الطاقة الاميركية في حديث لـ«الشرق الاوسط» ان يواصل سعر النفط صعوده بشكل حاد فوق حاجز 70 دولارا على المدى القصير، مشيرا الى ان سعر فوق 70 دولارا الذي اختبرته السوق أثناء تعاملات يوم الاثنين الماضي، هو نتيجة لعدم اتضاح الرؤية بعد تجاه الأثر الدقيق لتعليق الانتاج في خليج المكسيك وتوقع حدوث بعض الأضرار في هذه المواقع، موضحا ان اتضاح الرؤية سيحتاج لعدة أيام قد تتجاوز الأسبوع وقد تصل لأسبوعين.
وأضاف ان تجربة معرفة الأضرار التي خلفها الإعصار ايفان برهنت على أن بعض الآثار تتضح مع مرور مدة، خصوصا تلك الأعطال التي تطالب أنابيب نقل النفط المغمورة تحت المياه، أو الأعطال الجزئية في منصات البترول العائمة والتي لا يمكن اكتشاف بعض أعطالها إلا بعد البدء في التشغيل التجريبي لها، بالإضافة الى أن انقطاع التيار الكهربائي من مواقع الانتاج يؤخر اكتشاف الأعطال فيها.
وأضاف ان التقارير الأولية تشير الى تأثير ليس كبيرا على مواقع الانتاج رغم عمليات الإيقاف الاحتياطي. وقال ان التأثير المتوقع لتعطل الانتاج على جاهزية السوق الاميركية لموسم الشتاء سيكون محدودا نتيجة لنجاح جهود بناء احتياطات وقود التدفئة تعتبر فوق مستوى العام الماضي من حيث عدد أيام تغطيتها للاستهلاك، مشيرا الى ان الاحتياطات نمت بواقع 4 في المائة فيما نما الطلب بواقع 2 في المائة.
الدولار ينتعش أمام اليورو والين بعد ارتفاع ثقة المستهلكين الأميركيين
وسط تأرجح عملة إندونيسيا نتيجة «ضربات» النفط
احتفظ الدولار الأميركي بمكاسبه وارتفع الى أعلى مستوى منذ ثلاثة أسابيع مقابل الين الياباني، كما انتعش امام اليورو امس بعد أن ظهر مسح أعلنت نتيجته امس أن معنويات المستهلكين الأميركيين ارتفعت على غير المتوقع في أغسطس (آب) الحالي، اذ طغى تحسن سوق العمل على ارتفاع أسعار البنزين.
وارتفع الدولار امام العملة الاوروبية الموحدة على 1.2181 دولار لليورو من 1.2234 بعد ان انخفض لفترة وجيزة الى أدنى مستوى منذ 12 يوما اول من أمس الاثنين مع ارتفاع أسعار الوقود. وصعدت العملة الأميركية اكثر من 0.4 في المائة أمام العملة اليابانية الى 111.48 ين. وفي وقت سابق امس ارتفع الدولار الى 111.22 ين مسجلا أعلى مستوى منذ ثلاثة أسابيع، من 110.62 وفي وقت سابق امس أثناء فترة التعاملات الآسيوية ارتفع الدولار بفضل انخفاض تجاوز ثمانية في المائة في قيمة الروبية الاندونيسية لتصل الى أدنى مستوى منذ أربع سنوات أمام الدولار مما فرض ضغوطا على عمليات آسيوية أخرى منها الين الياباني.
وأظهر مسح أعلنت نتيجته امس أن معنويات المستهلكين الأميركيين ارتفعت على غير المتوقع في أغسطس (اب) الحالي، اذ طغى تحسن سوق العمل على ارتفاع أسعار البنزين.
وقال مجلس المؤتمر، وهو مجموعة أبحاث خاصة، ان مؤشره لثقة المستهلكين ارتفع في أغسطس الى 105.6 نقطة من 103.6 نقطة في يوليو (تموز). وكان المحللون يتوقعون انخفاض المؤشر في الشهر الجاري الى 101.5 نقطة.
وارتفع مؤشر من يرون أن الوظائف متوفرة الى 23.5 في المائة من 22.9 في المائة بينما انخفض مؤشر من يقولون ان العثور على وظائف صعب الى 23.2 في المائة من 23.8 في المائة.
وهذه أول مرة منذ أكتوبر (تشرين الاول) عام 2001 تزيد فيها نسبة من يقولون ان الوظائف متوفرة على نسبة من يقولون انها شحيحة.
وتحسن مؤشر الوضع الحالي في أغسطس الى 123.6 من 119.3 نقطة في يوليو ليسجل أعلى مستوى منذ ما يقرب من أربع سنوات. واستردت الروبية خسائرها بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس الى 9.5 في المائة واتخذ خطوات لتقليص المعروض النقدي. وعانت العملة الاندونيسية من ضغوط، اذ أدى ارتفاع أسعار النفط الى تدهور ميزان المدفوعات ورفع التوقعات بالنسبة للتضخم.
وتكافح اندونيسيا ثاني أصغر المنتجين من أعضاء منظمة أوبك لمواجهة ارتفاع كلفة دعم أسعار الوقود والمخاوف من أزمة اقتصادية.
استردت الروبية الاندونيسية الخسائر التي منيت بها في وقت سابق امس اثر رفع البنك المركزي اسعار الفائدة بعد أن فاقم هبوط الروبية بنسبة 17 في المائة هذا الشهر المخاوف بشأن تأثير اسعار النفط القياسية.
وانتعشت الروبية الى 10300 روبية للدولار من ادنى مستوى في اربع سنوات عند 11750 روبية الذي بلغته في وقت سابق اليوم. وبالسعر الحالي تكون العملة أعلى بنسبة اربعة في المائة عن مستواها في أواخر معاملات آسيا اول من امس الاثنين.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي لودائع شهر بواقع ثلاثة ارباع نقطة مئوية ليصل الى 9.5 في المائة كما ألزم البنوك بإيداع مزيد من الاموال في البنك المركزي لتقييد المعروض النقدي.
وقال الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو ان الحكومة ستعلن اجراءات اخرى اليوم الاربعاء لإحياء ثقة المستثمرين في اندونيسيا.
وتسببت أسعار قياسية للنفط تجاوزت 70 دولارا للبرميل في هبوط الروبية، اذ اضطرت اندونيسيا الى شراء دولارات لدفع ثمن وارداتها من النفط وأثارت مخاوف من ازمة اقتصادية مع تزايد النفقات الحكومية لدعم الوقود.
وقال كمال شارما خبير العملات لدى بنك أوف أميركا في لندن «لا أعتقد ان العملات الرئيسية ستتأثر. فهذا الامر يؤثر فقط على العملات الاقليمية». وفي اسواق المال والبورصات الدولية ارتفع مؤشر نيكي القياسي للاسهم اليابانية 1.16 في المائة امس بينما هدأت مخاوف المستثمرين من اسعار النفط المرتفعة وانتعشت الاسهم الأميركية، مما شجع اسهم البنوك وقطاعات اخرى على الاستفادة مجددا من انتعاش الاقتصاد الياباني.
وتألقت اسهم نيبون ستيل كورب واسهم شركات صلب اخرى بعد أن رفعت مؤسسة مورغان ستانلي بعض الاسعار المستهدفة للاسهم وقالت ان تعديلات المخزونات العالمية تمضي تدريجيا.
وصعد مؤشر نيكي 143.31 نقطة ليغلق على 12453.14 نقطة مستردا كل خسائر امس الاثنين عندما سجل أكبر خسارة بالنسبة المئوية في شهرين، اذ انخفض 1.04 في المائة.
وارتفع مؤشر توبكس الاوسع نطاقا 1.19 في المائة الى 1273.60 نقطة.
ارتفعت اسعار الاسهم الاوروبية صباح امس مع تراجع النفط عن مستوياته القياسية اثر انحسار تهديد الاعصار كاترينا بينما ارتفع سهم انفنيون بفضل انباء عن توريد الشركة مكونات رئيسية لمنصة ألعاب اكس بوكس التي تنتجها مايكروسوفت.
وارتفع سهم بي.بي واحدا في المائة بعد ان قالت الشركة ان منصتها ثندر هورس مستقرة بعد الاعصار.
وارتفع مؤشر يوروفرست-300 لاسهم كبرى الشركات الاوروبية 0.3 في المائة الى 1171.1 نقطة بعد أن انهى أول من امس الاثنين موجة خسائر استمرت خمسة ايام مع بدء انحسار اسعار النفط.
وقال احد المتعاملين «من الواضح ان الاعصار كاترينا مر بعيدا عن بعض اشد المناطق كثافة سكانية على ساحل خليج المكسيك. يمكن الآن استئناف انتاج النفط، وساعد هذا في دفع الخام الأميركي الخفيف الى النزول الى 67 دولارا للبرميل». وينتظر ان يرتفع حجم التعامل مع عودة اسواق لندن الى العمل بعد عطلة الاثنين.
وقفز سهم انفنيون، اكبر منتج للرقائق الإلكترونية في اوروبا، اثنين في المائة اثر انباء عن توريد الشركة ثلاثة مكونات لمنصة العاب اكس بوكس-360. ولم تذكر الشركة اي تفاصيل مالية عن الصفقة.
وفي جانب النزول هبط سهم اولد ميوتيوال للتأمين الجنوب افريقية واحدا في المائة بعد ان قالت الشركة انها تجري محادثات مع سكانديا بشأن عملية تملك محتملة تبلع قيمتها نحو 5.7 مليار دولار.
انخفضت الاسهم الأميركية في بداية جلسة المعاملات امس بعد ما قد يكون أكثر الاعاصير في التاريخ الأميركي تكلفة لشركات التأمين وقبل بيانات من المتوقع ان تظهر انخفاضا في ثقة المستهلكين وطلبيات المصانع.
وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى 16.63 نقطة أي بنسبة 0.16 في المائة الى 10446.42 نقطة فيما نزل مؤشر ستاندارد اند بورز الاوسع نطاقا 1.22 نقطة او 0.10 في المائة الى 1211.06 نقطة.
وانخفض مؤشر ناسداك المجمع لأسهم التكنولوجيا 6.77 نقطة أو 0.32 في المائة الى 2130.88 نقطة.
استغلوا بداية الطفرة
سـعود الأحمد *
في علم المحاسبة يمكن استخراج نتائج عمليات أي كيان اقتصادي، بمقارنة إجمالي إيراداته مع مصروفاته. وهذه معادلة غير منطقية لأنها لا تأخذ العوامل الأخرى. لكن الاقتصاديين يأخذون مبدأ أو منظور الدخل الشامل، حيث يرى الاقتصاديون أن المصروفات الضمنية يجب أن تدخل في حسابات الدخل، وهم أقرب للصحة.
فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يسكن منزلاً، عبارة عن فيلا يملكها، تقدر قيمته بخمسمائة ألف ريال، ويعمل بوظيفة دخله الشهري منها حوالي ثمانية آلاف ريال، ويكاد يصرفه بأكمله أولا بأول، حيث يملك مسكناً مريحاً وسيارة لتنقلاته اليومية وأخرى للتنقلات العائلية، ويعتقد أن ميزانيته بهذا تكون متوازنة، مفترضاً أنه يصرف دخله (لا له ولا عليه). فإنه وطبقاً لمنظور الدخل الشامل، فإن الدخل يجب أن يشمل الفرص البديلة لجميع المدخلات، ومن ذلك السكن الذي يملكه (رب الأسرة)، حيث يضع الاقتصاديون في الاعتبار أن بإمكان هذا المواطن أن يبيع منزله ويستغل قيمته في الاستثمار أو يؤجره ويستأجر بديلاً عنه (ربما اقل تكلفة منه). وبعض ملاك الفلل من أرباب الأسر الصغيرة بإمكانه أن يسكن مع والديه، ويؤجل الاستقلال بمنزل، وبالمقابل يستغل مبلغ السكن في الفرص الاستثمارية المتاحة، وبذلك يحقق عائداً إضافياً لدخل الوظيفة. ولو أن كل مواطن التفت للفرص البديلة لجميع المدخلات، لتغيرت مفاهيم العديد منا حول مقادير دخولنا الفعلية. والحقيقة التي يجب ألا تغيب عن ذهن كل رب أسرة، يريد ضبط ميزانيته بدقة وفعالية، أن يفكر في كل ما هو متاح له من أصول وموارد. وقيمة هذه الأصول في المستقبل، لما سيطرأ عليها من تناقص جراء تقادمها واستهلاكها وتكاليف صيانتها.
خلاصة الأمر، أن الفترة الحالية فترة بداية طفرة، ينبغي ألا تفوت على كل جاد في تحسين أوضاعه. حتى لو فكرنا في استغلال مدخراتنا وممتلكاتنا الأساسية. ولعل التاريخ سيعيد نفسه، ونتذكر من استغل بدايات الطفرة التي حدثت قبل حوالي ثلاثين عاماً، ومنهم نساء باعوا مجوهراتهن ووضعوها في مساهمات عقارية. وهناك من باع مسكنه واستأجر سكناً بديلاً مؤقتاً. وهناك من فكر في مشروع يلبي حاجة المجتمع، لتوفير سلعة أو خدمة ما، وسبق غيره وانتهز الفرصة واستغلها وفاز بها، وصارت بدايات انطلاقتهم للثراء. المهم أن علينا أن ندرك أن المملكة تعيش بداية طفرة جديدة، قد لا نشعر بها لأننا داخلها، لكن ليس بالضرورة أن تكون بنفس حجم سابقتها، لكنها طفرة حقيقية، تؤكدها مؤشرات اقتصادية ملموسة سهلة الحساب، ما دامت أسعار النفط وصلت السبعين دولاراً.
وهناك توجه واضح لضخ معدلات نقدية في الداخل أكبر من المعدلات السابقة، استهلته الدولة برفع سلم الرواتب، ومن الطبيعي أن تزيد المكافآت ويرتفع متوسط دخل الفرد السعودي. كما ان هناك قروضا عقارية ومساكن شعبية، وأتوقع المزيد على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وإن لم تأت مرة واحدة حتى لا تسبب التضخم (السلبي)، لكنها منتظرة في ظل هذا التوجه. ومن بوادر ذلك ارتفاع مؤشر الأسهم خلال أقل من شهر بنسبة قاربت 25%. وأخيراً... عزاؤنا لمن يضعون كل ما يملكون في مسكن قد يستغنون عن معظم غرفه وساحاته، وربما يستدينون لذلك مئات الآلاف من الريالات، ليقال فلان يملك فيلا كبيرة. ومن إذا تقاعد وضع ما يملك في مسكن واستراحة ينشغل بها، وأضل منهم من يستدين من البنوك والوكالات ليشتري السيارات الفارهة كالصالونات الأميركية الفخمة ليستخدمها في المناسبات وللنزهة (ربما مرة في الشهر)، وبذلك يترك الفرصة ويرهن ذمته باقساطها، لسنين أربع أو خمس قادمة، ليواجه مشاكل ارتفاع الأسعار في ما بعد، ودخله (المسكين) ثابت.
* محلل مالي
الأسباب الرئيسية التي تؤدي الى ارتفاع أسعار النفط
نجم ارتفاع اسعار النفط التي تجاوزت عتبة السبعين دولارا، اي ثلاثة اضعاف المستوى الذي كانت عليه في 2002، عن تضافر عدد من العوامل الجيوسياسية والتقنية: ـ الاعاصير في خليج المكسيك: ادى اعصار «كاترينا» الذي ضرب السواحل الاميركية الى ارتفاع كبير في اسعار النفط في الايام الاخيرة بسبب خوف الوسطاء من الدمار الذي يمكن ان يحدثه في عدد كبير منشآت النفط في عرض البحر في هذه المنطقة.
وكان الاعصار «ايفان» الذي سبقه في سبتمبر (ايلول) 2004 سبب اضرارا كبيرة في هذه المنشآت.
ـ زيادة الطلب: ادى انتعاش كل الاقتصادات في العالم في وقت واحد تقريبا السنة الماضية الى طفرة في استهلاك النفط (زيادة تبلغ حوالي 3.7%) وخصوصا في الصين والولايات المتحدة، وهي مستمرة خلال العام الجاري وان ظهرت مؤشرات تدل على بعض التباطؤ.
تتوقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية زيادة نسبتها 2% في الطلب العالمي للنفط في 2005، ليبلغ 83.7 مليون برميل يوميا و2.1% في 2006. وهناك مخاوف كبيرة خصوصا في ما يتعلق بالربع الرابع من العام الجاري مع حلول فصل الشتاء البارد.
ـ نقص القدرات الانتاجية : يواجه العرض صعوبة في الزيادة بموازاة زيادة الطلب. وقد قامت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) التي تعرضت لضغوط من جميع الجهات وتؤمن حاليا اربعين بالمائة من النفط العالمي عدة مرات بزيادة سقفها الرسمي للانتاج.
ورفعت المنظمة انتاجها أخيرا الى 28 مليون برميل يوميا ويمكن ان ترفعه بسرعة الى 28.5 مليون برميل اذا بقيت الاسعار على مستواها الحالي وهو الاعلى الذي يسجل منذ تأسيسها في 1987.
لكن هامش المناورة للمنظمة ضيق ووحدها السعودية ما زالت قادرة على انتاج اضافي يبلغ 1.5 مليون برميل يوميا. لكن هذا النفط ثقيل يصعب تكريره وبالتالي لا يلقى تقديرا كبيرا. وعبر عدد كبير من المحللين عن تشكيكهم في الهامش الذي يملكه السعوديون.
اما الدول الكبرى المنتجة الاخرى فتضخ بكامل قدرتها ولا يمكنها زيادة امكانياتها بين ليلة وضحاها. وفي روسيا بدأ تباطؤ النمو في الانتاج يثير قلقا.
ـ نقص قدرات تكرير النفط: برأي اوبك وعدد كبير من المحللين فان هذه النقطة تشكل العقدة الحقيقية للمشكلة.
وقد صرح وزير البترول السعودي علي النعيمي ان بناء مصاف جديدة سيسمح بحل «نصف مشكلة» ارتفاع الاسعار. ومنذ ثلاثين عاما لم تبن اي مصفاة في اوروبا او الولايات المتحدة. والاسوأ من ذلك هو ان بعض المصافي ليست مناسبة للنفط الثقيل وهو النوع الوحيد من النفط الذي يمكن للدول المنتجة اضافته الى انتاجها الحالي.
ويؤدي العجز عن زيادة الانتاج وتراجع قدرات المعالجة الى نقص في المنتجات المكررة مثل الوقود والفيول والديزل.
ـ الاوضاع الجيوسياسية المتوترة: يشهد العراق وايران وهي من كبريات الدول المنتجة في العالم حالة من التوتر الكبير المرتبط بالاوضاع السياسية يمكن ان يؤثر على انتاجها النفطي. ويتابع المحللون النفطيون باهتمام ايضا الوضع السياسي في فنزويلا والاضطرابات العرقية في نيجيريا التي تترجم في اغلب الاحيان باضطرابات في القطاع النفطي.
ـ المضاربات والتكهنات: ما زالت التكهنات والمضاربات مستخدمة في الاسواق النفطية مع انها تراجعت عما كانت عليه في نهاية 2004 مارس (اذار) 2005.
أسعار النفط تقفز لمستويات قياسية جديدة مع توقف معظم انتاج النفط والغاز في خليج المكسيك
قفزت اسعار النفط الأميركي للعقود الآجلة الى مستوى قياسي مرتفع جديد امس، مع توقف معظم انتاج النفط والغاز في خليج المكسيك في أعقاب الاعصار كاترينا.
وصعد سعر الخام الخفيف للعقود تسليم اكتوبر (تشرين الاول) 3.65 دولار، الى 70.85 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى للاسعار منذ بدء تعاملات العقود الآجلة للنفط في بورصة نايمكس في عام 1983.
وفي بورصة البترول الدولية بلندن، قفز سعر خام القياس الاوروبي مزيج برنت لعقود اكتوبر 3.55 دولار الى 68.42 دولار للبرميل. وقفزت أسعار البنزين لعقود سبتمبر (ايلول) في نايمكس 28.96 سنت الى 2.37 دولار للغالون، وهو مستوى قياسي مرتفع جديد. وتراجعت اسعار النفط والبنزين قليلا في وقت لاحق من التعاملات.
وقالت هيئة إدارة المعادن الاميركية إن أكثر من 90 في المائة من عمليات انتاج النفط في خليج المكسيك توقفت كإجراء احتياطي، وهو ما أدى الى توقف انتاج 1.4 مليون برميل يوميا تمثل نحو 7 في المائة من الطلب المحلي الاميركي.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، امس ان من المرجح أن تظل أسعار النفط مرتفعة لفترة طويلة. ودعا الى إصلاح شامل لسياسات الطاقة في بلاده. واشار الى انه «من المحتمل أن تظل أسعار النفط مرتفعة لفترة طويلة. وتجديد سياستنا الخاصة بالطاقة أمر حيوي. وكان وزير المالية الفرنسي تيري بريتون قد قال أمس ان فرنسا ستضع ميزانية 2006 على أساس سعر متوسط للنفط يتراوح بين 50 و60 دولارا للبرميل ولكن أرقام الميزانية لم تكتمل بعد.
وكان القائم بأعمال الأمين العام لأوبك، عدنان شهاب الدين، قد قال في كلمة في ندوة الفريد بيرج عن الطاقة في أوسلو ان العوامل الاقتصادية الأساسية لا تبرر الاسعار القياسية الحالية للنفط، وان الأسعار قد تنخفض الى مستوى نحو 40 دولارا للبرميل كحد أدنى إذا سيطرت الأساسيات الاقتصادية لا الهواجس من نقص الإمدادات على أسواق النفط. كما حث شهاب الدين في كلمته المنتجين والمستهلكين معاً على العمل لتهدئة اسعار النفط وإلا واجهوا عواقب سيئة.
وأضاف «ما أن تصبح العوامل الأساسية في الصدارة سنشهد استقرار السوق. والحد الأدنى لسعر البرميل هو 40 دولارا لكن بوسعي أن أتوقع تراوحه بين 50 و55 دولارا.» ومضى «إجمالا سيواصل الانتاج من خارج اوبك النمو، وان كان بمعدل أبطأ ليصل الى مستوى مستقر بين 55 و57 مليون برميل يوميا بعد عام 2010». وذكر أن الزيادة من المنتجين المستقلين ستتراوح بين خمسة وسبعة ملايين برميل يوميا عن مستوى الانتاج عام 2004.
من جانبه، استبعد مايكل بوردايت، المحلل الرئيسي في وكالة معلومات الطاقة بوزارة الطاقة الاميركية في حديث لـ«الشرق الاوسط» ان يواصل سعر النفط صعوده بشكل حاد فوق حاجز 70 دولارا على المدى القصير، مشيرا الى ان سعر فوق 70 دولارا الذي اختبرته السوق أثناء تعاملات يوم الاثنين الماضي، هو نتيجة لعدم اتضاح الرؤية بعد تجاه الأثر الدقيق لتعليق الانتاج في خليج المكسيك وتوقع حدوث بعض الأضرار في هذه المواقع، موضحا ان اتضاح الرؤية سيحتاج لعدة أيام قد تتجاوز الأسبوع وقد تصل لأسبوعين.
وأضاف ان تجربة معرفة الأضرار التي خلفها الإعصار ايفان برهنت على أن بعض الآثار تتضح مع مرور مدة، خصوصا تلك الأعطال التي تطالب أنابيب نقل النفط المغمورة تحت المياه، أو الأعطال الجزئية في منصات البترول العائمة والتي لا يمكن اكتشاف بعض أعطالها إلا بعد البدء في التشغيل التجريبي لها، بالإضافة الى أن انقطاع التيار الكهربائي من مواقع الانتاج يؤخر اكتشاف الأعطال فيها.
وأضاف ان التقارير الأولية تشير الى تأثير ليس كبيرا على مواقع الانتاج رغم عمليات الإيقاف الاحتياطي. وقال ان التأثير المتوقع لتعطل الانتاج على جاهزية السوق الاميركية لموسم الشتاء سيكون محدودا نتيجة لنجاح جهود بناء احتياطات وقود التدفئة تعتبر فوق مستوى العام الماضي من حيث عدد أيام تغطيتها للاستهلاك، مشيرا الى ان الاحتياطات نمت بواقع 4 في المائة فيما نما الطلب بواقع 2 في المائة.
الدولار ينتعش أمام اليورو والين بعد ارتفاع ثقة المستهلكين الأميركيين
وسط تأرجح عملة إندونيسيا نتيجة «ضربات» النفط
احتفظ الدولار الأميركي بمكاسبه وارتفع الى أعلى مستوى منذ ثلاثة أسابيع مقابل الين الياباني، كما انتعش امام اليورو امس بعد أن ظهر مسح أعلنت نتيجته امس أن معنويات المستهلكين الأميركيين ارتفعت على غير المتوقع في أغسطس (آب) الحالي، اذ طغى تحسن سوق العمل على ارتفاع أسعار البنزين.
وارتفع الدولار امام العملة الاوروبية الموحدة على 1.2181 دولار لليورو من 1.2234 بعد ان انخفض لفترة وجيزة الى أدنى مستوى منذ 12 يوما اول من أمس الاثنين مع ارتفاع أسعار الوقود. وصعدت العملة الأميركية اكثر من 0.4 في المائة أمام العملة اليابانية الى 111.48 ين. وفي وقت سابق امس ارتفع الدولار الى 111.22 ين مسجلا أعلى مستوى منذ ثلاثة أسابيع، من 110.62 وفي وقت سابق امس أثناء فترة التعاملات الآسيوية ارتفع الدولار بفضل انخفاض تجاوز ثمانية في المائة في قيمة الروبية الاندونيسية لتصل الى أدنى مستوى منذ أربع سنوات أمام الدولار مما فرض ضغوطا على عمليات آسيوية أخرى منها الين الياباني.
وأظهر مسح أعلنت نتيجته امس أن معنويات المستهلكين الأميركيين ارتفعت على غير المتوقع في أغسطس (اب) الحالي، اذ طغى تحسن سوق العمل على ارتفاع أسعار البنزين.
وقال مجلس المؤتمر، وهو مجموعة أبحاث خاصة، ان مؤشره لثقة المستهلكين ارتفع في أغسطس الى 105.6 نقطة من 103.6 نقطة في يوليو (تموز). وكان المحللون يتوقعون انخفاض المؤشر في الشهر الجاري الى 101.5 نقطة.
وارتفع مؤشر من يرون أن الوظائف متوفرة الى 23.5 في المائة من 22.9 في المائة بينما انخفض مؤشر من يقولون ان العثور على وظائف صعب الى 23.2 في المائة من 23.8 في المائة.
وهذه أول مرة منذ أكتوبر (تشرين الاول) عام 2001 تزيد فيها نسبة من يقولون ان الوظائف متوفرة على نسبة من يقولون انها شحيحة.
وتحسن مؤشر الوضع الحالي في أغسطس الى 123.6 من 119.3 نقطة في يوليو ليسجل أعلى مستوى منذ ما يقرب من أربع سنوات. واستردت الروبية خسائرها بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس الى 9.5 في المائة واتخذ خطوات لتقليص المعروض النقدي. وعانت العملة الاندونيسية من ضغوط، اذ أدى ارتفاع أسعار النفط الى تدهور ميزان المدفوعات ورفع التوقعات بالنسبة للتضخم.
وتكافح اندونيسيا ثاني أصغر المنتجين من أعضاء منظمة أوبك لمواجهة ارتفاع كلفة دعم أسعار الوقود والمخاوف من أزمة اقتصادية.
استردت الروبية الاندونيسية الخسائر التي منيت بها في وقت سابق امس اثر رفع البنك المركزي اسعار الفائدة بعد أن فاقم هبوط الروبية بنسبة 17 في المائة هذا الشهر المخاوف بشأن تأثير اسعار النفط القياسية.
وانتعشت الروبية الى 10300 روبية للدولار من ادنى مستوى في اربع سنوات عند 11750 روبية الذي بلغته في وقت سابق اليوم. وبالسعر الحالي تكون العملة أعلى بنسبة اربعة في المائة عن مستواها في أواخر معاملات آسيا اول من امس الاثنين.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي لودائع شهر بواقع ثلاثة ارباع نقطة مئوية ليصل الى 9.5 في المائة كما ألزم البنوك بإيداع مزيد من الاموال في البنك المركزي لتقييد المعروض النقدي.
وقال الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو ان الحكومة ستعلن اجراءات اخرى اليوم الاربعاء لإحياء ثقة المستثمرين في اندونيسيا.
وتسببت أسعار قياسية للنفط تجاوزت 70 دولارا للبرميل في هبوط الروبية، اذ اضطرت اندونيسيا الى شراء دولارات لدفع ثمن وارداتها من النفط وأثارت مخاوف من ازمة اقتصادية مع تزايد النفقات الحكومية لدعم الوقود.
وقال كمال شارما خبير العملات لدى بنك أوف أميركا في لندن «لا أعتقد ان العملات الرئيسية ستتأثر. فهذا الامر يؤثر فقط على العملات الاقليمية». وفي اسواق المال والبورصات الدولية ارتفع مؤشر نيكي القياسي للاسهم اليابانية 1.16 في المائة امس بينما هدأت مخاوف المستثمرين من اسعار النفط المرتفعة وانتعشت الاسهم الأميركية، مما شجع اسهم البنوك وقطاعات اخرى على الاستفادة مجددا من انتعاش الاقتصاد الياباني.
وتألقت اسهم نيبون ستيل كورب واسهم شركات صلب اخرى بعد أن رفعت مؤسسة مورغان ستانلي بعض الاسعار المستهدفة للاسهم وقالت ان تعديلات المخزونات العالمية تمضي تدريجيا.
وصعد مؤشر نيكي 143.31 نقطة ليغلق على 12453.14 نقطة مستردا كل خسائر امس الاثنين عندما سجل أكبر خسارة بالنسبة المئوية في شهرين، اذ انخفض 1.04 في المائة.
وارتفع مؤشر توبكس الاوسع نطاقا 1.19 في المائة الى 1273.60 نقطة.
ارتفعت اسعار الاسهم الاوروبية صباح امس مع تراجع النفط عن مستوياته القياسية اثر انحسار تهديد الاعصار كاترينا بينما ارتفع سهم انفنيون بفضل انباء عن توريد الشركة مكونات رئيسية لمنصة ألعاب اكس بوكس التي تنتجها مايكروسوفت.
وارتفع سهم بي.بي واحدا في المائة بعد ان قالت الشركة ان منصتها ثندر هورس مستقرة بعد الاعصار.
وارتفع مؤشر يوروفرست-300 لاسهم كبرى الشركات الاوروبية 0.3 في المائة الى 1171.1 نقطة بعد أن انهى أول من امس الاثنين موجة خسائر استمرت خمسة ايام مع بدء انحسار اسعار النفط.
وقال احد المتعاملين «من الواضح ان الاعصار كاترينا مر بعيدا عن بعض اشد المناطق كثافة سكانية على ساحل خليج المكسيك. يمكن الآن استئناف انتاج النفط، وساعد هذا في دفع الخام الأميركي الخفيف الى النزول الى 67 دولارا للبرميل». وينتظر ان يرتفع حجم التعامل مع عودة اسواق لندن الى العمل بعد عطلة الاثنين.
وقفز سهم انفنيون، اكبر منتج للرقائق الإلكترونية في اوروبا، اثنين في المائة اثر انباء عن توريد الشركة ثلاثة مكونات لمنصة العاب اكس بوكس-360. ولم تذكر الشركة اي تفاصيل مالية عن الصفقة.
وفي جانب النزول هبط سهم اولد ميوتيوال للتأمين الجنوب افريقية واحدا في المائة بعد ان قالت الشركة انها تجري محادثات مع سكانديا بشأن عملية تملك محتملة تبلع قيمتها نحو 5.7 مليار دولار.
انخفضت الاسهم الأميركية في بداية جلسة المعاملات امس بعد ما قد يكون أكثر الاعاصير في التاريخ الأميركي تكلفة لشركات التأمين وقبل بيانات من المتوقع ان تظهر انخفاضا في ثقة المستهلكين وطلبيات المصانع.
وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى 16.63 نقطة أي بنسبة 0.16 في المائة الى 10446.42 نقطة فيما نزل مؤشر ستاندارد اند بورز الاوسع نطاقا 1.22 نقطة او 0.10 في المائة الى 1211.06 نقطة.
وانخفض مؤشر ناسداك المجمع لأسهم التكنولوجيا 6.77 نقطة أو 0.32 في المائة الى 2130.88 نقطة.
استغلوا بداية الطفرة
سـعود الأحمد *
في علم المحاسبة يمكن استخراج نتائج عمليات أي كيان اقتصادي، بمقارنة إجمالي إيراداته مع مصروفاته. وهذه معادلة غير منطقية لأنها لا تأخذ العوامل الأخرى. لكن الاقتصاديين يأخذون مبدأ أو منظور الدخل الشامل، حيث يرى الاقتصاديون أن المصروفات الضمنية يجب أن تدخل في حسابات الدخل، وهم أقرب للصحة.
فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يسكن منزلاً، عبارة عن فيلا يملكها، تقدر قيمته بخمسمائة ألف ريال، ويعمل بوظيفة دخله الشهري منها حوالي ثمانية آلاف ريال، ويكاد يصرفه بأكمله أولا بأول، حيث يملك مسكناً مريحاً وسيارة لتنقلاته اليومية وأخرى للتنقلات العائلية، ويعتقد أن ميزانيته بهذا تكون متوازنة، مفترضاً أنه يصرف دخله (لا له ولا عليه). فإنه وطبقاً لمنظور الدخل الشامل، فإن الدخل يجب أن يشمل الفرص البديلة لجميع المدخلات، ومن ذلك السكن الذي يملكه (رب الأسرة)، حيث يضع الاقتصاديون في الاعتبار أن بإمكان هذا المواطن أن يبيع منزله ويستغل قيمته في الاستثمار أو يؤجره ويستأجر بديلاً عنه (ربما اقل تكلفة منه). وبعض ملاك الفلل من أرباب الأسر الصغيرة بإمكانه أن يسكن مع والديه، ويؤجل الاستقلال بمنزل، وبالمقابل يستغل مبلغ السكن في الفرص الاستثمارية المتاحة، وبذلك يحقق عائداً إضافياً لدخل الوظيفة. ولو أن كل مواطن التفت للفرص البديلة لجميع المدخلات، لتغيرت مفاهيم العديد منا حول مقادير دخولنا الفعلية. والحقيقة التي يجب ألا تغيب عن ذهن كل رب أسرة، يريد ضبط ميزانيته بدقة وفعالية، أن يفكر في كل ما هو متاح له من أصول وموارد. وقيمة هذه الأصول في المستقبل، لما سيطرأ عليها من تناقص جراء تقادمها واستهلاكها وتكاليف صيانتها.
خلاصة الأمر، أن الفترة الحالية فترة بداية طفرة، ينبغي ألا تفوت على كل جاد في تحسين أوضاعه. حتى لو فكرنا في استغلال مدخراتنا وممتلكاتنا الأساسية. ولعل التاريخ سيعيد نفسه، ونتذكر من استغل بدايات الطفرة التي حدثت قبل حوالي ثلاثين عاماً، ومنهم نساء باعوا مجوهراتهن ووضعوها في مساهمات عقارية. وهناك من باع مسكنه واستأجر سكناً بديلاً مؤقتاً. وهناك من فكر في مشروع يلبي حاجة المجتمع، لتوفير سلعة أو خدمة ما، وسبق غيره وانتهز الفرصة واستغلها وفاز بها، وصارت بدايات انطلاقتهم للثراء. المهم أن علينا أن ندرك أن المملكة تعيش بداية طفرة جديدة، قد لا نشعر بها لأننا داخلها، لكن ليس بالضرورة أن تكون بنفس حجم سابقتها، لكنها طفرة حقيقية، تؤكدها مؤشرات اقتصادية ملموسة سهلة الحساب، ما دامت أسعار النفط وصلت السبعين دولاراً.
وهناك توجه واضح لضخ معدلات نقدية في الداخل أكبر من المعدلات السابقة، استهلته الدولة برفع سلم الرواتب، ومن الطبيعي أن تزيد المكافآت ويرتفع متوسط دخل الفرد السعودي. كما ان هناك قروضا عقارية ومساكن شعبية، وأتوقع المزيد على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وإن لم تأت مرة واحدة حتى لا تسبب التضخم (السلبي)، لكنها منتظرة في ظل هذا التوجه. ومن بوادر ذلك ارتفاع مؤشر الأسهم خلال أقل من شهر بنسبة قاربت 25%. وأخيراً... عزاؤنا لمن يضعون كل ما يملكون في مسكن قد يستغنون عن معظم غرفه وساحاته، وربما يستدينون لذلك مئات الآلاف من الريالات، ليقال فلان يملك فيلا كبيرة. ومن إذا تقاعد وضع ما يملك في مسكن واستراحة ينشغل بها، وأضل منهم من يستدين من البنوك والوكالات ليشتري السيارات الفارهة كالصالونات الأميركية الفخمة ليستخدمها في المناسبات وللنزهة (ربما مرة في الشهر)، وبذلك يترك الفرصة ويرهن ذمته باقساطها، لسنين أربع أو خمس قادمة، ليواجه مشاكل ارتفاع الأسعار في ما بعد، ودخله (المسكين) ثابت.
* محلل مالي
الأسباب الرئيسية التي تؤدي الى ارتفاع أسعار النفط
نجم ارتفاع اسعار النفط التي تجاوزت عتبة السبعين دولارا، اي ثلاثة اضعاف المستوى الذي كانت عليه في 2002، عن تضافر عدد من العوامل الجيوسياسية والتقنية: ـ الاعاصير في خليج المكسيك: ادى اعصار «كاترينا» الذي ضرب السواحل الاميركية الى ارتفاع كبير في اسعار النفط في الايام الاخيرة بسبب خوف الوسطاء من الدمار الذي يمكن ان يحدثه في عدد كبير منشآت النفط في عرض البحر في هذه المنطقة.
وكان الاعصار «ايفان» الذي سبقه في سبتمبر (ايلول) 2004 سبب اضرارا كبيرة في هذه المنشآت.
ـ زيادة الطلب: ادى انتعاش كل الاقتصادات في العالم في وقت واحد تقريبا السنة الماضية الى طفرة في استهلاك النفط (زيادة تبلغ حوالي 3.7%) وخصوصا في الصين والولايات المتحدة، وهي مستمرة خلال العام الجاري وان ظهرت مؤشرات تدل على بعض التباطؤ.
تتوقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية زيادة نسبتها 2% في الطلب العالمي للنفط في 2005، ليبلغ 83.7 مليون برميل يوميا و2.1% في 2006. وهناك مخاوف كبيرة خصوصا في ما يتعلق بالربع الرابع من العام الجاري مع حلول فصل الشتاء البارد.
ـ نقص القدرات الانتاجية : يواجه العرض صعوبة في الزيادة بموازاة زيادة الطلب. وقد قامت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) التي تعرضت لضغوط من جميع الجهات وتؤمن حاليا اربعين بالمائة من النفط العالمي عدة مرات بزيادة سقفها الرسمي للانتاج.
ورفعت المنظمة انتاجها أخيرا الى 28 مليون برميل يوميا ويمكن ان ترفعه بسرعة الى 28.5 مليون برميل اذا بقيت الاسعار على مستواها الحالي وهو الاعلى الذي يسجل منذ تأسيسها في 1987.
لكن هامش المناورة للمنظمة ضيق ووحدها السعودية ما زالت قادرة على انتاج اضافي يبلغ 1.5 مليون برميل يوميا. لكن هذا النفط ثقيل يصعب تكريره وبالتالي لا يلقى تقديرا كبيرا. وعبر عدد كبير من المحللين عن تشكيكهم في الهامش الذي يملكه السعوديون.
اما الدول الكبرى المنتجة الاخرى فتضخ بكامل قدرتها ولا يمكنها زيادة امكانياتها بين ليلة وضحاها. وفي روسيا بدأ تباطؤ النمو في الانتاج يثير قلقا.
ـ نقص قدرات تكرير النفط: برأي اوبك وعدد كبير من المحللين فان هذه النقطة تشكل العقدة الحقيقية للمشكلة.
وقد صرح وزير البترول السعودي علي النعيمي ان بناء مصاف جديدة سيسمح بحل «نصف مشكلة» ارتفاع الاسعار. ومنذ ثلاثين عاما لم تبن اي مصفاة في اوروبا او الولايات المتحدة. والاسوأ من ذلك هو ان بعض المصافي ليست مناسبة للنفط الثقيل وهو النوع الوحيد من النفط الذي يمكن للدول المنتجة اضافته الى انتاجها الحالي.
ويؤدي العجز عن زيادة الانتاج وتراجع قدرات المعالجة الى نقص في المنتجات المكررة مثل الوقود والفيول والديزل.
ـ الاوضاع الجيوسياسية المتوترة: يشهد العراق وايران وهي من كبريات الدول المنتجة في العالم حالة من التوتر الكبير المرتبط بالاوضاع السياسية يمكن ان يؤثر على انتاجها النفطي. ويتابع المحللون النفطيون باهتمام ايضا الوضع السياسي في فنزويلا والاضطرابات العرقية في نيجيريا التي تترجم في اغلب الاحيان باضطرابات في القطاع النفطي.
ـ المضاربات والتكهنات: ما زالت التكهنات والمضاربات مستخدمة في الاسواق النفطية مع انها تراجعت عما كانت عليه في نهاية 2004 مارس (اذار) 2005.