المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التركيبة النفسية التي تتيح نجاح المديرين.. ونوع التفكير الذي يدمرهم



Dr.M
27-08-2005, Sat 6:59 PM
التركيبة النفسية التي تتيح نجاح المديرين.. ونوع التفكير الذي يدمرهم

ريتشارد بوياتزيس
27/08/2005


لا تقاس القيادة الممتازة فقط على أساس نجاح الأعمال في نقطة زمنية محددة، وإنما المحك الرئيسي هو بناء مؤسسة تتميز بإمكانية التكيف والمرونة والاستعداد التام لمواجهة التحديات الآنية والمستقبلية. ويحتاج ذلك إلى بروز قادة في كافة الوحدات المكونة للمؤسسة باستمرار وعلى مر الزمن، وبالتالي فإن التحدي هو تطوير وتحفيز قادة فاعلين. وكما يعلم كل مدير وقائد أن القول بذلك أسهل من القيام به.
وتمخضت أحدث دراسة أجريت في هذا المجال عن رؤى جديدة لهذه المشكلة القديمة، مع أنها تستند إلى عدة مجالات مثل علم الأعصاب، نظرية العقدة وعلم النفس الإيجابي.
وأوضح البحث المذكور أن بمقدور الناس تحسين عاداتهم السلوكية التي تحدد مدى فاعليتهم كقادة. وتشمل هذه العادات مهارات إدراكية ''مثل التفكير حول النظم والتعرف على الأنماط''، مهارات الذكاء العاطفي ''مثل الوعي الذاتي، الثقة بالنفس والتحكم العاطفي الذاتي''، وكفاءة الذكاء الاجتماعي ''مثل المشاركة الوجدانية والتواصل''.
لكن يجب ألا يؤدي هذا البحث إلى تضليلنا عن الواقع، لأن معظم برامج التدريب والتعليم الإداري لا يحدث إلا آثارا ضئيلة على مثل هذه السلوكيات. والواقع أن الفرق بين البرامج الناجحة وغير الناجحة هو التفكير السليم وليس الممارسة العادية. ومع ذلك فإن الرؤى العميقة التي خلصت إليها الدراسة البحثية تساعدنا على معرفة العوامل الحقيقية التي يمكن أن تساهم في تطوير القادة.
وعندما يفكر الناس في تغيير متوقع في العمل أو الأوضاع الشخصية، يوضح البحث العصبي والهرموني أنهم سيعانون من الانجذاب نحو واحدة من حالتين هما الجاذب العاطفي الإيجابي والسلبي. و ترتبط كل منهما بعمليات سيكولوجية معينة تحدث داخل المخ والجسم، إضافة إلى نزعات عاطفية إدراكية حسية وسلوكية.
وينشط الجاذب العاطفي الإيجابي على سبيل المثال، عند تفكير الناس في أحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية، حيث يؤدي ذلك إلى حدوث حالات تباطؤ في التنفس، انخفاض ضغط الدم، ازدياد نشاط نظام المناعة، ويعقب ذلك إحساس بالهدوء والتفاؤل والأمل.
وعلى النقيض من ذلك، ينجذب الذين يركزون على عناصر الضعف، أي الأحداث الماضية والفشل في تحقيق التطلعات، نحو الجاذب العاطفي السلبي، ومن ثم يغمرهم الإحساس باليأس والتشاؤم ويغدون عصبيين أو متحفزين دوما للدفاع عن أنفسهم، وبالتالي يحدث ارتفاع في ضغط الدم ويزداد معدل التنفس وتوتر في عضلات الوجه. ويتهيأ الجسم للإرهاق أو الإصابة، يستجيب للإرهاق. ويندفع الدم إلى المجموعة الفصلية الكبيرة والدوائر العصبية. ويفقد الشخص إمكانية الوصول إلى بعض أجزاء المخ. وبصفة أهم عندما ينشط الجاذب العاطفي السلبي يفقد الشخص القدرة على تكوين نسيج عصبي جديد من الخلايا الجذعية البالغة (المصطلح العلمي هو توقف نمو النسيج العصبي). والنتيجة هي أن قدرتنا على التعلم تضعف.
ويتعرض الناس في الجاذب العاطفي الإيجابي لاحتمالات جديدة، لأن الجاذب العاطفي السلبي يدفعهم إلى الربط بين أشياء متنافرة. هل تساءلت أبدا لماذا كل هذه الصعوبة التي تواجه محاولة تخفيف الوزن؟
أحد الأسباب هو أنه هدف مربوط بتصور سلبي، ولذا فإن الوعي بـ ''التغذية'' يصبح مصدرا للإرهاق ومن ثم يؤدي إلى تنشيط الجاذب العاطفي السلبي. وقد تكون إحدى الوسائل لتغيير مثل هذه الجهود تنشيط الجاذب العاطفي الإيجابي والتأمل في سبب إيجابي يساعد على التغيير. وعلى سبيل المثال يمكن أن يحقق الشخص نجاحا أكبر لمحاولته تخفيف الوزن إذا رغب ببساطة في الشعور بالإثارة والظهور بمظهر جيد، وكان تخفيف الوزن جزءا من طريق الوصول إلى تلك الغاية.
ولأن العواطف معدية، نجد أن إثارة الجاذب العاطفي الإيجابي أو السلبي قابلة للانتشار. وبالتالي تكون مجموعات الناس مهيأة لتقبل أفكار وتصرفات مفتوحة، قابلة للتكيف ومرنة، مما يشجعهم على تجربة القيادة أو العكس. ويمكن أن تنزلق المؤسسات إلى وضعية دفاعية وسلوكية الإنكار لتفادي مجابهة تحديات الأداء والأخطاء. وعندما يحدث ذلك سيكون لدى القليل من الناس الرغبة في المخاطرة لكي يصبحوا قادة.

الممارسة العملية للعاطفة الإيجابية

لدى بيلميرو ازيفيدو مؤسس ''سونائي''، المجموعة البرتغالية، طريقة مثيرة لعزل الناس من الوظائف الإدارية بسبب الأداء الضعيف. ففي 1984 اشترى ازيفيدو وحدة تصنيع عائلية، تحولت بحلول 2001 إلى أكبر مخدم خاص خارج القطاع المصرفي في البرتغال.
وعقب مرحلة النمو اكتشف ازيفيدو أن بعض مديري الأقسام الذين أبلوا بلاءا حسنا عندما كانت الأعمال تدر إيرادات تبلغ خمسة ملايين يورو (62 مليون دولار) بدأوا يتعثرون مع تجاوز النمو 100 مليون يورو. استخدام ازيفيدو طريقة الجاذب العاطفي الإيجابي، حيث يقول ''إنني أوفر التدريب، الاستشاريين والمدربين''.ل
وعندما لا ينجح ذلك ''إذا قررت أنه، رغم محاولات تقديم المساعدة، لا يوجد تقدم أو أمل في أن يتحسن المدير، فإنني أغير استراتيجيتي. وأثناء إحدى حفلات الغداء التي ننظمها شهريا وبعد مناقشة مدير القسم أبادر بالسؤال: ''إذا كانت لديك أموال غير محدودة، ما الأعمال الجديدة التي يمكن أن تطورها لمواكبة السوق الحالية؟ ما المطلوب؟ ومن ثم أنصت إلى رده.
''غالبا ما يعود كل شخص إليّ وهو يحمل فكرة أو اثنتين عن أعمال جديدة. وإذا كانت أي فكرة منها تروق لي أقدم لصاحبها عرضا بعد انتهاء وجبة الغداء أنه لو طور خطة لهذه الأعمال الجديدة التي أوافق عليها، فإنني سأقدم رأسمال استثماري يعادل 49 في المائة من قيمة الأسهم''. وأردف ''إنني لا أعمل في كل الأوقات ولكنك ستستغرب أنهم يعودون بخطة أعمال ممتازة ونناقش التفاصيل سويا وفي غضون ذلك لدي الحرية في وضع مدير آخر للإشراف على القسم'' ودائما تنجح هذه الطريقة''. ويشعر العديد من أولئك الناس أنهم مازالوا يواصلون العمل مع ازيفيدو بالحماس إزاء الإمكانيات التي وفرها لهم. وما يقوم به هو توفير الفرصة للعاملين معه لتحقيق أحلامهم، حتى عندما يكون أداؤهم ضعيفا. وحسب رأيه فإن هذه السياسة هي وسيلة لمساعدتهم ماليا. إنه يثير الجاذب العاطفي الإيجابي في مديرية التنفيذيين من أجل المساعدة في إعادة تجديد الأعمال و مديرية التنفيذيين المتعثرين.
قبل 40 عاما أوضح علماء النفس أن ''إثارة دوافع اجتناب الأمور'' (التي تريد تفاديها أو تخاف منها( تجد استجابة سريعة من قبل الناس. ولكن إثارة ''دوافع الإقدام ''أي ما تريد تحقيقه( تجد استجابة أكثر ديمومة.
وينطبق الشيء نفسه على الجاذب العاطفي الإيجابي مقابل الجاذب العاطفي السلبي. فقد أصبح جاك ويلش مطورا عظيما للقادة أثناء فترة توليه وظيفة المدير التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك، ولكنه لم يشتهر بذلك خلال المراحل الأولى لفترة ولايته التي تميزت بتخفيض الوظائف وإعادة الهيكلة، ولا حتى في المرحلة الأخيرة عندما ركز على أهمية ''سرعة'' الأداء. لكنه أثبت في منتصف الطريق أنه كان أكثر تحفيزا لقيادة ''جنرال إلكتريك''، عندما شجع على التعليقات التي تأتي من صغار الموظفين إلى الأعلى. وقضى بعض الوقت في موقع تطوير تنفيذيّ الشركة في كروتونفيل.
وطورت الشركات الاستشارية قادة ممتازون تولوا هم أنفسهم مهمة تحفيز آخرين لتسلم القيادة مثل لوجير سيتنير من ''آبي. بي. إم'' (كان في السابق مستشارا لدى ''ماكينزي''). ومن بين الأسباب أن العمل الاستشاري يتطلب مستوى عاليا من العمل الجماعي. وبالتالي فإن إحدى أفضل الوسائل بالنسبة إلى الشركات الاستشارية لاستغلال المهارات لمصلحة عملائها هو تشجيع فرقها على ممارسة مهام قيادية مع العملاء.
لكي تصبح مرنة وناجحة تحتاج المؤسسات إلى تدفق مطرد من القادة، وبروز الأشخاص كقادة. ولكن يتطلب ذلك الكثير من التدريب والإقناع. وبالنسبة إلى البعض يتطلب تشجيعهم على توسيع نشاطهم في إنجاز أشياء يجيدون القيام بها لا أكثر ولا أقل. أما بالنسبة إلى آخرين فإن تطويرهم كقادة يستدعي إحداث تغييرات أوسع نطاقا.
إن القوى الفاعلة ضرورية من أجل استدامة عملية التغيير الصعبة والشاقة، وهنا يمكن أن تقدم دروس الجاذب العاطفي الإيجابي مساعدة لا تقدر بثمن.





http://www.aleqt.com/NewsList.asp?NewsID=17688&MenuID=4