المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العولمة والدولة



سيف الخيال
24-09-2002, Tue 1:03 AM
ظهرت في نهاية القرن العشرين ظاهرة اجتماعية تبشر بأن أطراف العالم قد تداخلت، نتيجة لسرعة وسائل المواصلات، إلى درجة أن الأحداث الاقتصادية والسياسية في بقعة من العالم تؤثر على البقع الأخرى من الكرة الأرضية.

وأطلق على هذه الظاهرة اسم "العولمة" وادعى المبشرون بها بأنها تقرر مصير البشرية إلى درجة أن الدول، بل المؤسسات العالمية كهيئة الأمم المتحدة، قد توقفت في يومنا هذا عن التأثير على سير الأحداث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ذلك لأنها خاضعة، جملة وتفصيلاً لتأثيرات "قوى السوق" المستقلة عن إرادة الإنسان.

ومؤخراً أخذت وسائل الإعلام تؤكد على بداية الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة وبالتالي في بقية أنحاء العالم الرأسمالي، بدءاً بالأرجنتين حيث بلغت ديونها 141 مليار دولار، مما ينذر بزيادة البؤس عند الشعوب المنكوبة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، تلك البقعة الواسعة المسماة بـ"العالم الثالث" اختصاراً، والتي، طبقاً لمنظري العولمة، لا حول لحكوماتها وشعوبها ولا قوى سوى الخضوع لما قد يجلب لها الأسواق المالية في نيويورك ولندن وطوكيو من المصائب الضرورية للخروج من هذا الركود.

ففي مثل هذه الظروف ما هي أهمية الدولة ودورها في تنظيم الشعوب؟ إن الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى دراسة جديدة لحقيقة "الدولة" والبحث فيها بطريقة واقعية بأسلوب يبين كنهها كما هو الآن، مع أخذ آراء المختصين في الموضوع بعين الاعتبار، وهذه هي مهمة هذا الكتاب "العولمة والدولة" لكمال مجيد.

فبعد تعريف كلمة "الدولة" وتشريح أركانها ومؤسساتها ينتقل الكاتب إلى دراسة ولادة الدولة لأول مرة في التاريخ والظروف التي حتمت ظهورها. ثم ينتقل الكتاب إلى إلقاء نظرة على الدولة الرأسمالية الحديثة ودور الشركات العملاقة في التأثير عليها مع ظهور طبقة بيروقراطية تسيطر على تصرفات الدولة وخاصة في دول العالم الثالث.

وفي الفصل الثاني من الكتاب تمّت دراسة الخصائص الحديثة للرأسمالية، إضافة إلى القديمة منها، كما وتمّت دراسة موضوع سيادة السوق وحساسية هذه الأسهم التي تفرض نفسها على حالة السوق، ثم تأثير هذه العوامل على سوق العمل، والسوق المالي والشركات عابرة الأوطان، وانعكاس هذه الخصائص على حياة المجتمع الرأسمالي الغربي.

وفي الفصل الثالث تمّ شرح الديموقراطية البرلمانية في الدولة الرأسمالية في بريطانيا والولايات المتحدة.

أما في الفصل الرابع فتم التطرق إلى الطرق التي تستخدمها الشركات عابرة الأوطان لاستغلال الشعوب المقهورة كتقديم القروض بشروط قياسية وفوائد سنوية عالية ومنافسة الصناعات المحلية والسيطرة على إنتاج مواد الخام والطاقة واستخدام الأيدي العاملة الرخيصة وخلق الحروب وتجارة الأسلحة.

وتهتم الفصول الأخيرة من الكتاب بالنظرية الماركسية حول الدولة والتي تجزم بأن الصراع الطبقي سينتهي بسيطرة الطبقة العاملة على الدولة والتي تعمل على تنفيذ الاشتراكية ونشر الديموقراطية الحقيقية لأكثرية الشعب ضد الأقلية الرأسمالية التي تعمل جهدها للعودة إلى الحكم ثانية، كما تهتم هذه الفصول بمعالجة تولد الدولة الاشتراكية وأسباب إصابة مثل هذه الدولة بالموازنة القلقة والصعوبات التي تنشأ لعرقلة تقدمها بل عودتها إلى الرأسمالية من جديد كما حدث في الاتحاد السوفيتي وبلدان أوروبا الشرقية وفي الصين.

الكتاب من إصدارات دار الحكمة ويقع في 248 صفحة.