المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأموال العائدة إلى المنطقة بدأت الهجرة عنها ثانية



سيف الخيال
24-04-2005, Sun 2:53 PM
الأموال العائدة إلى المنطقة بدأت الهجرة عنها ثانية




قال تقرير لـ (فايننشيال تايمز) صادر مؤخرا: إن الفوائض المالية الكبيرة التي حققتها دول الإنتاج النفطي، ساهمت في بروز مستثمرين عرب جدد يبدون رغبتهم بشدة، في استثمار تلك الفوائض في مختلف الأنشطة الاستثمارية التي تسمح بها أسواق الدول الأوروبية، وقالت إن دول الخليج على وجه التحديد، استعادت رغبتها في الاستثمار في تلك الأسواق.

ولئن صح هذا الخبر، فإننا نعتقد أن الأموال العربية التي كانت قد ولت الأدبار من جحيم احداث 11 سبتمبر 2001، وملاحقة حاملي راية تجفيف موارد تمويل الإرهاب، نعتقد أنها ستعيد الكرة والتجربة مرة أخرى في أسواق المهجر التي تتيح لهم الاستثمار في كل المناشط الاقتصادية، إلا أن العقلية العربية نادرا ما تبارح دائرة الاستثمار المريح للدماغ والبدن، لتبقى أسيرة الاستثمار في قطاعين هما: القطاع العقاري وسوق الأسهم. المتتبع لحركة الأموال العائدة إلى الأسواق الخليجية بعد أحداث ستمبر وهي أموال قدرت بمليارات الدولارات على الرغم من ألا أحد يملك الرقم الحقيقي لها، يلاحظ أن السواد الأعظم منها دخلت في الاستثمار العقاري، فيما اتجه النزر اليسير من تلك الأموال إلى باقي الأنشطة الاقتصادية التي حاولت حكومات دول التعاون استيعابها من خلال فتح أسواقها أمام المستثمرين من غير مواطنيها، على الرغم من وجود تحفظات كثيرة في بعض الدول الخليجية إزاء إطلاق استراتيجيات الانفتاح الاقتصادي. هذه الحقيقة، تعطي انطباعا، بأن هناك ثمة ما يبني حواجز نفسية بين المستثمر وفكرة الاستثمار في أسواق الأسهم الخليجية، حتى بالنسبة الى الأسواق التي أقرت ومارست قدرا كبيرا من المرونة في تطبيق آليات الانفتاح، وهو ما يمكن ملاحظته بجلاء في سوق البحرين للأوراق المالية التي تعتبر واحدة من أكثر أسواق المال العربية والشرق أوسطية انفتاحا ومرونة في التعامل مع الأموال غير الوطنية، حيث تعطي التشريعات المطبقة فيها الأجانب حقوقا متساوية تقريبا مع الحقوق التي يحظى بها المواطنون. وعلى الرغم من أن البحرين كانت من الدول التي أخذت زمام المبادرة في فتح أسواقها أمام الاستثمارات الخليجية والعربية والأجنبية، من خلال سن عدد من التشريعات والقوانين والأحكام المشجعة جدا لاستقطاب تلك الرساميل إليها، فإن هناك من يقول إن مسألة (التسهيلات والبيروقراطيات التي تمارسها بعض مؤسسات الدولة الرسمية) ما تزال تشكل عقبة كأداء أمام تشجيع المزيد من الاستثمارات غير البحرينية لاختيار البحرين موطنا نموذجيا لها. نعم، لقد استحوذ القطاع المالي والمصرفي (البنوك ومؤسسات التأمين والمؤسسات المساندة) على قدر وافر من التدفقات الاستثمارية إلى المملكة منذ مطلع 2002، أي عقب أحداث سبتمبر، إلا أن ذلك يرجع إلى ما يميز البحرين كمركز مالي ومصرفي إقليمي، غير أن من المحير أيضا، ألا تحظى البورصة البحرينية بمثل الاهتمامات الإقليمية والعالمية التي توليها الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن مجالات استثمار في القطاع المالي والمصرفي، على الرغم من الصلة المتينة التي تربط هذين القطاعين بسوق الأوراق المالية والسندات. لقد استحوذ القطاع العقاري على معظم التدفقات الاستثمارية الى البحرين خلال الأعوام الثلاثة الماضية، دون أن يترك أرقاما تذكر للاستثمار في سوق الأوراق المالية، على الرغم من أن التشريعات التي تتخذها البحرين في هذا القطاع، تعتبر من أحدث وأجرأ التشريعات المتخذة في أسواق المال الخليجية. فعلى سبيل المثال، فإن من التشريعات التي سنتها البورصة البحرينية ــ تأسست عام 1987 ــ بالنسبة إلى التعاملات، فإن القوانين تعطي الأجانب الحق في شراء وامتلاك أو بيع السندات المالية، الصناديق الاستثمارية وسندات الشركات المساهمة المحلية، كما يعطي للأجانب المقيمين في البحرين منذ عام أو أكثر، الحق في تملك شراء أو المتاجرة في 24 بالمائة من أسهم الشركات المساهمة المحلية، إلا أن الفرد الأجنبي لا يمكن أن يمتلك أكثر من 1 بالمائة من رأس مال أية شركة بخلاف المؤسسات المفتوحة بشكل كامل أمام المستثمرين الأجانب كالمجموعة العربية المصرفية، بنك انفستكورب، بنك البحرين الدولي، بنك طيب، بنك فيصل الاسلامي، وبنك الشرق الأوسط، حيث يتمتع حملة الأسهم الأجانب قانوناً بكافة مزايا امتلاك أسهم الشركات المساهمة المحلية كما يحق لهم التصويت حول أسهمهم في كافة المسائل القابلة للتصويت وبالمثل تسلم حصص ومبالغ أخرى من دون دفع أية ضريبة. أيضا، فإن القوانين الضريبية المتخذة في البحرين، حيث توفر الحكومة بيئة خالية من الضريبة على مستوى الأفراد أو المؤسسات على ملكية الأسهم أو المتاجرة فيها، تعتبر عاملا آخر مشجعا جدا ومغريا للاستثمارات البحرينية وغير البحرينية بالاستثمار في هذا القطاع، بالإضافة إلى الوسائل المرنة المتبعة في عمليات إجارة تبادل الأسهم وتسويتها، أو في عمليات تسوية بيع وشراء الأسهم، وما إلى ذلك من التشريعات المغرية، إلا أن البورصة لم تلق حتى اليوم ذلك السحر الآسر لاهتمام الاستثمارات الخاصة. ورجوعا مرة أخرى إلى الموضوع الذي بدأنا به هذا البحث المتواضع، فإن مصدر التقرير (فايننشيال) يشير إلى أن حجم الاستثمارات الخليجية في أوروبا بلغ حتى مطلع الشهر الجاري 2،5 مليار دولار أمريكي، بالمقارنة مع 2،35 مليار دولار هو مجموع ما استثمر طوال العام 2000، وهو رقم نعتقد أن على حكومات دول التعاون تكليف الجهات المعنية باستقطاب الاستثمارات وضعها تحت المجهر، فاذا استمر التدفق العكسي للأموال العائدة إلى مواطن الهجرة السابقة بنفس المعدل المشار إليه، فإن الأسواق الخليجية سوف تصاب قريبا بنكسة لا تقل إيلاما عن (محن) كبوات النفط التي جربتها الخزائن العامة في الخليج ثلاث مرات، كما أن على دول التعاون أن تكون حذرة بشأن الأسعار المرتفعة للنفط حاليا، فهي ليست مستقرة حتى على مستوى المستقبل المنظور.