المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مؤشر أسعار الأسهم.. إلى أين؟



Dr.M
30-03-2005, Wed 5:42 PM
مؤشر أسعار الأسهم.. إلى أين؟

سعود الأحمد *

الواقع أنه من العبث أن نحلل أسباب ارتفاع المؤشر بأنها نتيجة ارتفاع أسعار أسهم شركات ما أو قطاع ما، وندعو ذلك بأنه تبرير لتضاعف المؤشر مرتين ونصف خلال أربعة عشر شهراً!.. وإن تصدر ذلك صفحات الجرائد اليومية، واتخذ منه الناس مصدرهم الوحيد في بناء قراراتهم الاستثمارية. فأبسط معايير كفاءة التقارير المالية، أن تلبي حاجة المستفيدين وكلنا بحاجة لمعرفة الأسباب (لا النتائج) لهذا التذبذب المضطرد، في معدل الأسعار واستمراره (أخيراً) في التصاعد، ليتسنى لنا استقراء مستقبل السوق. وحقيقة الأمر.. أن مؤشر الأسعار يتأثر (بصفة عامة) بعوامل ثلاثة، آنية ومستقبلية (وبالأخص على المدى المتوسط) وثالثة دائمة. فأما عن المؤثرات الآنية، فمثل طرح شركات جديدة للاكتتاب العام بأسعار متدنية جداً مقارنة بقيمتها السوقية، وهو ما يحصل في واقعنا المعاصر، بدليل تضاعف أسعارها بأول أسبوع تطرح فيه للتداول، وفي هذا خلل (من وجهة نظري)، لأن العرف هو أن تطرح أسهم الشركات للاكتتاب بأسعار السوق والفرق يعالج بعلاوة أو خصم إصدار. ومثال آخر للعوامل الآنية، هو وجود شركات لها ثقل مؤثر في السوق المحلية تتنافس بمنتجاتها عالمياً ومحلياً مع شركات عالمية، وتستفيد من قربها من مواقع الطاقة، مما يعطيها ميزة تنافسية على منافسيها.. مما يرفع عوائدها لتؤثر بحساسية بالغة على المؤشر العام للأسعار.
أما النوع الثاني فهي أسباب مستقبلية على المدى القصير والمتوسط، وأهم ما في ذلك ارتفاع إيرادات الدولة من النفط التي قاربت الستين دولاراً، مما يزيد معدل السيولة المحلية ويعطي حالة من التفاؤل البالغ التأثير، والذي له مفعول السحر على السوق المالية، نظراً لحساسية تأثير عامل السيولة النقدية. والدولة بعد أن زادت عائداتها النفطية، عكست ذلك مباشرة في موازنتها السنوية، باعتماد مشاريع بناء مدارس ومستشفيات وسدود وطرق وسكك حديدية (والوعد) بدعم القروض السكنية (بلا فوائد)، مما أدى طبيعياً إلى شعور عام بتوفر السيولة وتوقع زيادتها بالمستقبل، وانخفاض حقيقي في أسعار الفائدة البنكية. ومفعول السحر الذي أقصده هنا للسيولة التي تطرح في السوق، والذي يعرف في علم الاقتصاد بأنه متضاعف Multiplier، يتمثل في أن المليار الذي يتوفر في أيدي الناس وهم يملكونه بالفعل، تملكه (أيضاً) البنوك في صورة ودائع جارية خالية من التكلفة متاحة للإقراض. وهو ما يعني فرصة للمستثمرين، لاقتراضها والمضاربة بها في الأسهم. ومهما يكن فإن سعر الفائدة، وإن بلغ 5 في المائة أو تضاعف مرة أو مرتين، فإن حالة من التفاؤل لدى المستثمر بأنه سيحقق أرباحا تفوق ذلك خلال عام من المتاجرة في سوق الأسهم. ناهيك عن العامل الخفي هنا، وهو أن البنك يقرضك المال لتضارب، ويأخذ عليك العمولات والمصاريف وبضمانات كافية، وهو في الحقيقة قرض وهمي، لأن النقود والأسهم باقية عنده. فالقرض ليس للاستيراد من الخارج، حتى تحتاج لنقل الأموال! ولذلك نقول إن للسيولة التي توفرت خلال العام الماضي مفعول السحر.
أما النوع الثالث من العوامل المؤثرة فهي دائمة، مثل تنظيم سوق المال وقيام هيئة سوق المال، وأخيراً انتشار محكمة متخصصة للنظر في منازعات الأوراق المالية، ومستقبلاً دخول السعودية في توحيد التعرفة الجمركية والعملة الخليجية الموحدة، واتفاقية منظمة التجارة الدولية.
ولذلك فإن قراءتي لمستقبل مؤشر أسعار الأسهم السعودية على المدى القصير والمتوسط، أنه في تصاعد ما دامت العوامل التي ذكرتها باقية إيجابياً. وبالأخص في ظل توفر سيولة وضيق قاعدة السوق الاقتصادية. فالمستثمر لا يجد إلا نشاط الأسهم أو العقار، وبالطبع سوق الأسهم أكثر سيولة وأقرب تحقيقاً للربح. وختاماً.. فالمنتظر أن تحل هذه المشكلة قريباً وتُفتح مجالات استثمارية وصناعية جديدة، لتمتص فائض السيولة. وربما بطرح أسهم لشركات مثل «سابك» والاتصالات السعودية والبنك الأهلي... الخ، أو تخصيص شركات جديدة كالسكك الحديدية والبريد وشركة الخطوط السعودية. (وهو ما أتوقعه)، والأيام المقبلة حبلى بالأحداث. وإلا فإن تضخم الأسعار غير المبرر سيستمر، وبالطبع ستكون التكاليف أكبر بمقدار كبر التضخم.


* محلل مالي سعودي

http://www.asharqalawsat.com/default.asp?issue=9618&page=economy&article=290640