المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيفية التعامل مع من يخالفك الرأي..



برق الشمال
22-03-2005, Tue 10:39 PM
يلخص ابن القيم المعنى الذي نريده‎ ‎بقوله‎:

‎"‎وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لابد منه لتفاوت إرادتهم‎ ‎وأفهامهم وقوى إدراكهم، ولكن المذموم ‏بغى بعضهم على بعض وعدوانه، وإلا إذا كان‎ ‎الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباين والتحزب، وكل من ‏المختلفين قصده طاعة الله‎ ‎ورسوله؛ لم يضر ذلك الاختلاف، فإنه أمر لابد منه في النشأة الإنسانية‎.

ولكن‎ ‎إذا كان الأصل واحداً، والغاية المطلوبة واحدة، والطريق المسلوكة واحدة، لم يكن يقع‎ ‎اختلاف، وإن ‏وقع كان اختلافاً لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة، فإن الأصل الذي‎ ‎بنوا عليه واحد، وهو كتاب الله ‏وسنة رسوله، والقصد واحد، وهو طاعة الله ورسوله،‎ ‎والطريق واحد، وهو النظر في أدلة القرآن والسنة ‏وتقديمها على كل قول ورأي وقياس‎ ‎وذوق وسياسة"

وسائل تؤدي للاتفاق‎

ولتحصيل اجتماع الكلمة‎ ‎ووحدة الصف والاتفاق وسائل يمكن استلهامها من النصوص الشرعية والأقوال ‏السلفية‎ ‎منها‎:

أولاً: الإنصاف مع المخالف‎:

فإن‎ ‎الاختلاف في الرأي لا يمكن أن يكون مؤدياً إلى فتنة، أو مورثاً لفرقة إلا إذا صاحبه‎ ‎بغى أو هوى كما قال ‏تعالى: (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ‎ ‎مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا) سورة آل عمران: 19‏‎.

والله تعالى‎ ‎مع أمره بعدم موالاة الكفار قال: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى‎ ‎أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) ‏سورة المائدة: 8‏‎.

قال ابن تيمية: "وهذه الآية نزلت بسبب بغضهم للكفار، وهو بغضٌ مأمور به،‎ ‎فإن كان البغض الذي أمر الله ‏به قد نهى صاحبه أن يظلم من أبغضه، فكيف في بغض مسلم‎ ‎بتأويل وشبهة أو بهوى نفس فهو أحق أن لا ‏يظلم" منهاج السنة النبوية‎: 5/127.

وإذا أنصف الإنسان حمله إنصافه على أن يعرف قدر الخطأ، فلا يعطيه‎ ‎أكبر من حقه، كما لا ينسى سابقة ‏قائله، وظروفه التي حملته على فعله، ولا يغيبن عنك‎ ‎فعل حاطب بن أبي بلتعة وكيف أن عقوبته منع من ‏ترتبها عليه مشهده العظيم يوم‎ ‎بدر،‎

قال ابن القيم: "من قواعد الشرع والحكمة أن من كثرت حسناته وعظمت وكان‎ ‎له في الإسلام تأثير ظاهر ‏فإنه يُحتمل منه ما لا يُحتمل من غيره ويعفى عنه ما لا‎ ‎يعفى من غيره فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ ‏القلتين لم يحمل الخبث.. مفتاح دار‎ ‎السعادة: 1/177‏‎.

وكذلك قد يكون العالم أو الداعية أو الأمير غير قائم بشيء‎ ‎من أحكام الشرع لعذر، فمن أنصف عذره، وقد ‏ضرب ابن تيمية أمثلة لهذا فذكر النجاشي‏‎ ‎وأنه لم يعمل بكثير من شرائع الإسلام كالهجرة والجهاد والحج، ‏كما أنه لم يحكم قومه‎ ‎بالقرآن لعدم استطاعته، وذكر مؤمن آل فرعون ويوسف الصديق عليه السلام مع أهل ‏مصر،‎ ‎ثم قال: "وكثيراً ما يتولى الرجل بين المسلمين والتتار قاضياً بل وإماماً وفي نفسه‎ ‎أمور من العدل ‏يريد أن يعمل بها فلا يمكن ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك، ولا يكلف الله‎ ‎نفساً إلا وسعها" الفتاوى: 19/218‏‎.

ومن أراد أن يتصور كيفية مراعاة الحال‎ ‎فليتأمل حديث الذي فقد دابته وهو في صحراء، فلما أيقن بالهلاك ‏وجدها، فقال: (اللهم‎ ‎أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح) متفق عليه‎.
فلم يؤاخذ مراعاة للظرف الذي‎ ‎ألمّ به حال تكلمه‎.


ثانياً: مراعاة المصالح والمفاسد‎:

إن من قواعد‎ ‎الشريعة تحمل أدنى المفسدتين لدرء أعلاهما، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى‎ ‎بمكة ‏أكبر المنكرات وأكبر الأصنام ولا يغيرها، وترك المنافقين ولم يقتلهم مع ثبوت‎ ‎كفرهم لئلا يتحدث الناس أن ‏محمداً يقتل أصحابه‎.

والتعامل مع كل مخالف منوط‎ ‎بهذه القاعدة، فلا يسوغ الرد عليه إذا ترتب على ذلك مفسدة أكبر. وقد نهى الله ‏تعالى‎ ‎عن سب آلهة المشركين لما ترتب على ذلك مفسدة أعظم من مصلحة سبِّها،‎
قال تعالى‎: (‎وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ‎ ‎عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) سورة الأنعام: 108‏‎.

قال ابن القيم: "إن النبي صلى‎ ‎الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحل بإنكاره من المعروف ما ‏يحبه الله‎ ‎ورسوله، فإذ كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله، فإنه‎ ‎لا يسوغ ‏إنكاره وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله" أعلام الموقعين: 3/4‏‎.
وفي‎ ‎امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن هدم الكعبة شاهد ظاهر لهذا‎.

وفي هذا‎ ‎المعنى يقول ابن تيمية‎:
‎"‎إذا لم يحصل النور الصافي، بأن لم يوجد إلا النور الذي‎ ‎ليس بصاف. وإلا بقى الإنسان في الظلمة فلا ينبغي ‏أن يعيب الرجل وينهى عن نور فيه‎ ‎ظلمة إلا إذا حصل نور لا ظلمة فيه، وإلا فكم ممن عدل عن ذلك يخرج ‏عن النور بالكلية‎" ‎الفتاوى: 10/364‏‎.
ولا يمكن تبين المصالح والمفاسد وحقائقها إلا لمشارك في الحال،‎ ‎أما الناظر من بعيد فإنه لا يتصور ذلك على ‏وجهه‎.

ومراعاة المصالح والمفاسد‎ ‎يتضمن ملاحظة الوقت الذي يعيشه الإنسان، وهل سيتعلق بكلامه أهل الفساد ‏ليكون ذريعة‎ ‎لمآرب سيئة، وهل سيُفهم على وجهه أم لا. وذلك كله مبني على قاعدة كبرى، وهي أن‎ ‎الأعمال ‏الشرعية ليست مقصودة لنفسها وإنما قصدت المصالح المترتبة عليها .انظر‎ ‎الموافقات: 2/385‏‎.


ثالثاً: معرفة لغة المتكلم وحقيقة رأيه‎:

فإذا‎ ‎جهل الإنسان حقيقة قول المتكلم ومقصده من اصطلاحاته حمله على غير مقصوده، ولذا قال‎ ‎ابن تيمية: ‏‏"وكثير من الناقلين ليس قصده الكذب، لكن المعرفة بحقيقة أقوال الناس من‏‎ ‎غير نقل ألفاظهم، وسائر ما به ‏يعرف مرادهم قد يتعسر على بعض الناس ويتعذر على‎ ‎بعضهم. الفتاوى: 6/303‏‎.

وقال السبكي: "كثيراً ما رأيت من يسمع لفظةً فيفهمها‎ ‎على غير وجهها فيغير على الكاتب والمؤلف ومن ‏عاشره واستن بسنته.. مع أن المؤلف لم‎ ‎يرد ذلك على الوجه الذي وصل إليه هذا الرجل". قاعدة في الجرح ‏والتعديل‎: 93.

ولما ذكر العلماء القوادح في باب القياس جعلوا منها استعمال اللفظ‎ ‎الغامض، وطالبوا المتكلم بإظهار المراد ‏منه ليمكن إبطاله أو التسليم به‎.

لعل من هذا الباب ما نُقل أن الإمام أحمد قال: ما زلنا نلعن أهل الرأي‎ ‎ويلعنوننا حتى جاء الشافعي فخرج ‏بيننا‎.

وقد طبق شيخ الإسلام ابن تيمية هذا‎ ‎الضابط لما تناول قول الجنيد: التوحيد إفراد القدم من الحديث.. فقال: ‏‏"هذا الكلام‎ ‎فيه إجمال، والمحق يحمله محملاً حسناً وغير المحق يدخل فيه أشياء.. وأما الجنيد‎ ‎فمقصوده ‏التوحيد الذي يشير إليه المشايخ، وهو التوحيد في القصد والإرادة وما يدخل‎ ‎في ذلك من الإخلاص والتوكل ‏والمحبة.. وهذا حق صحيح وهو داخل في التوحيد الذي بعث‎ ‎الله به رسله وأنزل به كتبه". الاستقامة: ‏‏1/92‏‎.



رابعاً: التثبت‎:

فالاستعجال في إصدار الأحكام‎ ‎تصرف يوقع صاحبه في الزلل والخطأ، ولذا جاء الشرع بالأمر بالتثبت والتبيّن ‏كما قال‎ ‎تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ‎ ‎فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا‎ ‎فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). سورة الحجرات: 6‏‎.

وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ‎ ‎آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ‎ ‎أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً). ‏سورة النساء: 94‏‎.

والمراد‎ ‎بالتبيّن: التعرّف والتبصر والأناة وعدم العجلة حتى يتضح الأمر ويظهر، وهذا يحصل في‎ ‎النقل ‏والمنقول. فأما النقل فبالتحقق من صدق الناقل وسلامته، ولذا قال النبي صلى‎ ‎الله عليه وسلم: ((بئس مطية ‏الرجل: زعموا)). سنن أبي داود: 4972، مسند أحمد: 4/119،‎ ‎بسند صحيح‎.


قال الخطابي: "إنما يقال (زعموا) في حديث لا سند له ولا‎ ‎تثبت فيه، وإنما هو شيء يُحكى على الألسن على ‏سبيل البلاغ، فذم صلى الله عليه وسلم‎ ‎من الحديث ما كان هذا سبيله وأمر بالتثبت فيه والتوثق لما يحكيه من ‏ذلك فلا يرويه‎ ‎حتى يكون مَعْزِيَّاً إلى ثبت ومروياً عن ثقة". معالم السنن: 4/130‏‎.
ولعلماء‎ ‎الرواية تقدير رائق في عدم قبول رواية المبهم ولو أبهم بلفظ التعديل كقول بعضهم‎ ‎حدثني الثقة أو ‏من لا أتهم. انظر تدريب الراوي: 205‏‎.

ولذا قال ابن تيمية‎: "‎من أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليسمّ القائل والناقل، وإلا فكل أحد يقدر على‎ ‎الكذب". ‏منهاج السنة: 2/413‏‎.

وأما المنقول فلا بد أن يتثبت الناقد أن‏‎ ‎المنقول لا وجه له في الصحّة يقتضي قبوله، وهذا ما سبق في فهم ‏كلام المتكلم وحقيقة‎ ‎مراده‎.‎


خامساً: التخلص من سلطة الأتباع‎:

فعصا الأتباع‎ ‎مرفوعة على متبوعهم كلما خالف رغبتهم، أو عدل عن تقرير أبوه، أو فتوى أخذ بها،‎ ‎والمتبوع يخشى منهم الإنكار عليه والانفضاض من حوله والتشنيع عليه، وهذه العصا تصد‏‎ ‎المتبوعين عن ‏التآلف مع من سبق أن كان بينهم نوع خلاف والله المستعان‎.
‎ ‎

سادساً: لزوم آداب الشرع‎:

فإن في سلوك الأدب‎ ‎تخلصاً من آثار الخلاف السيئة ومنعاً لتضخمها وهذه الآداب كثيرة، منها‎:

‎(1) ‎إحسان الظن بالمخالف، فقد أمرنا الله بذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا‎ ‎اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ ‏إِثْمٌ). سور ة الحجرات‎: 12.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن‎ ‎شراً وأنت تجد لها في الخير ‏محملاً)). الدر المنثور للسيوطي: 6/99‏‎.

‎(2) ‎ومنها الخضوع للحق ولو نطق به الخصم كما قال الشافعي: "ما ناظرت أحداً إلا قلت‎: ‎اللهم أجْرِ الحق ‏على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه‎ ‎اتبعته". قواعد الأحكام: 2/176‏‎.


وشاهد هذا من المأثور قبول أبي هريرة‎ ‎لخبر الشيطان الكذوب، وما روى النسائي أن حبراً قال للنبي صلى ‏الله عليه وسلم: نعم‎ ‎القوم أنتم لولا أنكم تشركون تقولون والكعبة فأمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا‎ ‎ورب ‏الكعبة‎.

‎(3) ‎الستر على المخطي فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على‎ ‎الستر فقال: (ومن ستر مسلماً ستره الله ‏يوم القيامة) متفق عليه. ومن هذا أن يبيِّن‎ ‎الخطأ دون التعرض لشخص المخطئ وهذا نهج أثري منقول في ‏قول المصطفى في كثير من‎ ‎الأحوال: ما بال أقوام‎.‎


سابعاً: البحث في وسائل لتجاوز الافتراق‎:

فإن‎ ‎الاتفاق عمل وليس قولاً ومن اجتهد لبلوغه مع حسن القصد تيسر له أمره، كما قال‎ ‎تعالى: (وَالَّذِينَ ‏جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا). سورة‎ ‎العنكبوت: 69‏‎.

وهذه وسائل مقترحة يمكن بتفعيلها تجاوز الفرقة، منها: إيجاد‎ ‎مرجعية تحكم في الخلاف وتفصل فيه ولابد ‏لهذه المرجعية أن تكون سليمة الماضي، نظيفة‎ ‎السجلات حتى تكسب الاحترام والقبول‎.

وكذلك كثرة اللقاءات بين الأطياف‎ ‎المختلفة لتفعيل الود وكسر الحواجز المصطنعة بينهم بالمؤتمرات والندوات ‏والحوارات‎ ‎والزيارات ونحوها‎.

ومنها: نشر الكلام عن أدب الخلاف وطريقة التعامل مع‎ ‎المخالف سواء عبر الكتابات والمشافهات، أو من ‏خلال وسائل الإعلام، أو طريقة عملية‎ ‎في تربية النشء في محاضن الدعوة والتعليم‎.‎

برق الشمال
22-03-2005, Tue 10:41 PM
رأي شخصي

هناك حكمة أو مثل يقول :
إذا كانت العمارة التي بجانبك طويلة بحيث غطت عليك أشعة الشمس فكيف تعمل لترد الأشعة إليك ؟؟؟ هناك طريقتان
الأولى : أن تهدم العمارة التي غطت عليك الشمس حتى تصبح أقصر منك .
الثانية : أن تعمل على إطالة عمارتك حى تصبح أطول من العمارة التي غطت عليك الشمس.
و أنا أظن أن الذي يتهجم اختار الطريقة الأولى و هي الطريقة الهدامة و القائمة على النقد اللاذع.
أنا لا أقول أن علينا الطاعة العمياء للناس مهما كانت درجة علمهم و صدق الإمام مالك رحمه الله ( كل يؤخذ من كلامه و يرد إلا صاحب هذا القبر ) و هو رسول الله صلى الله عليه و سلم.