المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا للسماح للأجانب بالمتاجرة في الأسهم السعودية



المشغول
15-03-2005, Tue 8:17 AM
خالد أحمد عثمان

كانت سوق الأسهم السعودية مغلقة تماما أمام غير السعوديين، ثم حدثت ثلاثة تطورات مهمة لم تفتح باب السوق أمام الأجانب على مصراعيه وإنما فتحت نافذة محدودة المساحة. وكان التطور الأول في سنة 1409هـ (1990)، حيث فتح المجال أمام مواطني دول مجلس التعاون الخليجي لشراء وبيع الأسهم السعودية بضوابط محددة إنفاذا لقرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، المتخذ في دورته التاسعة بشأن السماح لمواطني دول المجلس بتملك أسهم الشركات المساهمة في الدول الأعضاء ونقل ملكيتها طبقا للقواعد الموحدة المرفقة بذلك القرار.

ثم حدث التطور الثاني في سنة 1417هـ (1997)، حيث اتخذت الدولة خطوة مدروسة بعناية، إذ سمحت للأجانب بالاستثمار بطريقة غير مباشرة في الأسهم السعودية عن طريق صندوق استثماري مخصص لهذا الغرض رخصت مؤسسة النقد العربي السعودي لمجموعة سامبا المالية (البنك السعودي الأمريكي سابقا) بإنشائه، وقد أدرج هذا الصندوق المعروف باسم (سيف) في بورصة لندن حيث يمكن للأجانب شراء وحدات فيه. وكان حجم هذا الصندوق عند انشائه في حدود 250 مليون دولار أمريكي ولكنه لم يجذب كثيرا المستثمرين الأجانب لأسباب عديدة، أهمها أن الصندوق من النوع المغلق، وتداول وحدات الصناديق المغلقة تتم عادة ـ كما يقول المحللون الماليون ـ بنسبة خصم تصل من 15 % إلى 30 % من صافي قيمة أصوله الفعلية.

وفي عام 1999 حدث التطور الثالث حيث أصدر وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف قرارا يسمح للأجانب بالاستثمار في الأسهم السعودية عن طريق الصناديق المحلية المتخصصة في المتاجرة بالأسهم السعودية. وتطالعنا الصحف بين الحين والآخر بآراء ومقترحات يطرحها بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين والماليين، تدعو إلى السماح للأجانب بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودية لأنهم يرون أن هذا الإجراء سيؤدي إلى جذب جزء كبير من مدخرات العاملين الأجانب في السعودية التي يقومون في الوقت الحاضر بتحويلها إلى الخارج والتي تقدر بمئات الملايين من الريالات، وأن ذلك سيؤدي إلى تدوير هذه الأموال في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي سيعود عليه بالنفع.

إنني من الرأي القائل إن سلبيات السماح للأجانب بالمتاجرة في الأسهم السعودية ستكون أكبر من إيجابياته في الوقت الحاضر للأسباب التالية:

1 ـ أن سوق الأسهم السعودية ما زالت سوقا ناشئة وضيقة لقلة عدد الشركات المساهمة السعودية، من ناحية، ولقلة عدد الأسهم المتداولة من ناحية أخرى. والسماح للأجانب بالمتاجرة في الأسهم السعودية سيجعل هذه السوق أكثر ضيقا أمام المستثمرين السعوديين، لأن المنافسة ستزداد بين المتعاملين في السوق مما قد يؤدي إلى إرباك عمليات السوق، ويصيب السوق بحمى تضخمية شديدة قد تمتد إلى قطاعات اقتصادية أخرى.

2 ـ في الغالب لن يدخل المستثمرون الأجانب سوق الأسهم السعودية بهدف الاستثمار طويل الأجل، أي ليس بهدف شراء الأسهم بغرض الحصول على ما تحققه من عوائد، وإنما من أجل المضاربة بها أي الشراء بهدف إعادة البيع في وقت قصير بقصد تحقيق الربح السريع. وهذا النوع من النشاط التجاري لن يضيف شيئا نافعا للاقتصاد الوطني وبالتالي لن يحقق له فائدة مادية حقيقية بعكس الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال إقامة مشاريع إنتاجية كالمشاريع الصناعية والزراعية والتعدينية أو مشاريع خدمية مثل إنشاء وتشغيل الفنادق والمستشفيات والمدارس والمعاهد التعليمية والتي من شأنها الإضافة إلى الأصول الرأسمالية الوطنية وخلق فرص عمل أمام المواطنين.

3 ـ أن الأرباح التي يحققها الأجانب من المتاجرة في الأسهم السعودية والناجمة من الفروق السريعة بين أسعار الشراء الشراء وأسعار البيع ستكون في الواقع على حساب أطراف محلية في السوق المالية، وعادة ما تكون هذه الأطراف من صغار المستثمرين الذين لا تتوافر لديهم الدراية والخبرة التي يملكها المضاربون الأجانب المحترفون، فضلا عن أن مصير هذه الأرباح هو التحويل إلى خارج البلاد وبالتالي لن يستفيد منها الاقتصاد الوطني.

4 ـ أن تجارب بعض الدول لا تدعو إلى الاطمئنان إلى النشاط التجاري الأجنبي في مجال الأسهم والأوراق المالية الأخرى والعملات حيث كانت نتائج هذه التجارب سلبية بل مؤلمة، ونسوق على ذلك مثلين، الأول المكسيك التي خاضت تجربة فتح سوق الأوراق المالية أمام الاستثمارات الأجنبية فتدفقت عليها الأموال الأجنبية فازدادت لديها السيولة النقدية، ولكن عندما قررت المكسيك تخفيض قيمة عملتها رحلت عنها وفي وقت قصير جدا مليارات الدولارات مما أدى إلى تدهور قيمة عملتها الوطنية وحدوث نقص حاد في السيولة النقدية أضر بقدرتها على تسديد التزاماتها الخارجية, والمثل الثاني هو الأزمة التي واجهتها دول جنوب شرق آسيا سنة 1997، حيث قام بعض المستثمرين الأجانب وبشكل مفاجئ بسحب أموالهم من الأسواق المالية في هذه الدول بعد أن حققوا أرباحا طائلة مما أدى إلى إرباك هذه الأسواق وانهيار أسعار العملات المحلية على نحو ضار بالاقتصادات الوطنية لهذه الدول ضررا فادحا عانت منه فترة غير قصيرة من الزمن, ولذلك يطلق بعض الخبراء على هذا النوع من النشاط التجاري الأجنبي اسم (العصفور الطائر) لأنه ينتقل سريعا من سوق إلى أخرى بعد أن يكون قد حقق أرباحا كبيرة من المضاربة في كل سوق.

وأخيرا أقول إن سوق الأسهم السعودية ليست في حاجة إلى تنشيط بواسطة الأموال الأجنبية، فالسيولة النقدية المحلية كافية، ولله الحمد في جعل هذه السوق في حالة نشاط فوار، ولعل أكبر دليل على ذلك التزاحم الشديد لأعداد غفيرة من المواطنين على الاكتتاب في أسهم الشركات المساهمة الجديدة مثل شركة الصحراء للبتروكيماويات وشركة اتحاد اتصالات والشركة التعاونية للتأمين وبنك البلاد, ولكن الذي تحتاج إليه هذه السوق هو توسيع قاعدتها ونطاقها، وهذا لا يتحقق إلا باتخاذ أمرين أساسيين: الأول تشجيع إنشاء شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم وتشجيع تحويل الشركات الكبيرة الناجحة المتخذة شكل شركة ذات مسؤولية محدودة أو تضامن أو توصية بسيطة إلى شركات مساهمة أو شركات توصية بالأسهم، وكذلك تحويل المؤسسات الصحافية إلى شركات مساهمة عامة والإسراع في إنهاء عملية تخصيص بعض المؤسسات والشركات الحكومية التي قررت الدولة تحويلها إلى شركات مساهمة عامة، مثل المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية وشركة التعدين العربية السعودية (معادن)، وطرح أسهمها للاكتتاب العام وغير ذلك من الخطوات اللازمة في هذا الاتجاه, والأمر الثاني تغيير الوضع الحالي للسوق من مجرد سوق أسهم إلى سوق أوراق مالية، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق وضع التشريعات المنظمة لطرح أدوات استثمارية جديدة متنوعة قابلة للتداول مثل سندات المقارضة التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة.

* نقلا عن جريدة "الاقتصادية" السعودية

الزيرسالم
15-03-2005, Tue 9:00 AM
ومن قال ان الاجانب مايعملون في السوق صدقوني انهم يبيعون ويشترون باسماء ومحافظ سعوديه وبالمليارات