المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما الذي يفعله المستثمرون الآن؟



Tadawul
15-09-2002, Sun 12:46 AM
22nd يوليو 2002

ما الذي يفعله المستثمرون الآن؟

يتعرض المستثمرون في معظم أسواق الأسهم العالمية لحالة ارتباك شديدة في هذه الأيام ، وتصيبهم حيرة بالغة لم يعد فيها لسان حالهم يعرف إلى أي مستقر ينتهي: هل فاتنا قطار البيع؟ أهو أفضل وقت للشراء ؟ أم يتعين علينا أن نجلس هكذا نحدق في الأفق بلا أي هدف ؟.

تساؤلات حائرة بالفعل بدأت تدور في رؤوس الكثيرين من مستثمري الأسهم في الوقت الحاضر ، بعد أن أدخلتهم أسواق المال العالمية في متاهات لا يعرفون كيفية الخروج منها.

وإذا كانت هذه التساؤلات قد أخذت صفة العموم ، وأصبحت جزءاُ من عقلية ونفسية المستثمر العالمي في الوقت الراهن ، فلا بأس من أن نستعين بها لتوضيح الرؤية من منظور مستثمر الأسهم الشرق أوسطي ، الذي لا يعتمد في الأصل على هذا النوع من الاستثمار كمورد لدخله الآني، وإنما يلجأ إليه كمصدر لتحقيق مكاسب رأسمالية بعيدة المدى.

ومن هذا المنطلق ، نبدأ فنقول إن عملية البيع في هذا الوقت، الذي أنحدر فيه مستوى هبوط مؤشرات أسواق الأسهم العالمية إلى حدود 40% من أعلى المستويات التي بلغتها خلال الفترة الماضية، تبدو خطوة غير موفقة ولا تخلو من السذاجة .

فعلى مدى العقود الخمسة الماضية نجحت مؤشرات الأسهم بعد تعرضها للهبوط ،في استرداد عافيتها والعودة لمستوياتها العالية السابقة في غضون عامين على الأكثر ، في الوقت الذي نلاحظ فيه أن التدهور الأخير في أسعار الأسهم مستمر منذ ثلاث سنوات، وهو أمر لم تشهد له الأسواق مثيلاُ منذ فترة الثلاثينات، باعتراف المختصين في هذا الشأن.

وعليه ، فإذا بعت الآن ، فسوف تتعرض في الغالب لخسارة حقيقية قد لا تعرف كيف تعوضها ,وإذا لجأت لخيار الشراء العشوائي للمزيد من الأسهم ، على أساس أنه ربما يقلل من خسائرك،فلن يكون هذا القرار بأفضل من سابقه، إذ كيف سيكون الحال إذا ما استمر التدهور في أسعار هذه الأسهم ؟

وفي ضؤ ذلك، يبقى الخيار الإستراتيجي الأكثر منطقية ومعقولية في ظل الظروف السائدة في أسواق الأسهم العالمية حاليا،هو خيار الشراء الانتقائي لأسهم الشركات الممتازة ، التي تتمتع بميزانيات تعكس وضعها المالي القوى .

صحيح إن الأسهم الممتازة تتدهور أيضاُ أثناء السوق الهابط ، مثلها في ذلك مثل الأسهم الردئية ، غير أن مستقبلها يبدو أكثر إشراقا. ولذلك فإن قرار شراؤها وبأسعار رخيصة في مثل هذه الظروف ، سيكون بلا جدال قرارا صائبا وصفقة رابحة بكل المعايير ، بالنسبة للمشترين الذين في مقدورهم الانتظار لبضع سنوات.

إذن ، ما الذي يدفع المستثمرين للإحجام عن شراء الأسهم بهذه الأسعار المنخفضة،مع أن احتمالات ارتفاع أسعارها تبدو أكبر بالمقارنة مع إمكانية تدهورها؟طبعا باستثناء ما إذا كانت هذه الأسهم تخص ذلك النموذج الخادع الشبيه بشركة "انرون" أو "ويرلدكوم"

ومادام الأمر كذلك ، فلماذا نلجأ لخيار "دفن الرؤوس في الرمال" ؟ فالجلوس بدون فعل أي شئ يروق عادة للناس عندما يداهمهم القلق،لالشئ إلا لأنه يصادف هوىُ في دواخلهم يدفعهم إلى عدم تشغيل الدماغ والهروب بالجلد من المشاكل.

على أية حال، ومع الهبوط الذي ألم بالأسواق حتى الآن ، هناك من يعتقدون بأن الوقت أصبح متأخراُ للخروج منها، وأن أي تحرك في اتجاه قرار كهذا سيكون محفوفاُ بمخاطر تفويت فرصة التواجد في هذه الأسواق عندما يعود إليها الانتعاش. هذه الحجة ربما تبدو قوية جداُ بالنسبة للمرتبطين بصناديق الاستثمار التبادلية ، والذين لا يحتاجون لأموالهم في الوقت الراهن.

بيد أن الحياة ليست دائما بمثل تلك السهولة . فمثلاُ ماذا لو قرر صندوق المعاشات الخروج من السوق لأجل الحفاظ على أموالك؟ وهو بالضبط ما فعلته العديد من صناديق المعاشات في بريطانيا والولايات المتحدة ، لأسباب تتعلق بقوانينها الخاصة بإدارة الأموال.

وللإجابة نقول أنه يتعين على المستثمر أن يراقب عن كثب ما يفعله أولئك الذين يديرون أمواله . فإذا كان قادراُ على التحرك في اتجاه معاكس لهم، فربما يكون الوقت الحالي هو الوقت المناسب. إذ ما الذي سيجعله مطمئنا وواثقاُ من إمكانية اتخاذ الصناديق التي تدير أمواله للقرارات الاستثمارية السليمة في المستقبل ، إذا كانت ما تزال مصرة على السير في الاتجاه الخاطئ في الوقت الحالي.

ختاما يجب القول أن الوقت الحالي يستدعي الانتباه والنظر بعين فاحصة ومتعمقة لاستراتيجيات الاستثمار، واتخاذ قرارات موضوعية غير مؤسسة على العاطفة ، وإنما مبنية على التقييم المنطقي والرؤية العادلة لصورة الاستثمار المستقبلية ، مع الأمنيات للمستثمرين بقرارات موفقة وحظ سعيد.