المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصين تقرع الباب الكندي لإرواء عطشها إلى الطاقة



البراك
11-02-2005, Fri 5:15 PM
بعد أن أزاحت الصين اليابان عن مركز ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم واحتلت مكانها العام الماضي، تتجه بكين الآن إلى منافسة المستورد الأكبر، الولايات المتحدة، في أقرب مورد لها: كندا. تاريخيا تعتبر كندا المورد الأول للنفط إلى السوق الأمريكية، مستفيدة من القرب الجغرافي وتماثل نظامي البلدين كونهما ضمن مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى. وبلغ متوسط الصادرات النفطية الكندية إلى الولايات المتحدة خلال العام الماضي 16 مليون برميل يوميا، الأمر الذي جعلها تحتل المرتبة الأولى في مقابل منافسين آخرين مثل السعودية، فنزويلا، والمكسيك. لكن الصين، التي لعب نمو الطلب على النفط فيها هذا العام الدور الرئيسي في دفع الأسعار إلى معدلات قياسية، التفتت في الآونة الأخيرة إلى كندا باعتبارها مصدرا محتملا للإسهام في إطفاء تعطشها إلى المزيد من الإمدادات، كون كندا تتمتع باحتياطيات كبيرة، كما أن نظامها السياسي المستقر يسمح بالتوصل إلى اتفاقيات بعيدة الأمد. وخلال فترة الشهور العشرة الأولى من عام 2004 بلغت واردات الصين من النفط الأجنبي 495 مليون برميل يوميا، مقابل 475 مليون طوال عام .2003 وفي تقديرات لمركز الشرق والغرب الذي يتابع التطورات النفطية، يتوقع أن يستقر حجم الطلب على النفط في الصين الذي يبلغ نحو ستة ملايين برميل يوميا حاليا، عند 115 مليون برميل يوميا في غضون عقد من الزمان. كما أن احتياطيات الصين من النفط يمكن أن تنفد في غضون 14 عاما. وشهدت ولايات كندا الغربية، خاصة ألبيرتا المنتجة للنفط، زيارات منتظمة للعديد من مسؤولي الشركات النفطية الصينية. ويقدر موري سميث وزير النفط السابق في ولاية ألبيرتا، الذي تم تعيينه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي ممثلا للولاية في واشنطن، أن تستورد الصين قريبا مليون برميل يوميا من نفط الرمال الكندي من إجمالي صادرات هذا النوع من النفط المقدر لها أن تبلغ ثلاثة ملايين برميل يوميا. وتركز الصين على هذا النوع من الخام الذي جعله ارتفاع الأسعار خاما مرغوبا فيه. ويبلغ إنتاج كندا من هذا النوع مليون برميل يوميا ويتوقع له أن يرتفع إلى نحو ثلاثة ملايين في ظرف عشر سنوات، وغالبية الإنتاج تصدر إلى مدن الغرب الأوسط الأمريكي. وما رشح حتى الآن هو أن الشركات الصينية تبدو منفتحة على مختلف أنواع الخيارات، سواء عبر ضخ استثمارات مباشرة وشراء أسهم في شركات قائمة، أو في تلك التي لديها تراخيص لم يتم تنفيذها بعد. ويقدر بعض مصادر الصناعة النفطية أن هناك نحو 12 اتفاقية في طريقها إلى الاكتمال ومن ثم الإبرام، يقدر حجم الاستثمارات فيها بنحو ملياري دولار، بل ويعتقد أن أولاها سيتم التوقيع عليها الشهر المقبل. وتقول شركة إينبريدج إنها على استعداد لمنح الصين حصة 49 في المائة في خط أنابيب تابع لها يمتد بين شمال ألبيرتا وشمال غربي ولاية كولومبيا البريطانية لمسافة 720 ميلا، ومن على الساحل يمكن نقل النفط عبر الناقلات إلى الصين. مشروع خط الأنابيب الذي تقدر تكلفته بنحو ملياري دولار يمكن أن يستخدم نحو 80 في المائة من طاقته البالغة 400 ألف برميل يوميا لنقل الإمدادات إلى الصين والبقية إلى مصافي كاليفورنيا. ومن الشركات الصينية المرشحة للدخول في هذا المشروع ''صينوبيك''. وهناك أيضا الشركة الكندية ''تيراسان'' التي دخلت في مباحثات مع ''صينوبيك'' وشركة النفط الوطنية الصينية للاشتراك في مشروع خط أنابيب جاهز يمتد إلى فانكوفر. وجهزت الشركة نحو 12 ناقلة بالنفط الكندي لتتولى المصافي الصينية تكريره والاطلاع على خصائص النفط المنتج في ألبيرتا. f جوتعتبر ألبيرتا التي يزيد عدد سكانها قليلا على ثلاثة ملايين نسمة، منطقة إنتاج نفطي كبيرة تجتذب العديد من الشركات العالمية، أمثال ''إكسون/موبيل''، للعمل فيها. وفي مطلع الصيف الماضي زار رئيس وزراء الولاية رالف كلاين، الصين للترويج للاستثمار في قطاع النفـــط المنتج من الرمــــال. ويقول مارسيل كوتو المسؤول التنفيذي الأول في سلطة الرمال النفطية الكندية، التي تسيطر على جزء من الاحتياطي، إنه التقى مسؤولين من شركة بتروشاينا، وسيرسل عينات من النفط لاختبارها، مضيفا أن الصين إلى جانب أنها تفتح سوقا جديدة أمام النفط الكندي، فإنها يمكن أن تمثل مصدرا لرأس المال يشكل بديلا أو إضافة إلى سوق نيويورك المالية التي مثلت الملجأ الرئيسي للشركات الكندية. يذكر أن شركة تاليسمان الكندية التي كانت تعمل في السودان اضطرت للتخلى عن امتيازها هناك بسبب الضغوط التي تعرضت لها وخوفها أن ينعكس ذلك على المستثمرين الأمريكيين الذين يسيطرون على نحو ثلث أسهمها، كما كانت تتخوف من خطوة أمريكية بمنعها من دخول السوق الأمريكية مقترضة. ومع أن النفط المستخرج من الرمال يحتاج إلى استثمارات إضافية تتطلب أن يكون سعر البرميل في حدود 30 دولارا كي يكون العمل فيه مجزيا، إلا أن البعد الاستراتيجي في النظرة الصينية وتركيزها على ضمان أمن الإمدادات يجعلها لا تهتم بهذا الجانب كثيرا، ولو أن الأسعار مرشحة للبقاء فوق 30 دولارا للبرميل في المستقبل المنظور، بسبب الظروف التي تمر بها السوق. وتراقب واشنطن التحركات الصينية بحذر. ويرى الباحث دانييل يرجن أن صنابير النفط الكندية لن تغلق في وجه السوق الأمريكية بسبب دخول الصين مشترية، إلا أن بكين ستحصل على حصتها بصورة أو أخرى، لكن بالنسبة للكثير من الكنديين توفر الصين فرصة لوضع حد لتاريخ طويل كان الأمريكيون يأخذون خلاله حصتهم من النفط الكندي على أساس أنها أمر مسلم به. على أن الأهم من هذا كله هو الانعكاسات الاستراتيجية لمثل هذه التحولات. ففي الصيف الماضي أبرمت الصين اتفاقا مع إيران لتزويدها بالنفط والغاز على مدى الـ 25 عاما المقبلة، بقيمة تراوح بين 70 مليار و100 مليار دولار. ومن علاماته الرئيسية تطوير حقل يادافران على الحدود مع العراق. ويتوقع أن تبدأ عملية التزويد بالغاز عام .2008 وحتى قبل دخول الاتفاق مرحلة التنفيذ، بدأت إيران تجد في الصين حليفا قويا في المؤسسات الدولية ويتمتع بحق النقض، الأمر الذي يشل من قوة واشنطن في الضغط على طهران في قضايا عديدة على رأسها الملف النووي.