المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوق الأسهم السعودية واستراتيجيات القيمة



Dr.M
26-01-2005, Wed 4:39 AM
سوق الأسهم السعودية واستراتيجيات القيمة

قصي بن عبد المحسن الخنيزي
25/01/2005

على كل مستثمر اختيار الاستراتيجية الاستثمارية التي تتناسب مع احتياجاته المالية والمخاطرة التي يتحملها، إضافة إلى البيئة الاستثمارية المحيطة والتقلبات المتوقعة. بيد أن المستثمر المتطلع إلى تنويع في محفظته الاستثمارية واحترافية في التداول والتعامل مع المتغيرات الخاصة والنظامية المتعلقة بالسوق، بإمكانه المزاوجة بين عدد من الاستراتيجيات.
في قراءة لأداء سوق الأسهم السعودية خلال العام الماضي وتوقعات أدائها في العام الحالي، أجاد عبد المجيد الفايز في توقعه يوم الأربعاء الماضي 19/1/2005 في «الاقتصادية» أن السوق «ستواصل أداءها الجيد خلال العام الحالي وإن كان بزخم أقل من العام الذي سبقه، وسيكون لقرارات المستثمرين العقلانية دور في ذلك خصوصاً مع ارتفاع الوعي بينهم واتجاه كثير منهم للاستثمار بدلاً من المضاربة...». وعلى الرغم من اختلاف أساليب التحليل، إلا أن هناك اتفاقاً في النتائج التي توصلت إليها وتلك التي توصل إليها الكاتب، خصوصاً وأن معظم العوامل والمتغيرات التي بني عليها التحليل المذكور تشكل المرتكز الرئيسي عند تناول التقييم الأساسي للسوق. ولتوافق نتيجة التحليل مع توقعاتي، أرى أن من المهم إطلاع القراء والمستثمرين المبتدئين خصوصاً على إحدى استراتيجيات الاستثمار الناجعة في أسواق الأسهم التي تمر بفترة من الهدوء أو كما تسمى في أروقة المراكز المالية بمرحلة التقاط الأنفاس، ذلك قبل أن تعاود رحلتها الماراثونية إن سنحت لها المتغيرات الاقتصادية والمالية المتسمة بعدم التأكد والضبابية بذلك، وكما يقول الاقتصاديون ''الشيء الوحيد المؤكد هو عدم التأكد''. فمن نافلة القول، إن تعدد مسميات واختلاف تعريفات استراتيجيات الاستثمار في الأسواق المالية يجعل من غير السهل إيجاد عدد من مؤلفات الاستثمار المالي التي تتفق بالتمام على حزمة من الاستراتيجيات التي لها المسمى نفسه وتدل على المعنى نفسه، حيث إن السبب وراء ذلك يكمن في معظمه وراء متطلبات عرض الفكرة. فقد يكون الدافع لضم عدد من الاستراتيجيات مع بعضها البعض وتجزيء استراتيجيات أخرى تحت مسميات جديدة، هو خدمة أغراض بحث معين أو توضيح فكرة أو استشارة مالية. بيد أن اختلاف مسميات وتعريفات الاستراتيجيات - على محدودية معناها ـ يجب أن لا يشكل عائقاً أمام المستثمر أو المضارب لاختيار ما يناسب تفضيلاته الاستثمارية وموارده لتتناسب مع حركة السوق والطريقة المثلى للتعامل معها. ومن هنا، سيتم في هذه المقالة استعراض استراتيجية الاستثمار في القيمة التي تعتبر من أشهر استراتيجيات الاستثمار، كما يعتبر التحليل الأساسي من أهم أدواتها، حيث أرى أنها تتناسب مع حركة المؤشر والسوق عموماً في الفترة المقبلة أو على الأقل في الربع الأول من العام الحالي بناء على التوقعات والتقارير الحالية لأداء السوق المحتمل. فاستراتيجية الاستثمار في القيمة تعني الاستثمار في الأسهم التي تفوق قيمتها الحقيقية سعرها، أو الأسهم المسعرة حالياً بأقل من السعر الذي من المفترض أن تكون عليه حسب توقعات المستثمر المبنية على متابعة الشركة والقطاع والسوق عموماً. ويكون التفاوت بين القيمة الحقيقية للسهم والسعر العادل له ناجما عن تراجع ثقة السوق في الشركة وقدرتها على تحقيق نمو في الأرباح أو نمو في قيمة السهم يماثل نسبياً النمو الحاصل في أسهم الشركات الأخرى، فتحليل سهم معين مع وجود تأثيرات النسبية ونمو الأسهم الأخرى والسوق عموماً يؤثر على ثقة السوق في ذلك السهم وبالتالي تراجع السعر السوقي عن القيمة الحقيقية أو السعر العادل الذي من المفترض أن يكون عليه السهم. فمثلاً، نجد أن أحد الأسهم يستحق بناء على أساسيات الشركة والنمو المتوقع في الإيرادات والمبيعات سعراً سوقياً يعادل 300 ريال بينما يتم تداول السهم بسعر 200 ريال تم الوصول إليها تدريجياً ودون قفزات سعرية، فهنا يشكل الاستثمار في هذا السهم استثماراً في القيمة أو اتباعا لاستراتيجيات الاستثمار في القيمة، فالتحليل الأساسي والنسب المالية الحالية والمتوقعة تشير إلى جاذبية السهم وانخفاض المخاطرة عند الاستثمار فيه لكن ثقة السوق تأثرت ببطء النمو في سعر السهم ما حدا به للتراجع نتيجة عدم إقبال المستثمرين عليه، وبالأخص عند مقارنته بأسعار أسهم أخرى أخذت في التضاعف والنمو، وهي الأسهم التي تعتبر استراتيجيات النمو ـ التي سنتناولها في مقال آخر ـ المفتاح الرئيسي للتعامل معها. وعند إتباع استراتيجيات الاستثمار في القيمة، يتوقع المستثمر أن تلتفت السوق إلى الشركات ذات القيمة الحقيقية العالية حين تهدأ تبعات الصعود السريع جداً للأسهم الأخرى البديلة وعند بدء تضاعفات النمو السعري في الهدوء، حينها ينحو مستثمرو السوق تجاه استيعاب الأساسيات وتشرب المعلومات الجديدة في السوق تأهباً لبدء دورة جديدة من الاستثمار، إن خلت من فرص نمو مغرية فالأسهم ذات القيمة الحقيقية العالية والسعر المنخفض سيكونان لها المرفأ. وعليه، فالمستثمر الذي يتبع استراتيجيات القيمة ينتهي به المطاف مع المستثمر الذي يتبع استراتيجيات النمو، لكن استراتيجيات القيمة أكثر أماناً إذا ما قورنت باستراتيجيات النمو المحفوفة بمخاطرة أكبر والتي يتم استخدام أدوات تحليلية مختلفة عند تناولها. وخلاصة القول، يجب على كل مستثمر اختيار الاستراتيجية الاستثمارية التي تتناسب مع احتياجاته المالية والمخاطرة التي يتحملها، إضافة إلى البيئة الاستثمارية المحيطة والتقلبات المتوقعة. بيد أن المستثمر المتطلع إلى تنويع في محفظته الاستثمارية واحترافية في التداول والتعامل مع المتغيرات الخاصة والنظامية المتعلقة بالسوق، بإمكانه المزاوجة بين عدد من الاستراتيجيات لتشكل جميعها استراتيجية استثمارية تتضمن سيناريوهات مختلفة، إلا أن السر في الانتقال من وإلى استراتيجية النمو يكمن في توقع التوقيت الذي سيتحول فيه الإجماع السوقي إلى الأسهم ذات القيمة الحقيقية العالية، حيث سيتم إفراد مقال خاص عن كيفية توقع الوقت الذي يتم فيه التفات السوق إلى القيمة الحقيقية والصد عن أسهم المضاربة والنمو الصوري.


http://www.aleqtisadiah.com/RayList.asp?NewsID=193#Scene_1