المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لا تتفاعل أسعار الأسهم السعودية مع المؤشرات الاقتصادية؟



M.A.T
17-01-2005, Mon 11:29 PM
ترى لماذا لا تتفاعل أسعار الأسهم السعودية مع التغيرات التي تلحق بالمؤشرات الاقتصادية مثل تقلبات أسعار الفائدة والعملات النقدية والتغيرات بأرباح الشركات والناتج الوطني، وبمعدلي البطالة والتضخم. إن سبب ذلك هو أن هذه المؤشرات الاقتصادية تحتاج إلى مساهمين يدركون أهميتها ويعرفون جدواها الاقتصادية وتأثيرها على أسعار الأسهم ومن خلال هذه المعلومات يتفاعلون ببيع أسهمهم أو شرائها فتتحرك أسعارها إلى أعلى أو إلى أسفل. أما إذا جهل المساهمون القيمة الاقتصادية لهذه المؤشرات وأثرها على أسعار الأسهم فإن أي تغيرات تطرأ على هذه المؤشرات تكون غير فاعلة.
فإذا ارتفعت أرباح بعض الشركات المساهمة بسوق أسهم يعي المساهمون مداركها فإن ذلك سيرفع من أسعار أسهم هذه الشركات، لكن إذا ارتفعت الأرباح بسوق أسهم يجهل المساهمون تأثيرها على أسعار الأسهم فإن مؤشر زيادة الأرباح سيفقد مفعولة على أسعار الأسهم، لذلك فإن المحرك الرئيسي لأسعار الأسهم ليس المؤشرات بذاتها كأرقام مالية أو إحصائية مطلقة ولكن تفاعل المساهمين أنفسهم بالبيع أو الشراء هو المؤثر الحقيقي على أسعار الأسهم. وهذا شأن أسواق الأسهم بالدول التي يقل الوعي الاقتصادي فيها بالجوانب الهامة لأسواق الأسهم فتصبح أسعار الأسهم معرضة لأهواء القلة المحتكرة من كبار المساهمين أو من خلال الشراء والبيع غير المدروس اقتصاديا و المصاب بالإشاعات الفارغة.
ودليل ذلك أن يقفز مؤشر سوق الأسهم السعودية بنحو 4.020 نقطة خلال عام واحد فقط ونسبة 93 في المائة من 4.307 نقطة في 22 ديسمبر(كانون الأول) 2003 إلى 8.327 نفطة فى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2004 ليس من خلال بوابة تفاعل أسعار الأسهم مع المؤشرات الاقتصادية ولكن من بوابة الهوامير ونوافذ المضاربات العشوائية و قنوات الإشاعات. لكن من ناحية أخرى كيف نفسر هذا الارتفاع الكبير في أسعار الأسهم في ظل غياب فاعلية المؤشرات الاقتصادية؟ وتفسير ذلك أن الاندفاع الشديد على شراء الأسهم هو بسبب توافر السيولة النقدية التى قفزت من 320 مليار ريال (85.3 مليار دولار) في سبتمبر (أيلول) 2003 إلى 369 مليار ريال (98.4 مليار دولار) في سبتمبر (أيلول) 2004، بزيادة تقدر بنحو 49 مليار ريال (13 مليار دولار) وكذلك بسبب ندرة القنوات الاستثمارية المنافسة لسوق الأسهم. هذا بجانب سهولة بيع وشراء الأسهم وسهولة تحصيل قيمتها نقدا من البنوك مقارنة في ما يتعلق بالاستثمارات العقارية وما يشابهها من عوائق، إضافة إلى توافر المعلومات اليومية المتعلقة بتقلبات أسعار الأسهم من خلال شبكة الإنترنت والبنوك. ومن ناحية أخرى فإن انخفاض أسعار أسهم عدد كبير من الشركات ساهم في تشجيع ذوي الدخل المحدود للدخول في سوق الأسهم. ففي خلال المدة من بداية عام 2003 إلى الربع الأول من عام 2004 بلغت نسبة عدد الأسهم المتداولة بأسعار تقل عن 100 ريال للسهم (26.6 دولار) نحو 52 في المائة من إجمالي عدد الأسهم المتداولة بينما نسبة عدد الأسهم التي يزيد سعرها على 300 ريال (80 دولارا) بلغت نسبتها فقط سبعة في المائة. وأخيرا فإنه بالرغم من اندفاع المساهمين على سوق الأسهم نتيجة توافر السيولة الضخمة نجد أن عدد الأسهم المتداولة فعليا بالسوق تمثل نسبة ضئيلة جدا من إجمالي عدد الأسهم المصدرة. وكذلك من إجمالي عدد الأسهم المطروحة للتداول، وهو ما يسمى بعمق السوق. فيبلغ إجمالي عدد الأسهم المصدرة من جميع الشركات المساهمة 2.5 مليار سهم تفوق قيمتها الإجمالية ألف مليار ريال (266.6 مليار دولار) تمتلك شركة الكهرباء منها 83 مليون سهم وسابك 300 مليون سهم والاتصالات أيضا 300 مليون سهم وبذلك يبلغ مجموع أسهم هذه الشركات الثلاثة 1.4 مليار سهم وهى تمثل 56 في المائة من إجمالي عدد الأسهم المصدرة. وحيث أن الدولة تمتلك أكثر من 70 في المائة من إجمالي عدد أسهم المصدرة بهذه الشركات الثلاثة فإن المطروح منها للتداول يبلغ أقل من 30 في المائة إلا أن كمية التداول الفعلي لهذه الأسهم بالنسبة لإجمالي عدد الأسهم المطروح للتداول ضئيل جدا، الأمر الذي يشجع سيطرة القلة المحتكرة على أسعار الأسهم.
إضافة إلى ذلك فإن نسبة عدد الأسهم المصدرة من البنوك التجارية وبشركات القطاع الصناعي باستثناء «سابك» تبلغ 16 في المائة و12 في المائة على التوالي من إجمالي عدد الأسهم المصدرة، لكن الكمية المتداولة منها أيضا ضئيلة للغاية. فعلى ضوء ذلك يمكن القول بأن انخفاض نسبة تداول الأسهم وضعف وعي المساهمين بمقومات سوق الأسهم يمثلان عائقا كبيرا لتفاعل أسعار الأسهم مع المؤشرات الاقتصادية.
* رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية والإدارية
د. محمد محمود أحمد شمس .
http://www.asharqalawsat.com/default.asp?issue=9544&search=سابك&page=economy&article=277185&state=true#277185