المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهروب من طوق الوظيفة!



Dr.M
14-01-2005, Fri 11:29 PM
الهروب من طوق الوظيفة!
خالد محمد الخضر
12/01/2005
لإدارة وتأسيس المشروع الصغير على كل شاب أن يسأل نفسه.. ما الذي يسعى إليه في الواقع من تأسيس المشروع؟! أهو الثروة أم الحرية، أم تحقيق الذات؟ كما يجب عليه أن يختبر قدرات نفسه قبل الإقدام على أي مشروع كان يسأل نفسه حول مدى انضباطه وتحمله الهزات والعوائقإن ما تقوم به وزارة العمل من جهد تشكر عليه لتوظيف الشباب وتخطّي مشكلة البطالة المتزايدة عاماً بعد عام، هو جهد يذكر فيشكر، ولا أعتقد بحال أن النسب التي تعطى من وزارة العمل وهي قرابة الـ 10في المائة بالنسبة للذكور نسب دقيقة فإني أعتقد جازماً أن النسبة أعلى من ذلك بكثير!، وللوزارة كل الشكر والتقدير على ما تقوم به من جهد لتقليص منح التأشيرات بوضع الاشتراطات المانعة لهذا السيل الجارف أن يتفاقم وكذلك القيام بتفعيل دور القطاع الخاص لاستيعاب طالبي العمل ومن خلال بقية المنظومة التي تتجه نحو هذا الهدف من صندوق تنمية الموارد البشرية والمعاهد والكليات المهنية، إلا أنني وبنظرة غير متشائمة أجد أن المنال صعب ويحتاج إلى كثير من الجهد والتخطيط، وأن العمل والوصول إلى أي هدف كان هو أجدى من الوقوف والفرجة والانتظار على تحقيق هذا الهدف، فأن نعمل خير من أن نردد الأماني والأحلام. وتأسياً على ما سبق فإنني أرى أن يكون هناك خطوط متوازية تدعم هذا الاتجاه وان لا نحمّل الدولة والقطاع الخاص أكثر مما يحتمل، بل يجب أن نقوم بإحياء الهمم والعزائم بخطوط متوازية ومتوازنة لدعم هذا الهدف، وتصب تلك الخطط المتوازية مع الاستراتيجيات الرامية لتدعيم وتفعيل توطين الوظائف في توجيه الشباب نحو بناء روح العمل الذاتي المبني على إنشاء المشاريع الصغيرة التي تكفل للشباب تحقيق ذاته وبناء شخصيته وصقل مواهبه وشحذ هممه وإذكاء روح التحدي لديه ليصبح عنصراً فاعلاً وإيجابياً واحد العوامل التي تدفع بعجلة وآلية روح الاقتصاد الوطني، فلو أن كل شاب نجح في مشروعه الصغير هذا واستقطب في بدايات المشروع معه موظفا أو موظفين ثم خمسة وعشرة فإننا سنكون أمام نتيجة مذهلة نحو تحقيق ذلك، وبنظرة إحصائية لو أن هناك 1000شاب خاض غمار العمل الخاص والمشاريع الذاتية ونجح من هؤلاء خمسمائة شخص وقام كل شاب بتوظيف خمسة شباب سعوديين جنباً إلى جنب معه في المشروع فإننا سنكون أمام 2500شاب يعملون عملاً شريفاً مربحاً وعائداً على الاقتصاد الوطني بالخير الوفير، ناهيك عن بناء الشباب وخلق روح القيادة والتفاوض والثقة بالنفس بدل أن يكون الشاب شخصاً باحثاً عن وظيفة قد لا ترضي طموحه المادي والمعنوي قانعاً بالقليل واليسير وعالة على اقتصاد وطنه وعلى الآخرين؟! يقول لي أحد رجال الأعمال الأفاضل إنه قدم إليه أحد الشباب مستنصحاً ذلك التاجر أن يقدم له النصيحة حول العمل كموظف أو أن يؤسس عملاً خاصاً به فقال له التاجر، اطرق باب الرحمن وكف عمن لا يعطيك إلا بميزان؟! ثم اقرض هذا التاجر ذلك الشاب وذكر لي هذا التاجر انه استرد المبلغ بعد ستة أشهر وأن هذا الشاب يدير رأسمالا يزيد على عشرة ملايين ريال خلال أقل من خمس سنوات، إنها معادلة النجاح المؤسسة على الاتكال على الله ثم النصح والمشورة وأخيرا الصبر والتخطيط، ولإدارة وتأسيس المشروع الصغير على كل شاب أن يسأل نفسه..
ما الذي يسعى إليه في الواقع من تأسيس المشروع؟! أهو الثروة أم الحرية، أم تحقيق الذات؟ كما يجب عليه أن يختبر قدرات نفسه قبل الإقدام على أي مشروع كان يسأل نفسه حول مدى انضباطه وتحمله الهزات والعوائق ومن الاشتراطات التي يجب أن يقوم بها الشاب قبل الإقدام على مشروعه أن يتحدث إلى الأشخاص الذين سبقوه خبرة وحققوا نجاحات وأن يستفيد من أخطائهم وإخفاقاتهم قبل نجاحاتهم؟! كما يجب عليه أن يأخذ الاستشارة من المختصين بذلك كالمحاسبين القانونيين والمحامين والمستشارين الإداريين والاقتصاديين وخبراء التسويق كل ما أمكن إلى ذلك سبيلا، كما أنه من الأمور التي يجب ألا تغفل في هذا الجانب أن يقوم الشخص بتقييم حاضر المشروع والمنشأة ومستقبلها وان يحدد الأهداف القريبة والبعيدة الأمدين، وان يُقر خطة مصغرة ومبسطة يستشير فيها أهل الرأي والمشورة قبل الإقدام على العمل وتتركز تلك الخطة على الجوانب التنظيمية والإدارية والمالية وكذلك التسويقية، كما يجب أن تكون الميزانية التي يحتاج لها المشروع واضحة وشبه محددة المصادر، كما يجب أن تكون هناك ميزانية عمومية مبسطة في نهاية كل سنة تبين أصول المنشأة ومسؤولياتها مصنفة تحت بنود عامة وفي تواريخ محددة، ولعامل التسويق والابتكار والتفرد اكبر الأثر في نجاح أي منشأة أو مشروع صغير فالتقليد والاندفاع وراء ما هو ناجح قد لا يفيد كثيراً بل إن نتائجه السلبية عادة ما تكون طاغية على النتائج الايجابية، لان النجاح يتفاوت بين الأشخاص حسب إمكانياتهم وقدراتهم الشخصية والتسويقية والمالية والتحليلية وإن تشابهت المشاريع والأعمال، وان من أهم الأمور التي يجب أن تكون حاضرة لدى كل شاب مقدم على الدخول في هذا المضمار هو القيام بتحليل نقاط القوة والضعف داخل المؤسسة أو المشروع وكذلك تحديد الفرص والتهديدات الخارجة عن إطار المنشأة والقابعة في بيئة الأعمال وتسجيلها والاستفادة من نقاط القوة وتجنب نقاط الضعف، صحيح أن النخب الاقتصادية والمالية لم تشارك بالقدر المأمول حول هذا الجانب وإعطاء التثقيف اللازم لمن يحتاج إليه لممارسة الأعمال الخاصة ولم تغرس وتستنبت تلك الثقافة داخل الأطر الفكرية لدى الشباب وبالذات في مرحلة الثانوية أو المعاهد الفنية والجامعات لكنها ساهمت بشكل أو بآخر، فالرؤى الحاضرة والطموح لدى الشباب كلها تحلق حول أفلاك طوق الوظيفة والعمل المستقر الذي لا يحتاج إلى كثير من العناء وبناء روح التحدي وتقوم تلك الرؤى على ثقافة الدعة والراحة والتي تفضي في نهاية المطاف إلى نتائج سلبية ونتائج يقنع بها القانون والمتشبثون بحبل الوظيفة والدخل المحدود والأفق المغلق. تجربة عمان الشقيقة في إعطاء القروض لإنشاء المشاريع الصغيرة تجربة رائدة وآمل أن تطبق تلك التجربة لدينا في السعودية.
وتكمن تلك التجربة في إعطاء الشاب مبلغا معينا وقبله تقوم لجان وزارة العمل هناك بدراسة المشروع والجدوى الاقتصادية ثم يُمنح القرض بناء على الدراسة فمتابعة المشروع ومن ثم تسترد الوزارة رأس المال من أرباح المشروع وذلك بعد نجاح المشروع وبداية تحقيق الأرباح خلال سنتين من قيامه وبشكل مجدول لاسترداد راس المال خلال السنوات الخمس المقبلة، وفي ظني أن صندوق المئوية الذي أقُر في الشهور الماضية يقوم على تحقيق ذلك وهو إعطاء الشباب والشابات قروضاً تتيح مزاولة العمل وهناك شروط متبعة لمنح تلك القروض كأن يكون الشاب ليس لديه عمل وإثبات الجدية والكفاءة في الانخراط في ذلك العمل وهناك شروط أخرى، آمل أن تسلك وزارة العمل وتحت مظلة المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني هذا المسلك لمنح القروض ومتابعتها وتفعيلها.
وأؤكد هنا انه يجب أن يبدأ الشاب بشكل تدريجي لإنشاء مشروعه وبالذات في الجانب المادي كأن يبدأ بالمشروع الذي يكلفه عشرة آلاف أو عشرين ألفا حتى يستطيع أن يستقي الخبرة ويمارس الكر والفر في مضمار عالم المال وإن سقط فإن الوقوف مرة ثانية سيكون سهلاً وميسراً.

كاتب سعودي

http://www.aleqtisadiah.com/RayList.asp?NewsID=75#Scene_1