المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة تستحق القرآة للخبيرة الاقتصادية " ناهد طاهر "



Dr.M
19-12-2004, Sun 10:58 PM
ناهد طاهر في دراسة اقتصادية:
فتح فرص للمرأة في الوظائف الإدارية سيساهم في تصحيح نسبة "السعودة"
19/12/2004 /

إعداد: ناهد طاهر

لديّ حلم اقتصادي لمملكتنا الحبيبة.. رأيت من الأمانة أن أشارك الجميع هذه الرؤية وأطرحها للنقاش، من واقع كوني مواطنة اقتصادية يؤلمها أن يواجه وطنها الكثير من التحديات الاقتصادية. من الملاحظ، خاصة خلال العامين الماضيين، وجود مبادرات عديدة على مختلف المستويات العلمية والعملية نحو تفعيل عمليات الإصلاح الاقتصادي في المملكة ومحاولة مواجهة التحديات الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية التي تواجهها المملكة، سواء داخلياً أو خارجياً. وهذا يعتبر ظاهرة صحية، وإن كانت وتيرتها مازالت تعتبر بطيئة وغير مركزة نحو معايير موحدة مستهدفة واضحة يمكن قياسها. وكوني اقتصادية سعودية، ولبلدي فضل كبير عليّ، أرى أنه من واجبي أن أساهم في توحيد هذه الجهود المتفرقة التي تجد الإرادة السياسية الداعمة لتحقيق النمو الاقتصادي المتسارع للمملكة، والذي إن لم نهتم بتحقيقه بشكل جاد وفعّال، بحيث يتحول من خطط ودراسات إلى واقع ملموس، فإن الاقتصاد السعودي سيتعرض لأزمات متعددة في المستقبل، خاصة في ظل العولمة والانفتاح الاقتصادي، وكذلك الاندماجات بين الشركات العالمية العملاقة.
ما أود أن أصل إليه من هذه المقدمة هو ملخص ما أعمل عليه جاهدة ومنذ سنوات عديدة، ولكن بشكل مكثف منذ أكثر من عامين، هو الوصول إلى دراسة اقتصادية ـ مالية متعمقة وبنماذج اقتصادية قياسية متقدمة في القطاعات المختلفة للاقتصاد السعودي من خلال قياس وتحليل النقاط التالية:
ـ معدلات أداء ونمو كل قطاع اقتصادي، وكذلك توجهات نمو حصته في المساهمة في الناتج القومي الإجمالي الحقيقي. ومن ثم تحديد القطاعات الإنتاجية، وتحليل مزاياها النسبية ثم التنافسية.
ـ معامل الارتباط بين أداء كل قطاع مع القطاعات الأخرى.
ـ مدى تأثر كل قطاع في الاقتصاد المحلي بالمعايير الاقتصادية الكلية، وأهمها سعر النفط ومعدل التبادل التجاري "نسبة دخل الصادرات إلى أسعار الواردات" لمعرفة الأثر الحقيقي للثروة والقوة الشرائية للدخل.
ـ نسبة التمويل المصرفي الموجه لكل قطاع من إجمالي التمويل المصرفي ككل.
ـ نسبة التمويل المصرفي إلى التمويل الحكومي في القطاعات المختلفة، ومن ثم معرفة أثر التخصيص على القطاعات الممولة حكومياً.
ـ مضاعف الدخل القومي وفقاً للقطاعات الاقتصادية، والناجم عن دوران النشاط الاقتصادي نتيجة تمويل الاستثمار في كل قطاع.
ـ متوسط معدلات أو نسب الربحية للشركات العاملة في هذه القطاعات المختلفة.
ـ نسبة العمق المالي، وأثر مستوى نمو وكفاءة سوق المال السعودية على نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل عام، ثم على القطاعات والشركات المدرجة في هذه السوق بشكل خاص.
ـ نسبة العمالة في كل قطاع من إجمالي العمالة في المملكة، ثم نسبة نمو العمالة سنوياً في القطاعات المختلفة وخاصة القطاعات ذات القيمة المضافة.
ومن خلال تلخيص أهم النتائج لتلك التحليلات والدراسات دون الدخول في التفاصيل الدقيقة لكل القطاعات الفرعية، كما يتضح لنا من الجدول (1) وبطريقة مبسطة، أن الاقتصاد السعودي يتشكل من سبعة قطاعات رئيسية تساهم في الناتج القومي الإجمالي الحقيقي "مرجحاً بمعدلات التضخم"، كما تدرج في تقارير مؤسسة النقد وفقاً للنشاط الاقتصادي:
قطاع النفط الخام: وهو يشكل الجزء الأكبر مقارنة بالقطاعات الأخرى، وقد كان متوسط نموه السنوي سلبيا وبنسبة -1.6 في المائة خلال الفترة (1995 ـ 2002)، ما أدى إلى تراجع حصته تدريجيا من 32 في المائة في عام 1995 إلى 25 في المائة عام 2002. وحيث إن صناعة النفط الخام صناعة مكثفة لرأس المال فقط وليس للعمل، فإن نسبة نمو العمالة بها بلغت 0.3 في المائة فقط سنوياً، وهو ما يثبته عدد العاملين في شركة أرامكو ويبلغون 766 موظفاً فقط. ذلك يعني أن التوسع في بيع النفط الخام لم ولن يساهم في إيجاد الوظائف بالقدر الكافي المطلوب في سوق العمل لا كما ولا نوعاً. وهذا القطاع من الصعب تحديد التمويل المصرفي له على وجه الخصوص، لأنه يمول حكومياً ويدخل ضمن التمويل المصرفي للحكومة.
قطاع الصناعات التحويلية "غير النفط الخام": وهو القطاع الأكثر نمواً بين جميع القطاعات الاقتصادية، حيث نما بنسبة 7.1 في المائة سنويا حقيقياً خلال فترة الثماني سنوات المنتهية بعام 2002. إلا أنه مازال لم يشكل سوى 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في عام 2002، وإن كانت هذه النسبة قد نمت من 5 في المائة في عام 1995. والأهم من ذلك أن نسبة نمو التوظيف فيه تعتبر عالية مقارنة بالقطاعات الأخرى وتصل إلى 2.2 في المائة سنوياً في المتوسط، وتأتي هذه النسبة في المرتبة الثانية بعد قطاع التمويل. هذا عوضاً عن أن الوظائف التي يتيحها هذا القطاع ذات قيمة مضافة عالية، وفي تخصصات علمية مميزة تحتاج إلى عمالة ماهرة ومدربة تدريباً دقيقاً، إضافة إلى أن معدلات الأجور فيها مرتفعة حتى بالمقاييس العالمية. وأهم الصناعات التحويلية هي البتروكيماويات كمواد أولية تدخل في صناعات أخرى أو حتى المنتجات الوسيطة أو النهائية المعتمدة عليها. كما أن نسبة صافي ربحية الشركات في قطاع البتروكيماويات على وجه الخصوص (مثل "سابك" أو المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي) تتراوح بين 30 ـ 80 في المائة من إجمالي الإيرادات، تختلف حسب الحجم والدورة الاقتصادية، وهي نسبة مرتفعة جداً محلياً ودولياً، والذي يعكس أن المملكة تملك مزايا نسبية عالية في هذه الصناعات نتيجة انخفاض تكلفة إنتاج النفط، الذي يدخل كمادة أولية في صناعتها. وذلك يجعل هذه الشركات قادرة على توجيه استراتيجياتها نحو النمو المدفوع بالصادرات Export-Led growth، حيث إن هذه الصناعات تتطلب رساميل ضخمة، سواء بها أو في البنية التحتية التي تحتاجها. لذلك فهي تتطلب طلباً متناميا على منتجاتها، والذي لا يصلح أن يعتمد على الطلب المحلي فقط، وإنما لا بد أن تسعى نحو تنويع قاعدة مبيعاتها وتوزيع قنواتها ومخاطرها الجغرافية المترتبة على ربطها بانخفاض الطلب أو ارتفاعه من دولة أو جهة واحدة، ومن ثم تحقيق ما يسمى باقتصاديات الإنتاج الكبير. كما أن معامل الارتباط عالٍ بين نمو هذا القطاع مع القطاعات الرئيسية الأخرى من تجارة وبناء وخدمات، أي أن نموها يدفع ويتداخل مع نمو القطاعات الأخرى بشكل كبير. إضافة إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر يتركز في هذا القطاع في المملكة، وذلك لأن كلاً من إنتاجية العمالة، وكذلك رأس المال فيها مرتفعة لا يماثلها أو حتى يقاربها فيها أي قطاع آخر في الاقتصاد السعودي، ما يشجع المستثمرين الأجانب على الدخول بها. وأكبر دليل على جدواها الاقتصادية أن مضاعف الدخل الناجم من التمويل المصرفي يصل إلى 3.6 وهو أعلى من المضاعف الإجمالي للدخل القومي ككل البالغ 2.1، ما يعني أن التمويل المقدم لهذا القطاع إيجاد دخل للاقتصاد السعودي يقارب أربعة أضعاف التمويل المقدم له. ذلك رغم أن نسبة التمويل المقدم لهذا القطاع لا تشكل سوى نسبة 16 في المائة من إجمالي التمويل المصرفي للبنوك السعودية، والتي لم تموله بشكل كبير، نظراً لأن فترة التمويل غالباً ما تتطلب قروضاً طويلة الأجل تصل إلى 15 عاماً، بينما معظم قروض البنوك السعودية تعد قصيرة الأجل لا تتجاوز خمس سنوات. وذلك لأن ودائع هذه البنوك قصيرة الأجل والتمويل ذو الفترات الطويلة يحتاج منها إلى إعادة هيكلة الخصوم في ميزانيتها، كما أن ربحية القروض الاستهلاكية تعد أعلى بكثير من ربحية هذه القروض الصناعية، إضافة إلى حاجة البنوك لتحمل فترات طويلة من الوقت قبل أن تبدأ هذه الصناعات في تحقيق أرباح واستقرار في النمو، ما يجعل مخاطرة التمويل لها مرتفعة من وجهة النظر المصرفية. كما أن توجهات التمويل المصرفي كانت تتماشى مع توجهات الاقتصاد في السابق، والتي كانت تتركز في البناء وتجارة الاستيراد. إلا أن البنوك حالياً بعد اكتساب الخبرة، وتمشياً مع توجهات الدولة نحو تنويع القاعدة الإنتاجية والإصلاح الاقتصادي الحقيقي، فإنها تسعى نحو زيادة تمويل هذا القطاع وإيجاد الحلول لهيكلة مصادر التمويل فيها.
قطاع التجارة: ينمو بنسبة 5.3 في المائة سنويا في المتوسط، ويشكل 7.5 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن نسبة العمالة في هذا القطاع تشكل 17 في المائة من إجمالي العمالة المحلية، إلا أن نسبة نمو التوظيف فيها لا تتجاوز 0.7 في المائة، ما يعني أن التركيز على السعودة في هذا القطاع لن يخلق فرصاً في المستقبل، لأن نمو هذا القطاع ليس مكثفاً للعمالة. كما أنه نشاط اقتصادي يؤدي إلى خروج الاحتياطيات المالية للخارج، وعدم تدويرها داخل الاقتصاد المحلي بالشكل الذي هو عليه للصناعات، وذلك ما يؤيده مؤشر مضاعف الدخل الناجم عن الائتمان المقدم لهذا القطاع والذي لا يتجاوز 1.5 مرة. إضافة إلى أن مستوى الأجور فيه منخفض نسبياً نتيجة لانخفاض المهارات المطلوبة فيه. ومن وجهة نظري، فإن سعودة هذا القطاع هي الأسهل نسبياً من ناحية المهارات، ويمكن أن تتم بنجاح كبير إذا ما شغلت المرأة السعودية، بالذات تلك الوظائف التجارية والإدارية المرتبطة بهذا النشاط. كما أنه لا بد من التنويه إلى أن نمو هذا القطاع سيكون بشكل أكبر فيما لو أصبح يركز على تجارة التصدير وليس الاستيراد.
قطاع البناء والتشييد: هو قطاع حيوي في أي اقتصاد، إلا أنه يدخل ضمن قطاع الخدمات وهو ليس قطاعاً إنتاجياً. ينمو هذا القطاع بنسبة 2.3 في المائة فقط سنوياً في المتوسط، إضافة إلى أنه يرتبط ارتباطاً قويا بتقلبات أسعار النفط، وعقود الإنشاء التي تمنحها الدولة للقطاع الخاص، ما يعرض أرباح الشركات التي تعمل في هذا القطاع للكثير من التقلبات بين النمو السلبي والإيجابي لأرباحها. وبالنظر إلى نسبة العمالة في هذا القطاع نجدها تشكل 15 في المائة من إجمالي العمالة في المملكة، وهي عمالة تتصف بأنها غير ماهرة. ويستحوذ هذا القطاع على 8.1 في المائة من إجمالي التمويل المصرفي للشركات، بينما مضاعف الدخل له لا يزيد على 1.1 مرة فقط، ما يدل على أن تمويل هذا القطاع لا يدر دخلا متناميا، والذي يؤدي بدوره إلى ضعف مساهمته في النمو الاقتصادي.
قطاع التمويل: وهو قطاع حيوي ورئيسي في جميع الاقتصاديات بغض النظر عن نوعها أو حجمها. يشكل هذا القطاع في المملكة نحو 12 في المائة من الناتج المحلي الفعلي، وينمو بنسبة 3.4 في المائة سنويا في المتوسط. إلا أن نسبة نمو العمالة فيه هي الأعلى بين القطاعات الاقتصادية المحلية، وإن كانت نسبة العمالة في هذا القطاع لا تشكل أكثر من 6 في المائة من إجمالي العمالة في المملكة. إلا أن هذا القطاع يعد من القطاعات الواعدة في المستقبل مع الانفتاح الاقتصادي، والسماح بدخول شركات التأمين الأجنبية والوساطة المالية عوضاً عن منح التراخيص للبنوك الأجنبية للعمل محلياً. كما أن تفعيل دور سوق المال في التنمية الاقتصادية من خلال إصدار السندات أو الصكوك الإسلامية وتقنين عمليات الاستشارة المالية وتنظيم عمليات الإفصاح والشفافية في أداء الشركات سيكون له آثار إيجابية ضخمة على نمو هذا القطاع والاقتصاد السعودي ككل.
قطاع المرافق: ويشمل الكهرباء والغاز والمياه والذي يشكل نسبة 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. عن نمو هذا القطاع بنسبة مرتفعة نسبياً تبلغ في المتوسط 6 في المائة سنوياً خلال الفترة 1995 ـ 2002، يبيّن الحاجة الماسة لنمو هذا القطاع، والذي يتوقع مع التوجهات الجديدة لزيادة الإنفاق الحكومي الاستثماري، وخاصة في هذا القطاع، أن يشهد نمواً أكبر ربما يقارب مستوياته السابقة في بداية الثمانينيات عند 14 في المائة، علماً بأن الإنفاق الحكومي على خدمات البنية التحتية قد تناقص بحدة من 14.3 مليار ريال عام 1982 إلى نحو 2.4 مليار ريال في الأعوام القليلة الماضية نتيجة لتنامي العجز في ميزانية الدولة خلال تلك الفترة وانخفاض قدرتها على الاستثمار. والجدير بالذكر أن العمالة الموجودة في هذا القطاع تنمو بنسبة 1.8 في المائة سنوياً، وتتفاوت نوعيتها بين الماهرة وغير الماهرة. وهذا القطاع كان يعتمد بشكل كبير على التمويل الحكومي، وهو أمر طبيعي في أطوار التنمية الأولى في أي اقتصاد، حيث إن الرساميل المستثمرة فيه مرتفعة، ولا تصبح هذه المشاريع مربحة حتى تكبر وتتداخل لتكون قرب المدن المليئة بالأنشطة أو الحركة الاقتصادية "مثل خدمات الكهرباء في بريطانيا، حيث كانت حكومية ثم عندما أصبح الطلب عليها مستمراً نجح تخصيصها".
قطاع الاتصالات والمواصلات: ارتفعت مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي الفعلي نسبياً من 4.3 في المائة عام 1995 إلى4.7 في المائة في 2002، ما ينم عن تنامي الحاجة إليه. فقد بلغت نسبة نمو هذا القطاع نحو 4.6 في المائة في المتوسط سنوياً، خلال فترة الثماني سنوات نفسها، وهو أيضاً من القطاعات التي يتوقع لها أن تشهد نمواً متسارعاً مع تطور التكنولوجيا العالمية، والطلب المتسارع النمو على الهواتف النقالة وخدمات الإنترنت في عصر التكنولوجيا. ويعد قطاع الاتصالات من أكثر القطاعات ربحية دولياً، ما يساهم في ارتفاع معدلات نموه، وإن كان الاستثمار المطلوب فيه ضخماً ويحتاج إلى شبكات وقنوات توزيع عديدة. كما أن تحديث وزيادة شبكة المواصلات وإيجاد شبكة قطارات ومواصلات حديثة ستنعش حركة الاقتصاد بشكل كبير، وتفعل بالذات من حركة السياحة الدينية بالذات التي تملك المملكة فيها مزايا نسبية لا تملكها أي دولة أخرى.
مما سبق يتضح أنه إذا ما نظرنا نظرة اقتصادية توازنية تقليدية، نجد أن قطاع النفط الخام بالتأكيد ليس هو القطاع المستهدف لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والمتسارع، وأن الاعتماد عليه سابقاً أدى إلى تراجع أداء الاقتصاد السعودي وتناقص متوسط نصيب الفرد من الدخل إلى أقل من النصف، رغم أن المملكة تعد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. إن النفط تحول بفعل ثورة التكنولوجيا من صناعة تعتمد على الحظ والسيادة أو القوة إلى صناعة تعتمد على القوة الفكرية والتكنولوجية. فقد ارتفعت نسبة النجاح في الوصول إلى حقول جديدة بما لا يقل عن 10 في المائة، وكذلك زادت القدرة على زيادة عمق الحفر والتنقيب في البحر بمسافة ميلين. كما قامت الصناعة النفطية بإحلال العمالة الأمية القديمة بعمالة ماهرة ذات أجور مرتفعة. وكذلك فإن تطور التكنولوجيا في زيادة كفاءة الأجهزة والمركبات وتقليل كثافة استخدامها للوقود، ساهم في تقليل نسب النمو في الطلب وتراجع الأسعار الحقيقية للنفط. لذلك، فإن دراسة القطاعات المنتجة الحقيقية في الاقتصاد أمر لا بد من الإسراع فيه وبكفاءة عالية، حيث إن ما قد يكون اليوم ذا مزايا نسبية للمملكة قد يتلاشى في المستقبل. فقد تحول العالم من الاعتماد على قطاع الزراعة إلى قطاع الصناعة ثم إلى قطاع التكنولوجيا الآن. وإن النجاح الاقتصادي المتميز لا يعتمد على موازنة الطلب بالعرض، وإنما على التركيز على نقاط عدم التوازن في الاقتصاد، والعمل على الإبداع في إيجاد الحلول الجديدة والابتكارات التي تجذب الطلب العالمي عليها. كما لم يعد التخطيط الاقتصادي الناجح هو التخطيط المحلي، وفقاً للاحتياجات أو الثروات المحلية فقط، حيث في ظل العولمة لم تعد الحكومات المحلية قادرة على السيطرة على اقتصادياتها بمعزل عن توجهات العالم الخارجي. فالدول وحتى الشركات التي تحقق ثروات ضخمة ليست هي من يتنافس على حصة سوقية من إنتاج سلع حالية موجودة، وإنما لا بد أن تسعى للتفكير خارج الصندوق الاقتصادي الحالي وتدعم الموارد البشرية المتميزة لديها للابتكار والتطوير.
لذلك لا بد أن يتم التخطيط التنموي للاقتصاد السعودي موجها نحو التداخل مع الاقتصادات العالمية والتناغم أو التسابق معها، وهو أمر ليس من الخيال وإنما واقع ملموس، سبقتنا إليه دول كانت أقل منا بكثير. ومن خلال التحليلات السابقة، نجد أن الطلب العالمي على البتروكيماويات مازال ينمو بسرعة، وعلى الاقتصاد السعودي أن يسخر جزءا كبيرا من استثماراته البشرية والمالية نحو استراتيجية تطوير هذا القطاع بسرعة وتوجيه مبيعاته نحو التصدير بشكل أساسي ومتنوع دولياً. هذا ما يسمى بالتنويع الاقتصادي العمودي أي داخل الصناعة الواحدة. ومن المهم أن يتم في الوقت نفسه رسم خطط استراتيجية فرعية لتنمية الأقاليم المختلفة في المملكة، من خلال تنمية القطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى، مثل التمويل والاتصالات وتقنية المعلومات "نسبة نمو قطاع الكمبيوتر مثلاً 10 في المائة سنوياً في المتوسط". إن التركيز على القطاعات الإنتاجية وملحقاتها ذات النمو الجيد يمكن أن يحقق نموا فعلياً مستداما للاقتصاد السعودي لا يقل عن 8 في المائة سنويا. بينما وفقاً للإنفاق الحكومي المعلن عنه للعام المقبل بمقدار 280 مليار ريال، وبافتراض بقاء الهيكل الاقتصادي على ما هو عليه، فإن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيتراجع بمقدار 6 في المائة العام المقبل، ما يعني أننا مازلنا عرضة لتقلبات النفط.
إن توجيه الفوائض المالية الاستثنائية في ميزانية هذا العام أو الإنفاق الاستثماري الحكومي المعلن عنه (70 مليار ريال)، وكذلك الاستثمار الخاص في العام المقبل، لابد أن يكون متوجها نحو القطاعات السابقة. إلا أن تعظيم المنفعة من هذه الأموال وانعكاس ذلك إيجابيا على المستثمرين بكافة مستوياتهم، خاصة في المشاريع المكثفة لرأس المال، سواء في البتروكيماويات أو خدمات البنية التحتية، مثل الكهرباء والمياه، لن يتم إلا من خلال فرض الحكومة على الشركات الكبيرة الحائزة على هذه العقود أن تمنح بدورها عقوداً من الباطن أو وكالات لمجموعات من الشركات الصغيرة أو إلى مجموعات من المستثمرين، بحيث تزيد عملية تدوير الأموال في الاقتصاد وتحسين الخبرات والمشاركة في الأرباح، وذلك حتى تستفيد كافة طبقات المجتمع من هذا الاستثمار وتقل معدلات البطالة بشكل ملحوظ. إن ذلك يخلق بدوره الالتزام والولاء للاقتصاد الوطني ويشجع على جذب الأموال المستثمرة في الخارج، وتفعيل استخدام السيولة المحلية وخلق فرص وظيفية كبيرة ليس من الصناعة نفسها فقط، وإنما من الخدمات المساندة لها أيضاً، ما سيكون له آثار إيجابية مضاعفة على تنمية بيئة الأعمال في المملكة وتحقيق معدلات نمو مرتفعة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن قياس معدلات الأداء الاقتصادية ومستوى الدخل لا بد أن يكون فعلياً ومرجحاً بمستويات الأسعار القياسية حتى يعكس القوة الشرائية للدخل وليس القيم المطلقة. ففي عامي 2003 و2004 معاً ارتفع مستوى الأسعار للمنتجين بما لا يقل عن 10 في المائة نتيجة لارتفاع قيمة اليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني مقابل الدولار ومن ثم الريال "بناء على جهات الواردات وحصصها من إجمالي الواردات للمملكة وارتفاع عملة هذه الجهة". ما يعني أن بعض القطاعات التي حققت أرباحا مطلقة أقل من 10 في المائة دون تعديل في أسعار عقودها، قد حققت نمواً سلبيا أو خسائر في قيمة أرباحها الحقيقية. وهناك توجهات عالمية الآن نحو تحويل جزء من الاحتياطيات الأجنبية للدول إلى أصول مقومة باليورو بدلاً من الدولار. فاليابان مثلا أوضحت أنها تسعى تدريجيا لتحويل 20 في المائة من احتياطياتها إلى اليورو، وكذلك أعلنت مصر أنها حولت كثيرا من احتياطياتها إلى اليورو للتحوط ضد مخاطر العملة، بل حتى ألان جرينسبان ـ محافظ البنك المركزي الأمريكي ـ أعلن عن ذلك في تصريحاته. لذلك ربما على المملكة ودول الخليج مراجعة قرار ربط العملة الخليجية الموحدة بالدولار، والاستعاضة عنه بسلة من العملات يشكل اليورو والدولار جزءا منها حتى تحافظ على استقرار القوة الشرائية لدخولها، لأنها إن لم تدرس ذلك بعناية، فإن عملية التخطيط الاقتصادي المستقر والفعّال سوف تصبح أمراً صعباً.
كذلك فإن مؤسسات التمويل والمصارف في المملكة، لا بد أن تساهم في تمويل المشاريع الكبيرة للصناعة أو البنية التحتية حتى تخلق فوائد اقتصادية طويلة المدى تعود بالإيجاب، حتى على هذه المصارف، من خلال زيادة حركة النشاط الاقتصادي، وزيادة عدد المودعين لديها، إضافة إلى زيادة خبرتها وعمقها المصرفي في المدى الطويل. كذلك لابد أن تفرض الحكومة على الشركات الكبيرة التي تنوي إصدار سندات لتمويل توسيع أنشطتها الاقتصادية أن تقوم بمنح البنوك المحلية دوراً بالتعاون مع البنوك الأجنبية المتخصصة في عملية تقديم الاستشارات المالية لهذه الشركات فيما يخص عمليات إصدار السندات وهيكلتها، وذلك حتى يتم تفعيل دور البنوك في التنمية الاقتصادية الحقيقية. وفي المقابل لا بد أن تسعى البنوك المحلية نحو تغيير استراتيجياتها المستقبلية، خاصة فيما يخص قروض الشركات وتحويلها من تمويل الشركات الموجهة للتجارة في معظمها إلى توجيه جزء أكبر من محافظها الائتمانية نحو قروض الصناعة والمرافق التي لها آثار إيجابية جمة في المستقبل. ففي العام الحالي، ونتيجة للزيادة الكبيرة في طلب المستثمرين في سوق الأسهم على القروض، بغرض شراء الأسهم وجهت بعض البنوك قروضها بشكل كبير نحو هذا التمويل، ما أدى إلى تكدس السيولة في سوق الأسهم وتعرضها لكثير من التقلبات، خاصة مع ضعف أو بطء عمليات التخصيص وإدراج الشركات الجديدة فيها، والتي من شأنها أن تمتص هذه السيولة وتجعلها أكثر استقراراً وعمقاً (شكل 1). لذلك كانت استفادة الاقتصاد القومي من عمليات الإقراض هي الأقل نسبياً هذا العام مقارنة بالأعوام الستة السابقة، حيث بلغ مضاعف الدخل إلى السيولة النقدية من الريال محلياً 1.9 عام 2004 فقط مقابل 2.3 في عام 2002 مثلا (شكل 2)، ما يعني أن الناتج القومي كان يمكن أن ينمو بنسبة أكبر تقدر بنحو 24 في المائة ليصل إلى أكثر من تريليون ريال بدلا من 931 مليارا هذا العام لو توجهت القروض المصرفية نحو القطاعات الإنتاجية بشكل أفضل، وبافتراض مستوى المضاعف السابق. وهنا لا يمكن أن يتم إلقاء اللوم على البنوك بقدر ما يلقى اللوم على المستثمرين، خاصة المضاربين في سوق الأسهم منهم من عدم توجههم للاقتصاد الحقيقي الذي يحقق النمو المستدام، خاصة في ظل توافر السيولة الناجمة عن الارتفاع غير المتوقع والقياسي لأسعار النفط. والبنوك تسعى نحو تعظيم أرباح المساهمين فيها وتمويل عملائها وفقاً لرغباتهم، ولكن أيضاً لا بد أن يكون للبنوك سقف محدد لهذا النوع من الإقراض وبإشراف مؤسسة النقد. كذلك لا بد أن تتجه الدولة في سياساتها الاقتصادية نحو تشجيع زيادة معدلات الادخار التي تصل إلى 20 في المائة من الدخل، بينما اعتمد نجاح سنغافورة في بداية خطتها الاقتصادية على رفع معدلات الادخار إلى 50 في المائة من الدخل، وكذلك الصين عند 30 في المائة، وكوريا عند 40 في المائة، ومن ثم توجيه هذه المدخرات نحو الاستثمار الفعّال.
إلا أن الأهم من كل ما سبق أن التحدي الحقيقي والعامل الأساسي لتحقيق النمو المستدام للاقتصاد السعودي والمبني على المفهوم الحديث للاقتصاد الخلاق المسمى "الاقتصاد ـ المبني على المعرفةKnowledge-Based Economy لا يمكن أن يتحقق أولا وأخيراً إلا من خلال تنمية الموارد البشرية بشكل فعلي، ليس فقط في مرحلة التعليم الجامعي، وإنما منذ مرحلة الطفولة في الأسرة والمدرسة. إن تغيير مناهج التعليم المبني على تشجيع الفكر والإبداع، والذي يهتم بأحدث العلوم التطبيقية وليس تاريخ العلوم، وتوجيه موارد التعليم العالي نحو بناء الجامعات المحلية بشراكة استراتيجية مع جامعات دولية متميزة أو تكثيف الابتعاث للطلبة في أعرق وأفضل الجامعات العالمية "بدلاً من إنشاء جامعات محلية بيروقراطية غير منتجة"، هو الأساس الذي سيبنى عليه عملية التحويل الهيكلي الاقتصادي. إلا أنه لابد من التنويه إلى أن الابتعاث والتعليم عالي المستوى للشابات والشباب، قد يعتبر أيضاً هدراً للأموال إذا لم تكن هناك استراتيجية تنموية استيعابية لاستقطاب هذه الكفاءات البشرية الشابة ذات المهارات المتميزة، وتوظيفها بناء على المعرفة والكفاءة وليس على القرابة والواسطة، حتى لا تظل تفضل أن تعمل في الخارج، وتصنف ضمن العقول المهاجرة. والأهم من ذلك كله هو منح الثقة الكاملة للمواطن الكفء في إدارة دفة التغيير بدلاً من التقليل من أهميته وقدراته حتى أصبح كثير من الشابات والشباب السعودي فاقداً للحماس والرغبة الجادة في الإنجاز. إن أهم مبادئ توطين الوظائف أو السعودة لا بد أن ينطلق من المناصب المهنية والتقنية والإدارية العالية في الشركات الكبيرة التي يتقاضى فيها الأجنبي معظم الأحيان ما لا يقل عن 5 ـ 10 أضعاف السعودي في الوظيفة المماثلة لها، على اعتبار أن الأجنبي "خبير"، وهي الوظائف التي تشكل رواتبها معظم التحويلات الأجنبية للخارج، وليس وظائف الخدمات والنظافة التي يتم التركيز عليها والتي غالباً ما يصرف الأجنبي معظم أجره منها "الذي يتراوح بين 300 ـ 600 ريال" على أموره المعيشية داخل المملكة. يا حبذا لو كانت وزارة العمل تعمل كميسرة لتوطين الوظائف، بناء على دراسة حقيقية لكل منشأة في المملكة، ويتم التأكد قبل فرض السعودة عليها أن هناك عمالة محلية على المستوى نفسه من كفاءة العمالة الأجنبية تستطيع أداء العمل، بحيث لا تتضرر هذه المنشأة ومن ثم الاقتصاد المحلي ككل. بل إن تعيين السعوديين، وإن كانوا على نفس الكفاءة للعمالة المحلية، ستكون لهم قيمة مضافة أكبر على الاقتصاد الوطني، لأن الدافع لديه لتحقيق أهداف إيجابية طويلة المدى، على عكس الأجنبي الذي يأتي لجني الأموال فقط. وهنا أناشد كل مدير شركة أو مؤسسة في المملكة أن يستعيض بالعمالة السعودية، خاصة المتميزة والماهرة منها، عن الأجنبية، إن وجدت، وأن يحيط نفسه بها ليقوى بهم ويحقق أداء متميزا يجمعهم فيه الولاء للوطن. على الجانب الآخر لا بد أن يتم تسهيل وتسريع منح التأشيرات المبنية على المهارة Talent Visa للعمالة الأجنبية ذات التخصصات والخبرات غير الموجودة في المملكة وتتطلبها، خاصة، القطاعات الإنتاجية التي ستساهم في تحقيق النمو المستهدف، ومن ثم استمرارية خلق الوظائف للأجيال المقبلة.
إن عملية توطين الوظائف عملية ليست سهلة، كما يظنها الكثيرون، خاصة إذا نظرنا إلى الفارق الكبير بين القطاعات التي يعمل فيها السعوديون مقارنة بالأجانب. يعمل 67 في المائة من العمالة السعودية في وظائف إدارية أو في التعليم بينما 44 في المائة من العمالة الأجنبية تعمل في الخدمات الحكومية والاجتماعية و14 في المائة آخرون في البناء. بينما مساهمة السعوديين والأجانب في الصناعة والقطاعات الأجنبية لا تزيد على 7 في المائة (وهو القطاع الذي يوظف عمالة ماهرة معظمها عمالة أجنبية ذات أجور مرتفعة)، ما يوضح اختلالاً هيكليا في قطاعات الاقتصاد السعودي، عوضاً عن الاختلالات الهيكلية في وجود ازدواجية في سوق العمل من جرّاء التركيبة واسعة الاختلاف بين مهارات ووظائف السعوديين وغير السعوديين، ما يجعل عملية الإحلال للعمالة الأجنبية أمراً معقداً يحتاج إلى الدراسة الدقيقة والخطط السليمة.
إن التركيز على تنمية الموارد البشرية بشكل فاعل يخلق ثروات أكبر تفوق بكثير ما تخلقه الموارد المالية. وللبرهنة على ذلك، فإنه ومن خلال عمالة أكثر علماً ومهارة، وبالمعدات والتكنولوجيا نفسها المستخدمة في كل من بريطانيا وأمريكا، فاقت مستويات الإنتاجية في أمريكا مثيلاتها في بريطانيا. وأثبتت تجارب كثير من الدول الأخرى ذلك أيضاً، فمثلا أصبح دخل شركة نوكيا للاتصالات يشكل ثلاثة أرباع الدخل القومي لفنلندا، وكذلك شركة مايكروسوفت والتي قامت على مجهود ذهني ابتكاري خلاق لبيل جيتس، وشركة إنفوسيس للبرامج التقنية في الهند التي بدأها مؤسسها بـ 250 دولارا، ليصبح رأسمالها خلال سنوات قليلة عشرة مليارات دولار. وغير ذلك من التجارب الكثيرة. وتعتبر أيرلندا أيضاً أكبر مثال للنمو المبني على المعرفة وتطوير التعليم مما أدى إلى نمو متوسط دخل الفرد فيها من خمسة آلاف دولار في بداية الثمانينيات إلى 36 ألف دولار عام 2003 لتضاهي به الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك تفوقت اليابان على أمريكا في كثير من الصناعات، لأنه كان لديها عمالة أكثر مهارة في كثير من الصناعات. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن كل تلك الأمثلة من الشركات الكبيرة المتميزة لم تكن تمارس نشاط اقتصادي تقليدي في الاستيراد أو البناء، وإنما تطوير ونمو المشروعات المبتدئة أو الصغيرة. لذلك تظهر هنا أهمية نشر ما يسمى بثقافة الأعمال الناشئة Entrepreneurship، وتشجيع الاختراع والمواهب البشرية المتميزة. وهو ما بدأه بعض كبار التجار مشكورين، ولكن كثيرا منها كان الهدف منه صحيحاً بينما التنفيذ ونوعية المشاريع كان الكثير منه خاطئ وفي مجال المشاريع الخدمية فقط. وهذا بدوره لا يحقق الهدف المرجو منها على المدى الطويل من صعود هذه المشاريع إلى الاقتصاد الرسمي الحقيقي. فوجود الأعمال الناشئة الواعدة هو الذي يعطي الاقتصاد المرونة التي تجعله قادراً على الخروج من أزماته أو النمو البطيء، لأن هؤلاء هم الذين يقومون بسرعة بتوسيع الصناعات أو تطويرها، ولا يمكن إيجاد بدائل مؤسساتية لذلك. وهنا تجدر الإشارة إلى أن التقارير الدولية تشير إلى أن 75 في المائة من نسبة الأعمال الناشئة الناجحة أسستها نساء.
تطوير الاقتصاد من خلال الموارد البشرية لا ينتهي بالتعليم العالي والتدريب المتميز، بل أيضاً بدعم الأبحاث والدراسات الجيدة من قبل المتخصصين المتميزين في كل مجال على حدة، وأركز على كلمة متميزين، لأن في المملكة أصبحت هناك ظاهرة التخصص بالموضة، فإذا كان هناك موضوع سياسي يكتب ويبحث فيه كل فرد بغض النظر عن تخصصه وكفاءته في هذا المجال، وكذلك في مجال الاقتصاد أو العلوم. ليس ذلك فحسب، بل إن في كل تخصص لا بد من مراعاة التخصص الدقيق الذي ينتمي له الباحث، فليس كل اقتصادي متخصص في اقتصاد المال أو اقتصاديات العمل، مثلما هو الفرق بين طبيب العيون وطبيب القلب لا يستطيع أن يحل أحدهما محل الآخر. لا بد أن نراعي الكفاءة بدقة في اختيار الباحثين على أن تكون الأفضلية لبنات وأبناء الوطن منهم حتى تكون هذه الدراسات قابلة للتطبيق العملي، وليست مجرّد دراسات موضوعة على رفوف المكتبات والوزارات. كذلك من الضروري أن يتم الإيمان الكامل بأهميتها في وضع الاستراتيجيات، وأن يكون تنفيذ توصياتها سريعاً إذا ما تم الاقتناع بها لأن تطور العلم قد لا يكون على مدى سنوات وإنما على مدار الساعة أحياناً.
إن العالم يسير بخطى متسارعة يتنافس بها الصغير والكبير، علينا كمواطنين منّ الله علينا بنعمة العلم، أن نعرف أين نقع في هذا العالم وما وضعنا فيه دون أي مجاملات أو حزازيات. بل علينا أن نواجه كافة السلبيات بشكل بناء وليس لغرض الهجوم وتصيد الأخطاء، فنحن أبناء وطن واحد وعلينا أن نندفع بقوة نحو عمليات الإصلاح الاقتصادي الفعّال المبني على التنفيذ، وليس على النقد فقط، لتعظيم المنفعة من الثروات التي منحها الله المملكة. إن رؤية وتوجيهات ولاة الأمر واضحة لعمليات الإصلاح، ولكن تنقصها الجهود السريعة الموحدة منا لترجمتها إلى خطط واقعية ذات أهداف طويلة المدى يكون تنفيذها متسارعاً بعيداً عن المصالح الشخصية وحب الذات. كذلك لا بد أن تزيد كثافة البحث والتطوير الجيد، سواء على مستوى الدولة أو الشركات الكبرى في القطاع الخاص بالذات، وأن يصبح التطوير مبنياً على مؤسسات وأنظمة وليس أشخاص ومديرين بحد ذاتهم. إن إيماني عميق بأن المملكة لديها ثروات مالية وبشرية ضخمة تجعلها قادرة على أن تكون أفضل اقتصاد في العالم.
...............................................
خبيرة اقتصادية ـ البنك الأهلي التجاري
n.taher@alahli.com



http://stage.eqt-srpc.com/Detail.asp?InNewsItemID=30995

الرويلي
20-12-2004, Mon 11:06 AM
الله يحقق حلمك يا ناهد:o

قديم السوق
20-12-2004, Mon 12:18 PM
شكرا يادكتور ...


وتحياتنا ودعواتنا للدكتورة ناهد طاهر ...

ماشاء الله عليها ... فعلا متميزة وتعكس صورة مضيئة للمرأة السعودية ... أتابع أغلب طرحها سواء تلفزيونيا أو صحفيا .... متميزة جدا ... وفقها الله